لا تعد ظاهرة ادعاء أشخاص عاديين للنبوة بالأمر الجديد حتى أنها ظهرت على عهد النبي محمد - صلى الله عليه وسلم- خاتم الأنبياء والمرسلين متمثلة في ظهور مسيلمة الكذاب في اليمامة، والأسود العنسي في اليمن، وكذلك خلال العهدين الأموي والعباسي كجندب بن كلثوموالحارِث الدمشقى مروراً بمدعين من الرجال والنساء من بلدان مختلفة وعلى مدار سنوات متعددة وحتى ظهور مدعى النبوة اللبناني نشأت مجد النور مؤخراً والذي ما زال محل جدل اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي بموجة من السخرية والغضب معاً.
كيف ظهر مدعى النبوة اللبناني نشأت مجد النور؟
ظهر اللبناني نشأت مجد النور مدعي النبوة والذي ظهرت له صوراً فيما بعد تثبت أنه كان يعمل طبالاً بأحد الفرق الموسيقية حليق الرأس، ومتمسكاً بحمل عصا غريبة الشكل، وعلى جبهته رموزاً غير مفهومةبجوار عالمة الفلك اللبنانية، والتي مدحته في الفيديو قائلة: «هنيئا للبنان بوجود الحكيم على أرضه، هنيئا لنا نحن بوجود مرسل من السماء لمساعدة البشر» متحدثاً عن مرض كورونا بأنه ما هو إلا نتيجة التغذي على الحيوانات في دعوة للحمية النباتية كتبشير لدين جديد، محذراً بأن كورون ستستمر إذا لم يتحول البشر إلى النباتية، كما حذر من لم يتبعه بالزلازل والبراكين وسخط من السماء يقع على من لا يؤيده، مدعياً بقيامه بعدة معجزات مثل شفاء اكثر من شخص من مرض السرطان ومعجزات اخرى قال انه سيفصح عنها في فيديو لايف لكن انقطع الاتصال اثناء حديثه عنها.
من التي ظهرت برفقة مدعى النبوة نشأت في الفيديو الشهير؟
نتجية لإدعائه الغريبة تعرض نشأت مجد النور لموجة كبيرة من السخرية على مظهره وحديثه خاصة من المصريين مما جعله يكتب على الجروب والصفحات الخاصة به عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة «ممنوع دخول المصريين»، وعدم شمولهم بالدين النشاتي، مع قوله بأنهم خارجين من رحمته، ومدحه لجنسيات أخرى كالسورين والعراقين، وطالت أيضاً موجة السخرية عالمة الفلك التي ظهرت مداحةً مدعي النبوة في بداية الفيديو الأشهر، وبالبحث عنها تبين أن كارمن شماس من مواليد 16 يوليو عام 1956 ببيروت.
درست كارمن شماس علم الفلك في الجامعة الأمريكية ببيروت، وبعد تخرجها عام 1986 سافرت مع زوجها إلى أمريكا الجنوبية، وعاشت في كولومبيا فترة طويلة تدربت خلالها على يد علماء فلك، كما افتتحت مكتباً لتقدم استشارات فلكية، وجاءت انطلاقتها لأول مرة من خلال تليفزيون المستقبل عام 1999 ببرنامج «عالم الصباح» وهي عضو في اتحاد علماء الفلك الأمريكيين، ونالت شهرة واسعة عندما توقعت حدثا سيئا في 14 فبراير عام 2005 وشهد هذا اليوم اغتيال الرئيس اللبناني رفيق الحريري، كما أثارت جدلا واسعا بتحدثها عن أكل الأسماك واللحوم وزعمها تحريف الأديان لحرمانية تلك المأكولات.
مريض عقلي أم مشعوذ يبحث عن شهرة ومال؟
وللتعليق على ظاهرة مدعين النبوة بشكل عام وظهور نشأت مجد النور بشكل خاص مؤخراً، أكد الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية في تصريح لموقع «صدى البلد» أن ظهور مدعيين النبوة ليس بجديد ظهر ويظهر وسيظهر كل فترة من الزمان بعدت أم قربت، كما أنها تمر عليه بطبيعة عمله، منوهاً بأن هذا يخضع لـ 4 تفسيرات نفسية كاشفاً أبرز طرق التأكد من مرضه أم أنه مجرد مشعوذ يستهتر بعقول الناس ويستغل جهل البعض ونقاط ضعفهم لتحقيق مكاسب مادية بدعم مجموعة من المستفدين.
