في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي لم تكن الأعمال والخدمات العامة حكرًا على الرجل فقط، فقد نالت المرأة المصرية نصيبها كاملا مُكملا من هذه الأعمال في عصر كان الكل سواسية وكان القانون السائد هو احترام حرية الآخر رجلا كان أم امرأة، عصر اتسم بالجمال والكلاسيكية التي ظهرت في كل تفصيلة من تفاصيله الصغيرة، كان هناك منهج تربوي عام واجب تطبيقه في جميع مدارس المحروسة ساهم في تكوين أثر نفسي إيجابي على كل من شارك به، وهو تكليف طلبة وطالبات الثانوية العامة على حد سواء بالقيام ببعض الخدمات العامة كالمساعدة في تنظيم مرور سيارات المحروسة في جميع أرجائها مثلما ظهرت تلك الفتاة الجميلة في هذه الصورة التي عبرت عن مدى رقي هذه الحقبة الذهبية.
ظهرت هذه الفتاة الجميلة وهي تنظم مرور المحروسة تحديدًا في منطقة "وسط البلد" تحديدًا في نهايات العام 1969، وكان قد اصطف خلفها أسطورتان من أهم السيارات التي تواجدت في الشوارع المصرية والتي حصلت على شهرة كبيرة وانتشارًا واسعًا في هذه الحقبة الزمنية، ومازالت شهرتها هذه مستمرة معنا حتى وقتنا هذا وهما فخر الصناعات الإيطالية والألمانيةFIAT 1100 وVOLKS WAGEN BEETLE.
نبدأ قصتنا بالمعشوقة الأولى للمصريين والتي ما زالت تتنقل في شوارع مصر حتى وقتنا هذا بطررازها العتيق الذي صنع في ستينيات القرن الماضي،والتي اشتهرت في شوارعنا بلقب الـ"خنفساء" وهي السيارة الألمانيةBEETLE التي صنعتها الشركة ذات التاريخ العريقVOLKS WAGEN، والتي يعني إسمها باللغة الألمانية "سيارة الشعب" حيث أسسها في العام 1937 حزب العمال الألماني لذا أطلق عليها هذا الاسم لمحاولاته الدائمة لاستقطاب فئات الشعب المتوسطة إليه.
تعود فكرة تأسيس الشركة الألمانيةVOLKS WAGEN للعام 1934 هي وسيارتها BEETLE الأسطورية التي كانت السبب الرئيسي في شهرة هذه الشركة، وذلك عندما أمر أدولف هتلر زعيم النازية بصناعة سيارة شعبية في المقام الأول، تتواجد بها عدة معايير رئيسية أهمها إقتصاديتها في الشراء والاستهلاك ذات هيكل صلب قوي قادر على تحمل صعاب ومشاق الطرق وتتسع لأربعة أفراد، فقام حزب العمال الألماني بالاستعانة حينها بمهندس صناعة السيارات الشهير فارديناند بوشيهFERDINAND POERSCHEمؤسس العلامة التجارية الأشهر في تاريخ صناعة السيارات الرياضية الفارهة بورشهPORSCHE.
قام رائد صناعة السيارات الألماني فارديناند بورشيهFERDINAND PORSCHE بتصميم الهيكل الرئيسي للسيارةVOLKS WAGEN BEETLE، وتم طرحه بشكل رسمي في سوق السيارات في العام 1937 وظل يحمل تصميمًا واحدًا منذ بداية صنعه وحتى إصدار آخر نسخة منه في العام 2019 ولكن مع إضفاء بعض التغييرات الطفيفة، ولكن الطراز الأيقونيVOLKS WAGEN BEETLE ظهر خلال الصورة الكلاسيكية للمرأة المصرية في ستينيات القرن الماضي موديل عام 1961، وكان قد صنع حينها ليستمد قوته من محرك مكون من 4 أسطوانات بسعة 1 لتر، متصل بناقل حركة يدوي الأداء من 4 سرعات.
اما السيارة الأخرى التي كانت تصطف خلف المرأة المصرية وبجانب الأسطورةBEETE، فقد كانت معشوقة المصريين الثانية التي أشتهرت بعدة ألقاب منها السيارة الـ"قردة، و زوبة" أو كما اطلق عليها المصري أفندي في خمسينيات القرن الماضي لقب الـ"منجزة"، وهي السيارةFIAT 1100 التي انتجتها واحدة من أقدم و أعرق شركات صناعة السيارات حيث تأسست في العام 1899 الشركة الإيطالية فياتFIAT والتي أسسها رائد الصناعات جيوفاني أنيلليGIOVANNI AGNELLI.
بدأت شركة صناعة السيارات الإيطاليةFIAT في صناعة المنجزة او القردةFIAT 1100 بداية من العام 1937، وكانت تعتبر حينها من اهم السيارات الشبابية في هذه الفترة نظرًا لتصميم هيكلها المستجد على هذه الحقبة ولصغر حجمها مما يساعد على اصطفافها بسهولة ويسر، وهذا ما كان يبحث عنه فئة الشباب ممن كانوا في فترة تعلم القيادة، ولكن تحول مفهوم هذه السيارة في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي لتصبح إحدى اهم السيارات العائلية الصغيرة ولكنها تتسم برحابتها من الداخل.
في العام 1959 أطلق الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حملة مصرية تحت مسمى "من الإبرة للصاروخ" والتي تهدف لجعل مصر دولة صناعية كبرى تكتفي ذاتيًا بصناعاتها، فقام بعمل اتفاقية مع الشركة الإيطالية فياتFIAT بتجميع السيارةFIAT 1100خلال مصانعنا الوطنية لشركة النصر لصناعة السيارات، لتصبح حينها أول سيارة يتم تجميعها بأيدٍ مصرية.
ظلت شركة النصر لصناعة السيارات مستمرة في تجميع السيارة "المنجزة"FIAT 1100 بداية من العام 1959، وحتى العام 1971 حينما توقفت الشركة الإيطالية عن صناعتها وبالتالي توقفت مصر عن تجميعها، وكانت قد صنعت هذه السيارة الملقبة بـ"القردة" بمحرك مكون من 4 أسطوانات بسعة 1100 سي سي لذا سمي هذا الطراز باسم سعة محركها، ومتصل بناقل حركة يدوي الأداء، وتبلغ سرعتها القصوى 116 كم / ساعة، وظهرت بصورة الفتاة المصرية موديل عام 1965.