قد يتعرض الإنسان لـ وساوس الشيطان خلال صلاته، فإبليس يُحب إلهاء العبد عن ربِّه بشتى الوسائل، والشيطان المسئول عن إدخال الوساوس إلى قلب المُسلم خلال صلاته يُسمى خنزب، فكيف للمُسلم التغلُّب عليه ؟.
كيفية التخلص من وساوس الشيطان .. يشكو الكثير من الناس من الوسوسة التي مصدرها الشيطان، فالكثير من الناس يشكّ في طهارته، وطهارة ثيابه، وطهارة الأشياء المحيطة به، وقد تكون الشكوك في الصلوات، ممّا يجعل العبد يفكّر بأنّ الصلاة من الهموم الثقيلة التي يجب التخلّص منها، وقد تؤدي الوساوس إلى ترك الصلاة بشكلٍ كليٍ، وقد تكون الوسوسة في كلّ العبادات.
والمسلم يجب عليه التخلّص من وساوس الشيطان، ويمكن أن يتحقّق من ذلك بالعديد من الوسائل والطرق، وفيما يأتي بيان البعض منها:
1- اللجوء إلى الله -تعالى- بالدعاء، والابتهال، والتضرّع له بصدقٍ وإخلاصٍ، وطلب الشفاء منه.
2- المداومة على قراءة القرآن الكريم، والحرص على ذكر الله - تعالى- في كلّ الأوقات، ومن ذلك: المحافظة على أذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم والاستيقاظ منه، ودعاء دخول المنزل ودعاء الخروج منه، وكذلك دخول بيت الخلاء والخروج منه، والتسمية قبل البدء بالطعام، وحمد الله تعالى بعده.
3- الاستعاذة بالله -عزّ وجلّ- من الشيطان الرجيم ووساوسه، وعدم الالتفات إلى وساوسه، وعدم المضي بوسواسه الخبيثة التي يعرضها على العبد، حيث روى الصحابي أبو هريرة أنّ الرسول - صلّى الله عليه وسلّم- قال: « يأتي الشَّيطانُ أحدَكُم فيقولَ: مَن خلقَ كذا وَكَذا؟ حتَّى يَقولَ لَهُ: مَن خلقَ ربَّكَ؟ فإذا بلغَ ذلِكَ، فليَستَعِذْ باللَّهِ ولينتَهِ».
4- الاشتغال بالعلوم النافعة والمفيدة، واستغلال الأوقات في حضور مجالس العلم واستماعها، وتجنّب مصاحبة أهل السوء والضلال، وكذلك يجب تجنب اعتزال الناس وعدم الاحتكاك والاختلاط بهم .
5- الإكثار من الطاعات والعبادات، والأعمال النافعة التي تقرّب العبد من الله تعالى، والابتعاد عن الأعمال التي تلحق بصاحبها تحمّل الذنوب والمعاصي. الحرص على أداء الصلوات جماعةً في المسجد، والحرص كذلك على قيام الليل، وعلى أداء السنن الرواتب.
6- التفكّر في مخلوقات الله تعالى، والتأمّل في الآيات الكونية، فبذلك تتحقّق الزيادة في الإيمان، ويتخلّص العبد من الوساوس والشكوك التي تراوده.
7- العلم بأنّ الله - تعالى- يحاسب العبد على ما يصدر منه، وليس على ما يفكّر ويعتقد به.
بعض علامات الوسواس في الصلاة
لوسوسة الصلاة علامات يشعر بها صاحبها، ومنها:
-الشعور بالضيق عند التكبير "تكبيرة الإحرام، وكذلك عند قراءة القُرآن في الصلاة، وينتهي هذا الشعور بانتهاء الصلاة.
- شعور المُصلي دائمًا بأنه قد نسي رُكنًا أو ركعة، مما يضطره لأداء سجود السهو بعد كُل صلاة، أو إعادة الصلاة من جديد.حلول لمعالجة الوسواس في الصلاة قال الشيخ عمرو الورداني، إنه لمعالجة الوسواس في الصلاة، هناك خطوات منها النظر إلى محل السجود، وعند الركوع يكون عند أطراف الأصابع، وعند السجود النظر عند طرف الأنف.
