حكم كتم الشهادة ، يتحايل البعض على القانون والشرع بتزوير الشهادات بل وجلب من يدلي بشهادة مزورة للحصول على حكم أو الانتصار على الخصم، ويتجاهل هؤلاء عقوبة شهادة الزور، وهنا نوضح حكم كتم الشهادة.
حكم كتم الشهادة
قالت دار الإفتاء، إن من أعظم المفاسد شهادة الزور، فإن عواقبها وخيمة كالعداوة وغير ذلك؛ لذلك شدّد رسول الله ﷺ على حرمتها.
واستشهد الإفتاء، عبر صفحتها على «فيسبوك»، بقول رسول الله ﷺ لصحابته: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر» قلنا: بلى يا رسول الله، قال: «الإشراك بالله وعقوق الوالدين» وكان متكئًا فجلس فقال: «ألا وقول الزور وشهادة الزور، ألا وقول الزور وشهادة الزور…». (رواه البخاري).

حكم كتمان الشهادة
وقال الدكتور محمد قاسم المنسي أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم، جامعة القاهرة قائلاً: إذا امتنع المرء عن الإدلاء بشهادته لإثبات حق أو دفع تهمة وجهت إلي شخص بريء فإنه يكون عاصيًا، وعليه أن يطلب من جهة التحقيق إعطائه فرصة للإدلاء بشهادته، فشهادة الشاهد تكون مهمة إذا كان يمتلك معلومات تفيد التحقيق وتجلب المصلحة وتدفع الضرر.
جزاء من يكتم الشهادة
كتم الشهادة أو شهادة الزور تؤدي إلى وضع الحق مكان الباطل، وتؤدي إلى الظلم، والله عز وجل حرم الظلم على نفسه، ولهذا يجب على الجميع معرفة مدى عقوبة شهادة الزور.
ماذا قال النبي في كاتم الشهادة
ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان متكئاً عندما سأل عن أكبر الكبائر اعتدل، ثم قال ألا قول الزور ألا قول الزور ألا قول الزور، فقال الصحابة يا ليته سكت".
وعن أبى بَكرة رضى الله عنه - قال: «كنَّا عند رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: [ألا أُنَبِّئُكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثًا: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور، وكان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - مُتَّكِئًا، فجلَس، فما زال يُكرِّرها؛ حتى قلنا: ليتَه سَكَت].
هل يجوز للشاهد الامتناع عن الادلاء بالشهادة ؟
وتابع، قائلاً: إن الإدلاء بالشهادته وسيلة لإثبات الحقوق لأصحابها سواء كانت في أموال أو عقود أو ديون وغيرها، ويقصد بها شهادة الشاهد بحادثة حدثت من غيره وترتب عليها حقًا، موضحًا أن الشهادة محلها مجلس القضاء، مبينًا أنه قد وردت الإشارة إليها في قول الله عز وجل: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَىٰ أَجَلِهِ ذَٰلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَىٰ أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.
وأكد أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم، أن امتناع الشاهد عن شهادته يعد معصية يحاسب عليها، وعليه أن يسارع للإدلاء بالشهادة، خاصة اذا علم أن عدم الشهادة يؤدي إلى إلحاق الضرر بشخص، أو ضياع حق، مستشهدا بقول الله عز وجل {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}.
وذكر أن الأصل في الشهادة الوجوب لما في ذلك من المصلحة، فإذا طلب من شاهد الشهادة ولم يكن هناك شاهد غيره تكون الشهادة "فرض عين" وإن وجد شهود غيره يكون أداء الشهادة أمر مستحب أي "فرض كفاية".

