الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

400 عام على ميلاد موليير.. فرنسا تعيد إنتاج مسرحية "طرطوف"

موليير
موليير

يستعد المسرح الفرنسي للاحتفاء بذكرى مرور 400 عام على ميلاد الشاعر والكاتب الفرنسي موليير Molière، والذي ولد في باريس بتاريخ 15 يناير 1622.  

ويحيي مسرح "كوميدي فرانسي" ذكرى موليير بعرض مسرحية "طرطوف"  أو "المحتال"، والتي ظهرت على خشبة المسرح لأول مرة عام 1664 إلا أن الملك لويس الرابع عشر منعها من العرض بتأثير من أسقف باريس بول فيليب هاردوين.

 

مسرحية طرطوف 

 حسبما جاء في الرواية الرسمية: "على الرغم من أن المسرحية مسلية للغاية، لقد أدرك الملك الكثير من التوافق بين أولئك الذين يقودهم التفاني الحقيقي على الطريق إلى الجنة وهؤلاء الذين لا يمنعهم التباهي الباطل ببعض الأعمال الصالحة من ارتكاب بعض الأعمال السيئة، أن شغف الملك الشديد بالمسائل الدينية لا يمكن أن يحتمل هذا التشابه بين الرذيلة والفضيلة، والذي يمكن أن يخطئ أحدهما الآخر، على الرغم من أن المرء لا يشك في نوايا المؤلف الحسنة، إلا أن الملك منع ذلك علنا، وحرم نفسه من هذه المتعة، حتى لا يسيء استغلالها من قبل الآخرين، وهم أقل قدرة على تمييزها بشكل عادل". 

حصلت النسخة الأولى من المسرحية على موافقة لويس الرابع عشر نفسه في عام 1664، بسبب سخريتها من المتعصبين الكاثوليك، وهو ما أثار غضب الكنيسة الكاثوليكية. 

وكنتيجة لمسرحية موليير، فإن كل من الإنجليز والفرنسيين المعاصرين يستخدمون كلمة "طرطوف" للدلالة على المنافق الذي يتظاهر بالفضيلة ظاهريا، خصوصا الفضيلة الظاهرية. وكان في ذلك الوقت، كانت الاتهمات بالمعصية تعني إرسال كاتب المسرحية إلى المحرقة، إلا أنه تم منع مسرحية "طرطوف". ومع ذلك، أصر موليير على التخفيف من حدة المسرحية، عبر إعادة كتابتها للتأكيد على أن الهدف لم يكن دينيا أو المؤمنين الحقيقيين، لكن نفاق من يتظاهر بالفضيلة. 

ونجح الأمر، ففي عام 1669، ظهرت نسخة جديدة وأطول من المسرحية مكونة من خمسة فصول وليس ثلاثة، وتم السماح بعرضها ولاقت استحسانا، ويرى الباحثون الآن أن فطنة موليير السياسية والاجتماعية عاملا رئيسيا في صعوده إلى مكانته حتى وفاته. 

وقال جورج فوريستييه المتخصص في مسرح موليير والأستاذ الفخري في جامعة السوربون في باريس إن "موليير كان بارعا في هذا الأمر، لقد كان لديه إحساسا بضرورة اغتنام الفرصة، ومنحة للتطور".

وخلال الشهر الحالي، وبفضل فوريستييه وزميلته إيزابيل جريليه، سيشاهد جههور مسرح Comédie-Française المسرحية الأصلية من "طرطوف"، مع إدخال بعض التعديلات الطفيفة عليها. 

وسيقوم المخرج البلجيكي البارز إيفو فان هوف بتقديم رؤية جديدة لـ "طرطوف" في مسرح موليير اليى عرف باسم "كوديي فرانسيس"، سيتم نقل ليلة الافتتاح مباشرة في دور السينما في سبع دول، وتمثل بداية احتفال لمدة عام للشركة الفرنسية، التي ولدت من اندماج فرقة موليير وفرقة أخرى، في عام 1680: سيتم تخصيص عام 2022 بالكامل لموليير . 

