معجزات سورة هود.. يغفل كثير من الناس عن فضل المعجزة الخالدة والخاتمة لكتب ورسالات الله عزوجل القرآن الكريم، ومن ذلك ما ورد من معجزات سورة هود، وفضل ما ورد في خواتيمها.
وفي التقرير التالي نسلط الضوء على ما جاء في معجزات سورة هود وفضلها..
معجزات سورة هود
سورة هود هو واحدة من السور المكية إلا في ثلاث آيات هي “ 12-17-114” فهي آيات مدنية، ومجمل آيات السورة هي 123 آية، تقع في الجزء الثاني عشر من كتاب الله.
وتعد سورة هود من السور التي تدعو إلى التدبر والتأمل، ففهيا الكثير من أخبار الأمم السابقة، وعدد من الأنبياء السابقين وفي مقدمتهم نبي الله هود، وهي الشقيقة الكبرى لما يعرف بسور القرآن هود وأخواتها والتي تضم سور الواقعة، المرسلات، سورة عم، وسورة الشمس، فقد روي أن النبي قال فيهم شيبتني هود وأخواتها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: “ شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت”، فقيل أن هذا القول لما تتضمنه السور من ذكر لأهوال يوم القيامة.
معجزات سورة هود
ذكر الله سبحانه وتعالى في سورة هود أخبار الأمم والأقوام السابقة، وبعضاً من أنباء الأنبياء والرسللما فيها من تثبيت لقلوب المؤمنين وترهيب للطغاة، حيث قال الله تعالى: {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ}، كما ذكر سبحانه وتعالى أخبارٍ عنيوم القيامة وأهواله، فقد جاء في السنة النبوية من حديث الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أنّه قال: قالَ أبو بَكْرٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ: يا رسولَ اللَّهِ قد شِبتَ، قالَ: شيَّبتني هودٌ، والواقعةُ، والمرسلاتُ، وعمَّ يتَسَاءَلُونَ، وإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ، فسورة هود سورة لها وقعٌ في نفس النبي صلّى الله عليه وسلّم، وفي نفس المؤمنين.
معجزات سورة هود
يقول الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، عن فضل خواتيم سورة هود، إن الشيخ إسماعيل صادق العدوى، كان يقول إذا وقفت عليك سدود عليك بأخر سورة هود، وتقول الآية: "وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ".
ولفت خالد الجندي خلال برنامجه لعلهم يفقهون على " dmc" إلى أنه لابد من التأدب مع قدر الله وأن نستسلم له من غير حزن ولا أسف ولا بكاء ولا ندامة وحسرة ولا أن تعض أناملك من الغيظ لأن الأمر كله متروك ليد الله، مشيراً إلى أن فهم معنى الآية والإيمان به، تصيبك حالة من الطمأنينة، ونصيحة النبي عليه السلام التي قال فيها "لا يقولن أحدكم لو كان كذا لكان كذا، ولكن ليقولن قدر الله وما شاء فعل"، مضيفًا أنه مهم جدًا حالة الإيمان بالقدر وأعلم أنَّ ما أصابَك لم يكُنْ لِيُخْطِئَك، وما أخطَأَك لم يكُنْ لِيُصيبَك، وأن الأرزاق بيد مقسم الأزراق وأن ما شاء الله كان ومالم يشأ لم يكن، وهذه مهمة العقيدة لو أردت تربية أولادك عليها.
معجزات سورة هود
ويقول الشيخ محمد متولي الشعراوي إمام الدعاة ووزير الأوقاف الأسبق في خواطره عن خواتيم سورة هود وهذه الآية:{وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ(123)} أي: أن ما جاء من ذكر حكيم هو أمر غائب عنكم، يخبركم به الله سبحانه من خلال ما يُنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم.
وتابع: “قد شاء الحق سبحانه أن يحفظ هذا الذِّكْر الحكيم، ثقة منه سبحانه أنه إذا أخبرنا في القرآن بخبر لم يجيء أوانه، فَلْنفهم أنه قد أخبر بما له من أزلية علم بالكون وما يجري فيه، وبما له من قدرة مطلقة تتحكم فيما يؤول إليه أمر المُختار من الكائنات مؤمنهم وكافرهم فإذا حدثنا القرآن بشيء مما يغيب عن الإنسان، فلنعلم أنه إخبار بصدق مطلق”.
وأكمل: “هناك الكثير مما يغيب عن الإنسان، وهناك حجاب بين وسائل إدراك الإنسان وبين بعض المُدْركات، ومرة يكون الحجاب حجابَ زمنٍ، فإذا أخبر الله تعالى عن أمر لم نشهده من قديم قد أَوْغَلَ في الزمن، ولم يقرأه النبي صلى الله عليه وسلم في كتاب ولم يسمعه من معلِّم؛ فهذا كَشْف لحجاب الماضي”.
