ذكرى ميلاد شيخ الأزهر
ولد الإمام الأكبر في أقصى الصعيد وكرس جهوده لخدمة دينه ووطنه
تقلد العديد من المناصب القيادية أبرزها مفتي الجمهورية وشيخ الجامع الأزهر
حصل على العديد من الجوائز العالمية أبرزها شخصية العام ودكتوراه فخرية
اعتنى بشئون المرأة وقضية اللاجئين ووفر لهم الدعم الكامل
زار واستقبل قادة العالم في الجامع الأزهر أبرزهم الأمير تشارلز وبابا الفاتيكان
تحل علينا اليوم، ذكرى ميلاد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، والتي تتضمن مسيرة عالمية مملوءة بالعطاء والانجازات لخدمة دينه ووطنه.
مولد ونشأة شيخ الأزهر
ولد الإمام أحمد محمد أحمد الطيب الحسَّاني بقرية القُرنة غرب مدينة الأقصر في الثالث من صفر لعام: 1365هـ الموافق للسادس من يناير لعام: 1946م، لأسرة عريقة شريفة مشهورة بالعلم، والصلاح، ينتهي نسبها إلى سيدنا رسول الله ﷺ.
وتربَّى في ساحة والده الشيخ محمد الطيب -رحمه الله-، وحَفِظ القرآن الكريم في صغره، وأتقن العديد من المتون العلميَّة على الطريقة الأزهرية الأصيلة، والتحق بعد ذلك -حفظه الله- بمعهد إسنا الديني، ثم بمعهد قنا الديني، ثم بشُعبة العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين بالقاهرة، وتخرَّج فيها بتفوق عام: 1969م، ثم عُيَّن معيدًا بالكلية.
مسيرة شيخ الأزهر العلمية والعملية
▪️حصل فضيلة الإمام على درجة الماجستير شعبة العقيدة والفلسفة، عام: 1971م.
▪️حصل على الدكتوراه من الشعبة نفسها، عام: 1977م.
▪️سافر إلى فرنسا وظل بها مدة ستة أشهر في مهمة علميَّةٍ إلى جامعة باريس، عام: 1977م، وهو يُجيد اللغةَ الفرنسية إجادةً تامَّةً، ويترجم منها إلى اللغة العربية.
▪️حصل على درجة أستاذ بالكلية، عام: 1988م.
▪️انتُدِب عميدًا لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بمحافظة قنا، عام: 1990م.
▪️انتُدِب عميدًا لكلية الدراسات الإسلامية بنين بأسوان، عام: 1995م.
▪️درَّس فضيلته بعددٍ من جامعات العالم الإسلامي في الرياض، والدوحة، والعين، وإسلام آباد.
▪️عُيِّن عميدًا لكلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية العالمية بباكستان، في العام الدراسي 1999/ 2000م.
▪️عُيِّن مفتيًا لجمهورية مصر العربية من مارس 2002م، حتى سبتمبر 2003م.
▪️عُيِّن رئيسًا لجامعة الأزهر، من سبتمبر 2003م، حتى مارس 2010م.
▪️وفي مارس 2010م تولى فضيلته إمامة مشيخة الأزهر الشريف حفظه الله ومتَّعه بالصحة والعافية.
▪️ويشغل فضيلته رئاسة هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، والمجلس الأعلى للأزهر، واللجنة الدينية باتحاد الإذاعة والتليفزيون.
▪️كما يشغل عضوية: (المجلس الأعلى للشئون الإسلامية - الجمعية الفلسفية المصرية - مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون - أكاديمية مؤسسة آل البيت الملكية للفكر الإسلامي).
▪️وهو مقرر لجنة مراجعة وإعداد معايير التربية بوزارة التربية والتعليم، والمُشرف على بيت الزكاة والصدقات المصري.
تصانيف وترجمات شيخ الأزهر
لفضيلة الإمام مؤلفات عديدة منها: (البحث عن السلام - الجانب النقدي في فلسفة أبي البركات البغدادي - مباحث الوجود والماهيَّة من كتاب المواقف، عرض ودراسة - مدخل لدراسة المنطق القديم - بحوث في الفلسفة الإسلامية، بالاشتراك مع آخَرين - تعليق على قسم الإلهيات من كتاب تهذيب الكلام).
▪️وأبحاث منشورة في مجلات علمية مُحكَّمَة، منها: (أسس علم الجدل عند الأشعري - التراث والتجديد، مناقشات وردود - أصول نظرية العلم عند الأشعري - مفهوم الحركة بين الفلسفة الإسلامية والفلسفة الماركسية).
