في ظل ما يعيشه العالم من متحورات فيروس كورونا الوبائي لـ"أوميكرون"، ودخوله لمصر، وزيادة أعداد المصابين به وما اتخذته الدولة من إجراءات احتياطية وقائية للحد من انتشار هذا الفيروس عن طريق العدوى والمخالطة، فالشريعة الإسلامية أسقطت وجوب الجمعة واستحباب الجماعة في مثل هذه الحالات الوبيئة، فأجازت لهم الصلاة في البيوت والرِّحَال، ونص على ذلك العلماء سلفًا وخلفًا؛ رعايةً لسلامة الناس، ووقاية لهم من الأذى، وحدًّا من انتشار الأمراض، ولذلك ورد يتسأل الكثير عن حكم تعمد مصابي فيروس اوميكرون وتظاهره به وحضورَ الجُمَع والجماعات والمحافل ومخالطة الناس ومزاحمتهم؟.
وردت دار الإفتاء المصرية، قائلة: إنه يحرم شرعًا ويُجرَّم قانونًا تعمُّد مصابي متحور اوميكرون أو من يشتبه بإصابته حضورَ الجُمَع والجماعات والمحافل، ومخالطة الناس ومزاحمتهم في الأماكن والمواصلات العامة.
وتابعت: بل ويحرم عليه الذهاب في هذه الحالة إلى المسجد لحضور الجمعة والجماعة مع المسلمين، ويجب على المواطنين امتثال القرارات الاحتياطية والإجراءات الوقائية التي اتخذتها الدولة من منع التجمعات البشرية، للحد من انتشار هذا الفيروس؛ لِما ثبت من سرعة انتشار هذا الفيروس، وقد يكون الإنسان مصابًا بالفيروس أو مُحمَّلًا به وهو لا يشعر.
حكم الاستهزاء بمتحور اوميكرون والاستخفاف به
أوضح مركز الأزهر عبر الفيسبوك، أن الاستهزاء والسخرية، وهو: حمل الأقوال والأفعال على الهزل واللعب، لا على الجد والحقيقة، وبالاستهزاء يكون التكذيب وقلب الحقائق وتشويهها.
وأضاف أن مثل هذه الأفعال نهى الشارع الحكيم عنها وخاصة في الأمور التي تدعو إليها الشرائع القويمة والعقول السليمة والقيادات الحكيمة عند شدائد الأمور، فلا يليق بحال من الأحوال أن تكون أخلاق الناس عند الابتلاء والشدائد السخرية والاستهزاء؛ بل مما ينبغي لفت الأنظار إليه أن ما تدعو إليه منظمة الصحة العالمية وغيرها من وزارات الصحة في دول العالم للتعامل مع هذا الوباء والمرض من إرشادات وما شابهها من إجراءات احترازية، وتعاليم وقائية ليس بدعًا من الدين ولا خروجًا عن العقل حتى نسخر أو نستهزأ منها؛ بل دعا ديننا من قبل 1400 عام إلى مثلها؛ فاليوم تطالب هذه المنظمات بعدم السفر مِن وإلى المناطق التي ينتشر فيه المرض، وهذا عين ما دعا إليه رسولنا -صلى الله عليه وسلم- حيث قال - عليه الصلاة والسلام-: "إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ [يعني: الطاعون] بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْه" [مسند أحمد].
حكم صلاة مريض اوميكرون في المسجد
تلقى محمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف سؤالا يقول صاحبه: “ما حكم ذهاب مريض اوميكرون لصلاة الجمعة فى المسجد مع اتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية؟”.
وأجاب الدكتور فتحي عثمان الفقي، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، عن السؤال قائلا: إن الجمعة لا تجب إلا على الصحيح المقيم البالغ العاقل الحر، والمريض لا تجب عليه، وخاصة إذا كان مصابا بكورونا، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال وهو واقف أمام الكعبة لزوالك أهون عند الله من قتل نفس.