وأبان أن الحق سبحانه يقول: {وَللَّهِ غَيْبُ السماوات والأرض وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأمر كُلُّهُ}، ولم يقل: (إليه يَرْجع الأمر كله)، لأنه سبحانه ضبط كل مخلوق على قدر، موضحاً أن كل شيء إما يرجع إلى الله في التوقيت الذي شاءه الله، أو أن الأمر هو كل ما يتعلق بكائن حي؛ لأن الحق سبحانه قد خلق في الكون أشياء وترك ملكيتها له سبحانه والحق سبحانه لا ينتفع بها، أما الإنسان فينتفع بها، وإن كان لا يقربها ولا يملكها، مثل: الشمس التي ترسل أشعتها، ويستفيد الإنسان بضوئها وحرارتها، وهي لا تدخل في ملكية الإنسان؛ لأنها من أساسيات الحياة؛ لذلك لم يجعل للإنسان الذي خَصَّه الله بخاصية الاختيار حق ملكيتها أو الاقتراب منها؛ حتى لا يعبث بها.
وأشار إلى أنه حين يقول الحق سبحانه هنا في الآية: {وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأمر كُلُّهُ} [هود: 123]، نبه لكل إنسان، ليعمل مُسْتهدفاً النجاة حين لا يكون لنفسه على نفسه سبيل يوم القيامة، وليعلم كل إنسان أن كل ما يستمتع به هو من فيوضات الحق الأعلى الذي أعطى الإنسان قدرة من باطن قوته سبحانه وأعطاه غِنًى من باطن غِنَاه سبحانه وأعطاه حكمة من باطن حكمته سبحانه وأعطاه قبضاً وبسطاً من باطن قدرته سبحانه وكذلك أعطى لعبيده من كل صفة بعضاً من فَيْضها، ثم تظل الفيوضات للحق سبحانه وتعالى.
وأكد: حين يشاء فهو يسلب كل الفيوضات ويعود الأمر إليه، لأن الأمر كله له سبحانه، فإنْ حُدِّثتَ في القرآن بأمر تغيب عنك مقدماتُه، فاعلمْ أن الذي أنزل هذا الكتاب لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض، ولذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم على ثقة أن الحق سبحانه حين أمره أن يتوعد أعداء الدين فهو يُطمئنه أن المرجع في كل الأمور إليه سبحانه.
واطمأن الرسول صلى الله عليه وسلم والذين معه أن أعداء الدين إنْ لم يُجازَوْا في الدنيا، فغداً ترجع الأمور كلها إلى الله، وإن كان الحق قد مَلَّكهم أشياء؛ فسيسلُبهم هذه الملكية في الآخرة، وإنْ كان قد أعطاهم الخِيَار في الدنيا؛ خِيَار أنْ يؤمنوا ويطيعوا، أو أنْ يكفروا ويعصوا؛ فهذا الاختيار سيزول عنهم في الآخرة، وكل مالك لمُلْك يصير مُلْكه بعده إلى الله.
وشدد: “ما دام الأمرُ كذلك فلنعبد الله وحده سبحانه لأنه صاحبُ الأمر فيما مضى؛ وله الأمر الآن؛ وله الأمر فيما يأتي، وهو سبحانه الذي شاء، فجعل للإنسان ثلاثةَ أزمان: زمان سَبقَ وجود آدم؛ وزمان من بعد آدم إلى وجود أيٍّ منا؛ ثم زمان مستقبل إلى ما لا نهاية؛ وبذلك يكون لكل منا زمان ماضٍ؛ وزمان حاضر وزمان مستقبل، وكل منا يدور في فلك الأحداث، ومن المنطقي بعد أن تستمتع بوجودك في الحياة؛ وتنضج عقلياً أن تتساءل عن ماضيك، وتاريخ الجنس البشري”.
معجزات سورة هود
كشف الشيخ رمضان عبدالمعز، الداعية الإسلامي، عن أقوى جندي من جنود الله تبارك وتعالى في الأرض، مشيراً إلى أن ذكر الله تبارك وتعالى هو أقوى جندي على وجه الكرة الأرضية.
وقال "عبدالمعز"، خلال حلقة برنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع عبر فضائية "dmc": سيدنا علي سئل عن أقوى خلق الله فقال الحديد، ثم وجد الحديد تصهره النار، ثم النار تطفئ النار.. إلخ"، مستدلاً بما هو مأثور: “إذا وقفت أمامك سدود فعليك بآخر هود”، حيث يقول الله تبارك وتعالى: "ولله غيب السموات والأرض وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه" كررها 100 مرة، وكن على يقين بها.
وتابع: ربنا قال وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، موضحاً أن هناك خطوات تجعلك على طمئنة من الغد وردت في القرآن والسنة، منها أن الله هو الرزاق، وأنه هو من بيده الرحمة ولا يمكن لأحد أن يمسكها عنك إن قدرت".
لماذا ضحكت السيدة سارة
اختلف العلماء على أكثر من قول في تقسير «فضحكت» في قول الله تعالى «وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ» سورة هود (71).
