يقوم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، اليوم، بزيارة إلى مصر تستغرق يومين، حيث أعلنت الرئاسة الجزائرية في بيان صحفي أن الرئيس الجزائرييجري "زيارة عمل وأخوة إلى مصر الشقيقة".
وتعتبر العلاقات المصرية الجزائرية علاقات وطيدة وقوية وراسخة عبر التاريخ، حيث شهد تاريخ الدولتين دعما غير مسبوق ومساندة في الشدائد بشكل كبير، خاصة في أعقاب حرب 6 أكتوبر التي ساندت بها الجزائر مصر ودعمتها ماديا وسياسيا بشكل كبير ردا للجميل عند قيام الدولة المصرية بمساندة الجزائر في استقلاله عن فرنسا.
وفيما يلي يستعرض "صدى البلد" أهم العلاقات المصرية الجزائرية الداعمة والمساندة لكلا الدولتين العربيتين عبر التاريخ..
العلاقات التاريخية بين البلدين
يحكم العلاقات المصرية والجزائرية إرث تاريخي من الدعم والمساندة المتبادلة، فقد ساندت مصر الجزائر في ثورته العظيمة في مواجهة الاستعمار الفرنسي عام 1954، وقد تعرضت مصر الناصرية لعدوان ثلاثي، فرنسي إسرائيلي بريطاني، عام 1956 بسبب موقفها المساند لثورته.
وفي المقابل لم ينس الشعب المصري أبدًا للرئيس هواري بومدين وقفته العظيمة الداعمة لمصر سياسيًا وماديًا عقب هزيمة 67، وهو الدعم الذي استمر بعد رحيل عبد الناصر وتواصل حتى حرب 1973 التي شاركت فيها قوات جزائرية، فطلب الرئيس الجزائري السابق هواري بومدين من الاتحاد السوفيتي عام ١٩٧٣ شراء طائرات وأسلحة لإرسالها إلى المصريين عقب وصول معلومات من جزائري في أوروبا قبل حرب أكتوبر بأن إسرائيل تنوي الهجوم على مصر، وباشر الرئيس الجزائري اتصالاته مع السوفييت، لكنهم طلبوا مبالغ ضخمة، فما كان من الرئيس الجزائري إلا أن أعطاهم شيكا فارغا، وقال لهم أكتبوا المبلغ الذي تريدونه، وهكذا تم شراء الطائرات والعتاد اللازم ومن ثم إرساله إلى مصر.
وتعتبر الجزائر ثاني دولة من حيث الدعم خلال حرب 1973 فشاركت على الجبهة المصرية بفيلقها المدرع الثامن للمشاة الميكانيكية بمشاركة ٢١١٥ جنديا ٨١٢ صف ضباط و١٩٢ ضابطا جزائريا.
وأمدت الجزائر مصر بـ ٩٦ دبابة، ٣٢ آلية مجنزرة، ١٢ مدفع ميدان، ١٦ مدفعًا مضادا للطيران، وما يزيد عن ٥٠ طائرة حديثة من طراز ميج٢١ وميج ١٧وسوخوي ٧.
كما شكلت العلاقة الثنائية المتينة بين مصروالجزائر أساسًا صلبًا اعتمدت عليه جامعة الدول العربية في بناء علاقة إستراتيجيةبين العرب والأفارقة، وقد بدت هذه العلاقة واعدة جدًا في السنوات التي أعقبت حربأكتوبر عام 1973، وراحت تتطور إيجابيًا إلى أن أثمرت أول مؤتمر عربي إفريقي عام1977.
العلاقات السياسية
شهدت العلاقات السياسية المصرية الجزائريةتحسنًا ممتازًا أعقاب ثورة يونيو وانتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيسًا لمصر،والذي كان قد اختار الجزائر لتكون وجهته الأولى بعد انتخابه.
وفي إطار التشاور المستمر يحرص رئيسا البلدين علىدفع مسار العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك لمواجهة التحديات التي تواجههاالمنطقة، ومتابعة كافة قضايا الأمة العربية والتطورات الجارية على الساحتينالعربية والإفريقية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والوضع في ليبيا والعراق وأزمةدارفور وسوريا ولبنان، والعمل على تحقيق الاستقرار السياسي في الدائرة العربيةوالإسلامية والإفريقية.
