الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نجيب الريحاني.. الضاحك الباكي وأسرار حياته وأهم مقولاته وصور منزله وجنازته

نجيب الريحاني
نجيب الريحاني

تحل اليوم ذكرى ميلاد الراحل نجيب الريحاني الذي تمكن من ترك مكانة كبيرة في قلوب الجماهير ، من خلال اعماله التي كانت تميل الي طبقة الفقراء الذى كان واحدا منهم في يوما من الأيام.

 

نجيب الريحاني ونبذة عن بدايته:

 

ولد نجيب الريحاني في القاهرة، مصر، في يناير من عام 1889، أمه مصرية و والده عراقي وكان الأوسط بين أخوته الثلاث. حياتهم كانت ميسورة للغاية، لذا تلقوا تعليمهم في أرقى مدارس القاهرة.

 

التحق نجيب بمدرسة الفيير الفرنسية وكان منكباً على الدراسة قاضياً الكثير من الساعات في مطالعة الأدب الفرنسي والعربي وكان طليقاً بهما إلقاء وكتابة، وتأثر بأدب الفرنسي الساخر موليير وترجم له معظم أعماله.

 

لاحظ موهبته الشيخ بحر أستاذ اللغة العربية فعمد إلى اختياره رئيسا لفريق التمثيل، حيث كان يعود إلى غرفته يتدرب على أدواره بأصوات عالية ولساعات طويلة، ولطالما تعرض للتأنيب من قبل أمه بسبب ذلك.

 

توفى والد نجيب بعد حصوله على الشهادة الثانوية في السادسة عشر، فلم يكمل دراسته واضطر للعمل لمساعدة أسرته في البنك الزراعي في القاهرة، لأن والده ترك ثروته بالكامل لابنة أخته اليتيمة.

نجيب الريحاني والتمثيل:

 

أحب  نجيب الريحاني التمثيل جداً لكن بدأت حياته المهنية بعيدا عن الفن، وتحديدا في البنك الزراعي حيث تعرف على عزيز عيد وهو خريج مسرح، عمل في البنك أيضا، ولم يمض وقت طويل حتى بدأت صداقة بينهما وانضم نجيب إلى فرقة عبد العزيز، وبسبب تغيبهما المستمر عن البنك بسبب التمثيل تم فصلهما ليعتبرها نجيب إشارة إلى أن قدره هو اتباع شغفه.

 

لم يطل الأمر كثيرا في فرقة عزيز وذلك لأن الأضواء سلطت على نجيب فلم يحب عزيز الأمر وقام بطرده من الفرقة، لينضم لاحقا إلى الفرقة التي كانت مشهورة نسبيا، فرقة عطاالله، التي أيضا لم يستقر فيها مطولا، وبدأ فعلا يتساءل إن كان سعيه في مجال المسرح والسينما دون فائدة.

انتقل إلى الصعيد ليعمل في مصنع سكر، وتقاضى مبلغا جيدا لقاء عمله، لكنه سرعان ما تخلى عن ذلك كله وعاد إلى القاهرة، للجلوس في مقهى برنتانيا الذي غالبا ما يجلس به الفنانون العاطلون عن العمل، وتدهورت أحواله أكثر وأكثر خاصة بعد أن طردته أمه من المنزل.

 

كان صاحب المقهى يوناني الأصل محبا للفنانين، لذا حاول مساعدته فعرفه على مجموعة من الفنانين بدون أي عمل وبدأوا بفرقه أخذت تعرض في كراج حول إلى مسرح بفرق وحيد، عليك إحضار كرسيك معك إذا أردت الحضور

تحسنت أحوال الفرقة ماديا وبدأوا عروضهم في مكان آخر وهو مسرح بريتانيا في القاهرة، وانضم إلى الفرقة التي احتوت نجيب، أمين عطا الله، أمين صدقي، روز اليوسف حينها، سيد درويش، وبديع خيري الذي صادق نجيب حتى مماته.

تخلى نجيب الريحاني عن الفرقة وعاد عاطلا عن العمل من جديد، لكن هذه المرة بخبرة مسرحية كبيرة عرف من خلالها مكامن قدراته التمثيلية، إلى أن قدم له استفان روستي فرصة جديدة للعمل وذلك على مسرح آبي دي روزو، حيث ابتكر شخصية "كشكش بيه" التي ارتبطت باسمه بعدها.