وأضاف فتحي عثمان أن مريض اوميكرون لو ذهب للصلاة وخرج نفسه من الكمامة فسوف يتسبب فى عدوى عدد من الأشخاص، وهؤلاء الأشخاص سيصيبوا غيرهم بالعدوى أيضا، فينشر المرض بسبب صلاته للجمعة وهى لا تجب عليه من الأساس، فسبحانه وتعالى يقول “يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ”.
وأشار أستاذ الفقه خلال البث المباشر عبر صفحة مجمع البحوث الإسلامية علي فيس بوك، إلى أن صلاة المريض باوميكرون فى بيته أفضل من المسجد وسيأخذ الأجر وزيادة وأولى من ذهابه للمسجد وتسببه في قتل نفس.
وأوضح أن ذهاب المريض بأوميكرون للصلاة فى المسجد لكي يأخذ الأجر مع تسببه للضرر والعدوى لأشخاص عديدة قمة الأنانية، قال تعالى “مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ”، فلو ذهب إلى المسجد فهو آثم شرعا وعليه وزر.
ونوه إلى أنه على المريض أن يصلى الجمعة ظهرا في بيته أو يصلها جماعة ظهرا مع أهل بيته وسيأخذ ثواب الجماعة إن شاء الله.
حكم عدم زيارة الأم بسبب متحور اوميكرون
تلقى الحبيب علي الجفري الداعية الإسلامي سؤال من شخص يقول إنه لم يزر أمه بسبب متحور "اوميكرون" خوفا من إلحاق الضرر و الاذى بها بحكم عمله بالمستشفى و ذلك لمدة أسبوعين.. ما حكم الشرع ف يذلك.
أجاب الجفري في منشور هل عبر صفحته على الفيسبوك، أن عليك أن تتفقدها وحاجاتها وتعرفها بيان سبب غيابك، مضيفا: حفظ الله القائمين على خدمة المرضى ورفع البلاء بلطفه.
هل تجوز الصلاة فى المنزل خوفًا من الإصابة باوميكرون ؟
هل تجوز الصلاة فى المنزل بسبب أوميكرون ؟.. سؤال أجاب عنه الشيخ أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال لقائه بالبث المباشر لصفحة دار الإفتاء المصرية، عبر موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك.
وأجاب ممدوح، قائلًا: أجيز الصلاة فى المنزل بسبب اوميكرون أو بسبب غيرها، لأن الصلاة فى المسجد ليست واجبة على المسلم، إنما هى فرض كفاية لو قام بها بعض المسلمين سقطت عن الكل.
وتابع: أن هناك من يرى من المذاهب أن الصلاة فى المسجد انها سنة، وهناك من يرى أن الجماعة فى المنزل ليست واجبة، وإذا كان الاجتماع فى المسجد بتوجيهات الجهات المختصة ليس مستحسن فصلى فى منزلك ولك الأجر بالنية، أما إذا اضطرت ان تصلى فى المسجد فيستحسن أن يكون معك شئ تسجد عليه لمزيد من الوقاية.
حكم الصلاة بالكمامة خوفًا من اوميكرون
قالت لجنة الفتوى التابعة لمجمع البحوث الإسلامية، إنه لا مانع من الصلاة بالكمامة التى يضعها الناس خوفا من انتشار الوباء أو انتقال عدوى متحور اوميكرون .
وأضافت لجنة الفتوى في إجابتها عن سؤال: " ما حكم الصلاة بالكمامة؟"، أن الفقهاء اتفقوا على أنه مسموح للرجال وللنساء تغطية الوجه أثناء الصلاة.
وتابعت لجنة الفتوى أنه ربما توجد ضرورة إرتداء الأقنعة الطبية التي تغطي الفم والأنف أثناء الصلاة للحماية من الأمراض المعدية المنقولة جوًا أو عن طريق رذاذ شخص اقترب منك.
وذكرت قول ابن عبد البر: " اتفقوا على أن تكشف المرأة وجهها في الصلاة والإحرام حيث تمنع تغطية الوجه الإتصال المباشر للجبين والأنف والفم بالأرض".
ونوهت أنه يجوز للمرأة أن تغطيه وكذلك الرجل إذا كان هناك حاجة فعلية وضرورة تقتضى ذلك.
