الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حاولت الانتحار فكيف أكفر عن ذنبي؟.. الإفتاء تجيب

حاولت الانتحار فكيف
حاولت الانتحار فكيف أكفر عن ذنبي

حاولت الانتحار فكيف أكفر عن ذنبي؟ سؤال ورد إلى دار الإفتاء المصرية.

 

وقال الدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، ردا على سؤال "حاولت الانتحار فكيف أكفر عن ذنبي؟": إن التكفير عن محاولة الانتحار يكون بالتوبة وكثرة الاستغفار والأعمال الصالحة والله غفور رحيم.

 

وأشار "ممدوح" إلى أن الانتحار ذنب عظيم يفعله الأشرار، فهناك كتاب اسمه "قمع الأشرار عن جريمة الانتحار".


وأضاف أمين الفتوى “أن المنتحر إذا مات يكرر ما فعله بنفسه فى نار جهنم إلى الأبد، فلو ألقى نفسه من البلكونة يظل يسقط فى النار، ولو أتي بسكينة وضرب بها نفسه يظل يضرب بها نفسه فى النار”.

 

وتابع: يجب علينا ألا نيأس من روح الله ونحسن ظننا به، ومن أصيب بمشاكل نفسية فعليه أن يستعين بالذكر والفكر ويذهب لمراجعة طبيب يساعده.


واستطرد: أحيانا الاستسلام للاكتئاب والإحباط يوصل الإنسان لمراحل متقدمة ويجعله يقدم على أشياء ما كان يظن أنه يقدم عليها.

 

الانتحار بدعوى رفض المهانة أو التعذيب

رفضت دار الإفتاء المصرية، الانتحار أيًا كان موضوعه، فلا يجوز الانتحار لتوقي الشرور، كالاغتصاب والتعذيب، فالمسلم مأمور بالصبر على البلاء، ومقاومة الظلم.


وفصلت: «لأنه لا يجوز للفتاة أن تنتحر خوفًا من أن تغتصب، وعليها مقاومة الغاصب حتى لو وصل الأمر إلى قتله، وإن قتلها هو فهي شهيدة؛ لموتها وهي تدافع عن عرضها، وكذلك غيرها -ممن يتعرض للمهانة والتعذيب- له مقاومة التعذيب والمهانة، ولكن لا يجوز لهؤلاء الانتحار بدعوى أن الانتحار أشرف له من قبول الأسر والتعذيب».


وألمحت إلى أن المسلم مأمور بالصبر على البلاء، ومقاومة الظلم قدر استطاعته، وغير مأمور بالانتحار وقتل النفس خروجًا من البلاء أو هروبًا من المشاكل.

حكم المنتحر

وأكدت أن المنتحر واقع في كبيرة من عظائم الذنوب، إلا أنه لا يخرج بذلك عن الملَّة، بل يظل على إسلامه، ويصلَّى على المنتحر ويغسَّل ويكفَّن ويدفن في مقابر المسلمين؛ قال شمس الدين الرملي في "نهاية المحتاج" (2/ 441): [(وغسله) أي الميت «وتكفينه والصلاة عليه» وحمله «ودفنه فروض كفاية» إجماعًا؛ للأمر به في الأخبار الصحيحة، سواء في ذلك قاتلُ نفسِهِ وغيرُه].

طلب الراحة في الانتحار

قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية إن الإسلام جعل حفظ النفس مقصدًا من أَولى وأعلى مقاصده.

وأضاف مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية عبر صفحته على “فيس بوك”، أن الإسلام بذلك قد جاء موافقًا للفطرة البشرية السّوية، ومؤيدًا لها.

وتابع: “من العجيب أن يُخالِف الإنسان فطرته، وينهي حياته بيده؛ ظنًا منه أنه يُنهي بذلك آلامه ومُشكلاته”.

وأوضح مركز الأزهر أن الحق على خلاف ذلك؛ لا سيما عند من آمن بالله واليوم الآخر، فالمؤمن يعلم أنّ الدنيا دار ممر، وأن الآخرة هي دار الخُلود والمُستقَر، وأن الموت هو بداية الحياة الأبدية، لا نهايتها، وأن الآخرة دار حساب وجزاء، وأن الدنيا لا تعدو أن تكون دار اختبار وافتتان ومكابدة؛ قال سبحانه: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} [البلد: 4]، وقال عز من قائل: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام: 165]، وهذا بلا شك يوضح دور الاعتقاد والإيمان في الصبر على الحياة الدنيا وبلاءاتها، وتجاوز تحدياتها.