وتعطي الدولتان أهمية بالغة لمواجهة الجماعات الإرهابية في تلك المرحلة الفارقة من تاريخ المنطقة، علاوة على التنسيق المشتركفيما يتعلق بالتحرك سواء على المستوى العربي أو الإفريقي.
وتتفق وجهات نظر الدولتين تجاه القضايا الحاسمةخاصة في قضية إصلاح الأمم المتحدة وتوسيع عضوية مجلس الأمن، كما تتفق على القرارالصادر عن قمة هراري عام 1997 والخاص بتمثيل القارة الإفريقية بعضوية مجلس الأمنمع ضمان مشاركة كافة الثقافات والحضارات على المستوى الدولي.
وبفضل اشتراك مصر والجزائر في منظور سياسي واحد فقدتعاونت البلدان في حل الأزمة الليبية، فالمخاطر والتحديات والتهديدات التي تواجههامصر والجزائر من الأحداث الجارية في ليبيا تهدد الأمن القومي لكلا البلدين.
وسبقأن أكد وزيرا خارجية البلدين سامح شكري ورمطان لعمامرة، في يناير 2017، بتطابقوجهات النظر حول الملف الليبي التي تؤكد ضرورة حلحلة الأزمة الليبية عبر تنفيذالاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات بالمغرب أغسطس 2015.
وتقوم كلا البلدين باستقبال العديد من الأطراف منكافة الأطياف في ليبيا للعمل على تقريب وجهات النظر بينهم وتنظيم لقاءات واجتماعاتمع المسئولين وكبار الشخصيات المصرية والجزائرية، مثل اللجنة المصرية الوطنيةالمعنية بالأزمة في ليبيا، واجتماعات وزراء خارجية دول جوار ليبيا، والزياراتللمناطق الليبية.
وفي 23/1/2020 قام سامح شكري، وزير الخارجية، بزيارة للجزائرللمشاركة في مؤتمر "دول الجوار الليبي"، وأكد شكري حرص مصر على دعم أمنليبيا، وذلك من منطلق الحفاظ على استقرار هذا البلد الشقيق ودول جواره ومنها مصر.
وشهداللقاء تبادل الرؤى بشأن عدد من الملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، خاصةًالأزمة الليبية، حيث توافق الرئيسان على ضرورة تكثيف التنسيق في هذا الصدد، بالنظرإلى أن مصر والجزائر دولتي جوار مباشر عبر حدود ممتدة مع ليبيا، وهو ما يؤدي إلىانعكاسات مباشرة لاستمرار الأزمة الليبية على الأمن القومي للبلدين، مع تأكيدالحرص الكامل على إنهاء الأزمة الليبية عبر التوصل إلى حل سياسي، يمهد الطريقلعودة الأمن والاستقرار في البلد الشقيق، ويقوض التدخلات الخارجية به.
اللقاءات الهامة بين الجانبين
في 8/2/2020 التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الجزائريعبد المجيد تبون، في مقر إقامته بأديس أبابا على هامش قمة رؤساء الدول والحكوماتللاتحاد الإفريقي، وهنأ الرئيس السيسي الرئيس "تبون" على اجتياز الجزائرللمرحلة الانتقالية، وانتخابه رئيسًا للجمهورية، مؤكدًا على أواصر الأخوةوالعلاقات التاريخية التي تجمع البلدين، وتطلع مصر لتطوير العلاقات الثنائية معالجزائر والدفع قدمًا بأطر التعاون المشترك في شتى المجالات خاصة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية.
وفي 18/7/2019 قام عبد القادر بن صالح رئيس الجزائر بزيارة مصر،واستقبله الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ حيث بحث الجانبان سبل تعزيز التعاون الثنائيبين البلدين، لاسيما في مجالات الاقتصاد والتجارة وتبادل الاستثمار، بالإضافة إلىالصعيد الأمني وتبادل المعلومات، لا سيما في ظل وجود العديد من التحديات المشتركةالتي يواجهها الجانبان.