هل هناك حالات يجوز فيها كتم الشهادة
وقال الشيخ تامر مطر، من علماء الأزهر الشريف، أنه في بعض الاوقات يفضل الصمت لتجنب نشر الخلافات وعيوب الآخرين، فكثرة الكلام تتسبب في قسوة القلب، وذلك على المدى البعيد، ولهذا يجب أن ننشر ثقافة الصمت واختيار الوقت المناسب للحديث.
كفارة شهادة الزور
قال الشيخ أحمد ممدوح، مدير إدارة الأبحاث الشرعية وأمين الفتوى بدار الإفتاء، إن شهادة الزور من أعظم الكبائر، ومن أعظم المنكرات، وفيها ظلم للمشهود عليه بالزور، فالواجب على كل مسلم أن يبتعد عن شهادة الزور، لقول الله- سبحانه-: «فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ» (سورة الحج:30).
وأضاف «ممدوح» في إجابته عن سؤال: «ما هي كفارة شهادة الزور، مع العلم بأني قد تبت إلى الله ولم أعد؟» أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعد شهادة الزور من الكبائر كما روى أبو بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال ثلاثًا: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين -وكان متكئًا- فقال: ألا وقول الزور، وشهادة الزور، ألا وقول الزور وشهادة الزور فما زال يقولها حتى قلت: لا يسكت». رواه البخاري.
وأوضح مدير الأبحاث الشرعية، أن كفارة شهادة الزور وغيرها من المعاصي هي التوبة إلى الله عز وجل، وإذا ترتب عليها ضرر في حق آدمي فيجب تحلله منه ورد إليه.
الساكت عن الحق
قال الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إنه يجب على كل واحدا منا عندما يرى من يفعل خلقا غير حسن أن يرده عن ذلك ويرشده إلى فعل الخير.
وأضاف "عثمان" خلال لقائه ببرنامج «فتاوى الناس»، فى إجابته على سؤال مضمونة « الساكت عن الحق شيطان أخرس، فأرى فى مجتمعنا كثير من السلبيات وأسكت فهل سأحاسب عليها؟ »، ولماذا تسكت فيجب أن يكون لك وقفه مع الباطل وتصحح بلسانك لمن يشتم و يرتشي فيجب عليك أن ترشده بأن يتأدب ويتخلق بالخلق الحسن وان يكون للإنسان وقفه مع المنكر وما يراه من فساد الناس.
وأشار إلى أنه لابد أن يكون لك وقفة مع الباطل ولو بالإنكار بالقلب فضلاً عن أن الشرع الحنيف لم ينهي الإنسان عن أن يتكلم ويرشد غيره، بل عليه أن يتكلم بعلم أو ينهى بأدب ولابد أن تعلم الأمور المختلف فيها من الأمور المتفق عليها حتى لا تنكر على أحد فى أمر به خلاف ولكن إن رأيت أمامك فسادا ومن يفعل حراما فعليك أن تنبه على ذلك.

الصمت عن قول الحق
قال الشيخ خالد الجندى، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن الحق فى العينات واحد، وفى المعنويات متعدد ولا نهاية له وله أكثر من وجه.
وتابع الجندى، خلال حلقة برنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع على فضائية "dmc"، اليوم الخميس: "لو اتنين مختلفين على قطعة أرض، أكيد فيه واحد منهم على حق، دى عينات، لازم يكون فيها حد صاحب حق، أما المعنويات، فالأمر يختلف، يعنى متى تتحلى بالصمت ومتى تتكلم، فالصمت عن قول الحق كثيرا ما يكون جريمة، مثل كتم الشهادة فى العديد من الأمور.. الأمر يختلف".
حكم كتمان الشهادة
يحرم كتمان الشهادة والتخلف عنها إذا تعين الشخص لذلك، وترتب على كتمانها أو التخلف عنها ضياع الحقوق، فإذا علم المسلم أن تخلفه عن الشهادة أو كتمانها يؤدي إلى ضياع حقوق الآخرين يجب عليه أداؤها، ويحرم عليه التخلف عنها.
الشهادة لا علاقة لها بالديانة
وأكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أنه في حقوق العباد يقول الله سبحانه وتعالى لمن طلبت منه الشهادة : «وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ».
وأضاف مفتي الجمهورية، أنه لا يوجد أي مبرر لكتمان الشهادة، ومسلك سيدنا محمد صل الله عليه وسلم يقول غير ذلك، فالرسول صلى الله عليه وسلم مات ودرعه مرهون عند يهودي.
وكشف أنه في الخلافة الراشدة كان ينتصر القاضي لغير المسلم على حساب المسلم ومنه على حساب الخليفة كما هو ثابت في بعض الوقائع، فنحن أمام ضمير وحق يراد أن يقرر فلا علاقه لكون المجني عليه مسلم أو لكون غير مسلم، فالحق يبنغي أن يؤدي وأن يشهد الحق بغض النظر عمن تشهد له أو تشهد عليه.
عقاب شهادة الزور يوم القيامة
قالت دار الإفتاء المصرية، إن شهادة الزور هي الشهادة بالكذب ليتوصل بها إلى الباطل من إتلافِ نفسٍ، أو أخذِ مالٍ، أو تحليلِ حرامٍ، أو تحريمِ حلالٍ، أو غير ذلك، وقد نهى الله سبحانه وتعالى عن قول الزور، وجعله كبيرة من الكبائر.
واستشهدت الإفتاء فى فتوى لها، بقول الله تعالى في كتابه الكريم: «فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ» [الحج: 30]، وقال سبحانه: «وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا» [الفرقان: 72]، وعن أنس رضي الله عنه قال: سئل النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- عن الكبائر، قال: «الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، وشهادة الزور» أخرجه البخاري في صحيحه.
وعن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟» ثلاثا «الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور –أو: قول الزور-»، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مُتَّكِئًا، فجلس، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. متفقٌ عليه.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الشهادة، قال: «هل ترى الشمس؟» قال: نعم، قال: «على مثلها فاشهد أو دع» أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان".
وأكدت الإفتاء أن شهادة الزور عاقبتها وخيمة؛ فهي تقلب الحق باطلًا والباطل حقًّا، ناهيك عما يترتب عليها من ضياع حقوق الناس وأكل أموالهم بالباطل، ولذلك اتفقت الأديان السماوية كلها على تحريمها، فضلًا عن أنها تأباها العقول السليمة والأفهام المستقيمة.