ألغت المحكمة التأديبية بمجلس الدولة قرار رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات المطعون بمجازاة مجدي علي محمد، أحد قيادات الجهاز بعقوبة اللوم، مع ما يترتب على ذلك من آثار بعد ثبوت عدم ارتكابه ثمة مخالفات عن إفادة الجهاز جهة عمله، والمقدمة منه لنادي الزهور الرياضي
قالت المحكمة عبر أسباب حكمها إن الطاعن يشغل وظيفة مدير إدارة عامة من فئة مدير عام بمجموعة الوظائف التخصصية العليا بالإدارة المركزية للأمانة العامة بالجهاز المركزي للمحاسبات، وبمناسبة إعلان نادي الزهور عن قبول عضويات جديدة بفرعه المستحدث بالقاهرة الجديدة، فقد تقدم بطلب العضوية، وإذ طُلب منه تقديم ما يفيد حصوله على مؤهل عالٍ من جهة عمله، فقد تقدم بطلب إلى الأمانة العامة بجهة عمله لمنحه إفادة بهذا الشأن، فتحررت تلك الإفادة ببيان إسمه ووظيفته والمؤهل العالي الحاصل عليه من واقع السجلات الرسمية بالجهاز، موقعة وممهورة بخاتم أمينه العام، فسلمها إلى إدارة النادي، وإذ انعقد مجلس إدارة النادي ووافق على قبول عضوية الطاعن، بتاريخ 27/5/2014 مقابل مبلغا مقداره ثلاثون ألف جنيه سددها نقدا في حينه
إلا أنه تبين عند فحص العضويات أن الطاعن قد مُنح العضوية باعتباره من الفئات المستثناة وبوصفه من الأعضاء الفنيين بجهاز المحاسبات، وتحصل على خصم مقداره (50%) من قيمة الإعانة الإنشائية المقررة، في حين أنه من غير شاغلي الوظائف الفنية التي ينطبق عليها هذا الاستثناء، فسدَّد الطاعن مبلغا مقداره ثلاثون ألف جنيه قيمة هذا الخصم الممنوح له سلفا، وإذ أحيل الأمر للتحقيق فقد نُسب إليه تقدمه للحصول على عضوية النادي المذكور مقدما إلى إدارته خطابا صادرا عن الأمانة العامة للجهاز متضمنا بيانات تفيد اسمه ووظيفته ومؤهله العالي مما كان من شأنه إدخال اللَبس على مسئولي هذا النادي مترتبا عليه اعتباره من الفئات المستثناة المستحقة للخصم، ومن ثم صدر قرار بمجازاته بعقوبة التنبيه
وتلك الإفادة التي قدمها الطاعن إلى النادي لم يصطنعها، أو يطلب بغير طريق مشروع إثبات بيانات تخالف الواقع فيها، وإنما هي صادرة عن الجهة المختصة بمحل عمله من واقع السجلات الرسمية، كما أنه وإن كانت المستندات الرسمية تدحض ما عداها من أقوال أو ادعاءات، فإن أوراق الطعن قد جاءت خلوا من أي دليل أو ادعاء بإدخال الطاعن غشا أو تدليسا قولا أو فعلا على موظفي نادي الزهور بما يوحي إليهم بأنه من الفئات المستثناة، هذا فضلا عما تبين بالأوراق يقينا من أن الجهة الإدارية المطعون ضدها قد حددت نموذجين للإفادة المنوه عنها
وإذ تعلق النموذج الأول بالأعضاء الفنيين بالجهاز، فقد تحررت به عبارة تفيد استفادة تلك الطائفة بالاستثناء المقرر بقرار رئيس المجلس القومي للرياضة رقم 509 لسنة2012، في حين جاء النموذج المتعلق بغير الأعضاء الفنيين ومنهم الطاعن خلواً من تلك الإشارة، وإذ تبين من الإفادة المحررة في شأن الطاعن، والمودعة أوراق الدعوى، أنها لم تتضمن تلك الإشارة باستفادته بالاستثناء، مما يفيد بجلاء أن الطاعن لم يقدمها إلى النادي مشوبة بخطأ في البيانات تعين عليه تداركه بإحاطة جهة عمله به علما، ومن ثم فإن مسلك الطاعن في هذا الشأن لم يكن في ذاته ماسَّا بكرامة وظيفته أو واجباته نحوها، ولم يكن والحال كذلك متضمنا غشا أدخله على موظفي النادي المذكور
ولا يغير في ذلك بأن هذه الإفادة قد أدخلت عليهم لبسا، ذلك أنه إن كانت تلك الإفادة قد أحدثت لبسًا فإن مرده إلى صياغتها الـمُعدَّة في الأساس من الجهاز، وإلى فَهم موظفي النادي المذكور لفحواها، وهي أمور تخرج عن إرادة الطاعن وتبرأ من تدخله، كما لا يُحاج فيما تقدم القول بأنه كان على علم بأن قيمة العضوية بالنادي المذكور تُقدَّر بمبلغ مقداره ستون ألف جنيه حال عدم إعمال مقتضى الاستثناء
وقد أثير بالتحقيقات أن حداثة عهد فرع نادي الزهور بالتجمع الخامس قد تكون الدافع لتخفيض مبلغ الاشتراك تشجيعًا على طلب العضوية بغض النظر عن الوضع الوظيفي لطالب الاشتراك بالجهاز المطعون ضده، وهو قول قد يصح واقعًا أو يكون محض تبرير، إلا أنه يقيم قرينة من تشكك في مدى تعمد الطاعن الحصول على العضوية بهذا المبلغ المالي رغم علمه أنه مقرر إستثناء لطائفة لا يصدق عليه وصفها، إذ لم يُقدم الجهاز المطعون ضده ما يدحضه، وهو ما يتعين أن يُفسَّر لمصلحة الطاعن إعلاء لقاعدة أصولية مؤداها أن الأصل في الإنسان البراءة فلا يَثبت ما ينفيها إلا بدليل قاطع لا ظن فيه أو تأويل
ومن ثم فإن ما نُسب للطاعن يكون قد قام على غير أساس صحيح من الواقع، مما يضحى معه القرار المطعون فيه والحال كذلك إذ أخذ الطاعن بجزاء اللوم عما نُسب إليه قائما على غير أساس أو سبب سليم من القانون، ولهذه الأسباب قضت المحكمة بقبول الطعن شكلًا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 346 لسنة 2021 فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بعقوبة اللوم، مع ما يترتب على ذلك من آثار.