وأضاف "الورداني" خلال فيديو البث المباشر عبر الصفحة الرسمية لدار الإفتاء، أنه عند التشهد ينظر المصلي إلى طرف السبابة مما يساعد على التركيز في الصلاة.
وتابع": وفي الصلاة القراءة تكون بتأنٍ والوقوف على رءوس الآيات، ولا تلتفت إلى أي وسواس في الصلاة.
ما علاج الوسواس فى الصلاة ؟
سؤال أجاب عنه الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية وذلك خلال فتوى مسجله له عبر قناة الإفتاء على اليوتيوب.
وأجاب وسام، قائلًا: لا تلتفت اليه وأكمل صلاتك فإن فعلت ذلك يذهب عنك هذا الوسواس، أما تركيزك معه سيزيد الى مرحلة المرض النفسي، فلا تلتفت اليه.
كما قال الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن العبد الذي يريد الخشوع والاطمئنان في الصلاة، ويريد إبعاد وساوس الشيطان عنه، ينبغي أن يصلي صلاة مودع، بأن يستحضر أنها آخر صلاة له في حياته.
وأضاف «عثمان» في فيديو بثته دار الإفتاء على يوتيوب، ردًا على سؤال: كيف أعالج وساوس الشيطان في الصلاة ؟ أن هذا الأمر النبوي الذي جاءت به السنة عن أبي أيوب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذا قمت في صلاتك فصلِّ صلاة مودع، ولا تكلم بكلام تعتذر منه واجمع الإياس مما في أيدي الناس».رواه ابن ماجه ( 4171 ) وصححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 401 ).
وأكد أن العبد إذا استحضر هذا المعنى، فإنه سوف يركز فيما يقرأ ويستحضر بين يدي من يقف، وسيترك كل ما يشغله عن الله العظيم الذي ينظر إليه، لافتًا إلى أن العبد لا بد أن يجاهد نفسه وهواه والشيطان؛ لأن الشيطان إذا رأى منه ذلك، سيتركه وييأس منه.
علاج وسواس الصلاة
إن الشيطان خنزب مُهمته الأساسية زرع الوساوس لمنع المُسلم عن الصلاة، فإن لم يستطع ذلك وقام المُسلم ليُصلي يبدأ في محاولات لإلهاء المسلم عن صلاته، وبالتالي فقد يُخطئ المُسلم أو ينسى القيام بأحد أركان الصلاة بفعل هذه الوساوس، وأوّل ما يجب القيام به في هذه الحالة هو التعوُّذ من الشيطان، وأمور أخرى سوف تُساعد المُصلّي على أداء صلاته بشكل سليم، ودحض الأهداف التي يسعى الشيطان لتحقيقها:
الناحية النفسية
فإن اقتناع المُصلي بأنه لا يستطيع تأدية صلاته كما يجب؛ بسبب وساوس الشيطان هي من أهم الأسباب التي يجب مقاومتها، وهذا لن يتحقق إلا بقُوة الإرادة، فالله عز وجل كرّم المُسلم وأعطاه فُرصة للسعي نحو الخير في الدّنيا، وهو أقوى من أي شيطان قد يُحاول إبعاده عن عبادته.
النيّة الخالصة لله
بحيث ينوي المُصلي الصلاة لأداء فريضة تُقربه من الله عز وجل.
- الاستعاذة من الشيطان قبل الصلاة
- التأمُّل قليلًا في عظمة الخالق
وأن الله لن يخذل عبده ويجعله يستطيع تأدية صلاته على أكمل وجه، باختصار "الثقة بالله والتوكل عليه قبل أداء الصلاة".
- الصلاة في مكان هادئ بعيدًا عن أي مصدر للإزعاج.
- الدعاء والرجاء من الله أن يُبعد وساوس الشيطان وأن يُزيلها من قلب المُصلي، ويُمكن عمل هذا أثناء الصلاة في رُكن السجود، والدعاء بعد الصلاة أيضًا.
- الجهر في الصلوات المسموح بها الجهر، فعندما يسمع المُصلي صوته وهو يُردد آيات الله سوف ينشغل تفكيره فيما يقول وبهذا يُبعد وسوسة الشيطان عنه.
