حكم ترديد جملة فلان هلك بسبب الاختلاف السياسي معه.. يتساءل كثير منا عن حكم ترديد جملة فلان هلك بسبب الاختلاف السياسي معه، وهل تتضمن كلمة هلك أي إساءة أو تعبير عن سوء المصير؟، وهل يجوز الشماتة في الموت؟، وغيرها من الأسئلة المتعددة التي ترد على الأذهان، بالتزامن مع وفاة شخص قد يحمل توجهاً، أو يقابله جدل طيلة حياته.
ونستعرض من خلال التقرير التالي أبرز ما ورد في الشرع الحنيف فيحكم ترديد جملة فلان هلك بسبب الاختلاف السياسي معه، وحكم الشماتة في الموت.
حكم ترديد جملة فلان هلك بسبب الاختلاف السياسي معه
ورد ذكر "الهلاك" والتي تعني الموت في مواضع عدة من القرآن تقارب الـ 25 موضعاً، منها ما صاحب ذكر رسول من الرسول، ومنها ما تحدث عن الكافرين، قال تعالى :﴿قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون﴾، ﴿ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون﴾، ﴿فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية﴾.
وقد تأتي "هلك" بمعنى العذاب لما ورد عَنْ أم المؤمنين السيدة عَائِشَةَ رضي الله عنها، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ : لَيْسَ أَحَدٌ يُحَاسَبُ إِلَّا هَلَكَ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ: حِسَابًا يَسِيرًا؟ قَالَ: ذَاكِ الْعَرْضُ، وَلَكِنْ مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ هَلَكَ، وفي رواية من نوقش الحساب عذب
كما تأتي بمعنى الزوال قال تعالى: ﴿ولا تدع مع الله إلها آخر لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون﴾، وأيضاً: ﴿هلك عني سلطانيه﴾.
وفي سورة يوسف ورد قوله تعالى :﴿قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين﴾ أي تعذب نفسك حتى الموت، جاء في لسان العرب. "والهَلاكُ: الجَهْدُ المُهْلِكُ".
وجاء أيضاً الهلاك بمعنى الانقطاع والفناء يقول تعالى: ﴿قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون﴾، وقوله تعالى: ﴿يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت"، ويقول تعالى أيضاً: ﴿ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب﴾.
حكم ترديد جملة فلان هلك بسبب الاختلاف السياسي معه
يقول إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي في تفسير قوله تعالى ومعنى الهلاك: {قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ(85)}ولقائل أن يسأل: ومَنِ الذين قالوا ليعقوب ذلك، وقد ذكرت الآية السابقة أنه تولَّى عنهم؟،نقول: لقد عاش يعقوب مع أبنائه وأحفاده، ويُقَال في الأثر: إن يعقوب دخل عليه بعض الناس، فقالوا له (تالله انهشمت يا يعقوب، ولم تبلغ سِنَّ أبيك إسحاق).
ويشير إلى أن المعنى: أنك صِرْت عجوزاً عاجزاً، مهشماً. قال: إنما هشَّمني يوسف. فعتب عليه الله في هذه القَوْلة، وأوضح له: أتشكو ربك لخلقه؟ فرفع يده وقال: خطيئة أخطأتها يا رب فاغفرها لي. قال: غفرتُها لك.وقد نبَّهه بعض أبنائه أو أحفاده فقالوا: {تَالله تَفْتَؤُاْ تَذْكُرُ يُوسُفَ حتى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الهالكين} [يوسف: 85]، أي: لا تزال تذكر يوسف وما حدث له، حتى تُشرف على الهلاك. و(الحَرَض) كما نعلم هو المُشْرِف على الهلاك، أو يهلك بالفعل.
كما يذكر الإمام ابن كثير في تفسيره: قوله تعالى:{وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ}يعني: أهل مصر، قد بعث الله فيهم رسولاً من قبل موسى، وهو يوسف، عليه السلام، كان عزيز أهل مصر، وكان رسولا يدعو إلى الله أمته القبط، فما أطاعوه تلك الساعة إلا لمجرد الوزارة والجاه الدنيوي؛ ولهذا قال: {فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولا} أي: يئستم فقلتم طامعين: {لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولا} وذلك لكفرهم وتكذيبهم {كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ} أي: كحالكم هذا.
اقرأ أيضاً
خالد الجندي: الذي يشمت في موت المسلمين خسيس
وزير الأوقاف: الشماتة في الموت سوء أدب مع الله
حكم الشماتة في الموت
أكدت دار الإفتاء المصرية، أن الموت من أعظم ما يقع بالمؤمنين، حيث إنه ابتلاء لهم ولمن بعدهم، مبينًا: عند المصائب يجب الاعتبار والاتعاظ.
ونوهت « الإفتاء» في إجابتها عن سؤال: «ما حكم الشماتة في الموت؟» أن الرحمة الإنسانية تحمل على الحزن والبكاء مهما كان حال الميت، مشيرًة: لقد قام النبى - صلى الله عليه وسلم- لجنازة، ولما قيل له : إنها ليهودي قال «أليست نفسًا»، رواه البخاري ومسلم.
وأوضحت دار الإفتاء أن الشماتة في الموت ليست خلقًا إنسانيًا ولا دينيًا، فكما مات غيره سيموت هو، مسائلًا: وهل يسر الإنسان إذا قيل له: إن فلانا يسعده أن تموت؟!.
واستندت الإفتاء في توضيحها حكم الشماتة في الموت أن النبي- صلى الله عليه وسلم – قال: «لا تظهر الشماتة بأخيك فيعافيه الله ويبتليك»، رواه الترمذى وحسَّنه.