حكم عدم زيارة اقاربي فى هذة الفترة التى تشهدها بسبب متحورات كورونا ؟
سؤال أجاب عنه الشيخ أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، وذلك خلال لقائه بالبث المباشر لصفحة دار الإفتاء المصرية، وذلك عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.
وقال ممدوح، إنه بالرغم من ضرورة تقليل وجودنا فى اماكن التجمعات بقدر الإمكان إلا أن صلة الرحم لها صور كثيرة، كالسؤال عنهم بالهاتف أو إرسال رسالة، والمجاملة فى الأفراح والمواساة فى الأحزان، كل هذة من صور صلة الرحم.
وتابع: أن صلة الرحم ليست منحصرة فى الزيارات فقط وإنما لها صور كثيرة، فإذا كانت الزيارة ممنوعة اى ليست مستحسنة فاجلسي فى بيتك واسألى عنهم بالتليفون أفضل.
حكم صلاة الجماعة لمن كان مريضا بمرض معد؟
حرص الإسلام على لمّ شمل المؤمنين وضم قوتهم المادية والمعنوية بعضها إلى بعض حتى يكونوا يدًا واحدة وصفًّا واحدًا وقوة عظمى في عمل الخير وصد الشر، ولذلك كان من أهم شعائر الإسلام المؤكدة لتلك الوحدة صلاة الجماعة؛ قال تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾ [آل عمران: 103]، وقال عز وجل: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [البقرة: 43]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة: 119].
فلا ينبغي للمؤمن أن يكتفي بكونه صادقًا بل لا بد أن يكون قريبًا من المؤمنين الصادقين وفي جماعتهم في بيوت الله وعلى طاعة الله عز وجل، فالمؤمن لا يعيش فردًا منعزلًا وإنما يحيا فردًا في جماعة وأمة وثيقة الروابط والصلات.
وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلَا بَدْوٍ لَا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلَاةُ إِلَّا قَد اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ، فَعَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ مِنَ الْغَنَمِ الْقَاصِيَةَ». قَالَ زَائِدَةُ: قَالَ السَّائِبُ: يَعْنِي بِالْجَمَاعَةِ: الصَّلَاةَ فِي الْجَمَاعَةِ. رواه أبو داود والنسائي والحاكم.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ رَجُلٌ أَعْمَى، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ؛ فَيُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ، فَرَخَّصَ لَهُ، فَلَمَّا وَلَّى، دَعَاهُ، فَقَالَ: «هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَأَجِبْ» رواه مسلم.
فدلت هذه الآيات والأحاديث الشريفة على عظيم قدر صلاة الجماعة وأهميتها في حياة المسلم، حتى قال الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنِ الصَّلَاةِ إِلَّا مُنَافِقٌ قَدْ عُلِمَ نِفَاقُهُ، أَوْ مَرِيضٌ، إِنْ كَانَ الْمَرِيضُ لَيَمْشِي بَيْنَ رَجُلَيْنِ حَتَّى يَأْتِيَ الصَّلَاةِ"، وَقَالَ: "إِن رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ عَلَّمَنَا سُنَنَ الْهُدَى، وَإِنَّ مِنْ سُنَنَ الْهُدَى الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي يُؤَذَّنُ فِيهِ" رواه مسلم.
فأفاد بأن المرض كان مما يستساغ معه التخلف عن صلاة الجماعة، فإن اجتمع مع المرض ما يتأذى منه المصلون أو ينفرهم أو يلحق بهم الضرر تعين على المريض الامتناع عن الجماعة حتى يذهب عنه ذلك، فإيذاء المسلمين أو التسبب في إلحاق الضرر بهم يتنافى مع مقاصد الشريعة من صلاة الجماعة؛ فَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الْبَقْلَةِ -الثُّومِ- وقَالَ مَرَّةً: مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ وَالثُّومَ وَالْكُرَّاثَ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ» متفق عليه، واللفظ لمسلم.