- في السيرة النبوية نجد حلولًا لمُعظم الوساوس التي نواجهها، فقد وردنا عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنَّ عثمان بن أبي العاص أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثًا، قال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني.(رواه مُسلم).
إبعاد وساوس الشيطان عن الإنسان
من الطّرق ذات الفعاليّة الكبيرة في إبعاد وساوس الشيطان عن الإنسان ما ذكره الإمام الخطابيّ، حيث استخرج بعض الأمور والنّقاط لإبعاد وسوسة الشّيطان عن الإنسان من حديث الرّسول -عليه الصّلاة والسّلام- سابق الذكر حيث قال: « يأتي الشَّيطانُ أحدَكُم فيقولَ: مَن خلقَ كذا وَكَذا؟ حتَّى يَقولَ لَهُ: مَن خلقَ ربَّكَ؟ فإذا بلغَ ذلِكَ، فليَستَعِذْ بالله ولينتَهِ»، وفي رواية « فمن وجد من ذلك شيئاً فليقل آمنت بالله».
وممّا ذكره الخطابيّ للبعد عن وساوس الشيطان والنجاة منها ما يأتي:
1- أن يترك المسلم التّفكير فيما يخطر له من وساوس الشيطان الكثيرة في شتّى النّواحي والمجالات، وأن يمتنع عن تجاولها في ذهنه والاستماع لها، فضلاً عن قبولها والبحث فيها؛ لأنّ ذلك ما يصبو له الشّيطان.
2- أن يلجأ المسلم إلى الله ويستعيذ به من شرِّ الشّيطان وشركه، وصيغة الاستعاذة أن يقول المسلم: (أعوذ بالله من الشّيطان الرّجيم).
3- التوقّف عن مُجاراة الشيطان فيما يوسوس به للمُسلم من أفكار ربما تُؤدّي بصاحبها إلى الشّرك، أو إدخال الشكّ في قلب المؤمن المُوحِّد لله.
4- ألّا يتوجّه المُسلم إلى محاججة الشيطان؛ ويكون ذلك بأن يبدأ بإيراد البراهين والحجج لدحض الأفكار التي وسوس له الشيطان بها، حيث أيده الله بقوّة الحجة ليمتحن عباده من يخضع لتلك الوساوس ممّن قويّ إيمانه واعتقاده بالله ورسوله. أن ينشغل المسلم عن وسوسة إبليس بأن يبحث عمّا يُثبت عكس ما وسوس له في الأمور اليقينيّة الثّابتة عياناً لإثبات عظمة الله وقدرته، كالانشغال بعظمة خلق الله للسّماوات والجبال، وإعجازه في خلق الإنسان، وغير ذلك من الحقائق اليقينيّة الثّابتة التي تُظهِر قدرة الله في ذلك الشيء، فيعلم يقيناً أن وجود الله حقّ لا شك فيه ولا مِراء، ولو أنّه لم يُدرك ذلك حقيقةً بالبصر لقصوره عن ذلك.
كما ذكر الإمام ابن حزم الظاهريّ عدداً من الوسائل لعلاج وساوس الشيطان، منها:
1- أن يُمعن المسلم النّظر في مظاهر قدرة الله سبحانه وتعالى، ويُلاحظ إعجازه في مخلوقاته في الأرض والسّماء، وكيفيّة خلق الإنسان والإبداع في تصويره وتكوينه. أن يستشهد بما هو ظاهرٌ له من الوقائع التي تُشير وتدلّ يقيناً على وجود الله وقدرته وتُدلِّل عليه، وترك التّفكير ببواطن الأمور التي يعجز العقل عن تصوّرها، كرؤية الله عزَّ وجلَّ وحقيقة وجوده، وخير مثالٍ على ذلك الاستشهاد ما استشهد به الأعرابي على وجود الله حين سأله أحدهم: « بم عرفت ربك؟ فقال: الأثر يدلّ على المسير، والبَعْرَة تدل على البعير، فسماء ذات أبراجٍ وأرض ٌ ذات فجاج وبحارٌ ذات أمواج ألا تدل على السّميع البصير؟».