وعندما يتحدث الفرنسيون عن لغتهم الأم، فأنها توصف بلغة "موليير"، وهو فخر مثلما ويليام شكسبير فخر للعالم الناطق بالإنجليزية. 

 

سيرة حياة موليير

ولد جان – بابتيست بوكلين في 15 يناير 1933، وتوفي في 17 فبراير 1673، واشتهر بلقب موليير، لكن اسمه الحقيقي لم يستخدمه خلال الشهرة، فلا توجد جريدة أو مراسلات ولا حتى ملاحظات على أعماله باسمه الحقيقي. الوحيد من بين أبنائه الأربعة الذين بقوا على قيد الحياة حتى سن الرشد، فقد مخطوطاته. 

ولد موليير في عائلة ثرية، كان الابن الأول لجان بوكلين وماري كريسي، اللذين تزوجا في 27 أبريل 1621، وكان مشهورا في عائلته بصاحب الأنف الكبير. 

 

ودرس في كوليدج دي كيرمونت (ليسيه لويس لو جراند حاليا)، وعمل حوالي 13 عاما كممثل جوال،  وهو ما ساعده على صقل قدراته الكوميدية عندما بدأ الكتابة، مازجا ما سمي وقتها بالكوميديا الإيطالية الاحترافية التي غزت أوروبا مع الكوميديا الفرنسية. 

 

من خلال رعاية الأرستقراطيين بما في ذلك فيليب الأول دوق أورليان شقيق لويس الرابع عشر، حصل موليير على أداء رئيس أمام الملك في متحف اللوفر. فقد أدى مسرحية تراجيدية للكاتب الفرنسي بيير كورني، ثم مسرحية هزلية من تأليفه بعنوان "الدكتور وأنا". حصل على امتياز عرض مسرحياته في قصر " سال دو بيتي بوربون" بالقرب من اللوفر. حقق موليير نجاحا بين الفرنسيين بمسرحيات مثل "النساء العالمات"، و"مدرسة الأزواج"، و"مدرسة الزوجات". وعلى الرغم من تملق البلاط الملكي والأعيان إلا أن مسرحية "طرطوف"، التي شجبتها الكنيسة الكاثوليكية، وأعقبها حظر من قبل مجلس النواب، بينما تم سحب مسرحية "دون جوان"، ولم يتم عرضها مرة أخرى. 

سخرية موليير

كان موليير يفضل التراجيديا، خصوصا بعد تأسيسه شركة المسرح الباهر Illustre Théâtre المسرحية، إلا أنه شهرته جاءت من مسرحياته الهزلية، التي كانت مكونة من فصل واحد، وتجىء بعد مسرحية تراجيدية. بعض هذه المسرحيات الهزلية يتم كتابتها وتمثيلها بطريقة " كوميديا ​​ديلارتي". وبدأ في كتابة مسرحيات بشكل كامل من خمسة فصول. 

موليير 

شخصيات لا تنسى 

ابتكر موليير شخصيات غالبا ما تأخذ نواقصها إلى أقصى الحدود، لكنها تسمح لنا بالضحك على إخفاقاتنا البشرية العالمية في هذه العملية. ربما يكون "طرطوف" الأكثر شهرة، من المسرحية التي تحمل الاسم نفسه، وهو محتال يتنكر في زي كاهن لإقناع أرستقراطي ساذج وثري بتسليمه ثروته ويد ابنته للزواج، حتى وهو يطارد زوجته.

ينظر إلى المسرحية على أنها عمليا من اختراع "كوميديا ​​الأخلاق" التي تسخر من النفاق الأخلاقي للمجتمع الراقي.

 

 ومن بين الشخصيات الأخرى المؤثؤة، شخصية "هارباجنون" من مسرحية "البخيل" أو  The Miser الذي يحث خدامه على "عدم فرك الأثاث بقوة خوفا من تلفه".

موليير خلال تمثيل إحدى مسرحياته

وكذلك شخصية "أرجان" من مسرحية "مريض الوهم" الأناني البخيل التي استخدمها موليير للتهكم على الدجالين في مهنة الطب الذين استغلوا خوف الناس من الموت.