تحل اليوم الثلاثاء، الذكرى السادسة على رحيل المهندس صلاح عطية، مؤسس فرع جامعة الأزهر، بقرية تفهنا الأشراف، التابعة لمدينة ميت غمر، بمحافظة الدقهلية.
نعاه الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، قائلاً، إن الراحل -رحمه الله – ضرب أروع الأمثلة في مختلف الجوانب الإنسانية، وفي حبه للعلم وأعمال البر ببنائه العديد من المعاهد الأزهرية وتأسيس فرع جامعة الأزهر بـ"تفهنا الأشراف"، والتي ستبقى شامخة في الذاكرة، ونورًا له يوم القيامة.

محطات في حياته
-وُلد صلاح مصطفى عطية، يوم 18 مارس 1946م، بقرية صغيرة تبتعد عن القاهرة بـ 120 كم، تسمي "تفهنا الأشراف" إحدى القرى التابعة لمركز ميت غمر من أعمال محافظة الدقهلية بجمهورية مصر العربية، والتي شهدت أيضاً جنازته يوم الاثنين غرة ربيع الآخر 1437هـ / 11 يناير 2016م، ووصفت بأنها أضخم جنازة في التاريخ.
- ولد في قرية فقيرة معدمة، وكان معروفًا عنها أنها بلد الأنفار "عمال التراحيل" الذين يخرجون مع إشراقة شمس كل صباح للعمل فى حقول القرى الكبيرة المجاورة سعيًا وراء تحصيل الرزق، بل كان سائقو سيارات الأجرة لا يتوقفون أمام القرية وكأنها ليست على الخريطة..! عاش الشاب هذا الوضع المأساوي، وذاق مرارة الفقر، وظلَّ يكافح في تعليمه بجهود مُضْنية من والديه الفقراء رحمهما الله، حتى أنهى تعليمه وأصبح مهندسًا زراعيًّا.
- ظلَّ خلال فترة صباه وشبابه يقلب ناظريه وفكره في هذا الوضع، وكيف يقضي عليه، حتى لا تعيش الأجيال القادمة مرارة العيشة التي ذاقها هو وأقرانه وقتذاك.
- ذهب الشاب مجندًا في القوات المسلحة هو وأصدقاؤه من شباب القرية والقرى المجاورة، وقد طالت فترة تجنيدهم بسبب الاستعداد لحرب أكتوبر1973م، وبعد النصر، خرجوا ليضارعوا الحياة، وسعوا لعمل مشروع إنتاجي يتكسبون منه، وفي النهاية استقر الأمر على إنشاء مزرعة دواجن.

- يقول المهندس صلاح عطية (رحمه الله): بعد صلاة عصر يوم الجمعة 3 ربيع الثاني 1404هـ / 6 يناير 1984م نظمنا اجتماعًا عامًّا لأبناء القرية، وترأس الاجتماع عمدة القرية الحاج محمد فكري القرموطي، وتحدثت وأخي المهندس صلاح خضر، وأعلنا عن فكرة إنشاء مركز إسلامي متكامل بالبلدة، يشارك في إنشائه كل أبناء قرية تفهنا الأشراف، وتم الاتفاق على الآتي:
أن تكون القرية عائلة واحدة، لها قيادة جماعية واحدة، وتسمى بعائلة الأشراف، - اختيار عشرين رجلا يمثلون قيادة القرية تحت قيادة عمدة القرية برضا الجميع، - يتولى المركز الإسلامي تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه من مشروعات خيرية من خلال لجان عمل: إحداها للتعليم، والأخرى للزراعة، ولجنة للشباب، ولجنة للصحة، ولجنة للمصالحات، ولجنة للزكاة. ثم كانت مرحلة التنفيذ، وركزنا على أهمية جمع الزكاة كخطوة أولى لمعالجة الفقر..
- قام تسعة من الشباب الذين تعارفوا خلال فترة التجنيد بالقوات المسلحة على رأسهم المهندس صلاح عطية بإنشاء مزرعة للدواجن بعد انتهاء فترة تجنيدهم تكلفت ألفي جنيه، وخلال كتابة عقد الشركة قرروا تخصيص نسبة 10% من الربح لإنفاقها في وجوه الخير وسموها "سهم الشريك الأعظم" وكانت هي بداية قصة هذا التحول. تم كتابة عقد الشركة بين عشرة شركاء على رأسهم المولى عز وجل (ولله المثل الأعلى) يأخذ عُشر الأرباح 10% تيمنا بالرعاية والحماية من الأوبئة وتنمية المشروع، وتم تسجيل العقد بالشهر العقاري.
- عندما وجد الشباب حصيلة الربح كبيرة جدًّا وأكثر مما كانو يتوقعون، قرروا زيادة نسبة "سهم الشريك الأعظم" إلى ٢٠ % من الربح في الدورة التالية شكرًا لله على ما تحقق من حصيلة كبيرة، وكان نتاج الدورة التالية من الإنتاج غير مألوف، فقرروا زيادة نسبة "سهم الشريك الأعظم" لوجوه الخير من الربح إلى ٣٠ % وتكرر النتاج الكبير في الدورة التالية فزادوا النسبة إلى ٤٠ %وهكذا استمرت الزيادة إلى أن أصبحت 100%. ومع الوقت توسع المشروع حتي بلغ عَشر مزارع.
- بدأ التفكير في إنشاء مصنع للأعلاف، ثم مصنع للمركزات، تلاه التعاقد لشراء أرض بمنطقة الصالحية لزراعتها وتصدير المحاصيل المنتجة إلى عدد من دول العالم.
- قام المهندس صلاح عطية بالعديد من الأعمال في خدمة المجتمع من إنشاء معاهد دينية وحتى للوصول إلى إنشاء جامعة أزهرية بقريته تفهنا الأشراف، ففي عام 1984 م اجتمع المهندسان صلاح عطية وصلاح خضر مع عمدة القرية للبدء في إنشاء مركز إسلامي متكامل بالقرية، فلقد أنشأ 6 معاهد دينية أزهرية للمراحل المختلفة ( ابتدائي - إعدادي - ثانوي ) ومقسمة إلى ثلاثة للبنين وثلاثة للبنات، ثم قام بإنشاء محطة سكة حديد والتي أعقبها بإنشاء كلية جامعية للشريعة والقانون، تلاها كلية للتجارة بنات ثم كلية لأصول الدين ثم كلية التربية بتفهنا الأشراف.

- قام ببناء المعهد الديني بقرية الصنافين التابعة لمركز منيا القمح بالشرقية، وبدأ تشكيل لجنة بالتنسيق مع أهالي القرية لجمع التبرعات وكان هو أول المتبرعين على الرغم أن تلك القرية لم تتبع محافظته، ولم يغادر القرية إلا بعد جمع كافة التبرعات وبدء إنشاء معهد بنين وبنات بالقرية، وبعد ذلك توسع في إنشاء لجان متخصصة للتنمية داخل القرية، فهذه لجنة للزراعة مكونة من المهندسين الزراعيين علي المعاش، لبحث كيفية زيادة إنتاجية المحاصيل المزروعة، ولجنة للشباب تختص بشغل أوقات فراغهم، ولجنة للتعليم مكونة من نظار المدارس بالمعاش لرفع المستوي التعليمي بالقرية.
- رحل عن عالمنا صباح الاثنين 11 يناير 2016، بعد صراع مع مرض الكبد عن عمر يناهز 70 عامًا ولم ينجب أبناء.