الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حوار| بعد فوزها بجائزة بانيبال.. سارة عناني: ترجمة الأدب تنقذ سمعة العالم العربي

د. سارة عناني ورواية
د. سارة عناني ورواية الفتاة ذات الشعر المضفر

فازت المترجمة المصرية د. سارة عناني، بجائزة «سيف غباش بانيبال» للترجمة الأدبية العربية 2021 قبل أيام، عن رواية “الفتاة ذات الشعر المضفر” وهي النسخة الإنجليزية لرواية “شغف” للكاتبة المصرية رشا عدلي، وفي حوار خاص مع «صدى البلد» تتحدث د. سارة عناني أستاذ مساعد للغة الإنجليزية بكلية الآداب جامعة القاهرة، عن كواليس الفوز بالجائزة والترشح إليها وموقف حركة الترجمة في مصر والوطن العربي ولماذا يُفتقر وجود ترجمات إلى الإنجليزية في مصر مؤخرا..
 

في البداية كيف تم ترشح الرواية لجائزة سيف غباش بانيبال ؟

المترجم لا يرشح نفسه، يتم الترشح لجائزة سيف غباش بانيبال من خلال دور النشر، وهي الجهة المنوطة بنشر العمل الأدبي إلى الإنجليزية وتُرسَل الأعمال التى تراها مميزة إلى لجنة التحكيم ثم تُجرى عملية التحكيم،  ودار النشر للرواية الفائزة هي مكتبة الجامعة الأمريكية وتصدر الكتب العلمية تحت اسمها، ولكن الأعمال الأدبية تصدر من خلالها ولكن من خلال فرع يسمى "الهدهد".


حدثينا عن الرواية بين الماضي والحاضر والتاريخ في قصة واحدة ..

الرواية كانت تسمى باللغة العربية "شغف" للروائية رشا عدلي وتدور أحداثها ما بين عام 2012 و1798 وقت الحملة الفرنسية على مصر ودخول نابليون بونابرت وتدور أحداثها عن سيدة وفتاة من عصرين مختلفين.

 

بينما تبحث السيدة وهي د. ياسمين في تاريخ الفن تعثر على لوحة مجهولة تتضمن وجه فتاة يستوقفها وتشعر أن له قصة وتجري تحريات وأبحاث يتضح أنها لفتاة اسمها "زينب" وهي موجودة في التاريخ ووالدها الشيخ قدمها قربان لنابليون لتكون في منصب عشيقة له، ولكنها لم تكن عشيقة له بل كانت تذهب إلى حفلاته وتختلط بالأجانب في الحفلات الأجنبية وبالنسبة إلى الشعب المصري اعتبروها مجرمة وخائنة، وتعرضت إلى صدامات أدت إلى الحكم عليها بالإعدام بعد مغادرة الحملة الفرسية مصر.

 

وخلال الأحداث نرى قصتين مختلفتين للرواية، بين ياسمين الباحثة المعاصرة ورحلات أبحاثها بين مصر وفرنسا لمحاولة الوصول إلى قصة زينب، وفي خط موازي قصة الفتاة زينب بينما تحلم بأن تكون جزء من الجلية الفرنسية وسعادتها لتضحية والده بها لدخول هذه المجتمع، والنهاية تختلف بين زينب وياسمين.


ما الدافع لتشجيعك على ترجمة الرواية، هل هدف أكاديمي أم الأحداث الشيقة ؟

لي تاريخ طويل في مجال الترجمة مع مكتبة الجامعة الأمريكية، وترجع إلى ما لا يقل عن 10 سنوات، وترجمة ثلاثية كمال رُحيم وهي مذكرات اليهودي المسلم وتتناول أيام الستينات في مصر، وترجمت كتاب عن السينما، وأعمال أخرى.

وخلال عملي مع الجامعة الأمريكية، هم المنوطين باختيار الروايات من خلال قائمة أعمال منتقاة غالبا تكون قد حصلت على جوائز ما، وفي رواية شغف كانت في القائمة الطويلة للروايات المرشحة لجائزة بوكر العربية وهي تعتبر الجائزة الأولى على مستوى العالم.

