أدان الأزهر الشريف بأشد العبارات، الهجوم الإرهابي الذي شنه تنظيم داعش الإرهابي، فجر اليوم الجمعة، على أحد المواقع العسكرية في محافظة ديالى بالعراق، وراح ضحيته 11 شخصا.
الهجوم الإرهابي
وجدد الأزهر رفضه لكل الجرائم وأعمال العنف التي ترتكبها هذه التنظيمات التي يبرأ منها دين الإسلام ورسول السلام - صلى الله عليه وسلم - ، مشددا على ضرورة التضامن الدولي من أجل اقتلاع هذا الإرهاب من جذوره، والقضاء عليه.
وتقدم فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، بخالص العزاء وصادق المواساة إلى العراق؛ قيادة وشعبا، وإلى أسر الضحايا، داعيا المولى عز وجل أن يتغمد الضحايا بواسع رحمته ومغفرته، وأن يرزق أهلهم وذويهم الصبر والسلوان.
بناء الأسرة الصالحة
قال الدكتور محمود الهواري، الباحث الشرعي بهيئة كبار العلماء بالأزهر، إن الزواج عبادة حقيقية ووسيلة لإعفاف النفس والبعد عن الحرام وبناء الأسرة الصالحة التي تُسْهم في بناء مجتمع صالح.
وأكد «الهواري» خلال إلقائه خطبة الجمعة من رحاب الجامع الأزهر، أن الإسلام عني بالأسرة عناية خاصة، ووضع لها من الأحكام ما يضمن بقاءها ويحفظ كيانها ويصون استمرارها، ووضع من الحواجز والحدود ما يمنع انهيارها وتدميرها.
وأضاف العالم الأزهري، أن المجتمعات عامة تبنى من تكوينات صغيرة، أساسها الأسرة، فهي اللبنة الأولى للمجتمع، وإذا تعرضت هذه اللبنة لاختلال أو ضياع تأثر بذلك المجتمع كله، ولذا كانت الأسر في مجتمعاتنا الآمنة المطمئنة موضع استهداف، بتغييب الآباء والأمهات عن واجباتهم بدعاوى متعددة.
ولفت إلى عناية العلماء بقضية بناء الأسرة حتى امتلأت بها كتب الفقه والأحكام، وكتب التربية والأخلاق، بل حتى أفرد لها العلماء مؤلفات خاصة، ولكن الواقع يشير إلى وجود مشكلات أسرية، وواجبات منسية، ومسئوليات مهملة، مبينا أن الحل لهذا الواقع المر أن نستوعب نظرة الإسلام لهذا التكوين المجتمعي، وأن نفهم التصور الصحيح للزواج وللأسرة حتى نضع حلا لبعض مشكلات البيوت، ولنقضي على هذه التعاسة التي سكنت مع بعض الناس بيوتهم وأوت معهم إلى مضاجعهم.
ونوه خطيب الجامع الأزهر، بأن أول ما ينبغي فهمه أن بناء الأسر عبادة وليس عادة، وأن الزواج ليس لإرضاء الغريزة فحسب، وأنه ليس وجاهة اجتماعية فحسب، وأنه ليس مطلوبا جسديا فحسب، مشيرا إلى أن أول أسباب المشكلات أن البيوت لا تؤسس على نية العبادة، فالرجل والمرأة يجمعهما بيت لمعان مجتمعية أو لحاجة غريزية، والأصل أن البيوت تبنى بأوامر ربانية.
وتابع: إن الزوجية سُنة من سنن الله في الخلق والتكوين، وهي سنة عامة مطَّردة لا يشذُّ عنها عالَم الإنسان، أو عالم الحيوان، أو عالم النبات، وإن بناء الأسرة المسلمة آية من آيات الله، فالزواج عند المؤمنين عبادةٌ حقيقيةٌ يتقرَّبون بها إلى الله؛ فهو وسيلةٌ لإعفاف النفس، والبعد عن الحرام، وطريقةٌ لبناء الأسرة الصالحة التي تُسْهم في بناء مجتمع صالح، وبعض الناس لا يفهمون طبيعة الحياة بين الرجل والمرأة، ولا طبيعة العلاقة بين الأزواج، ويحصرون غايات الزواج فيما يكون بين الزوجين من إشباع الغريزة، وهذا ظلم لهذه العلاقة التي سماها الله عز وجل ميثاقا غليظا.
وبينّ أن نظرة الإسلام إلى الغريزة الجنسية كنظرته إلى رغبة المعدة في الطعام، إنها رغبة لا تنكر، ولكن إشباعها يحتاج إلى شيء من البصر، فيجب أن يكون المطعوم حلالا لا حراما، وطيبا لا خبيثا، وإذا كان من حق الإنسان أن يسعي في طلب الطعام الذي يرضي معدته، فمن حق الله عليه مثلا ألا يأكل المحرم من ميتة ودم ولحم خنزير إلى آخر المحرمات، ومن حق الله أيضا ألا يرضي الإنسان معدته بالغش والزور، وكذلك الناحية الجنسية.
وشدد خطيب الجمعة بالجامع الأزهر، على أن الأسرة مسئوليات كثيرة وواجبات متنوعة، تندرج كلها تحت اسم الرعاية التي تتضمن بذل كل خير، ودفع كل شر عن هذا الكيان، وهذه المسئوليات الأسرية والواجبات الزوجية لا يصح التنازل عنها بسهولة، فالزواج شركة لا يقبل من أحد العاملين فيها أن يتقدم باستقالته، وإلا انهار البنيان، مشيرا إلى أن الواقع يشهد أن أحد أطراف الزواج قد يتقدم باستقالته لا على ورق أو طلب مدموغ، لكن يستقيل من إدارة الحياة عمليا، ومن هؤلاء هذا الزوج أو الوالد الذي اتخذ بيته فندقا للراحة، دون انشغال بما فيه البيت، وأو ما عليه الأولاد، أو هذا الزوج الحاضر بجسده وماله الغائب بقلبه وتوجيهه ورعايته.