رحمة القلوب وصفائها، عادة ما تظهر على ملامح الوجه، فتجدها بسيطة هادئة وحنونة، هكذا كان ملامح صديق الأطفال من مرضى السرطان، ليس مجرد تعبير، بل كان واقع الأمر، وهكذا كان «عم ظاظا»، صديق مرضى مستشفى 57357.
خفف «عم ظاظا» الكثير من آلام المرضى قدر استطاعته، وسخر لهم منزله وسيارته لنقلهم دون أي مقابل مادي، وكان منزله بمثابة منزلهم الثاني، مفتوح أمامهم طوال الوقت، ليصبح بذلك أشهر فاعلي الخير.
رحيل «عم ظاظا»
رحل عن عالمنا، مساء الأربعاء الماضي، المعلم صيام، الشهير بـ «عم ظاظا»، أشهر فاعلي الخير، لمرضى السرطان، حيث أشترى عم ظاظا، سيارة «فان» صغيرة، وكتب عليها عبارة «مجانًا لمرضى مستشفى سرطان الأطفال»، لنقل المرضى، إلى مستشفى 57357، بعد أن لاحظ معاناتهم وهم يستقلون الـ «توك توك»، من محطة مترو السيدة زينب، للوصول إلى مقر المستشفى، ودفع 10 جنيهات ذهابًا وإيابًا.
اعتاد عم ظاظا الوقوف أمام محطة مترو السيدة زينب، من السابعة صباحًا وحتى السادسة مساءً، كل يوم، لنقل الأهالي والأطفال من وإلى المستشفى، ولم يكتف بذلك بل فتح منزله أمام المرضى وأهاليهم مجانًا، وكان يستقبل الأهالي، بعد أن لاحظ أنهم يستأجرون غرفا بمبالغ باهظة الثمن، عند اضطرارهم للمبيت إلى جانب أولادهم.
علق صديق مرضى مستشفى 57357، لافتة على منزله معلنًا خلالها، استعداده لاستقبال أسرة المرضى مجانًا، واهبًا دار الضيافة كصدقة جارية لوالدته وحماته، وكانت إقامة الأهالي في منزله مدة ما يشاؤون، لحين انتهاء متابعة الطفل والجرعة المطلوبة له بالمستشفى.
ابنة عم ظاظا سعيدة بحسن خاتمة والدها
شعرت نسرين ظاظا، ابنة عم ظاظا، بالسعادة نظير ما وجدت من محبين لوالدها، رحمة الله عليه، فتفاجأت بعدد كبير من الأطفال، وأسرهم، هاتفوها بعد وفاة والدها، فضلاً عن سرعة انتشار الخبر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وصدمة الكثيرين وحزنهم على وفاته، معلقة: « أول مرة أشوف في حياتي حاجة كده، أول مرة أعرف يعني إيه حسن الخاتمة».
هطلت أمطار خفيفة عقب الانتهاء من دفن صديق أطفال مستشفى 57357، وشعرت ابنته بالفرحة العارمة بسبب تلك الأمطار، مؤكدة في تصريحات تليفزيونية: «كل حاجة عملها بابا هتفضل موجودة، وكل حاجة كان بيعملها حلوة هنكملها، ومش هنعمل أي حاجة هو مكنش عايزها».
وتابعت: «كان نفسه أن محدش يستغل الأطفال، أو يوصلهم وياخد منهم فلوس كثير، أو يسكنهم بإيجار كبير، كان بيوصلهم ويوفر ليهم سكن مجانًا، وميخدش منهم فلوس، كان في أطفال كتير بيجوا يتعالجوا وماتوا، وأكيد النهاردة دول كانوا بيزفوه في السماء».