ارتفع معدل التضخم السنوي في أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة إلى 7٪ مع ارتفاع الأسعار بأسرع معدل لها منذ ما يقرب من أربعة عقود.
ووفقًا لأحدث استطلاع لتوقعات المستهلكين أجراه بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك (البنك المركزي الأمريكي)، والذي نُشر في وقت سابق من هذا الأسبوع، يتوقع الأمريكيون تضخمًا بنسبة 6٪ بعد عام واحد من الآن و4٪ في غضون ثلاث سنوات.
وذكرت قناة "سي إن إن" الأمريكية أن هذه النسب أعلى بكثير من توقعات الاحتياطي الفيدرالي، حيث توقع الأخير في اجتماعه في ديسمبر الماضي أن يصل التضخم إلى 2.6٪ في عام 2022. ومن جانبهم، يرى مستثمرو سوق السندات أن معدل التضخم سيبلغ 2.87٪ خلال السنوات الخمس المقبلة.
وأوضحت القناة أنه بعد خفض أسعار الفائدة إلى ما يقرب من الصفر في بداية جائحة كورونا، من المتوقع أن يرفع الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض قريبًا في محاولة لكبح التضخم.
وقال الخبير الاقتصادي المصري وكبير المستشارين الاقتصاديين لدى مجموعة "أليانز" محمد العريان إن إقدام الاحتياطي الفيدرالي على "تجميع ثلاثة تدابير نقدية انكماشية" في وقت يواجه فيه الاقتصاد رياحًا معاكسة أخرى، يخلق توقعات غير مؤكدة لعام 2022.
وأضاف العريان، في حديث لقناة "سي إن إن" أن الوضع الراهن كان يمكن تجنبه، لكن الاحتياطي الفيدرالي كان يميل بشدة إلى فكرة التعايش مع التضخم لفترة طويلة، وفوّت فرصة تلو الأخرى للتحرك، ثم وجد نفسه فجأة مضطرًا للتحرك بسرعة لكبح التضخم.
وحذر العريان من أن التحرك بسرعة في ظروف كهذه أمر ينطوي على خطر وقوع أخطاء يصعب تدراكها، ومن شأنه التسبب في "إرباك أكبر" للأسواق.
وقال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول يوم الثلاثاء إنه يعتقد أن المساهم الرئيسي في التضخم هو الضغط على سلاسل التوريد العالمية بسبب الجائحة، وأبدى توقعه أن هذا الضغط سيتراجع هذا العام.
لكن باول أقر بأنه إذا لم يحدث ذلك، وأثبت التضخم أنه "أكثر ثباتًا وأعلى" من التوقعات، فإنه سيعزز قناعة الشركات والأسر بأن الأسعار ستواصل الارتفاع لا محالة.
وعلى مدار الاثني عشر شهرا حتى نهاية ديسمبر الماضي، قفز مؤشر أسعار المستهلكين 7.0%. وتلك هي أكبر زيادة على أساس سنوي منذ يونيو 1982 وجاءت عقب زيادة بلغت 6.8 %، في نوفمبر.
وكان محللون استطلعت وكالة رويترز آراءهم قد توقعوا أن يرتفع مؤشر أسعار المستهلكين 0.4%، في ديسمبر وأن يقفز 7.0%، على أساس سنوي.
وتعتبر معدلات التضخم عند أسرع معدل في الولايات المتحدة في 4 عقود.
ويفسر ذلك الارتفاع التحول السريع في نهج مجلس الاحتياطي الفيدرالي لرفع الفائدة أسرع مما كان متوقعاً.
وكانت أسعار السلع في الولايات المتحدة قد ارتفعت خلال شهر نوفمبر بنسبة 6.8% مقارنة بالعام الماضي، الأعلى منذ 1982، وكانت أسعار الوقود والمساكن والغذاء والسيارات المستعملة من بين الأكثر ارتفاعاً هذا الشهر.
وقد يحصل مراقبو بنك الاحتياطي الفيدرالي على مزيد من الوضوح في الأسبوع المقبل حول ما إذا كان رفع سعر الفائدة قد يأتي في أقرب وقت في مارس، ومتى سيبدأ البنك المركزي في تقليص ميزانيته العمومية البالغة 8.8 تريليون دولار.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن ثمة مؤشرات على "تحسن" في أرقام التضخم التي صدرت الأربعاء، مع تباطؤ ارتفاع الأسعار في بعض القطاعات الرئيسية، حتى لو كان الارتفاع الإجمالي هو الأعلى منذ أربعة عقود.
وأوضح الرئيس الأمريكي في بيان "تقرير اليوم، الذي يظهر انخفاضا ملموسا في التضخم العام الشهر الماضي مع تراجع أسعار الغاز وأسعار المواد الغذائية، يوضح أننا نحرز تقدما".
وأضاف "في الوقت نفسه، يؤكد هذا التقرير أنه ما زال أمامنا المزيد من العمل، مع استمرار ارتفاع الأسعار الذي يضغط على ميزانيات الأسر".