الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سينما تجارية لا تعبر عن المجتمع.. لماذا قرر المخرج داوود عبدالسيد الهروب إلى الكيت كات؟

صدى البلد

أعلن المخرج الكبير داوود عبد السيد، عن اعتزاله العمل السينمائي؛ لعدم قدرته على التعامل مع الجمهور الحالي الباحث عن التسلية والمختلف عن سابقيه، الذي وصفه بأنه جمهور لا يملك اهتمامات حقيقية، منتقداً الأفلام التي تنتجها السينما المصرية اليوم، معتبراً إياها سينما تجارية، تقدم التسلية بواسطة معدات وإنتاج سخي، دون أن تعبر عن الواقع الذي يعيشه الجمهور المصري، مدللاً على ذلك بأنه لا توجد مطاردة سيارات في الشوارع المصرية، وأن هذا الأمر نقل عن الأفلام الأمريكية فقط.

 

إعتزال صاحب أرض الخوف والكيت كات ورسائل البحر

اعتزال داوود عبد السيد، لابد أن نقف عنده وقفة كبيرة، ولابد أن نحلل كلماته وأسباب اعتزاله بشكل دقيق، لكونه لم يكن مخرجاً عادياً بل كان أقرب ما يكون من الفيلسوف الذي عمل بصناعة الأفلام التسجيلية والصامتة التي تتحدث الكاميرا بها كلاماً يعجز اللسان عن نطقه.

أرض الخوف

كما كتب سيناريوهات لبعض أفلامه - الصعاليك وحده يكفيه - كما أن أفلامه «الكيت كات وأرض الخوف ورسائل البحر» اختيرت من أفضل مائة فيلم عربي عبر التاريخ من مهرجان دبي السينمائي، وجميعها تغوص في المجتمع المصري وتتفحص إنسانه وتدقق في مشاعره.

 

قضايا داوود عبد السيد السينمائية

اهتم داوود عبد السيد في أفلامه بالشخصيات أكثر من اهتمامه بالقضايا، يقدم الشخصية ويتركها تعيش واقعها بتلقائية، يتابعها فقط، ولا يتدخل في تطورها بل يتركها كما هي لأخذ امتدادها الطبيعي ـ حسب رؤيته ـ خاصة أنه تابع الجمهور الجديد بشكل دقيق، وبحث جيداً في واقعه وعرف عيوبه، وأنه لا يمكنه أن يقدم رؤاه الفلسفية عبر أفلام سينمائية تقدم لمثل هذا الجمهور، حيث إنه يؤمن بأن الترفيه جزء مهم في السينما، لكن الأهم لديه هو كونها وسيلة للتعبير، فكيف يمكنه إرسال رسائله لجمهور لا يهتم بالرسائل.

 

سينما الرغبة في التسلية

عبد السيد في اعتزاله، وضع يده على المعضلة التي تعاني منها مجتمعاتنا العربية من انتشار الرغبة في التسلية، والابتعاد عن الواقع، ما أنتج مجتمعاً مسخاً لا يعي ولا يعرف شيئاً عن بيئته ولا يملك هوية حقيقية، ولا يظهر للرائي أن هناك طريقاً واضحاً يسير فيه المجتمع نحو رقيه.

بل على العكس يسير المجتمع عبر جرف هار ينهار فيه كل شيء، ومع مجتمع لا يقرأ وتتركز اهتماماته فيما يشاهده عبر الشاشات أصبح للسينما والدراما الدور الأبرز في تشكيل الوعي الجمعي لدى الأشخاص، وهو ما تطور مع الوقت وأصبحنا نرى مجتمعاً باحثاً عن اللذات والمتعة يلهث نحوها من تطبيق لآخر، وينتج ملايين الفيديوهات التي لا تملك أي رسائل سوى التسلية، بينما ينتج غيرنا العلم والفلسفة.

 

البحث عن الترفيه المغلف بمعلومة

وأكد داوود عبد السيد أن المشكلة واضحة، ومعروفة تلك الأسباب التي أدت لتلك الحالة، التي تتأرجح بين راسم للخريطة وآخر منفذ لها.

وأضاف، يبقى السؤال الأصعب عن آلية الخروج من تلك الحالة، كيف يمكننا أن نجعل الجمهور شغوفاً بالعلم والثقافة، يبحث عن الترفية الذي يقدم المعلومة، لا الذي يقدم التسلية فقط، وفي حال كنا نعرف الإجابة هل يمكننا تنفيذها، أم أن الذي مهد الطريق لسيطرة التسلية سيزيح الجميع لبقائها وبقائه؟.

 

تأثر عبد السيد بفلسفة شاهين في الأرض

بدايات عبد السيد كانت كمساعد مخرج في فيلم "الأرض" مع يوسف شاهين، ولسنا في زمن التشبث بالأرض ولا الاهتمام بالعلم أو الفلسفة.

كان لابد للفيلسوف أن يغلق كاميرته ويقرر الاعتزال، ونصفق نحن لمخرج اللقطات والأفشات ونترك "الكيت كات" وكل اللي فات.