وأضاف «هندي» أنه مدعي النبوة قد يكون مصاباً بـ «جنون العظمة» وهو مرض عقلي يوهم صاحبه خلاف الواقع، فتجده يبالغ في وصف نفسه ومكانته بشكل غير متوقع، كادعائه أنه يمتلك قوة اسثنائية، أو قدرات جبارة، أو موهبة متفردة، معتبراً أن جنون العظمة من أهم الدوافع النفسية التي تجعل شخص يدعي بأنه نبي أو المهدي المنتظر.
وتابع استشاري الصحة النفسية أن مدعي النبوة قد يكون مصاباً بـ «ضلالات العظمة» وهي أعلى من جنون العظمة، فيزدا بسببه انفصامه عن الواقع، فيعتقد بمنتهي السهولة أنه نبي موحي إليه أو مهدي منتظر خاصة إذا كان صاحب مكانة مرموقة في مجتمعه على الأقل، مشيراً إلى أن الأمر يزاد سوءاً إذا كان «مريض ذهان» مصاب بانفصام واضطراب ثنائي القطب، وهو عبارة عن حالة من الاكتئاب مع الهوس.
وواصل الدكتور وليد هندي أن مدعى النبوة قد يكون مصاباً بـ «الوساس القهري» وهذا ينتشر في المجمتعات التي تهتم بالدين أيا كان بشكل كبير في أدق تفاصيل حياتها، فتلازم المريض في هذه الحالة فكرة معينة قهرية لا يقدر على الإفلات منها أو تجاهلها مهما كثرت الانتقادات له.
وأكمل استشاري الصحة النفسية أن ادعاء النبوة قد يكون بسبب «العقاقير والمخدرات» فإذا كان الشخص يتناول عقاقير وأدوية هلوسة يمكن أن تؤدي به إلى ادعاء النبوة، وكذلك بعض أنواع من المخدرات مثل «الحشيش» منبهاً بأنه من أكثر المخدرات التي تبرز الهلوسة وجنون العظمة.
مدعي النبوة مريض أم دجال؟
ولفت الدكتور وليد هندي إلى أنه أيضاً توجد أسباب جينية ووراثية لإدعاء النبوة، وكذلك قد تتسبب الضغوظ النفسية في ذلك، مثل فقدان الابن أو شخص عزيز، تغير الفصول، من خريف إلى شتاء وغيره، فقد دون في عدد من الدراسات أن الفترات بين تغير الفصول المناخية خاصة هذه الفترة تشهد ظهور «مدعي النبوة».
وأشار استشاري الصحة النفسية إلى أن مدعي النبوة قد يكون من الأشخاص ذوات الإعاقات الحركية خاصة الجزئية من عدم الرؤية بعين دون أخرى أو القدرة على تحريك زراع أو قدم دون الثاني، وكأن هذه علامة تميزه وتؤكد صدق دعواه الكاذبة، منبهاً بأن مدعي النبوة تظهر عليه علامات مثيرة للانتباه، مثل: «نشاط جسدي زائد على كل المستويات، ترتديد كلمة تدل على العظمة بصفة مستمرة كقوله “أنا نبي”، الافراط في شرب المنبهات خاصة القهوة دون غيرها، تذكر أدق التفاصيل الغير مهمة في حياة الغير وحتى وإن كانت ترجع لسنوات» مبيناً أن كل هذه العلامات بالإضافة إلى المتلازمات السابقة تؤكد أنها مريض عقلي فيما عدا ذلك فهو دجال ومشغوذ يرغب في كسب شهرة ومال.
واختتم الدكتور وليد هندي أن المشعوذ والدجال يكون على الأغلب إنسان بسيط يأخذ من الدين ستاراً لأفعاله وأقواله التي لا ترضى سوى الشيطان بارتكابه جرائم عديدة من وراء هذا العمل الذي يعد أحد طرق الربح السريع وغير الشرعي خاصة في مجتماعتنا العربية، مبيناً أنه فيه دراسة قديمة تعود إلى عام 2008 كان يوجد 300 ألف مشعوذ في مصر على سبيل المثال، بما يعني وقتها أنه لكل 2333 مواطن يوجد مشعوذ، في حين أنه لا يوجد طبيب أو أستاذ جامعي لنفس هذا العدد، كما لفت الدراسة إلى أن المجتمعات العربية تنفق حوالي 30 مليار جنيه من العرب على المشعوذين الذين يتأخذون من الدين ستاراً لأعمالهم القبيحة.