الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مفتي الجمهورية يكشف عوار «الإخوان» الإرهابية في حوار لـ«صدى البلد».. ويؤكد: الحرب معهم مستمرة ولا نفتي بأمر الدولة.. ودعوة السيسي لتجديد الخطاب ضرورة حتمية

مفتي الجمهورية في
مفتي الجمهورية في حوار لصدى البلد

أبرز تصريحات مفتي الجمهورية لصدى البلد:

دعوة الرئيس لتجديد الخطاب الديني ضرورة حتمية

الدولة لا تهدر حق الفرد في مسيرة بناء المجتمع

الحرب مع جماعة الإخوان الإرهابية مستمرة

جماعة الإخوان أحيت أفكار الخوارج بشكل أكثر تعقيدًا

الإخوان أول من أطلق مصطلح "علماء السلطان"

دار الإفتاء تستقبل أسئلة المواريث من المسيحيين


تسير دار الإفتاء المصرية، بسرعة كبيرة في مواكبة العصر وتطورات العالم، حتى تواكب في فتاويها ما يناسب العصر الذي تعيش فيه، ولا يقتصر دور دار الإفتاء فقط على إصدار الفتاوى، وإنما تقوم بجهد كبير في مواجهة الفكر المتطرف، وتوعية الشباب وظواهر تطرأ على المجتمع وأبرزها ما يتعلق بالطلاق وانتشار الفكر المتشدد.

عن هذه الجهود، يتحدث الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إلى صدى البلد، للكشف عن آخر الإنجازات التي تتم في دار الإفتاء وجهودها في الحد من حالات الطلاق.

إلى نص الحوار..

 

كيف ترى دور الرئيس السيسي لنشر صورة الإسلام السمحة وتوعية الشباب؟

تجديد الخطاب الديني والإفتائي هو واجب الوقت وضرورة حتمية، وهو نهج الأوائل الذي أدركوا أن الفتوى تتغير بتغير الجهات الأربع وهي الزمان والمكان والأحوال والأشخاص، والشرائع جاءت جميعها لتحقيق المقاصد العليا الخمسة وهي حفظ الدين وحفظ النفس وحفظ العقول وحفظ الأموال وحفظ الأعراض، وهو ما يجب أن يراعيه الخطاب الديني.

تجديد الخطاب الديني، إننا نرغب في إيصال الفهم الصحيح للدين والذي يؤدي للتعمير والبناء وإزالة الغبار الذي انتجته بعض الأفكار المتطرفة، يعني تنقية الأجواء من الغبار الذي تركه الإخوان على نصاعة وتحضر الدين الإسلامي.

ولله الحمد فإن الرئيس عبد الفتاح السيسي كان حريصًا على انتهاج سياسية بناء الوعي بدعوته إلى تجديد الخطاب الديني، من أجل دعم استقرار المجتمعات.

وتجديد الخطاب الديني وقضية بناء الوعي الصحيح هي قضية أصيلة في المفهوم الإسلامي؛ فالمسلم الحق هو الذي يبني وعيه ليس على معرفة الخير من الشر فقط، بل على إدراك أي الخيرين أفضل ليفعله؛ ومن ثم تأتي أهمية المنظومة الإفتائية والمقاصدية كجزء من أدوات الوعي السديد مثلًا لذلك، فالفتوى لها رباعية، كلها تُعنى بالتوثيق والتبصر، تبدأ أولًا من التثبت؛ وهو إجابة سؤال: هل؟ ثم الفهم؛ وهو إجابة سؤال: ماذا؟ وقد أنشئت له منظومة علوم على رأسها علم أصول الفقه، ثم: لماذا كان ذلك الحكم؟ وعليه خرجت نظرية التعليل، ثم: كيف؟ أي كيف ينزَّل النص على الواقع؟ فنحن أمام منظومة متكاملة للوعي والسعي.