وعن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضِي اللهُ عنهُ أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: الثُّومُ وَالْبَصَلُ، وَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَأَشَدُّ ذَلِكَ كُلُّهُ الثُّومُ، أَفَتُحَرِّمُهُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «كُلُوهُ، وَمَنْ أَكَلَهُ مِنْكُمْ فَلَا يَقْرَبْ هَذَا الْمَسْجِدَ حَتَّى يَذْهَبَ رِيحُهُ مِنْهُ» رواه أبو داود.
وقد قاس العلماء بطريق الأولى منع المريض بمرض معدٍ على المنع الوارد في الحديث في شأن الإيذاء برائحة الثوم والبصل؛ إذ إن المصلين يتأذون من المريض المصاب بمرض معد أشد من تأثرهم وتأذيهم بمن أكل البصل والثوم، وقد أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أكل شيئًا منهما بألا يقرب المسجد، وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» رواه ابن ماجه.
ويؤكد المنع ما ورد في الحديث عَنْ عَمْرو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ رَجُلٌ مَجْذُومٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «إِنَّا قَدْ بَايَعْنَاكَ فَارْجِعْ» رواه مسلم. قِيلَ: لِأَنَّ الْجُذَامَ يَتَعَدَّى عَادَةً، وَقِيلَ: لِئَلَّا يَظُنَّ أَحَدٌ الْعَدْوَى إِنْ حَصَلَ لَهُ جُذَامٌ. "حاشية السندي على سنن ابن ماجه" .
هذا وقد ورد حديثان ظاهرهما التعارض، لكن حقيقة ما تناوله كل واحد منهما يختلف عما تناوله الآخر؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، حِينَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا عَدْوَى وَلَا صَفَرَ وَلَا هَامَةَ»، فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا بَالُ الْإِبِلِ تَكُونُ فِي الرَّمْلِ كَأَنَّهَا الظِّبَاءُ، فَيَجِيءُ الْبَعِيرُ الْأَجْرَبُ فَيَدْخُلُ فِيهَا فَيُجْرِبُهَا كُلَّهَا؟ قَالَ: «فَمَنْ أَعْدَى الْأَوَّلَ؟» متفق عليه.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ قَالَ: «لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ» رواه مسلم.
إذَن، فالمرض لا يعدي ولا تنتقل العدوى وتصيب الإنسان بذاتها، وإنما بقضاء الله وقدره؛ فهناك أمراض جعلها الله تعالى سببًا لنقل العدوى بالمخالطة، أو بتعبير أدق لحدوث مرض مماثل لشخص آخر، ولكن ذلك على سبيل العادة الجارية؛ كتأثير النار بالإحراق، والماء بالري، والطعام بالشبع، فإن كل التأثيرات وما شابهها إنما تقع بإرادة الله، وتتخلف كذلك، فهذا ما يجب الإيمان به، أما العمل فينبغي للمريض بمرض معدٍ أن يحترز عن مخالطة الأصحاء حتى لا يكون سببًا لجريان العادة عليهم أو سببًا في زعزعة إيمانهم بأن ذلك قدر الله الواجب عدم الاعتراض عليه؛ إذ لا يد للمريض الأول فيه على الحقيقة، ولكن الناس عادة في مثل هذه المواقف قد تذهل عن هذا المعنى ويغلب عليها سوء الظن فتقع بينها وبين المريض الوحشة والنفور.
وبناءً على ما سبق: فإنه إذا تمكن المريض بمرض مُعدٍ أن يحضر صلاة الجماعة ويتخذ موضعًا يصح له فيه الاقتداء بالإمام، ويغلب على ظنه ألَّا يتضرر به الناس، فيجوز له ذلك، وإلا فلا يجوز له إيذاء المسلمين بمرضه ولا التسبب في الإضرار بهم، وإن كان الإضرار من باب التسبب في جريان العادة؛ إذ كثير من الناس قد يذهلون عن أن وقوع المرض بالقدر لا بالعدوى والانتقال من المريض الأول، فتقع العداوة أو الكراهية والنفور على خلاف ما قصده الشرع الشريف من صلاة الجماعة وبث الشعور بالإخاء والمحبة بين المسلمين.