 

ونوه مركز الأزهر بأن المؤمن يرى وجود الشَّدائد والابتلاءات سُنّة حياتيّة حتميّة، لم يخلُ منها زمانٌ، ولم يسلم منها عبد من عباد الله سبحانه؛ بَيْدَ أنها تكون بالخير تارة، وبالشَّر أخرى، بالعطاء أوقاتًا، وبالحرمان أخرى، قال سُبحانه: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}. [الأنبياء: 35]

ويعلم حقيقة الابتلاء الذي يحمل الشَّر من وجه، ويحمل الخير من وجوه؛ إذ لا وجود لشرٍّ محض.

ويستطيع ذَووا الألباب والبصائر أن يُعددوا أوجه الخير في كل محنة، والله سبحانه وتعالى قال عن حادثة الإفك في القرآن الكريم: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ...} [النور: 11]، رغم ما كان فيها من الشِّدة والبلاء على سيدنا رسول الله ﷺ، وزوجه أم المؤمنين السّيدة عائشة رضي الله عنها، والمجتمع الإسلامي كله.

فسُنَّة الله سُبحانه في الابتلاء أن جعله اختبارًا وتمحيصًا؛ ليظهر صدقُ إيمان المؤمنين وصبرُهم وشكرُهم، وليظهر السّاخطُ عند البلاء، الجاحدُ عند النّعماء؛ كي يتفاضل النّاس ويتمايزوا، ثمَّ يُوفَّى كلٌّ جزاءَه في دنياه وأخراه؛ قال سُبحانه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}. [محمد: 31]

فإذا عَلِم العبدُ هذا هدأت نفسه، واطمأن قلبه، وعلم أنّ كل قَدَر الله له خير، إنْ هو آمن وصدّق وصبر وأحسن؛ قَالَ سَيِّدنا رَسُولُ الله ﷺ: «عَجَبًا لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلَّا للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْرًا لَهُ». [أخرجه مسلم].

 

هل في الانتحار راحة

أما طلب الراحة في الانتحار فوهمٌ، وهو كبيرة، ولا راحة في الموت لصاحب كبيرة، وليس بعد الموت توبة أو مُستعتب.

والتخلص من الحياة بإزهاق الروح التي هي ملكٌ لله سبحانه جريمةٌ لا مبرر لها على الإطلاق، قال الله تعالى: {...وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ...} [هود: 101]، واعتداءٌ على خلق الله، واستعجال ما قَدّر.

لذلك توعد اللهُ سبحانه وتعالى المُنتحر بالعقاب الأليم، فقال تعالى: {...وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا . وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا . إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا}. [النساء: 29 -31]

وقال رسول الله ﷺ: «كانَ فِيمَن كانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ به جُرْحٌ، فَجَزِعَ، فأخَذَ سِكِّينًا فَحَزَّ بهَا يَدَهُ، فَما رَقَأَ الدَّمُ حَتَّىٰ مَاتَ، قالَ اللهُ تَعَالَى: بَادَرَنِي عَبْدِي بنَفْسِهِ، حَرَّمْتُ عليه الجَنَّةَ». [أخرجه البخاري]

وعاقب النبي ﷺ مرتكب هذا الجُرم بعدم صلاته عليه، فعن جابر بن سَمُرة، قال: «أُتِيَ النبيُّ ﷺ برَجُلٍ قَتَلَ نَفْسَهُ بمَشَاقِصَ، فَلَمْ يُصَلِّ عليه». [أخرجه مسلم]

وبيان حكم الانتحار المذكور لا يعارض النظر إليه كنتيجة لاضطراب نفسي قد يحتاج في بعض الحالات لمعالجة طبية مُتخصّصة، أو لمعاملة أُسرية ومُجتمعية واعية، فالدين يدعم العلم ولا يُناقضه، ويدعو الأسرةَ إلى تحمل مسئولياتها إزاء تربية أبنائها وتنشئتهم تنشئة إيمانية سوية وسطية، ويعتمد الحوار الهادئ البنّاء كأحد أهم أدوات وأساليب العلاج.

ومركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية إذ يقدم هذه الإضاءات يسعد بتواصل الجمهور معه، ويستمع إلى الشباب، ويجيب عن أسئلتهم واستفساراتهم، ويقدم المشورة والنصيحة الصادقة، والدعم النفسيّ والمعنويّ لهم، ويستقبل الاتصالات على هاتف رقم: 19906، في أيام العمل الرسمية من التاسعة صباحًا وحتى الرابعة عصرًا ويستقبل الزيارات، ويعقد مقابلات للشباب مع أعضاء المركز بمقر وحدة بيان بمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية - مشيخة الأزهر الشريف.