 

قام بعد ذلك بالشراكة مع الخواجة ديمو كونجاس بشراء مقهى حولت إلى مسرح أسموه "مسرح الإجيبيسيانية"، والذي حمل اسمه لاحقا، التي قدمت عليه عروض استثنائية كانت نقطة تحول في تاريخ الفن الاستعراضي المصري والعربي، ولاسيما بكونهم أول من استعان بفرقة راقصات استعراضية أجنبية. وقام الريحاني مع فرقته بجولات عديدة في الجزائر وتونس.

 

وبعد غياب 18 شهرا عن المسرح قرر العودة إليه ولاقت عروضه ومسرحياته التي كان يؤلفها صديقه بديع خيري نجاحا كبيرا، لقربها من الناس ومشاكلهم وحياتهم، مثل "الشايب لما يتدلع"، حتى آخر مسرحياته "حسن ومرقص وكوهين"،

 

عدد أفلام نجيب الريحاني:

 

شارك نجيب الريحاني في تسع أفلام وفي مذكراته نشرتها مجلة الهلال عام 1958 قال فيها: أن أولى محاولاته كانت نقل مسرحياته الناجحة إلى الشاشة فحين عاد من جولة عربية مسرحية فوجئ بالمخرج والكاتب السينمائى استيفان روستى ومعه المصور كبارينى ، وعرضا عليه أن يحول إحدى مسرحياته إلى فيلم من أجل خوض مجال السينما واتفق الثلاثة على شخصية كشكش بيه ، وتم التعاون بين الريحانى وروستى بكتابة وإخراج فيلمه الأول (صاحب السعادة كشكش بيه ) عام 1931 ونجح الفيلم بدليل اتجاه الريحانى إلى تكرار التجربة مرة أخرى بفيلم (حوادث كشكش بيه) الذى استعان في كتابته بصديقه المسرحى بديع خيرى من إخراج المخرج الإيطالى كارلوبيا عام 1934.

 

وكان الفيلم الثالث (ياقوت) عام 1934 الذى شارك فى إخراجه ويلى روزيه وأحمد بدرخان ، وفى عام1936 قدم فيلم (بسلامته عاوز يتجوز ) مع المخرج الكسندر فاركاش ،ثم فيلم (سلامة فى خير) عام 1937 ، و(سى عمر) 1941 والفيلمين من اخراج نيازى مصطفى ، أما أهم مرحلة سينمائية فى حياة الريحانى فكانت عام 1946 حيث قدم فيلمين من أشهر أفلامه الأول فيلم (لعبة الست) مع المخرج ولى الدين سامح وتشاركه البطولة تحية كاريوكا ، ومع نفس المخرج قدم فيلمه (أحمر شفايف) مع الراقصة سامية جمال.

وفى عام 1947 قدم فيلم (أبو حلموس) مع المخرج إبراهيم حلمى وبطولة زوزو شكيب ، وقد تميزت أفلام نجيب الريحانى حتى هذه المرحلة بالاعتماد على مجموعة ثابتة من الممثلين مثل مارى منيب ، عباس فارس ، عبد الفتاح القصرى ، حسن فايق ، محمد كمال المصرى الشهير بـ شرفنطح.

وفى عام 1949 وهو عام وفاته يقرر انور وجدى استغلال نجومية الريحانى الكوميدية والموهبة الغنائية لليلى مراد مع الموسيقار محمد عبد الوهاب ويوسف وهبى ليقدم فيلم (غزل البنات) الذى يعتبره النقاد من كلاسيكيات السينما المصرية من خلال شخصية الأستاذ حمام المدرس الفقير وشاركه البطولة سليمان نجيب ومحمود المليجى وعبد الوارث عسر .. إلا أن الريحانى لم يكمل مشاهده ورحل أثناء التصوير فى 8 يونيو 1949.

مسلسل نجيب الريحاني:

 

بعد سنوات من الغياب تعود مسلسلات السيرة الذاتية مرة أخرى مع مسلسل «الضاحك الباكى» تأليف محمد الغيطى، إخراج القدير محمد فاضل، وهو العمل الذى يرصد قصة حياة الفنان نجيب الريحانى كانت مسلسلات السيرة الذاتية قد قدمت العديد من المسلسلات التى حققت نجاحات منها مسلسلات»أم كلثوم» و»أسمهان» و»كليوباترا» و»كاريوكا»وغيرهم من الشخصيات، وفى السطور التالية نرصد تفاصيل المسلسل.

