اشتد الصراع بين الجارتين روسيا وأوكرانيا وسط تخوفات عالمية من وقوع حرب شاملة بينهما في ظل حالة التصعيد الأخير التي تعتبر الأشد منذ سنوات.
كما أن تدخل كل من حلف شمال الأطلسي "الناتو" والولايات المتحدة بجانب أوكرانيا، يزيد من حدة الصراع مع ورسيا التي ترى أن التدخل الأوروبي على حدودها مع أوكرانيا يهدد الأمنها القومي.
ومنذ عام 2014 قامت روسيا بالعديد من العمليات العسكرية في الأراضي الأوكرانية، بعد احتجاجات أدت إلى عزل الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش وأتت برئيس أخر موالا إلى الغرب والاتحاد الأوروبي، حيث قام الجنود الروس بالسيطرة على شبه جزيرة القرم وضمها إلى الأراضي الروسية، بعد استفتاء قامت به روسيا في شبه جزيرة القرم، حيث صوتَ سكّان القرم لصالح الانضمام لروسيا الاتحادية، بحسب النتائج الرسمية.
هزيمة القوات الأوكرانية
وفي السنوات الأخيرة تصاعدت مظاهرات مؤيدة لروسيا من قبل جماعات انفصالية في إقليم دونباس التابع لأوكرانيا مطالبين بالانضمام إلى الدولة الروسية، الأمر الذي اعتبرته أوكرانيا ممنوعا وقامت بفض هذه المظاهرات التي تحولت فيما بعد إلى صراع مسلح بين القوات الأوكرانية والفصائل الانفصالية المدعومة من روسيا في إقليم دونباس.
وفيما يلي يعرض "صدى البلد" أهم وأبرز المعلومات عنالتدخل العسكري الروسي في أوكرانيا خلال السطور التالية..
مجال التأثير السوفيتي
على الرغم من كون أوكرانيا دولة مستقلة منذ 1991، ألا أن روسيا تعتبرها جزء من مجال تأثيرها، حيث تنتهج الدولة الروسية نسخة حديثة من سياسة بريجنيف، التي تنص على أن تكون لأوكرانيا "سيادة محدودة"، كما حصل مع وارسو عندما كانت ضمن مجال التأثير السوفيتي.
احتلال شبه جزيرة القرم
وبعد أيام من فرار الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش من العاصمة كييف في أواخر فبراير 2014، بدأ رجال مسلحون معارضون للغرب والاتحاد الأوروبي في السيطرة على شبه جزيرة القرم.
ومع احتلال الجنود المجهولين المواليين لروسيا شبه جزيرة القرم، أقاموا في عاصمة جمهورية القرم ذاتية الحكم "سيمفروبول" ومدينة "سيفاستوبول" التي تُدار بشكل مستقل، وهي موطن لقاعدة بحرية روسية بموجب ميثاق خاركيف عام 2010، نقاط التفتيش لإحكام السيطرة عليها وهم يرتدون زيًّا عسكريًا أخضر مع معدات من اللون الأخضر، حيث أطلق السكان المحليون ووسائل الإعلام على هؤلاء الجنود "الرجال الخضر الصغار".
احتلال برلمان القرم
وبعد احتلال مبني برلمان القرم من قبل القوات المجهولة، والتي يُعتقد أنها قوات روسية خاصة، أعلنت قيادة شبه جزيرة القرم أنها ستجري استفتاء على الانفصال عن أوكرانيا.
وكانت نتيجة الاستفتاء ضم الاتحاد الروسي لشبه جزيرة القرم في منتصف مارس، حيث رفضت أوكرانيا ومعظم المجتمع الدولي الاعتراف بنتيجة الاستفتاء.
وفي 15 أبريل من عام 2014، أعلن البرلمان الأوكراني أن شبه جزيرة القرم هي أرض محتلة مؤقتًا من قبل روسيا.
تجدد الصراع في 2016
وفي 8 أغسطس 2016، ذكرت أوكرانيا أن روسيا زادت من وجودها العسكري على طول خط حدود القرم، ثم أغلقت المعابر الحدودية بين الدولتين في 10 أغسطس من نفس العام.
وفي 7 أغسطس من نفس العالم أيضا، أعلنت روسيا مقتل جنديين وجرح 10 آخرين في اشتباكات مع قوات الكوماندوز الأوكرانية في أرميانسك (القرم)، والقبض على عملاء أوكرانيين.
حيث ذكرت وسائل الإعلام الروسية أن أحد الجنود القتلى كان قائدًا في وحدة "جي آر يو" الروسية، ودُفن لاحقًا في سيمفيروبول.
ومن جانبها نفت أوكرانيا وقوع هذا الحادث، وأدعى مسؤول أوكراني أن عددًا من الجنود الروس هجروا أوكرانيا ولكنهم لم يدخلوا إليها، وأن المناوشات اندلعت بين ضباط الاستخبارات الروسية وحرس الحدود.
واتهم الرئيس الروسي بوتين أوكرانيا بالتوجه إلى "ممارسة الإرهاب"، ووصف الرئيس الأوكراني بوروشنكو الاتهامات الروسية بأنها "مثيرة للسخرية والجنون".
كما نفت الولايات المتحدة المزاعم الروسية بشأن مقتل ضباطها، حيث ذكر سفير الولايات المتحدة لدى أوكرانيا "جيفري آر" أن الحكومة الأمريكية لم تر حتى الآن أي شيء يؤيد المزاعم الروسية بشأن غزو شبه جزيرة القرم.
تخوف أوكراني وروسي
وفي هذا الصدد قال الخبير في العلاقات الدولة، طارق البرديسي، إن هناك تخوفا أوكرانيا من الحشود الروسية على حدودها، كما أن روسيا أيضا متخوفة من تواجد قوات حلف شمال الأطلسي "الناتو" مع القوات الأمريكية بالقرب منها لأنه يعتبر تهديدا مباشرا لها ولأمنها القومي.
وأضاف البرديسي في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن روسيا تري، من وجهه نظرها، بأنها لا تهدد مصالح الغرب، وأيضا على حلف الناتو أن لا يهدد الأمن القومي الروسي.
وتابع: "المشكلة بين الجانبين متفاقمة، وروسيا دولة نووية ولديها قدرة عسكرية كبيرة وصواريخ بالستية لا يستهان بها، ومن الممكن أن يتراجع حلف الناتو مع الولايات المتحدة وسيكون هناك نوع من التسوية بين الجانبين.
توقعات بعقد تسوية
ولفت إلي أن التسوية من الممكن أن تكون بانسحاب قوات حلف الناتو والقوات الأمريكية من الحدود مع روسيا، وموسكو لن تقوم بالهجوم على أوكرانيا لأن هذا الهجوم سيكبدها خسائر اقتصادية كبيرة في ظل تراجع الاقتصاد الروسي.
وأشار إلي أن روسيا لن تبلع الطعم وتقوم بالهجوم على أوكرانيا حتى لا تهدم اقتصادها في ظل العقوبات والحصار القائم من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا.
وأضاف الخبير في العلاقات الدولية، أن الغرب سيتفهم المخاوف الروسية من تواجد القوات العسكرية بالقرب من حدودها، لذلك سيقلل تواجده أو سينسحب تماما من أوكرانيا، وهذا هو السيناريو الأقرب للحدوث بين الجانبين.