 

ما موقف ترجمة الأدب العربي إلى الإنجليزية في مصر والوطن العربي ؟

حتى الآن الجهود في ترجمة الرواية العربية إلى اللغة الإنجليزية وتوصيل هذه النوعية من الأدب إلى العالم الاجنبي أو الناطق بالإنجليزية، لم يحظ بالتقدير الذي يستحقه، وما زالت الجهود محدودة، وبشكل موجز أصدر د. محمد عثمان الخشت سلسلة " cairo university press" ونشر من خلالها "على هامش السيرة" لطه حسين و"أحلام شهرزاد"، وأعاد بعض الأعمال الخاصة بالإسلام والحياة السياسية والمدنية.

وتعد الجامعة الأمريكية هي المتصدرة لساحة الترجمات الإنجليزية، عبر ترجمة كل أعمال نجيب محفوظ بقلم أجانب، ومن الممكن في المستقبل تُترجم مجددا بقلم مصريين، وهذه تعد كل المحاولات في مصر، بالإضافة إلى سلسلة الأدب العربي المترجم في الهيئة المصرية العامة للكتاب، ورواية صدرت ليوسف القعيد بالإنجليزية، وترجمة د. عناني والدي كتاب إلى الإنجليزية، ولكن لا أستطيع الحكم على الجهود المبذولة في الوطن العربي.


في رأيك كيف يقترب الأدب العربي إلى الغرب ؟

حاولنا التواصل مع المركز القومي للترجمة في محاولة لإنشاء جهة لترجمة الأدب العربي مع توزيعه، لأنه بالمقارنة مع أدب أمريكا اللاتينية مع أدب الوطن العربي، نجد أسماء أجنبية يعرفها القارئ ورجل الشارع والباعة على الأرصفة مثل باولو كويلو الشهير وجابريل جارسيا ماركيز، وميلان كونديرا، وأصبحوا أدباء عالميين بفضل الترجمة.


وإذا أردنا فعلا تقريب أدب العالم العربي من العالم الأكبر وبخاصة بعد انهيار سمعة العالم العربي بفضل التطرف وخلافه، أرى أنه لا مفر من حركة قوية لترجمة وترويج الأدب العربي خارج مصر، وهذا يستلزم بالطبع الأموال ولابد من دفع مكافآت مجزية للمترجمين ووجود دور نشر سواء حكومية أو خاصة ومراكز توزيع وترويج تكون مهمتها توصيل هذه الروايات إلى النقاد الاجانب الذين يعرضون هذه الكتب على الجماهير ويشوقوهم لقراءتها، وأرجو أن تحدث كل هذه الخطوات لنشر وترويج الثقافة العربية في العالم.

enany
enany


في رأيك هل الترجمة عن الإنجليزية إلى العربية أسهل، وهذا بدوره يجعل العرب ينصرفون عن ترجمتها إلى الإنجليزية ؟

كقاعدة عامة، الشخص يترجم إلى لغته الأم، وهذا لا يعني بالضرورة أن المترجمين لا يترجموا للغة أخرى، ولكن لا أنصح المترجم المبتدئ أو متوسط الخبرة بالترجمة إلى لغته الأولى لأننا نمتلك مصطلح لغوي ثري للكلمة الواحدة وعندما نترجم للغة الأم التي نجيدها لدينا خيارات متعددة على سبيل المثال، الأسد يرادفه (الغضنفر - القنصوة - الليث - الشبل) ونستطيع اختيار اللفظ المناسب وتركيبة اللغة المناسبة وفقا لما يتطلبه النص الأصلي.