2- الانشغال بالعلم النظريّ عن العقائد التي تدعو إلى الفلسفة، خاصّةً عند العوام الذين ربما يُؤدّي انشغالهم بعلم العقائد إلى حدوث خلل لعدم استيعابهم تلك العلوم، والأولى أن ينشغل المسلم بالأحكام الفقهيّة والتفرّغ للعبادات عن التفكير فيما يُؤدّي إلى إدخال الشّيطان إلى القلب والفكر والعقل.
3- العلم التام الذي لا يُخالطه شكّ بأن ما أُعطِي مخلوقٌ مهما بلغ من القدرة؛ فإنّما كان ذلك بإرادة ومشيئة الله وحكمته وقدرته، وأنّه لم يأتِ بتلك القدرة بجهده الشخصيّ، ولا بعلمه المُطلق، ولا بنفوذه وجبروته. وساوس الشّيطان بين القرآن والسُنّة لم تكن غاية الشيطان في الوسوسة لآدم إغواءه فقط لأن الله فضله عليه، بل لأنّه لا يريد أن يُطاع الله أبداً، ويكره أن يرى ذلك، وليثبت أنّه خيرٌ من آدم ونسله، قال- تعالى-: « إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَّرِيدًا* لَّعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا* وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ الله فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا* يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا»، ويمكن أن يبتعد الإنسان عن وساوس الشيطان وإغوائه بأن يلتزم بعدد من الأمور التي تُنجيه من وساوس الشيطان، وإن أصابه شيءٌ منها فإنّه سيواجهها بقوّة وصلابة، وسيقف أمامها قويّاً مُتماسكاً حتّى يُبعده الله عنها، وإن رضخ إلى شيءٍ منها فإنّه ما يلبث أن يعود إلى طاعة الله بعد أن يستغفره ويتوب إليه.
أنواع وساوس الشيطان
قد يصاب العبد المسلم بالكثيرمن أنواع وساوس الشّيطان، وفيما يأتي بيان بعض أنواعها:
1- الوسواس الذي يؤثّر على الإيمان بالله –تعالى-، والإيمان برسوله - صلّى الله عليه وسلّم-، والإيمان باليوم الآخر، فالمؤمن لا يتأثّر بالوساوس السابقة لعلمه ببطلانها، وعدم صحتها، كما أنّه كارهٌ وباغضٌ لها، فإن لم يستطع الشيطان إغواء المؤمن بدينه، فإنّه يزعزع إيمانه بوساوسٍ أخرى.
2- الوسواس الذي يؤثّر على النية، فقد يؤثّر الشيطان على نية العبد، ممّا يجعل العبد يشك بنيته، فيتلفّظ بها، وقد يصل الوسواس بالنية بتكرار التلفّظ بالنية أكثر من مرةٍ، إلّا أنّ محلّ النية القلب، كما أنّ النية من الأمور اللازمة لأفعال العباد المقصودة؛ أي أنّها لا تحتاج إلى تعبٍ أو تحصيلٍ.
3- الوسواس الذي يصيب العبد ليؤثّر على الوضوء والصلاة، ويكون ذلك بالوسوسة للمسلم بعدم كمال طهارته؛ فقد يصل إلى الأمر بإعادة غسل الجنابة، أو إعادة غسل الطهارة من الحيض، أو إعادة الوضوء بحجّة أنّه لم يكن صحيحاً، أو بالتشكيك في نسيان غسل عضوٍ من الأعضاء الواجب غسلها في الوضوء، وقد يصل الحال إلى الإسراف في الوضوء من غير عقلانيةٍ.
4- الوسوسة على العبد خلال أدائه للصلاة، ومن صور ذلك: ترديد بعض الكلمات، أو رفع الصوت بها، أو تكرار آيةٍ قرآنيةٍ كاملةٍ، وقد يصل الحال إلى إعادة الصلاة بالكامل، بسبب الشك بعدم قراءة سورة الفاتحة، أو الشكّ في الطهارة أثناء الصلاة، أو عدم القيام بركنٍ من أركانها.