انتفض سكان شارع العمدة بمنطقة الكوم الأخضر المتفرع من شارع كرداسة بحي الهرمفي الساعة الواحدة من ظهر اليوم الجمعة نحو إحدى العمارات السكنية بعد سماع صراخ وعويل أب وطفلته يستنجدان من نيران نشبت بشقتهما القابعة بالدور الخامس، لإنقاذهما من حريق داهم أرواحهم في مشهد يتخلله الرعب والصدمة.
وفي تلك الأثناء هرع " محمود دياب" صاحب محل حلاقة مجاور لمكان الحريق ونبضات قلبه تتسارع ويضج بها الخوف، نحو العقار الذي دبتفيه النيران بأحد طوابقه، بعد سماع صوت صراخ أب تحاصره ألسنة اللهب هو وابنته صاحبة الخمسة أعوام، بعد أن استنجد بالمارة وأهالي المنطقة لإنقاذ ابنته الصغيرة.
وبقلب يحمل المروءة ركض " محمود" نحو مدخل العقار للصعود للطابق الخامس المندلع به الحريق، في محاولة لإنقاذ الأب وابنته، إلا أنه وجد النيران تحاصر الدور من كافة جوانبه، بل تتصاعد للطوابق الأخرى وسط صياح ساكني العقار وأهالي المنطقة، وذلك بحسب وصف "دياب" لموقع "صدى البلد".
اضطر " محمود"، إلى الخروج من العقار بعد فشله في الدخول الى الطابق التي تلتهمه النيران، ليعود مرة أخرى إلى الشارع وسط أهالي المنطقة لإيجاد سبيل لمساعدة الأب الذي كانت تنهمر دموعه بحرقة وهو يحمل ابنته الصغيرة، التي كانت ترتعش من الخوف إثر الحريق المندلع حولها.
حمل أهالي المنطقة عددا من المراتب ، وافترشوها أمام العقار ليتمكن الأب وابنته من القفذ عليها في محاولة يائسة لإنقاذهما بعد أن باتت النيران تحاوطهما من كافة الإتجاهات، في لحظات حبس أهالي المنطقة المرعبين أنفاسهم خوفا على حياة الطفلة ووالدها.
وفي مشهد يشبه أفلام السينما، اتت أم الطفلة وزوجة الأب المكلوم، وهي تصطحب ابنيها لتصرخ بحرقة و كأن نيران حريق شقتها تكوي قلبها، وعيونها تغريقها الدموع وهي تصرخ في عجز لإنقاذ ابنتها من شدة النيران التي التهمت شقتها بالكامل، وهي راكعة على الأرض من هول المشهد محتضنة طفليها المفزوعين من هول المشهد، وذلك بحسب وصف شاهد العيان " محمود دياب".
نهاية مؤلمة
وبعد ساعات من المحاولات احتضن الأب الحضن الأخير لابنته، قبل أن يلقيها من شرفة المنزل على أمل إنقاذها، ليقفز بعدها و يلقى مصرعه بعد أن سقط بعيدا من المراتب الموضوعة أمام العقار، في حين تصارع ابنته الآن الموت بعد نقلها إلى المستشفى دخل غرفة العناية المركزة، ليضرب الأب مثل على التضحية بعد أن فدى بروحه أبنته لحمايتها من جحيم النيران التي كانت تطاردههما بشقتهما المشتعلة.
وبحسب حديث "محمود" شاهد العيان على الواقعة، أكد أن عربات الإطفاء لم تتهاون في إطفاء الحريق فور ورود بلاغ إليها ولم تتأخر في إنقاذ الموقف منذ بدء الحريق، وأنها سعت جاهدة بكل الطرق لإنقاذ الاب وابنته، ولكن الأقدر سطرت نهاية الاب بينما حالة ابنته لا تزال في علم الغيب، وذلك بحسب حديث محمود حول واقعة الحريق.
ويعتقد “محمود” وفقا لاقوال قاطني العقار أن الحريق نشب بسبب اشتعال النيران في الدفاية التي كانت تستخدمها الأسرة المنكوبة لتدفئهم من صقيع الشتاء، لكنها في النهاية تحولت إلى كتل من النار التهمت الشقة وبما فيها.