مفتي الجمهورية في حوار لصدى البلد

فالواجبُ على المؤسساتِ الدينيةِ أن تُعيدَ بناءَ الوعيِ البشريِّ تجاهَ قضايا البيئةِ على النحوِ الصحيحِ الَّذي اتَّفقتْ عليه الكتبُ السماويةُ والقيمُ الإنسانيةُ الساميةُ. وفي الختامِ أسألُ اللهَ العليَّ القديرَ أنْ يُكلِّلَ جهودَنا في هذا المؤتمرِ بالتوفيقِ والنجاحِ مِنْ أجلِ تحقيقِ السلامِ والأمانِ لِبَنِي البشرِ جميعًا، إنَّه وليُّ ذلكَ والقادرُ عليه. وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين

 

البعض يرى أننا لو أعطينا أموال مشروعات الدولة للفقراء لكان أفضل.. كيف نرد عليهم؟

 

مصر دولة تعمل بمبدأ الأخذ بأسباب القوة والتقدم والتنمية في كافة المجالات، دولة لا تهدر حق الفرد في مسيرة بناء المجتمع، ولا تهمل واجب بناء وتنمية الدولة وهي تراعي حقوق الأفراد، دولة تتعايش مع جميع دول العالم تحت مظلة التعاون والإخاء وتبادل المصالح والمنافع والعلوم والمعارف، فما تقوم به مصر حاليا يعد نموذجا مثاليا لبناء الدولة الحديثة التي تحقق مقاصد الشريعة المطهرة، وسوف تكون ثمرات هذه الجهود أن تتبوأ مصر مكانتها التي تليق باسمها وتاريخها وحضارتها، وسوف تنبعث من شموس معرفتها أشعةُ النور لتضيء للعالم طريقه نحو الحق والخير.

والدولة المصرية حاليًا تعد نموذجًا مثاليًا لبناء الدولة الحديثة التي تحقق مقاصد الشريعة المطهرة والتي تأخذ بأسباب القوة والتقدم والتنمية في كافة المجالات، دولة لا تهدر حق الفرد في مسيرة بناء وتنمية المجتمع، لأن فقه الدولة في الوقت الحاضر القائم على العمران والتنمية ينبغي الالتفات إليه وهو فقه مؤصل منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم فعقب إعلان وثيقة المدينة عمل على تأسيس مقومات الدولة وبناء كيانها وهيكلها الأساسي لِما للدولة من أهمية في النهوض الحضاري، وتحقيق مصالح الفرد والمجتمع، وفي ذلك دلالة واضحة على أهمية بناء الدولة على أسس متينة من السمو الروحي والرقي الأخلاقي والتطور الحضاري.

وهناك ارتباطا وثيقا بين مفهوم فقه الدولة وإنجازاتها؛ فالشرع الشريف وما يشمله من فقه يعمل على تربية الوازع الديني والضمير والرقابة الذاتية لدى الإنسان والتناغم مع نفسه داخليًّا وظاهريًّا، وكل هذا مقوم أساسي للعمران والتنمية والتقدم الحضاري المنضبط.

دولة المصرية حاليًّا، بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، تعد نموذجًا مثاليًّا لبناء الدولة الحديثة التي تتوافق مع فقه الإنجاز، ومن ذلك -على سبيل المثال لا الحصر- مشروع «مبادرة حياة كريمة»، تلك المبادرة التي تحقق مقاصد الشريعة المطهرة؛ حيث إنها تأخذ بأسباب القوة والتقدم والتنمية وبناء الإنسان وتنمية المجتمع.

مفتي الجمهورية في حوار لصدى البلد

 

كيف ترى استغلال جماعة الإخوان الإرهابية للأحداث في مصر؟

 

كل دعوة تؤدى إلى إفشال مؤسسات الدولة المستقرة هى ضد القرآن الكريم، وكل دعوة تدعو إلى التهميش العقلي لما يبنى هي دعوات للهدم وضد الدين، ونحن في دار الإفتاء رصدنا محاولات الهدم التي قام بنها التابعين للإسلام السياسي والإخوان، واستهدافهم لمؤسسات الدولة.

والخطاب الديني لجماعة الإخوان كان ذا طبيعة ميكافيلية، بمعنى أن الجماعة أرادت الوصول إلى الحكم بتطويع النصوص الشرعية من أجل أغراضها السياسية، وعند بلوغها هذه المرحلة نفت عن نفسها العلاقة مع الخطاب السابق، الذي ردّدته لسنوات طويلة.

واعتمدت الجماعة الإرهابية على دغدغة المشاعر عبر ترويج أفكار عن غياب الإسلام والرغبة في تطبيق الشريعة وإقامة الخلافة الإسلامية المزعومة.

 

هل ترى أن جماعة الإخوان استغلت ثورة يناير للوصول للسلطة؟  

 

جماعة الإخوان الإرهابية مع دخولها إلى الساحة السياسية، كانت تدعي أن مصر ليست دولة إسلامية وتفتقد إلى تعاليم الإسلام، بالإضافة إلى قتل النفوس البريئة من المواطنين ورجال الشرطة والجيش منذ عزلهم من الحكم 2013.

ولله الحمد جاءت ثورة 30 يونيو لتقويم وتصحيح المسار وأعادت الخطاب الديني المختطف من قبل جماعات الإرهاب الذين استغلوا الدين لأغراض سياسية، حيث غرست الجماعة الإرهابية الكثير من الأفكار مغلوطة في حقيقة الدين لاستغلال العاطفة الدينية للمصريين لتحقيق مكاسب للجماعة.

 

هل انتهت الحرب مع الإخوان؟ وهل الحوار معهم للرد على شبهاتهم وأفكارهم مثمر؟

 

حرب الدولة المصرية بجميع مؤسساتها مع جماعة الإخوان الإرهابية لا تزال مستمرة، فالإخوان منذ عام 1928، اعتبر منظرهم سيد قطب أن المجتمع عاد لجاهلية أشد من جاهلية المجتمع قبل الرسالة المحمدية، وأخرجوا الناس من دائرة الإيمان.

وعلينا أن نعي جيدًا أن تلك الجماعة التخريبية تراهن على تضليل وعي الشعب باستخدام أدوات حروب الجيل الخامس، ولكننا على يقين بأن الزبد سيذهب جفاء .. وأن ما ينفع الناس سيمكث في الأرض.

 

ماذا كان سيحدث لو استمر الإخوان في الحكم؟

الإخوان في عام حكمهم حاولوا السيطرة على كل مؤسسات الدولة، وبذلوا باستماته محاولاتهم لإقصاء غير الإخوان، ولكنهم فشلوا بفضل الله وبفضل عنايته لمصر، هذا البلد الطيب المبارك، وهو حفظ دائم منذ الأزل وحتى قيام الساعة إن شاء الله، وهذا ما أكده عامة العلماء الكبار على مر العصور.

ولو بقى الإخوان لسنوات في حكم مصر كان سيتسبب ذلك في انقسامات وحرب أهلية، خاصة وأن فكر الإخوان غريب على البيئة المصرية؛ ولذا لم تنجح جماعة الإخوان في احتواء الشعب المصري، ولا الاندماج معه؛ لأن فكرهم ومنهجهم قائم على الاستعلاء والاستكبار.

 

ما هي أخطر الأمور التي رسختها جماعة الإخوان في أذهان العامة؟  

جماعة الإخوان أحيت مفاهيم وأفكار جماعات الخوارج الأوائل ولكن بشكل أكثر تعقيدًا وأخطر تركيبًا، حيث استفاد البنا من كل خبرات الجماعات السرية الباطنية التي سبقته، إضافة إلى التوجهات الفكرية السرية التي عاصرته كالماسونية والنازية، ومزج هذه المركبات جميعًا في معتقدات وأفكار التنظيم الخاص الذي كان يقتل بلا هوادة ولا رحمة، فاغتالوا القاضي أحمد الخازندار في عام (1948)، ثم تلا ذلك اغتيالُ محمود فهمي النقراشي رئيس الوزراء آنذاك، ثم في عام (1949) كانت هناك محاولة اغتيال فاشلة لإبراهيم عبدالهادي باشا، وهذا بخلاف حوادث التفجير والتخريب التي قامت بها الجماعة في هذا الوقت، وبذلك يتضح عاملٌ آخر من عوامل فشل هذا المشروع السياسي المدمر، وهو تعارضه مع كل القيم والأخلاق التي دعت إليها الأديان والأعراف والأخلاق والقيم الإنسانية، فلا غرو أن نرى تلك الدموية متدثرة بدثار من الشعارات الزائفة والدعاوى الباطلة.