 

 أكد المخرج محمد فاضل أن الناس تعتقد أن المسلسل يرصد السيرة الذاتية للفنان نجيب الريحانى فقط لكن هذا الكلام غير دقيق فالمسلسل يرصد فترة مهمة مرت على تاريخ مصر وتحديداً منذ عام 1900 وحتى عام 1949 مروراً بأهم الأحداث التى شهدتها تلك الفترة سياسية واقتصادية واجتماعية وأيضاً الفنية التى مرت على البلاد مروراً بثورة 1919 ومشاركة أهل الفن فيها وغيرها من التحولات التى طرأت على مصر وقصة الحب بين ليلى مراد ونجيب الريحانى وأضاف أن الجمهور يعلم قصة الفنان نجيب الريحانى من خلال الأفلام فقط بدون أن يعلمون شيئًا عن حياته الحقيقية، كما قدم الريحانى مئات المسرحيات التى لا يوجد أى تسجيل لها والتى سيرصدها العمل كما نتناول الرحلة من مرحلة الشباب إلى مرحلة النضج، ونجاحاته ومعاناته.

 

وأوضح المخرج محمد فاضل أن أسرة الريحانى لا يوجد أحد منها الآن، وأن الريحانى قد دون قصة حياته فى مذكراته قبل الوفاة بالإضافة إلى مذكرات أخرى كتبها الكاتب المسرحى بديع خيرى بالإضافة إلى مذكرات محمد الغيطى مؤلف المسلسل وكاتب رواية عن نجيب الريحانى ومسئولية صحة أحداث السيناريو بالطبع تقع على المؤلف، ونواصل حاليًا التحضيرات الأولية للعمل وسيتم ترشيح النجوم بعد إتمام التعاقد مع الجهة المنتجة وانتهاء التحضيرات.

منزل نجيب الريحاني:

 

كان نجيب الريحاني يسكن بيتاً فخماً مثل أثرياء تلك المرحلة إلا أنه لم يسكن بيته الحقيقي. بناه الريحاني وحدد موعداً للانتهاء منه لكن موعده مع الموت كان أسبق فرحل قبل أن يبيت ليلة واحدة فيه وقبل أن يتم المشاهد في آخر أفلامه «غزل البنات».

 

لم تتوقف قصة هذا المنزل بوفاة صاحبه وانتقاله إلى ملكية ابن أخيه وديع الريحاني، بل أغلق منذ وفاة الريحاني سنة 1949 حتى 1971 . اختلف شكل بيت الريحاني كثيراً عن أول صورة فوتوغرافية التقطت له في 1949، بعدما انتهى المهندس الإيطالي شارل عيروط من تصميمه وبنائه على الطراز الإيطالي ويتألف من ثلاث طبقات فيها قاعة مسرح وقاعة سينما، تحيط به حديقة كبيرة حولها أرض فضاء تحولت إلى كتل أسمنتية بناها سكان الحي بعدما اشتروها من بديع الريحاني بالتقسيط، لكنهم توقفوا عن دفع الأقساط بعد القسط الثاني وأنكروا وجود ديون عليهم لوارث نجيب الريحاني، بل وصل بهم الأمر حدّ أنهم اعتدوا عليه بالضرب، ما دفعه إلى إغلاق المنزل أكثر من عشرين عاماً حتى استأجرته وزارة الثقافة في 1970 وحولته إلى قصر ثقافة الريحاني.

شارع نجيب الريحاني:

 

لم يتبقَّ من معالمه التاريخية سوى مسرح قديم مغلق، وأربع لوكاندات، وعدد من البنايات القديمة والحواري والأزقة، بعد أن كان في ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي، بمثابة تجمع كبير للمقاهي والكازينوهات واللوكاندات والفنانين.

إنّه شارع «نجيب الريحاني»، بموقعه الحيوي المتقاطع مع شوارع «رمسيس» و«زكريا أحمد» و«عماد الدين» و«الجمهورية» و«كلوت بك» في وسط القاهرة الخديوية، ويحمل اسم الفنان رائد فن الكوميديا في مصر خلال القرن الماضي الذي جسد بعبقرية عدداً من الشخصيات الفكاهية مثل: «كشكش بك» و«سي عمر» و«أبو حلموس» و«الأستاذ حمام».

