“أنا شابة في مقتبل العمر ورثت عن أمي مالًا ولو أخرجت زكاة المال ستقل الفلوس وقد لا أستطيع تزويج نفسي؛ فماذا أفعل؟”.. سؤال ورد إلى الدكتور مجدي عاشور، مستشار مفتي الجمهورية وأمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية.
وأجاب الدكتور مجدي عاشور عن السؤال بأنه إذا كان المال المدخر المرصود لنفقات زواجك غير زائد على حاجاتك الأصلية في تجهيز الزواج ، فيمكن في هذه الحالة تقديم نفقات الزواج على إخراج الزكاة منه ؛ لأن الزواج سيُعِفُّك ويُعِفُّ رَجُلًا آخر معك .
وتابع مستشار المفتي “أما لو كان هذا المال فوق الحاجة ويكفي لمتطلبات الزواج ويزيد ، فينبغي إخراج زكاة المال عما زاد عن الحاجة إذا بلغ النصاب ومر عليه عام هجري”.
وأوضح أمين الفتوى أن بعض فقهاء الحنفيَّة كالعلامة محمد بن عبد اللطيف المشهور بابن المَلَك (المتوفى في عام 854 هجرية تقريبًا) توسعوا في مثل الحالة المسئول عنها ، فضموا مع الحاجات الأصلية القائمة - التي لا تخرج الزكاة عليها - الحاجات المستقبلية أيضًا ، كمن أمسك مالًا أو ادخره للنفقة أو شراء مسكن أو للزواج .
هل يجوز للزوجة احتساب نفقات البيت من زكاة مالها
أحصل على راتب شهري من عملي، وأنفقه كله على بيتي وأولادي؛ نظرًا لحاجة البيت، وعدم قدرة زوجي على تلبيةنفقات البيت، ولي مالٌ ورثته من أبي وأخرج عنه الزكاة، وسؤالي: هل يجوز لي أن أحتسب هذه النفقات من زكاة مالي؟.. سؤال ورد إلى البرنامج الإذاعي "بريد الإسلام".
إنفاق الزوجة في البيت
وقال الدكتور محمد قاسم المنسي أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، إذا عجز الزوج عن تدبير نفقات الأسرة، وقامت الزوجة بإنفاق مرتبها في تدبير هذه النفقات، فهي مثابة ومأجورة على ما تقوم به، ولكن لا يجوز لها أن تحسب هذه النفقات من الزكاة الواجبة عليها؛ لأن الزكاة حق للفقراء والمساكين، ولأنها إذا حسبت نفقتها على أسرتها من الزكاة، تكون كمن يدفع الزكاة إلى نفسه من ماله.
واستطرد: يجوز لها أن تعطي زكاة مالها لزوجها الفقير والمريض على أن تسلمه المال في يده ليتولى هو بعد ذلك بالتشاور معها لبيان كيفية التصرف بما يحقق مصلحة الأسرة.
ولفت إلى أن من محاسن الشريعة الإسلامية ومكارمها أنها وضعت نظامًا للإنفاق على الأسرة بموجبه يتولى الزوج الإنفاق على زوجته وأولاده مما أعطاه الله من مال بعيدًا عن التقصير أو التبذير، فإذا مرض الزوج وعجز عن الإنفاق أو عجز عن تلبية كافة احتياجات الأسرة، وكانت الزوجة تعمل وتكسب من عملها دخلا شهريًّا، فإن حسن العشرة بين الزوجين يفرض عليها أن تسهم بمرتبها كله أو بجزء منه في تدبير نفقات الأسرة؛ رعاية لمصلحة الأسرة من ناحية، وتطبيقًا لمبدأ التعاون على البر والتقوى من ناحية أخرى.
وأضاف المنسي، أنه مع أن الإنفاق في هذه الحالة ليس واجبًا على الزوجة، لكن حاجة الأسرة عند عجز الزوج تفرض عليها مسلكًا قد يصل إلى حد الوجوب الذي تمليه أخلاقيات المروءة والشهامة، فكما يجب على الزوج شرعًا أن ينفق على زوجته، فإنه عند عجزه أو مرضه أو تعرضه لأيّة أمور تؤثر على قيامه بالإنفاق، وكانت الزوجة قادرة على الإنفاق، فإنه يجب عليها عرفًا أن تحلّ محلّ زوجها في الإنفاق على الأسرة، وهذا هو الوجوب الأخلاقي الذي يعتبر أصلًا للوجوب التشريعي أو القانوني.
وأكمل: بالجمع بين الواجب التشريعي والواجب الأخلاقي تكون الشريعة قد وفّرت للأسرة كل عوامل الاستقرار والاطمئنان، ومهدت الطريق لبناء الفرد الصالح القادر على البذل والعطاء والسعي والبناء، وحققت المقصد التشريعي من الأحكام، وهو أن يكون الحكم الشرعي فرعًا أو لبنة في صرح البناء الأخلاقي الذي بُعِث به النبي ( من أجل إتمامه؛ طبقًا لما ورد في الحديث: "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق".