وصل الرئيس السيسي، وقرينته السيدة انتصار السيسي، لافتتاح النسخة الرابعة من منتدى شباب العالم، في مدينة شرم الشيخ، تحت شعار "العودة معا"، حيث يستضيف المنتدى نخبة من الشباب من 196 دولة حول العالم من آسيا وأوروبا والأمريكتين وتستمر فعالياته حتى 13 يناير.
وبدأت الجلسة الافتتاحية بدخول الرئيس السيسي، إلى القاعة الرئيسية، وشهد فيديو تقديميا من للمنتدى في نسخته الرابعة، وكلمات للمتحدثين وهم، سارة بدر، عضو من مصر، وإيزاك بوما، من دولة غانا، ورحاب عياش، من دولة تونس، ثم شاهد فيلم الافتتاح، بالإضافة إلى بعض الفقرات التاريخية والفنية، وعرض أغنية "بحلم بمكان"، وفيديو عن مستقبل العالم بعد جائحة كورونا والتي استمرت عامين ونصف.
الجلسة العام الرئيسية في أول أيام منتدى شباب العالم، تناقش "جائحة كورونا: إنذار للإنسانية وأمل جديد"، لاسيما أن الوباء أحدث تغييرا جذريا في طريقة عيش الناس وتفاعلهم الاجتماعي، وبما أن مرحلة "ما بعد الجائحة" صارت تثير فضولا عارما لدينا، حرص منتدي الشباب في نسخته الرابعة عن الحديث عن الحياة ما بعد الكورونا.
وأصاب فيروس كورونا المستجد ٣٠٧ ملايين من الأشخاص في العالم، فأودى بحياة ٥٫٤٩ مليون، بينما شلت إجراءات الوقاية حركة الاقتصاد وأربكت التعليم والترفيه وباقي الأنشطة التي ألفها البشر.
العالم ما بعد الجائحة
فالحقيقة تغير الأوبئة من شكل العالم، والتجارب السابقة، تؤكد أن العالم بعد وباء كورونا، لن يكون مثل قبل كورونا، فهناك توقعات للتغيرات التى ستحدث حول العالم بعد الوباء:
- تراجع فى عولمة التجارة الدولية وزيادة فى عولمة الوظائف، بمعنى العمل من خارج حدود الدولة بشكل أكبر وإعادة طرح أفكار توطين الصناعات سلاسل الإنتاج داخل حدود الدولة، وتقليل الاعتماد على التجارة الدولية.
- استدامة العمل عن بعد واعتماد أكبر على التكنولوجيا فى العمل والإنتاج والصناعة، وتغير في نمط الطلب العقارى من خلال تقلص الطلب على المكاتب وتخصيص مساحات للعمل من المنزل وتخفيف الضغط على وسائل النقل والمرور فى العالم، فى ظل العمل عن بعد.
- ارتفاع حجم الدين الحكومي بشكل كبير حول العالم واستقرار أسعار الفائدة المصرفى عند مستويات منخفضة فى ظل تضخم أسعار محدود.
- إفلاس ودمج العديد من الشركات خصوصا فى قطاع النقل والطيران والسياحة.
- تحسين أوضاع الأطباء والممرضين حول العالم وزيادة الطلب على أخصائيي الذكاء الاصطناعى وخبراء التكنولوجيا.
- استدامة نظام الدراسة عن بعد أو الهجين حول العالم وتأثر دول بالسلب مثل بريطانيا وكندا التى تعتمد على الطلاب الأجانب بشكل كبير.
- زيادة اللامساواة وتأثر العدالة الاجتماعية فى العالم سواء بين الدول خصوصا النامية والصناعية وبعضها أو على المستوى الداخلى داخل كل دولة بعد ارتفاع معدلات البطالة داخل الدول، ومن ثم زيادة القلائل الاجتماعية.
- تراجع معدل تشغيل المرأة وخروجها على المدى القصير فى ظل الأعباء الأسرية الجديدة.
- الهرولة نحو الثورة الصناعية الرابعة وخلق وظائف جديدة وتحسين الإنتاجية.
التفاعل الاجتماعي بعد الجائحة
والمتوقع في الحياة ما بعد جائحة كورونا أن الناس يميلون أكثر إلى التفاعل فيما بينهم، عندما ينتهي الوباء، وتزول قواعد التباعد المفروضة.
وفقد ملايين الأشخاص وظائفهم من جراء حالات الإغلاق التي فرضت لكبح انتشار كورونا، ويرى الخبراء أن فقدان الناس لمواردهم ربما يغير طريقة إنفاقهم واستهلاكهم مستقبلا، بجانب حدوث الأزمة الاقتصادية.
لكن مرحلة ما بعد الجائحة ، ستكون ثمة حاجة إلى وقت للتعافي من الآثار الكارثية والمدمرة للاقتصاد، وذلك سيحصل على الأرجح في 2023.
شكل الحياة عام 2024
والمتوقع من قبل الخبراء لعام 2024، هو العودة إلى نمط الحياة الذي يحن إليه كثيرون وهو الملاعب التي تغص بالجماهير والمقاهي والمطاعم التي يصعب أن تجد فيها مقعدا فارغا، أي عندما يعود الناس إلى الاجتماع بدون حذر ولا تأهب.
لن يتمكن العالم من فهم حجم التغيير الذي ستتركه جائحة كورونا على تاريخ البشرية إلا بعد إحصاء العدد النهائي للضحايا وتحديد المدة التي تمكن فيها الوباء من وقف العجلة الاقتصادية العالمية.
فكلما طالت مدة المعركة مع الوباء، وخصوصا في الدول الصناعية الكبرى، كان حجم التغيير والتداعيات أكبر.
رغم ما يواجهه العالم من أوبئة وجوائح عبر التاريخ استمرت القوى العظمى في الاستعداد للتعامل مع العدو المرئي تطبيقا لنظرية السيطرة فقط ولم تتمكن من تطوير قناعة بضرورة تكريس موارد ضخمة لمواجهة عدو غير مرئي كالفيروسات وغيرها.
وحتى الآن، بدا أن الجوائح التي ضربت البشرية سابقا كانت أخطر من كوفيد 19 ، الإنفلونزا الإسبانية التي أودت بحياة أكثر من 50 مليون إنسان في العقد الثاني من القرن الماضي.، وهذا الرقم يتجاوز بكثير عدد الذين قتلوا في الحرب العالمية الأولى، فضلا عن أرقام ضحايا جائحة الطاعون الثالثة (1855-1959) التي تخطت الـ 12 مليونا.
ورغم هذا التفاوت في أرقام ضحايا هذه الجوائح مقارنة بما يحصده كوفيد 19، فإن تداعيات كورونا الاقتصادية والاجتماعية قد تكون بالحجم الذي أحدثته الجوائح السابقة أو أكثر نظرا إلى عوامل عدة ولا سيما منها العولمة.
تعديل الأنظمة الصحية العالمية
وإذا كان الحديث بلغة الأرقام لا يزال مبكرا، فالحقيقة التي بدأت تتكشف تبدأ بالمطالبات التي بدأت بالظهور لوضع الأمن الصحي على رأس أولويات استراتيجيات الدول العظمى بنفس مستوى التكنولوجيا والأمن الدفاعي.
فالأنظمة الصحية القائمة في الدول الغنية أثبتت عدم قدرتها على التعامل الفوري والاحتواء الجوائح مماثلة لكورونا.
في تقرير نشره مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي في نوفمبر 2019 أكد على اعتراف متزايد بالحاجة الى مقاربة أقوى ومتماسكة للأمن الصحي، ودعا الإدارة الأمريكية إلى استبدال المقاربة القائمة للأزمات بعقيدة قائمة على سياسة وقائية ضد الأوبئة والحماية منها والصمود والمرونة.
تغييرات جذرية في المجتمعات
فالتاريخ يؤكد أن الجوائح أدت إلى تغييرات جذرية في المجتمعات وعلى كل المستويات، فالطاعون الذي يعتقد أنه قضى على ثلث سكان أوروبا، أدى الى تطوير قطاع الزراعة ودفع نحو دور أكبر للمرأة بسبب تراجع اليد العاملة المتوفرة، كما أدى الى استعمال أوسع للفحم الحجري كمصدر للطاقة، ما مهد لاحقا لقيام الثورة الصناعية، والتحدي الأول الذي تواجهه الحكومات في برامجها السياسية المقبلة هو كيفية تجنب تكرار ما حصل.
اللجوء إلى التحول الرقمي
فالجميع يتوقع لجوء العالم إلى التحول الرقمي الذي يعني الاستغناء عن الطرق التقليدية والتوجه نحو الطرق الحديثة الالكترونية، الأمر الذي يوفر الوقت والتكلفة والجهد بشكل كبير ويحسن الكفاءة التشغيلية وينظمها، ويعمل على تحسين الجودة وتبسيط الإجراءات للحصول على الخدمات المقدمة.
وأن التحول الرقمي حاجة ضرورية لاسيما في ظل الأزمات، أزمة كورونا دليل على ذلك، إذ أن جائحة فيروس كورونا التي انتشرت في بقاع الأرض وبثت الرعب والخوف في النفوس البشرية وأغلقت المؤسسات والشركات بسببها، إلا أن التكنولوجيا كان لها رأي آخر، إذ اتجهت معظم دول العالم ولاسيما الدول المتقدمة إلى العمل والتعليم وتوفير الخدمات عن البعد.
كما إن جائحة كورونا اختزلت عشر سنوات على الأقل في عمر التحول الرقمي إذ تسابقت الدول الزمن لوضع أسس هذا الانتقال وارغمت الجميع على تكريسها على الأقل لتسيير بعض الأعمال والمعاملات اليومية داخل الإدارات والمؤسسات، لتلبية حاجيات الناس وفق شروط الحظر والتباعد لضمان استمرارية القطاعات الحياتية مع تواصل خطر الجائحة.
منتدى شباب العالم
ومنتدى شباب العالم هو حدث سنوي عالمي يقام بمدينة شرم الشيخ في جنوب سيناء، تحت رعاية رئيس الجمهورية الرئيس عبد الفتاح السيسي. وقد انطلق المنتدى عبر ثلاثة نسخ في الأعوام الماضية 2017 و 2018 و2019. ويهدف المنتدى إلى جمع شباب العالم من أجل تعزيز الحوار ومناقشة قضايا التنمية، وإرسال رسالة سلام وازدهار من مصر إلى العالم.
وقد اعتمدت لجنة التنمية الاجتماعية التابعة للأمم المتحدة، النسخ الثلاث السابقة من منتدى شباب العالم في مصر، كمنصة دولية لمناقشة قضايا الشباب.