واستكملت أن الله – تعالى- قال عندما شمت الكافرون بالمسلمين فى غزوة أحد: {إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس}، [سورة آل عمران : الآية 140].
وأكدت دار الإفتاء أن الشماتة و التشفِّيَ في المُصاب الذي يصيب الإنسان أيا كان مخالف للأخلاق النبوية الشريفة والفطرة الإنسانية السليمة.
حكم الشماتة في الموت
ويقول الشيخ خالد الجندي عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية إن الشماتة لا تجوز في المسلم، مضيفًا: نحن أصحاب نبي واحد وقبلة واحدة ولو هناك اختلاف سياسي لا تجوز الشماتة في الموت.
وأضاف خالد الجندي خلال برنامجه " لعلهم يفقهون" على " دي ام سي" : الذي يشمت في موت المسلمين خسيس ، أصحاب هؤلاء الفكر أصحاب خسة وندالة.
وتابع: إن الحسنات يذهبن السيئات، لو عاملك الله بالسيئة فقط لهلكنا، مضيفًا : السوشيال أفرزت الأسوأ، وأن المنسوبين للتيار السلفي ييخرجوا رسالة هي الأسوأ في الشماتة وفي الدعاء على الناس.
حكم سب الأموات
يقول الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، في بيانه موقف الشرع من سب الأموات والشماتة فيهم، إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أن ينال الأحياء أحد من الأموات أو ان يسبهم فقال النبي: " لا تسبُّوا الأمواتَ؛ فإنهم قد أفضَوا إلى ما قدَّموا " الا ان من الاموات كانوا أشرارا ولهم خطورة فذكرهم لتحذير الناس ليس ممنوعا .
وأضاف هاشم خلال تقديمه برنامج " صحيح البخاري" على فضائية الناس قائلا: ذكرُ مساوئ الموتى - في غير ضرورة شرعيَّة - ليس من شِيَمِ الكرام، ولا هو من أخلاقِ المسلمين والحديث عن الميت لا أثر له عند الله سبحانه فهو العليم بما يستحقه من تكريم أو إهانة، وقد يكون حديث الناس عنه دليلًا ولو ظنيًّا على منزلته عند ربه، لكن ذلك لا يكون إلا من أناس على طراز معين .
ومع ذلك نَهَى النبي صلى الله عليه وسلم أن يذكر الأموات بالسوء إذا كان ذلك للتشفِّي من أهله، فذلك يُغيظُهم ويُؤذِيهم، والإسلام يَنهَى عن الإيذاء لغير ذنْب جَنَاهُ الإنسان، ولا يؤثِّر على منزلته عند الله الذي يُحاسبه على عمله، وقد قال صلى الله عليه وسلم في قتلى بدر من المشركين:”لا تَسُبُّوا هؤلاء فإنه لا يَخلُص إليهم شيء مما تقولون، وتُؤذون الأحياء” ، وعندما سب رجل أبًا للعباس كان في الجاهلية كادت تَقوم فتنة، فنُهِيَ عن ذلك.
هل يجوز أن أتمنى الموت لمن ظلمنى؟
هل يجوز ان أتمنى الموت لأحد ظلمنى؟.. سؤال أجاب عنه الشيخ محمد عبدالسميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، وذلك خلال فتوى مسجلة له عبر موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك.
ورد عبدالسميع، قائلًا: "إن من ظُلم فمن الأفضل أن يدعو الله أن يأخذ له حقه،ويداوم على هذا الذكر فهذا أفضل من الدعاء على الميت".
كيفية التخلص من شعور الظلم
كيفية التخلص من الظلم أوالتخلص من شعور الظلم ففيه قال الحبيب علي الجفري، الداعية الإسلامي، إن هناك ثلاث خطوات بها يستطيع المظلوم تخطي الشعور بالظلم، دون أن ينتصر عليه الظالم ويهزمه، وبدلًا من الدعاء على الظالم بالهلاك أو الدعاء على الظالم عمومًا.
وأوضح « الجفري» عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، في إجابته عن سؤال: « كيف أتخطى الإحساس بالظلم؟»، أن من أكبر وسائل تخطي الإنسان إحساسه بالظلم، هو استشعار أن الذي ظلمه في أي شيء من الأشياء كان، ينبغي ألا ينجح بظلمه في أن يهزم المظلوم من داخله، وعلى المظلوم أن يعتبر ذلك تحديًا له، فلماذا يترك الفرصة للظالم لأن يهزمه من الداخل.
وشدد على أنه ينبغي ألا يتحول شعور الشخص بالظلم إلى سبب ومبرر للكراهية والحقد، لأن الظالم ينتصر على المظلوم إذا نجح في إدخال الكراهية والحق بقلب المظلوم، لذا فلكي يتخطى المظلوم إحساسه بالظلم يجب أن يتأكد من أن انتصر على نفسه ولنفسه بمنع الكراهية والحقد من دخول قلبه، منوهًا بأن ذلك يتحقق بعدة أمور أولها الدعاء للظالم بظهر الغيب، وإن كان في البداية سيشعر المظلوم أن دعاءه للظالم غير صادق.
كما أن ثاني طرق التخلص من الظلم هو تذكر ما يترتب على المسامحة، فكلنا خطاء، ونحب أن نحصل على العفو والسماح إذا أخطأنا في حق الآخرين وكذلك إذا أخطأنا في حق الله تعالى ، فليعفو المظلوم عن الخلق ليعفو الله تعالى عنه، وثالثها أن هذا لا يتعارض مع الأخذ بالأسباب في المطالبة بالحقوق.