وقال الإمام الطبري في تفسير الآية، القول في تأويل قوله تعالى: «وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ» أن المقصود بامرأته، سارَة بنت هاران بن ناحور بن ساروج بن راعو بن فالغ، وهي ابنة عم إبراهيم، و(قائمة)، قيل: كانت قائمة من وراء الستر تسمع كلام الرسل وكلام إبراهيم عليه السلام، وقيل: كانت قائمة تخدُم الرسل، وإبراهيم جالسٌ مع الرسل.
وأوضح الطبري أن قوله: «فضحكت»، اختلف أهل التأويل في معني السبب الذي من أجله ضحكت، فقال بعضهم: ضحكت الضحك المعروف، تعجبًا من أنَّها وزوجها إبراهيم يخدمان ضِيفانهم بأنفسهما، تكرمةً لهم، وهم عن طعامهم ممسكون لا يأكلون.
وأشار الطبري، إلى أن آخرين رأوا: بل ضحكت من أن قوم لوط في غَفْلة وقد جاءت رُسُل الله لهلاكهم، وذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قال: لما أوجس إبراهيم خيفة في نفسه حدثوه عند ذلك بما جاؤوا فيه، فضحكت امرأته وعجبت من أن قومًا أتاهم العذاب ، وهم في غفلة. فضحكت من ذلك وعجبت ، فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ.
وتابع: وقال آخرون: بل ضحكت ظنًّا منها بهم أنهم يريدون عَمَل قوم لوط، وذكر من قال ذلك: حدثنا الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو معشر، عن محمد بن قيس، في قوله: (وامرأته قائمة فضحكت) ، قال: لما جاءت الملائكة ظنَّت أنهم يريدون أن يعملوا كما يعمل قوم لوط.
واستطرد: قال آخرون: بل ضحكت لما رأت بزوجها إبراهيم من الرَّوع، وذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الكلبي: (فضحكت)، قال: ضحكت حين راعُوا إبراهيم مما رأت من الروع، بإبراهيم.
واستكمل: وقال آخرون: بل ضحكت حين بشرت بإسحاق تعجبًا من أن يكون لها ولد على كبر سنها وسن زوجها، وذكر من قال ذلك: حدثني المثنى قال إسحاق قال ، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال، حدثني عبد الصمد أنه سمع وهب بن منبه يقول: لما أتى الملائكة إبراهيم عليه السلام فرآهم، راعه هيئتهم وجمالهم، فسلموا عليه، وجلسوا إليه، فقام فأمر بعجل سمين، فحُنِذَ له، فقرّب إليهم الطعام ، فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً، وسارة وراء البيت تسمع، قالوا: لا تَخَفْ إنَّا نبشرك بغلام حليم مبارك ! وبشّر به امرأته سارة، فضحكت وعجبت: كيف يكون لي ولد وأنا عجوز، وهو شيخ كبير! فقالوا: أتعجبين من أمر الله؟ فإنه قادر على ما يشاء! فقد وهبه الله لكم، فأبشروا به.
وقال بعض من كان يتأول هذا التأويل: إن هذا من المقدَّم الذي معناه التأخير، كأنّ معنى الكلام عنده: وامرأته قائمة، فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب، فضحكت وقالت: يا ويلتا أألد وأنا عجوز؟
ولفت إلى أن آخرين رأوا أن معنى قوله: "فضحكت" في هذا الموضع: فحاضت، وذكر من قال ذلك: حدثني سعيد بن عمرو السكوني قال، حدثنا بقية بن الوليد، عن علي بن هارون، عن عمرو بن الأزهر، عن ليث، عن مجاهد في قوله: (فضحكت)، قال: حاضت، وكانت ابنة بضع وتسعين سنة. قال: وكان إبراهيم ابن مائة سنة.
ونوه الإمام الطبرى بأن آخرين قالوا: بل ضحكت سرورًا بالأمن منهم، لما قالوا لإبراهيم: لا تخف، وذلك أنه قد كان خافهم وخافتهم أيضًا كما خافهم إبراهيم . فلما أمِنَت ضحكت، فأتبعوها البشارة بإسحاق.
وقد كان بعض أهل العربية من الكوفيين يزعم أنه لم يسمع "ضحكت"، بمعنى: حاضت، من ثقة، وذكر بعض أهل العربية من البصريين أن بعض أهل الحجاز أخبره عن بعضهم أن العرب تقول "ضحكت المرأة"، حاضت. قال: وقد قال: "الضحك"، الحيض، وقد قال بعضهم: "الضحك": الثَّغْرُ، وذكر بيت أبي ذؤيب: فَجَـاءَ بِمِـزْجٍ لَـمْ يَـرَ النَّـاسُ مِثْلَهُ هُـوَ الضَّحْـكُ إلا أَنَّـهُ عَمـلُ النَّحْلِ.
وذكر أنَّ بعض أصحابه أنشده في الضحك بمعنى الحيض: وَضِحْــكُ الأرَانِــبِ فَـوْقَ الصَّفَـا كَمِثْــل دَمِ الجَــوْفِ يَــوْمَ اللِّقَـا