وأرى أن زملائي بجامعة القاهرة على أعلى مستوى ويجيدون الإنجليزية كأهلها وبالتالي يصلحون للترجمة، وهناك فكرة شائعة أنه لا يجيد الترجمة إلى الإنجليزية إلا الأجانب وهذا غير صحيح، لأنه رغم تفوقهم في اللغة الإنجليزية إلا أنهم أحيانا يجهلون بعض المعاني العربية مثل "آنست وشرفت" و"تحت الربع" التي تحتاج إلى سياق ثقافي، وتوجد أخطاء في إدراك المعنى تشوب أعمال المترجمين الأجانب على عكس المصريين المتمكنين من اللغة الأصلية.


وبالطبع يندر وجود المترجمين العرب الذين يتقنون الإنجليزية كأهلها لكن الندرة لا تعني الإنعدام ولدينا عدد قوي من المترجمين.

 

وما تقييمك إلى حركة الترجمة إلى العربية ؟

أرى أنها أمر جيد ويثري الثقافة لأننا في احتياج إلى هذا الأمر والناس دائما في حاجة إلى أحدث الدوريات الأجنبية مثل نظريات للعلوم وعلم الاجتماع وعلم التواصل وخلافه تصدر بشكل دوري ونحن في احتياج إليها، وأعتقد أن مجيدين الترجمة للإنجليزية كانوا سيترجمون بشكل أكبر في حالة وجود برنامج قوي ومجزي يعطي للمترجم ما يستحق من مال ولا أنكر أن المترجم بحاجة إلى مقابل مجزي.

 

هل ترجمة رواية واحدة تستغرق مجهودا أكبر مقارنة بتأليفها ؟
 

سأتحدث عن الترجمة بشكل عام مقارنة بالتأليف، والحقيقة يُسئ الناس فهم الترجمة بشكل عام، ويعتقد الناس أن الأمر بسيط عبرموازاة لفظ بلفظ ولكنه أعمق من ذلك ومن قلة الخبرة لا يعرف الجميع أن المترجم في الواقع أديب لأنه يقدم نص بديل للقارئ الأجنبي ليستمتع به ويتذوقه كأنه مكتوب للغة المترجم إليها، فالقارئ يبحث عن كلمات أدبية، وفي هذه الحالة المترجم هو الأديب أو المؤلف أما عملية الوقت فتختلف من شخص إلى آخ ولكن تقديريا يتم ترجمة 1500 كلمة في اليوم، ولنا أن نحتسب الوقت التي تستغرقها الأعمال عبر أفضل قياس للعمل وهو عدد الكلمات وليس الصفحات.


في الرواية الأخيرة لاحظنا اختلافا في العنوان "شغف" بالعربية و"الفتاة ذات الشعر المضفر" بالإنجليزية، هل يتضمن المتن اختلافات في حالة الترجمة ؟

اختلاف العنوان أمر مشروع وشائع حدوثه، ويتم تنفيذه منذ بداية الترجمة ولكن في الأدب الكلاسيكي دائما ما يتعرض العنوان إلى التغيير لأن الغرض الأساسي هو جذب القارئ فالعنوان دائما يكون حالة خاصة، وبالنسبة إلى المتن لا يتضمن مثل هذه التغييرات، والأهم من الترجمة الدقيقة للعنوان هو قيام العنوان بوظيفته في جذب القارئ لقراءة الرواية.

 

حدثينا بشكل شخصي عن علاقتك بدكتور عناني والدك المترجم .. 

علاقتي بوالدي دكتور عناني بالطبع تخلق ما يسمى بـ “عقدة أبناء المشاهير” وهو أمر نفسي معروف، ودكتور عناني مثل أعلى والمرء لا يحلم أن يرتقي إلى مستواه، وبالنسبة إلى المسئولية أعتبر أن رسالة المترجم مقدسة مثل رسالة الطبيب.


وكلما أتحدث عن الترجمة أيضا أذكر اسم المترجم  الأمريكي"همفري ديفيز" الذي توفي قبل شهرين وصدمنا برحيله، وكان أول من حصل على هذه الجائزة في عام 2006 وأول من عرفني بالجامعة الأمريكية وكان قمة بالتواضع ودائما أذكر فضله وأتذكره بكل خير.