أشهر أقوال نجيب الريحاني:

 

من أشهر أقوال نجيب الريحاني، "كلنا مجرمين وكلنا ضحايا"،" البلد دى اللى يشوفها من فوق، غير اللى يشوفها من تحت"، «عشان بختى أنا.. بتاع الكلب يلبس باشا، والباشا يلبس لى جناينى»، قالها نجيب الريحانى فى سخرية فلسفية فى فيلم «غزل البنات» عام 1949، وظلت فكرة التناقض الطبقى أحد الاتجاهات الرئيسية فى السينما المصرية إلى يومنا هذا.

 

مسرح نجيب الريحاني:

 

حتى الان يتواجد هذا المسرح باسمه ويعرض به العديد من المسرحيات ، واعتزل نجيب الريحاني  المسرح وفي جعبته أكثر من 50 عملا مسرحيا منها 33 مع صديقه بديع خيري، إضافة ل 6 أوبريهات أشهرها "الشاطر حسن". ثم عاد إلى السينما مقدما أعمالا هامة برغم أن إنتاجه السينمائي لم يتجاوز 10 أفلام تضمنت صاحب السعادة كشكش بيه وسلامة في خير وسي عمر وغيرها.

نجيب الريحاني ووفاته:

 

وكتب القدر نهاية هذا الفنان الكبير في 8 يونيو 1949، حيث توفي الريحاني متأثر بإصابته بمرض التيفويد، عن عمر ناهز 60 عاما، وقبل أن يكمل تصوير دوره في فيلم "غزل البنات".

 

جنازة نجيب الريحاني

 

فى تمام الساعة الرابعة والنصف من يوم الخميس الموافق 9 يونيو 1949، أقيم قداس الصلاة على نجيب الريحاني، بكنيسة السريان الكاثوليك بشارع الظاهر بالعباسية، ثم انتقل الجثمان إلى محطة كوبري الليمون «ميدان رمسيس حاليًا»، حيث أقيم سرادق العزاء، وسارت الجنازة حتى ميدان الأوبرا، ثم نقل الجثمان بالسيارات إلى مقابر السريان الكاثوليك القريبة من محطة مترو أنفاق الملك الصالح حاليًا.

 

تُعد جنازة نجيب الريحاني، ثاني أضخم جنازة في تاريخ مصر بعد جنازة سعد زغلول في هذا الوقت، والتي سار فيها جماهير غفيرة، فقد خرج سكان القاهرة بالكامل يودعون نجيب الريحاني، وفي مقدمة الجنازة كان مندوب الملك فاروق، وفنانون، وطلبة جامعة، وسياسيون، ووزراء، ونواب، وشيوخ.

 

وكان حول الجنازة وفوق الأرصفة وفي شرفات المنازل رجال ونساء وشباب وشيوخ وأطفال يبكون ويصرخون، ويترحمون على نجيب الريحاني.

 

وبحسب الفيلم الوحيد في التاريخ لجنازة نجيب الريحانى «19 مللي» ومدته 18 دقيقة، والذي  تم تصويرة بأمر الملك فاروق، ثم اختفى من قصر عابدين، بعد ثورة 23 يوليو، ليظهر في تركيا، ثم يشتريه هاوي مصري لا يزال محتفظا به حتى الآن وبحسب الفيلم فإنه، يبدأ بعرض جنازة نجيب الريحاني، بداية من إقامة مراسم الصلاة فى كنيسة «الروم الكاثوليك» التي كان ينتمى إليها.

وضع صندوق جثمانه على منضدة مرتفعة ووقف بالقرب منه قساوسه كان يتلوا الصلاة في حضور أقاربه والعديد من أصدقائه وزوجته السابقة بديعة مصابني، التي كانت تبكي بحرقة، وشقيقه يوسف بديع توفيق الريحاني، وأنور وجدي ويوسف وهبي، وأمام الكنيسة وقفت العربة الملكية المذهبة لتحمل جثمان «الريحاني» إلى مثواه الأخير، التي أرسلها الملك فاروق، تكريما له كما أرسل مندوبا رسميا لينوب عنه في الجنازة.

والغريب في الأمر أن وجدوا تحت وسادته بالمستشفى الذي فارق الحياة فيها مصحفا وبه آثار قراءة فيه وصفحات مطوية بداخله مما أثار دهشة أقاربه وأصدقائة حيث كان «الريحاني» صديق وحبيب الكل، مسلم ومسيحي ويهودي ودرزي كما قال عنه رفيق عمره بديع خيري.