أصبح مكانه مقصداً للكثير من محبى الفول النابت والمدمس ، فوجوده فى المكان مضى عليه قرن من الزمان أو يزيد ، فالحفيد الأكبر يبلغ من العمر 62 عاماً ويؤكد بأنه توارث المهنة عن آبائه و أجداده وتعلمها وهو بعمر 8 أعوام ، ومازال متواجداً فى المكان بوسط مدينة قوص جنوب قنا ، والذى عمل به أجداده منذ عقود بعيدة ترجع لبدايات القرن الماضى .
"قدرة فول " ضخمة مازالت تتصدر محل الحاج أحمد الترامسى ، يرجع تاريخها لحوالى قرن من الزمان ، حفر الزمان ملامحه عليها بقوة، بجانب النيران التى لم تهدأ من تحتها طوال السنوات الماضية والتى غيرت من لونها النحاسى الفاتح إلى الغامق من كثرة تعرضها للنيران.
مع بدء شروق الشمس يتوافد الأهالى خاصة الموظفين و عمال اليومية ، إلى العم أحمد الترامسى فى ميدان أبوالعباس ، للحصول على وجبة الإفطار اليومية التى اعتادوا عليها و أصبحت ضمن طقوس يومهم المعتاد ، فالكل يعرف المواعيد و يعرف طقوس العمل، ما يعلهم يتعاملون مع المكان بأريحية و يخدمون أنفسهم بأنفسهم.
شهرته لم يكتسبها من تقديم سلعة جديدة أو تطوير فى الخدمات التى يقدمها ، لكنه اكتسبها من حفاظه على نظامه القديم ، والذى اعتاد عليه الزبائن منذ زمن بعيد ، فالأدوات هى نفسها التى كان يعمل بها الآباء والأجداد ، ولم يخرج من الخدمة ، إلا ما أصابه التلف نتيجة مرور الزمن و النيران الملتهبة التى لا تتوقف إلا فترات هدوء الليل.
قال أحمد الترامسى 62 عاماً ، أعمل فى هذا المكان منذ أن كان عمرى 8 أعوام ، ومن وقتها لا أغادر المكان إلا لمنزلي ، فمنذ الصباح الباكر أتواجد فى مكان لاستقبال الزبائن ، حتى صلاة الظهر ، و أتوقف لما بعد العصر، لاستأنف عملى مرة أخرى بعد العصر حتى العاشرة مساء بشكل يومى ، و في البداية كنت أتجول بالفول النابت والمدمس فى نطاق مدينة قوص ، لكن لم استمر كثيراً فى ذلك.
و تابع الترامسى: الزبائن يقصدون المكان للثقة التى حظي بها منذ عشرات الأعوام ، فقد بدأ أجدادى هنا فى نفس المكان ، منذ أن كانت قوافل الحجاج تأتى إلى هنا قبل ذهابها إلى الأراضى المقدسة بالحجاز ، فقد كان الحجاج يأتون من مختلف المحافظات المصرية ويستريحون هنا فى قوص وما حولها، وبعد ذلك يتجهون إلى ميناء عيذاب فى البحر الأحمر عبر الطريق المعروف قديماً باسم طريق الحجاج.
و أضاف الترامسى : كانت وجبة الفول النابت والمدمس هى الوجبات الأساسية التى يستقبلون بها الأهالى حجاج بيت الله الحرام، وكان الجميع يتنافس فى إكرام ضيوف الرحمن ، وكان محلنا شاهداً على هذه الفترة التاريخية الهامة ، والتى ما زالت أنا و أبنائى نعيش على سيرة و سمعة آبائي و أجدادى التى تركوها لنا منذ عقود طويلة.
و أشار الترامسى إلى أن عمله لم يتغير عن السنوات السابقة ، فنفس الأدوات مازال يستخدمها حتى الآن فى طهى الفول النابت أو المدمس ، ومن ضمنها "قدرة فول" عمرها يزيد عن 80 عاماً ، حتى تقديم الوجبات يسير كما كان يفعل والدى ، الزبون يحصل على طبق فول نابت ومعه عيش شمسى حتى يستمتع بطعم النابت ، أو إذا كان يرغب فى وجبة فول مدمس مع بصل أخضر.
و أوضح الترامسى أنه يحرص مع أولاده ومن يعملون معه على النظافة حتى يحافظ على السمعة والثقة التى ورثها عن أجداده ، والتى كانت ومازالت بعد الله سبباً فى شهرته و إقبال الزبائن عليه ، رغم انتشار محلات ومطاعم الوجبات السريعة التى تقدم كل شىء.