الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

التصالح مع النفس

احمد نجم
احمد نجم

أحيانا يشعر الإنسان بأن جزء من تصرفاته غريبا عليه ولا يشعر بالرضا عن كثير من القرارات التي اتخذها، ويتمني لأن يعيد الزمن نفسه ليأخذ كثيرا من القرارات التي كان يجب أن يتخذها، ويهمس داخله "أنا لست أنا.. فكيف تكون أنت؟ كيف تتصالح مع نفسك؟ هناك أمور غريبة نمر بها ونراها في تصرفات من حولنا ونتعجب كيف يقتنعون بما فعلوا؟

الشر مفهوم خطير وغير مقنع بالنسبة لي ولكنه مقنع لمن قام به.. من يتسبب في أذي الغير والتعدي علي حرياتهم الشخصية سواء بالتدخل في شئونهم أو إيذائهم بالقول أو الفعل.. كيف اقتنعوا بما فعلوه مثلما حدث مع تلميذة الغربية أو معلمة المنصورة؟ هي روح شريرة شيطانية داخلهم تترصد مواقفهم وتنعكس علي تصرفاتهم فتبدأ بترتيب أوراق الشر واتخاذ خطوات السعي نحو تنفيذه.. الإختلاف في الطباع شئ ضروري في الحياة، ولكن يجب أن نستثمره للوصول لمنطق الفضيلة الأفلاطوني.  

ومن المنطق ألا اقتنع بما تقتنع به أنت فالتعايش بين الإنسان والآخر هو محاولة للتقرب بين الذات والمثيلة لها ومحاولة تغيير الآخر للأفضل ولكن عندما تبوء المحاولات بالفشل لتحسين سلوكيات الآخر، هنا لا يجب أن تنساق إلي مفاهيمه وقناعاته بما يتخذه من قرارات .فما يصلح له أحيانا لايصلح لي وما يضايقك لا يمكن أن يضايقني في كثير من الأحيان، هنا لايجب أن نقف ونعتلي المنابر ونقول كلاما إنشائيا لإصلاح الآخر ونرتدي ثوب الناصح لدقائق ونختفي، لا يجب أن نتصيد أخطاء الغير ونمارس عليهم دور الحكيم.

يجب أن نتعاون في تقريب مفاهيم تحمل تقاليدنا المصرية الأصيلة بالتواصل الإنساني الراقي لضرورة تحسين وتصويب التصرفات، ويجب أن ناخذ الخلاف في الرأي والطباع علي أنه ضرورة لإستمرار الحياة، تصالح مع نفسك أولا قبل أن تطلب من الآخر التصالح مع نفسه.

ألوان الملابس المختلفة تعطيها بهجة وجمال، فاللون الواحد يمل منه الناظر، وأنا شخصيا متعتي الحقيقية في رؤية الإبداع في خلق الله من إختلاف الوان الأسماك والطيور المبهجة ذات الالوان الخلابة . الوقوف عند تصرفات الغير هو نوع من الكبت الداخلي عندما تغمض عينيك علي ماتعانيه أنت وما تفعله وتظل تلوم الآخر وتنتقده قبل أن تنتقد نفسك، يجب أن تكون أنا في كثير من المواقف لتحكم علي تصرفاتي في تلك اللحظة، وتحاول أن تغير ما بنفسي بقدر ما تحاول أنت تغيير نفسك .

مفهوم الحياة ليس فرديا ولكنه جماعيا، وأنت ضمن منظومة متكاملة للحياة تشارك في صنع ماتعيشه سواء من فرح او سرور.. أنت جزء أصيل من تفاصيلك الكثيرة التي تمر بها سواء رضيت بها أو جاءت رغما عنك.. لذلك يجب أن نتقبل الآخر بكل تفاصيله ويكون بيننا مفهوم راقي للحوار والاحترام ودوام النقاش للوصول إلي نقاء العقل والتصرف الحكيم.

كما أن فهم المواقف لايعني القناعة بها ولكن يجب التواصل لخلق نوع من التلاقي بين أفكارنا لنكون سويا الأفضل، لا يجب أن تصادر آرائي ولا ترفضني بإختلافي معك وتتهمني بالعمالة أو سوء الخلق فقد يكون عمري ليس هو عمرك ولا بيئتي هي بيئتك، دوما أبحث داخلي عن النقطة المنيرة في حياتي وزكيها داخلي ودع أخطائي للتحاور بيننا فقد يكون عجز تصويبي ناتج من ثمه بيئة وظروف أمر بها فلولا أن طبيعة الحياة تقوم علي الإختلاف ماتواجدنا في الحياة. 

لايوجد في الحياة شئ واحد أو لونا واحدا، هناك في الحياة تقابل بغير تطابق، فليس في مقدورنا أن نتزوج جميعا من إمرأة واحدة أو تتزوج الفتيات من شابا واحدا، لذلك جئنا من أرحام مختلفة بألوان وطباع مختلفة.

الاختلاف والخلاف منذ الأزل، نحن هنا علي الأرض نحيا حياة مختلفة، البعض يحياها بقوة ضعف أو بضعف القوة، فلايوجد من يحياها بقوة دائمة هناك المنغصات التي تعيش داخلنا بصورة مختلفة داخل كلا منا، والبعض يحياها بضعف القوة حين يحتاج ويتمني ويثق في قدرة الله ويسير رافعأ رأسه وكما يقولون نافشا ريشه.

فعندما تفكر وتحتار وتضع الحلول في وضع ضوابط لتغير فيمن حولك، انظر إلي نفسك أولا حاول أن تصل لنقطة التقاء لتغيير نفسك للأفضل وأن تتقبل الآخر ليساعدك في تغيير نفسك لتغير أنت من نفسه، فقد تكون أنت من يحتاج إلي تغيير في التعامل مع الآخر، نحن خلقنا في الحياة لنكمل بعضنا البعض، أنت تحميني وأنا أرد لك الحماية، لا تتصور أنك من تقوم بالدور الأقوي، أحيانا يساعدني المحتاج والفقير للوصول إلي الله ورؤيته .

فالإنسان يري الله في كل عمل خير وطيب يقوم به تجاه الآخر.. أري الله عندما أمسح دموع المحتاج الذي ضاقت به الحياة وأرفع الظلم عن مظلوم.. أري الله حين يدعوني المؤذن للصلاة، إذا فتقبل الآخر بكل تفاصيله هي نعمة ولا تعتقد أنك ستأخذ كل شئ جميل من الآخر أو تراه أفلاطونيا، فعلينا جميعا أن نضع إطار التصالح مع النفس أولا في كل تعاملاتنا.

ياعزيزي كلنا عيوب ولولا رداء الستر الذي يحيطنا به الله لتعرينا جميعا.