طعام رواد الفضاء أو أكلات رواد الفضاء في رحلاتهم أو ماذا يأكل رواد الفضاء في مركتبتهم وكيف يتناول رواد الفضاء طعامهم في ظل انعدام الجاذبية ووجود تحديات عدة، أبرزها: انخفاض كتلة عضلات الإنسان وكثافة عظامه بنسبة تصل لـ20%، وهي مشكلة يظهر أثرها حينما يعود للأرض حيث يكون رائد الفضاء عُرضة للكسور وهو ما يُحتم تناول العناصر الغنية بالكالسيوم لتقوية العظام وهي من العناصر التي يجب توافرها في رحلة الفضاء ومشاكل في الجهاز الهضمي التي قد يكون سببها انخفاض عدد البكتيريا الجيدة في أجسامهم.
في عام 1961 أصبح يوري غاغارين أول رجل فضاء يأكل في أنابيب ألمونيوم تُشبه لحد كبير أنابيب معجون الأسنان في وقتنا الحالي على متن «فوستوك» وذلك بالضغط عليها إلى فمه مُباشرة حيث كان طعامه مُجففاً وسائلاً بشكل رئيسي.
وحالياً يختار رواد الفضاء أنفسهم قائمة موجودة على متن محطة الفضاء الدولية «ISS» والتي تحتوي أكثر من 100 عنصر من الخضراوات والفواكه إلى الوجبات والحلويات المُعدة مُسبقاً حتى التوابل والكاتشب وكل المأكولات التي تضمن حصول رواد الفضاء على 2500 سعر حراري على الأقل يومياً.
وتشمل أطعمة رواد الفضاء الأنواع الطازجة كالفاكهة والخضراوات ويتم استهلاكها سريعاً لمنع تلفها أو تجفيفها للحفاظ عليها لفترات طويلة، أما اللحوم ومُنتجات الألبان فيتم تعريضها لنسبة مُعينة من الإشعاع لزيادة عمرها الافتراضي والتقليل من مخاطر «التلوث الجرثومي»، وكذلك مكسرات وبسكويت وألواح الشوكولاتة المُعبأة ببساطة والجاهزة للأكل.
ويُمكن إضافة الملح والفلفل أيضاً إلى الطعام لكن هذه التوابل تكون في شكل سائل لكي يمنع طفوها بعيداً في ظل الجاذبية المٌنعدمة، فالملح تتم إذابته في الماء، أما التوابل تُذاب في الزيت، كما توفر المكوكات الفضائية الماء الساخن.
وهناك أنواع أخرى من الأطعمة الفضائية، وتشمل:الطعام المجفف بإزالة الماء منه فيُصبح أصغر حجماً وأخف وزناً وأطول عمراً مثل المعكرونة، والطعام المتوسط الرطوبة وهنا التحضير يُشبه تحضير النوع السابق مع الإبقاء على بعض الماء ومن أمثلته شرائح لحم البقر والمشمش المجفف، والطعام مستقر الحرارة، وهذا الطعام تتم معالجته كما على الأرض بحيث يمكن أن يظل صالحاً لتناوله في درجة الحرارة العادية مثل التونة المُعلبة.
وبالنسبة للمشروبات أنشأت وكالة الفضاء الإيطالية في عام 2014 ISSpresso وهي آلة لصنع القهوة مُصممة خصيصاً للفضاء وظروف الجاذبية المنخفضة، وشربت رائدة الفضاء «سامانثا كريستوفوريتي» أول قهوة «إسبريسو» في الفضاء في 3 مايو 2015، وحظرت ناسا استهلاك الكحول في أي مهمة فضائية، لأهمية أن يكون رواد الفضاء الذين يعملون في المركبة الفضائية في حالة تأهب وقادر على الاستجابة بسرعة لأي طارئ.
أما المشروبات الأخرى كالشاي والنسكافيه والعصائر فيتم تجفيفها والاحتفاظ بها في شكل مسحوق في أكياس خاصة، ووضعها في حقيبة وبهذه الطريقة يمكن لرواد الفضاء الشرب مباشرة من الحقيبة بعد إضافة الماء.
وللتأكد من أن طعامهم لن يطفو يستخدم رواد الفضاء مثبتات «الفيلكرو»، وعلى متن محطة الفضاء الدولية (ISS) تتيح غرفة الطعام المُزودة بطاولات وكراسي مثبتة بالأرض تجربة تناول طعام أكثر طبيعية، ويربط رواد الفضاء أنفسهم في الكراسي بدعامات الفخذ والقدم ويأكلون في صوانٍ ممغنطة باستخدام الشوك والسكاكين والملعقة.
وبعد تناول الطعام يتخلص رواد الفضاء من عبوات طعامهم ونفاياتهم في ضاغط قمامة أسفل أرضية المكوك حيث ينظفون أدوات المائدة والصواني بمناديل مُبللة، ويتم تخزين النفايات الصلبة على متن المكوك حتى هبوطه وتترك النفايات السائلة في الفضاء وفقاً لصحيفة «الرؤية».
وبالتنسيق مع وكالة الفضاء الكندية تدعو ناسا مؤخراً المهتمين للمساعدة في تطوير تقنيات أو أنظمة مبتكرة ومستدامة لإنتاج الغذاء تتطلب الحد الأدنى من المواردة وتنتج أقل قدر من النفايات من خلال مسابقة يطلق عليها اسم «تحدي الغذاء في الفضاء الكبير»، الفرق المتنافسة التي ستحصل على مليون دولار، إلى تصميم وبناء وإظهار نماذج أولية لتقنيات إنتاج الغذاء التي توفر منتجات غذائية أو طعاماً ملموساً.
وبمرور الوقت يفقد الطعام قيمته الغذائية، وهذا يعني أنه بالنسبة لمهمة تستغرق عدة سنوات إلى المريخ، فإن إحضار الأطعمة المعبأة مسبقاً لن يلبي جميع الاحتياجات للحفاظ على صحة رواد الفضاء، وإضافة إلى ذلك، يعد انعدام الأمن الغذائي مشكلة مزمنة كبيرة على الأرض في كل من المجتمعات الحضرية والريفية.
وقال جيم رويتر، المدير المساعد لمديرية مهام تكنولوجيا الفضاء التابعة ل«ناسا» في مقرها بواشنطن: «إطعام الرواد لفترات طويلة ضمن قيود السفر إلى الفضاء سيتطلب حلولاً مبتكرة، ودفع حدود تكنولوجيا الغذاء يحافظ على صحة المستكشفين في المستقبل، ويمكن أن يساعد في إطعام الناس على الأرض؛ لذا نحن متحمسون لمواصلة التعاون مع وكالة الفضاء الكندية لإجراء المرحلة التالية من هذا التحدي، وتحديد الحلول من جميع أنحاء العالم».
واشتركت ناسا ووكالة الفضاء الكندية مع 10 فرق دولية في تقدير الفائزين، ورعت مؤسسة Methuselah، الشريك الداعم لوكالة «ناسا»، التحدي، بجائزتين بقيمة 25000 دولار لفرق دولية على ابتكاراتها المتميزة، كما منحت وكالة الفضاء الكندية 10 فرق 30000 دولار كندي لكل فرقها الفائزة.
وتدعو ناسا الآن الفرق الجديدة والحالية لدخول المرحلة الثانية، والتي ستتطلب من الفرق بناء وعرض نماذج أولية من تصاميمها وإنتاج طعام، ويمكن للمشاركين المهتمين من الولايات المتحدة التنافس في المرحلة الثانية للحصول على جزء من محفظة جوائز تصل إلى مليون دولار.