"أحدث ما وصل إليه العِلم الصناعي في ميدان السيارات الحديثة، وجمع خلاصته من كل الدول" حينما افتخر المصري في كل مكان بصناعاته الوطنية التي نافست أهم العلامات التجارية العالمية، مع بدء مصر سعيها للاكتفاء ذاتيًا بصناعاتها من الإبرة للصاروخ كما هو المسمى الذي أطلقه الزعيم الراحل جمال عبد الناصر على مبادرة إحياء مصر الصناعية وعودتها لريادة الأمم مرة أخرى.
"شوفنا في أيام الاستعمار البريطاني ازاي استمرينا كدولة متأخرة .. والنهاردة السلطة في يد الشعب العامل .. السلطة في يد تحالف قوي من الشعب العامل .. إذًا كل شيء يجب أن يكون من أجل الشعب العامل".. كلمة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وحينها كان القرار، قرارًا جمهوريًا رقم 913 للعام 1960، تأسيس أول شركة مصرية لصناعة السيارات محليًا في مصر والوطن العربي فكانت الشركة الوطنية النصر للسيارات.
عصر استعادة المصري لأمجاده وهيبته التي سلبها منه الاستعمار الأجنبي للبلاد وشعوره بتأكيد عودة بلاده ملكًا له من جديد، وأصبح يتمشى بشوارع المحروسة متبخترًا مبتسمًا وقد أثلجت الحرية صدره، فزداد تفاخرًا حينما تمت صناعة اول سيارة بأيدٍ مصرية خالصة وأصبحت علامة تجارية مصرية تتجول في الشوارع العالمية بإسمها الفرعوني "رمسيس".
"صنعت بفخر في الجمهورية العربية المتحدة"، سيارة عربية مصرية أثارت الدهشة لبلاد الغرب قطعت مسافة 18 ألف كيلومتر وعبرت من مصر إلى جبال الألب دون حاجتها إلى إصلاح أو صيانة، إنها السيارة رمسيس أول سيارة عربية الصنع تمت صناعتها في الشركة الوطنية النصر لصناعة السيارات حينما كانت سوريا ومصر دولة واحدة تحمل اسم الحمهورية العربية المتحدة.
حينما أنشات شركة النصر لصناعة السيارات تحديدًا في 21 يوليو من العام 1961، بدأت على التوازي فكرة صناعة سيارة مصرية خالصة بعيدة كل البعد عن النشاط الرئيسي لهذه الشركة بتجميع السيارات العالمية، ونشرت حينها الصحف المصرية إعلانًا عن فتح باب الحجز لأول سيارة عربية الصنع يبلغ سعرها مائتي جنيه فقط، وبدأت التجارب الأولية لهذه السيارة، حيث قام الرئيس جمال عبد الناصر بتجربتها بنفسه وإختبارها بدخولها في عدة طرق غير ممهدة، وذاع صيتها في جميع أرجاء المحروسة ليس لاقتصادية سعرها فقط مقارنة بالعلامات التجارية الأخرى، ولكن لفخر المصريين واعتزازهم بصناعاتهم الوطنية.
بدأت الشركة الوطنية النصر لصناعة السيارات بصناعة نسخ مختلفة من السيارة رمسيس منها شاحنات النقل العام وشاحنات النقل الثقيل والجرارات الزراعية والمقطورات، ولكن كان اكثرها شهرة هي سيارات الركوب التي صنعت لتستمد قوتها من محرك مكون من اسطوانتين، يأتي بسعة 598 سي سي يستطيع أن يولد قوة قدرها 20 حصانًا، متصل بناقل حركة يدوي الأداء من 4 سرعات وذات قوة دفع خلفية.
أخذت الشركة المصرية النصر لصناعة السيارات، السيارة الألمانية برينزPRINZ 4 كنموذج لصناعة السيارة رمسيس، لذا فقد استعانت بالشركة الألمانيةNSU لصناعة محرك رمسيس المصرية، ولكن كانت تعاني شركة النصر من بطئ كبير في إنتاج السيارة رمسيس حيث كان لا يتعدى 8 سيارات يوميًا، إلى ان تعرضت الشركة لضائقة مالية أدت إلى توقف إنتاجها لرمسيس في العام بشكل نهائي في العام 1972.