والأساس الأول الذي قام عليه مشروع التأسلم السياسي للإخوان هو وجوب العمل لإحياء مشروع الخلافة الإسلامية، فلم يستندوا إلى أي دليل شرعي ولا حتى أساس واقعي على هذا الوجوب، والوجوب حكم شرعي لا يثبت إلا بدليل ولا يوجد دليل، بل إن الدليل جاء على خلاف ما ادعاه البنا وجماعة الإخوان، فهذا حديث رسول الله صلى الله عليه الذي يتناول شأن الفتن، وخلو الزمان عن خليفة، لم يأمرنا فيه أن نسعى إلى إقامتها، ففي الحديث الصحيح الذي رواه البخاري عن حذيفة رضي الله عنه، وفيه: قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ»، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ؟ قَالَ «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ، حَتَّى يُدْرِكَكَ المَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ».. وفي الحديث النبوي الشريف إشارة واضحة لوجود فرق وجماعات مدعية باطلة تثير الفتن، وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم باعتزال تلك الفرق جميعًا.

ولكن ولله الحمد فشل هذ المشروع من أول أسباب فشل هذا المشروع وهو في مهده هو الأساس الواهي الذي قامت عليه تلك الجماعة، والذي لا يمت إلى الشرع الحنيف بصلة، وهذا الكلام ينسحب بالضرورة على كافة هذه الجماعات الكثيرة المتسربة أو المنشقة عن الجماعة الأم، أي جماعة الإخوان.

مفتي الجمهورية في حوار لصدى البلد

 

متى نستخدم قاعدة "اميتوا الباطل بعدم ذكره"؟  

 

على الإنسان أن يكون حصيفًا ونبيهًا عند إعادة نشر أي معلومة أو التعليق والرد عليها لأنه قد يتسبب بذلك في إشاعة الباطل وتزييف الوعي، ومقولة: "أميتوا الباطل بالسكوت عنه" مقولة صحيحة في كثير من الأحيان وفيها تحذير من نقل وتداول الباطل حتى ولو كان في صورة التحذير منه كأن يكون شخصًا مغمورًا لم ينتبه لكلامه وشبهاته أحد فنعمل نحن على نشرها.

ولكن في أوقات يكون من الضروري الرد والتحذير إذا كان هذا الكلام أو الشبهة سينتج عنه ضررًا كبيرًا وبلبلة وهدم استقرار المجتمع.

 

البعض يتهم دار الإفتاء بأنها صاحبة فتاوى مسيسة.. كيف نرد على ذلك؟

 

لم يحدث يومًا أن القيادة السياسية أَمْلَتْ علينا رؤيتها لأنها لا تحتاج لذلك، فنحن نعمل من وحي الضمير الإفتائي والاستقلال الإفتائي ومناهج العلماء التي تحقق مصالح الإنسان التي نلجأ فيها إلى النصوص الشرعية والتصرفات النبوية، والاجتهادات الإفتائية المستنيرة.

ومصطلح "علماء السلطان" أول من أطلقه هم جماعة الإخوان الإرهابية، وسعت بذلك إلى هدم المرجعيات الدينية والمؤسسات المعتمدة وإنشاء كيانات موازية للدولة في مختلف المجالات، ويصفون من يخالف منهجهم بـ"علماء السلطان"، وذلك من أجل نزع الثقة ما بين المواطن المصري وبين العلماء المعتبرين على مر العصور في الأزهر الشريف ودار الإفتاء، فقد عمدت الجماعة على تشويه العلماء، ووصفوهم بأنهم علماء السلطان ويعملون بتوجيهات معينة.