كما شهد اللقاء تبادل الرؤى بين الرئيسين بشأن تطورات عددمن القضايا الإقليمية والملفات المتعلقة بالاتحاد الإفريقي، كما تم التطرق إلى عددمن القضايا، خاصةً ليبيا؛ حيث تم الإعراب عن الارتياح حيال التنسيق القائم بينالبلدين حول الملف الليبي في إطار الآلية الثلاثية التي تجمع وزراء خارجية كل منمصر والجزائر وتونس، والتطلع إلى تكثيف التشاور وتبادل الرؤى فيما بين البلدين حولالأوضاع في ليبيا خلال الفترة المقبلة، وذلك من أجل تحقيق التهدئة وتسوية الأزمةسياسياً بما يحفظ استقرار ليبيا وأمنها وسلامة أراضيها، والعمل على وقف مختلفأشكال التدخل الخارجي في ليبيا.
وتقابل الرئيس السيسي مع الرئيس عبد العزيزبوتفليقة في 25/6/2014، حيث، ووجه السيسي، في زيارته الأولى منذ انتخابه رئيسًا لمصر، "التحيةوالتقدير" للجزائر شعبًا ودولة وقيادة، مشيرًا إلى أنه يريد من خلال الزيارة،تقديم التهنئة شخصيًا للرئيس بوتفليقة والشعب الجزائري على الاستحقاق الرئاسي،مؤكدًا أن زيارته تهدف إلى إطلاق تفاهم حقيقي ورؤية موحدة للمصالح المشتركة بينمصر والجزائر والمنطقة"، واصفًا الإرهاب بـ مشكلة تحتاج إلى تنسيق المواقفوالعمل لمجابهتها سويًا.
العلاقات الاقتصادية
كشف التقرير الذي أعده مكتب التمثيلالتجاري بسفارة مصر بالجزائر عن تحقيق مصر زيادة في صادراتها غير البتروليةللجزائر بنسبة 10% خلال النصف الأول من عام 2021 بالمقارنة بذات الفترة من العامالماضي، على الرغم من التأثير السلبي لـ جائحة كورونا على الاقتصاد الجزائري، والإستراتيجيةالتي تتبناها الجزائر حالياً للحد من الواردات في ضوء تراجع الاحتياطي النقدي لديها.
حيث زاد حجم التبادل التجاري بين مصروالجزائر بنسبة 15.4% ليصل إلى ما قيمته 392.7 مليون دولار، كما زاد معدل تغطيةالصادرات للواردات لتصل نسبته 420.8%.
وزادت الصادرات المصرية بنسبة 19.4%لتصل إلى 317.7 مليون دولار بعد أن كانت 265.7 مليون دولار.
وزادت الواردات المصرية من الجزائر بنسبة 1.1%لتصل قيمتها 75.4 مليون دولار بعد أن كانت 74.6 مليون دولار، لتعتلي مصر المرتبة 15 لأهم الدول المصدرة للجزائر، والمرتبة 24 لأهم الدول المستوردة منها.
وتمثلت الصادرات المصرية للجزائر في محضرات غذائية لمرضى الأورام بقيمة 49 مليون دولارأمريكي، زيت الصويا 39 مليون دولار، أسلاك النحاس 22 مليون دولار، ومثلت هذهالصادرات أكثر من 50% من إجمالي الصادرات المصرية للجزائر في تلك الفترة، كما ظهرتبعض المنتجات الجديدة المصدرة للجزائر من بينها أعلاف الحيوانات والورق المقوىوالديكسترين وغيره من أنواع النشا.
ويعد الغاز السائل بأنواعه من أهمالواردات الجزائرية لمصر؛ حيث بلغت تلك الواردات نحو 71.5 مليون دولار أي ما يمثل 95% من إجمالي الواردات ككل خلال تلك الفترة.
العلاقات العسكرية
في 1/12/2021 التقى الفريق أسامة عسكر، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، على هامش معرض مصر الدولي للصناعات الدفاعية والعسكرية "EDEX2021" المقام بمركز مصر للمعارض الدولية، مع الفريق السعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الجزائري، وناقش الجانبانسبل دعم المجالات العسكرية والأمنية معربين عن تطلعهم إلى أن تشهد المرحلة القادمةمزيداً من التعاون والتكامل في مختلف المجالات.
وقد حضر اللقاءات عدد من قادةالقوات المسلحة والوفود العسكرية المرافقة للسادة وزراء الدفاع ورؤساء الأركان.