أعوام وسنين تمر يوماً بعد يوم، ويظل السد العالى بمحافظة أسوان صرحاً شامخاً تتوارثه الأجيال جيلًا بعد جيل، ليكون علامة بارزة ومضيئة في جبين الوطن حيث تمر علينا اليوم 9 يناير الذكرى 62 لوضع حجر الأساس لهذا المشروع الهندسى العملاق.
ونستعرض عبر "صدى البلد" حكاية المراحل الإنشائية لأعظم صرح هندسى في القرن العشرين والذى قام الرئيس والزعيم الراحل جمال عبد الناصر بوضع حجر الأساس له فى 9 يناير 1960 ، حيث أن وضع حجر الأساس للسد العالى جاء تتويجًا للإرادة المصرية التى صممت على تنفيذ المشروع حيث تم توقيع اتفاقية بين القاهرة وموسكو فى ديسمبر 1958، لإقراض مصر مبلغ 400 مليون روبل «العملة الروسية» لتنفيذ المرحلة الأولى من مشروع السد.
واقرأ أيضاً:
وفى سرد تاريخى لهذا المشروع فنجد أنه ترجع فكرة بناء السد العالى فى المناطق العليا من النيل لخلق بحيرة صناعية من الماء العذب، واتخذ قرار البدء في بنائه عام 1953 وشكلت لجنة لوضع تصميم للمشروع، وفى ديسمبر 1954، تم وضع تصميم للسد العالى بإشراف المهندس المصرى موسى عرفة، والدكتور حسن زكى بمساعدة عدد من الشركات العالمية المتخصصة.
ولجأت الحكومة المصرية لتأميم قناة السويس لتستعيد استثماراتها من دول الخارج وتوفر الموارد اللازمة لبناء السد العالي، ولذلك قررت الحكومة البدء في بناء السد العالي، وتم توقيع اتفاقية في السابع والعشرين من ديسمبر 1958 في القاهرة يقضي بها أن يمد الاتحاد السوفيتي مصر بالمساعدات المالية والاقتصادية لتنفيذ المرحلة الأولى من السد وقبل انتهائها تم الاتفاق مع السودان للانتفاع بفائض النيل، وجاء ذلك قبل البدء في المشروع ، وأصبح نصيب مصر من المياه بعد بناء السد العالي 55.5 مليار متر مكعب، ونصيب السودان 18.5 مليار متر مكعب، والباقي وقدره 10 مليارات متر مكعب تعد الكمية المعروفة للفقد نتيجة التبخر والرشح.
وشهد مشروع السد العالى ملحمة من الكفاح.. لا بسبب قيمته الذاتية فحسب بل لأنه أصبح كرمز لتصميم الأمة العربية كلها على أن تسير فى بناء وطنها الكبير المتحرر.. إن الذين حاربوا أيها الأخوة ليحققوا الأمل والذين كافحوا ليحولوا الأمل إلى حقيقة والذين لم ترهبهم النار والحديد.. لم يفعلوا ذلك كله لمجرد استخلاص مليون أو مليونى فدان من براثن الصحراء فحسب.. ولا لمجرد الحصول على عشرة ملايين كيلووات من الكهرباء فحسب..إنما فعلوا ذلك تحقيقا لإرادتهم المستقلة التى انتزعوها انتزاعا من قبضة الطغيان والاحتلال والاستبداد والسيطرة.
ومن جانبه أوضح المهندس عبد اللاه عبد الله الهمشري، مدير عام سابق بالهيئة العامة للسد العالي وخزان أسوان بأن شهداء السد العالي الذين قدموا أرواحهم فداءً لإنجاز هذا المشروع يستحقون التحية والرحمة لأنهم ضحوا بأنفسهم وسجلوا أروع ملحمة في تاريخ مصر المعاصر وحققوا حلمًا طال انتظاره، خاصة أن السد العالي يعتبر من أعظم المشروعات الهندسية العملاقة في القرن العشرين ويكفي فخرًا أن السد العالي بني بأيد وإرادة مصرية خالصة.
وقال الهمشرى إن السد العالي يعتبر صرحًا شامخًا وتتساوى قمته مع منسوب 196 فوق سطح الأرض مع هضبة المقطم في القاهرة ويعتبر بمثابة خط الدفاع الأول لحماية مصر من الفيضانات المدمرة، مشيرًا إلى أن السد العالي حمي مصر أيضًا لمدة 9 سنوات خلال السنوات العجاف من عام 1979 حتى 1988، حينما تعرضت القارة الأفريقية للجفاف ومات بسببه العديد من أبناء الدول الأفريقية.
فيما قام الرئيس الراحل محمد أنور السادات بافتتاح مشروع السد العالى فى 15 يناير عام 1971 ليكون ذلك اليوم هو العيد القومى لمحافظة أسوان والذي سيهل علينا بعد أيام قليلة ليواكب اليوبيل الذهبي ومرور 50 عاما على افتتاح أعظم مشروع هندسى فى القرن العشرين وهو مشروع السد العالي ليظل هذا المشروع علامة بارزة وخالدة فى تاريخ مصرنا الحديث.