 

هل حققت حملة “اعرف الصح” الأهداف المرجوة منها؟

 

بالفعل حققت حملة "اعرف الصح" تفاعلًا كبيرًا على كافة المستويات، فقد تفاعل معها وفق إحصائيات موقع "فيس بوك" ما يزيد عن 30 مليون متفاعلًا، كما تحدث عنها بشكل إيجابي العديد من كتاب الرأي في مقالاتهم وأثنوا عليها وعلى ما تقوم به من بناء الوعي لدى الناس وتصحيح العديد من المفاهيم التي يعتمد عليها المتشددين والجماعات الإرهابية في منهجهم.

وقد تعرضت الحملة لهجمة شعواء من الجماعة المتشددة والمتطرفة لأنها تكشف زيف منهجهم وعواره، وتبين للناس حقيقة ما يبثونه من سموم باسم الدين يقود ضعاف العقول إلى الوقوع في براثن التطرف والإرهاب.  

وقد تابعنا كافة التعليقات التي جاءت على الحملة، واستفدنا من النقد الإيجابي البناء لتطويرها، كما استفدنا من الهجوم عليها في وضع آليات لتصحيح مزيد من المفاهيم المغلوطة التي كانوا يبثونها في التعليقات.

 

هل ترد إلى دار الإفتاء أسئلة من الأخوة المسيحيين وما هو مضمونها؟

 

التجربة التاريخية المصرية أثبتت بما لا يدع مجالًا للشك أن المصريين جميعًا يعيشون في أخوة وتعاون وتكامل، وفي عمق التاريخ تظهر الفتاوى المصرية القديمة وكذلك فتاوى دار الإفتاء وغيرها حريصة أشد الحرص على تعزيز هذه العلاقات الطيبة بين المصريين جميعًا، منذ أيام فقيه مصر الليث بن سعد حتى يومنا هذا، بل إن التاريخ الإسلامي لمصر أثبت أن سيدنا عمرو بن العاص لما دخل مصر وجد الرومان قد هدموا الكنائس ونفوا القيادات الدينية للمسيحيين، فعمل على إعادتهم إلى مناصبهم وعمارة ما كان قد دُمِّر من كنائسهم.

وبالنظر إلى أن النسيج المجتمعي المصري لم يميز بين مواطن وآخر، في منظومة متناغمة تحقق العيش المشترك الذي تحيطه المحبة والتسامح والسلام، مشيرًا إلى أنه تم تتويج هذا التاريخ الطويل بافتتاح مسجد الفتاح العليم وكنيسة ميلاد المسيح في نفس اليوم وبحضور أكبر قيادتين دينيتين في مصر وبحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهي رسالة واضحة على أن المصريين جميعًا على قلب رجل واحد، وأن الرئيس هو رئيس كل المصريين، وهذا واضح وملموس في حصول جميع أطياف المجتمع على الحياة الكريمة بكافة جوانبها، ومن أجل مكافحة الفقر والجهل والمرض.

وبالفعل دار الإفتاء لا تستقبل أسئلة فقط من المسلمين ولكن تستقبل أيضَا أسئلة من المواطنين المسيحيين وتجيب عليها خاصة في الديات والمواريث، وهو ما يدل على درجة القرب بين شقي الأمة.

 

ماذا عن التعاون مع الأزهر والأوقاف لمواجهة التفكك الأسري وما هو الدور الملقى على الدار؟

 

التعاون والتكامل بين كافة المؤسسات الدينية الإسلامية في مصر مستمر ودائم، فالمنهج والهدف واحد وهو بناء الدولة وحفظ استقرار المجتمع، وبالفعل تم مؤخرًا عقد اجتماع ثلاثي في مقر دار الإفتاء المصرية حضره معالي الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، وفضيلة والدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف؛ اتفقنا فيه على أطر ومحاور المشروع التوعوي المشترك بين الأزهر الشريف، ووزارة الأوقاف، ودار الإفتاء المصرية، والذي يهدف إلى زيادة الوعي الأسري والمجتمعي بقضايا الأسرة، ويعالج مشكلاتها، ويعزز تماسكها واستقرارها.

وقد انتهى الاجتماع إلى تشكيل لجنة تنفيذية للتنسيق في إدارة الحوار المجتمعي بالتعاون مع الإعلاميين والمفكرين وعلماء النفس وعلماء الاجتماع والمراكز البحثية ورؤساء محاكم الأسرة والمجلس القومي للمرأة وسائر المؤسسات المعنية بقضايا الأسرة وصناعة الوعي ، وكذلك تكليف اللجان العلمية المختصة بدار الإفتاء المصرية والأزهر الشريف ووزارة الأوقاف بإعداد بحوث علمية متخصصة حول معالجة قضية الطلاق في ضوء التغيرات العصرية والثوابت العصرية.

 

من واقع تعاملكم مع قضايا الطلاق.. ما هي أبرز الأسباب الحديثة لانتشاره بالترتيب؟

 

دار الإفتاء المصرية أدركت خطورة تفشي ظاهرة الطلاق خاصة في السنوات الخمس الأولى من الزواج، ولذلك عملت على وضع حلول منذ عام 2014، ونظمت دار الإفتاء دورات لتأهيل المقبلين على الزواج والمتزوجين حديثًا.

والدورات التأهيلية ضمت أساتذة في علم الاجتماع، وعلم النفس وأستاذة في إدارة الأزمات وتخصصات أخرى علمية تساعد الزوجين على فهم مسؤوليتهما وحقوقهما ودور كل منهما تجاه الآخر، وبمرور الوقت رأينا احتياجنا لتخصصات كثيرة فأنشأت وزارة التضامن الاجتماعي مشروع "مودة" لتأهيل المقبلين على الزواج.

وعلينا أن ندرك أن الطلاق مشكلة كبيرة وتحتاج إلى عناية خاصة من كل الجهات ومؤسسات التنشئة الاجتماعية من مؤسسات دينية ومراكز الأبحاث الاجتماعية وعلماء الاجتماع والنفس وكافة الجهات المعنية؛ وذلك لبحث أسباب الطلاق وطرق علاج هذه الظاهرة، فالنصوص الشرعية تتجه إلى أن الطلاق ينبغي أن يكون آخر طرق العلاج، والمأذون إذا شكَّ في حالة طلاق فلا بد أن يُحيل السائل على دار الإفتاء لحل الإشكال.  

وبالفعل لاحظنا أن نسبة الطلاق مرتفعة خاصة في السنوات الخمس الأولى من الزواج، وتم التواصل مع مركز البحوث الاجتماعية والجنائية لبحث الأسباب، وتم عمل ورش عمل وخرجت بعدة ملاحظات أوضحت أن هناك رعونة من الزوج في استخدام كلمة الطلاق في أمور كثيرة، على الرغم من وجوب استخدام هذه الكلمة إلا في حالة استحالة العشرة بين الطرفين بعد بذل كل مساعي التوفيق بين الزوجين.

كما أن من أحد أسباب الطلاق مواقع التواصل الاجتماعي والفضاء الإلكتروني وأصبحت رقم 3 في أسباب الطلاق حيث تولد هذه المواقع أشياء جديدة وتظهر مشكلات الغيرة وغيرها ويتم توليد أزمات، ولكن يجب توليد الثقة بين الزوجين.

ومن أجل كل ذلك أنشأنا في دار الإفتاء المصرية "مركز الإرشاد الزواجي" لعلاج الأسباب التي تدعو للقلق الزوجي وعدم الوفاق بين الزوجين حتى لا يتم الوصول إلى مسألة الطلاق، وهناك إقبالًا كبيرًا على هذا المركز الذي يضم لجانًا مشتركة من طبيب نفسي وعالم اجتماع وعالمًا بالشرع.