▪️بالإضافة لتحقيقاته، والتي منها: تحقيق رسالة «صحيح أدلة النقل في ماهية العقل» لأبي البركات البغدادي، مع مقدمة باللغة الفرنسية، نشرت بمجلة المعهد العلمي الفرنسي بالقاهرة.
▪️ولفضيلته مترجمات عديدة من الفرنسية للعربية، منها: (ترجمة المقدمات الفرنسية للمعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي - ترجمة كتاب: Osman Yahya, Histoire et classification de l'oeuvre d'Ibn Arabi من الفرنسية إلى العربية، بعنوان: «مؤلفات ابن عربي تاريخها وتصنيفها»).
▪️وأبحاث قُدِّمت للمؤتمرات والنَّدوات، منها: (نظرات في قضيَّة تحريف القرآن المنسوبة للشيعة الإماميَّة - ضرورة التجديد - الشيخ مصطفى عبد الرازق المفتَرى عليه).
تكريمات وأوسمة شيخ الأزهر
▪️تسلَّم فضيلته «جائزة الشخصية الإسلامية»، التي حصلت عليها جامعة الأزهر من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي عام: 2003م.
▪️مَنَح الملك عبد الله الثاني ملك المملكة الأردنية الهاشمية فضيلتَه «وسام الاستقلال من الدرجة الأولى»، و«شهادة العضوية في أكاديمية آل البيت الملكية للفكر الإسلامي»؛ تقديرًا لما قام به فضيلتُه من شرح جوانب الدين الإسلامي الحنيف بوسطية واعتدال، أثناءَ مشاركته في المؤتمر الإسلامي الدولي الذي عُقِد بالأردن عام: 2005م.
▪️تسلَّم فضيلتُه جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم «شخصية العام الإسلامية» عام: 2013م.
▪️نال فضيلته جائزة «شخصية العام الثقافية»، المقدمة من هيئة جائزة الشيخ زايد الدولية للكتاب عام: 2013م.
▪️اختير فضيلته «شخصية العام من دولة الكويت» بمناسبة اختيارها عاصمة الثقافة الإسلامية لعام: 2016م.
▪️مَنَح الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير دولة الكويت فضيلتَه «وسامَ دولة الكويت ذا الوشاح من الدرجة الممتازة» عام: 2016م، لخدماته الجليلة التي قدمها لنشر وسطية الدين الإسلامي، والدفاع عن المسلمين في العالم.
▪️قلدت جامعة «بولونيا» الإيطالية، أقدم وأعرق جامعات أوروبا، فضيلته «وسام السجل الأكبر» عام: 2018م؛ مشيرةً إلى أنه يجسد نموذج عالم الدين المنفتح، والمعتدل، الذي يكرس حياته لمواجهة الأفكار المتطرفة، ونزعات الكراهية والإقصاء، ويوضح تعاليم الأديان الحقيقية، القائمة على التَّسامح والحوار وقبول الآخر.
▪️مُنِح فضيلته 6 شهادات دكتوراه فخرية من جامعة «أوراسيا الوطنية» بكازاخستان، و«أكاديمية أوزبكستان الإسلامية الدولية»، وجامعة «أمير سونجكلا» التايلاندية، وجامعة «مولانا مالك إبراهيم الإسلامية» بإندونيسيا، وجامعة «الملايا» بالعاصمة الماليزية كوالالمبور، وجامعة «بنى سويف» المصرية في العلوم الاجتماعية.
▪️وفي عام 2020م منحت ماليزيا فضيلتَه لقب «الشخصية الإسلامية الأولى»؛ تقديرًا لمساهماته في خدمة الأمة الإسلامية.
وفي ختام هذه البطاقة نود أن نشير إلى أنَّ ما ذُكر فيها لم يكن إلا غيضًا من فيضٍ، وقليلًا من كثيرٍ، حاولنا فيه أن نضع بين أيديكم الملامح الرئيسة لسيرة فضيلة الإمام النَّيِّرة، ومسيرته العامِرة، وشخصيته الفذَّة المُؤثرة؛ حتى يقتدي بها المُقتدُون في مجالات تميزها وتفوُّقها كافَّة.
دعم المرأة والطفل واللاجئين
دائما ما تأتي قضية دعم المرأة والطفل والفئات المهمشة على رأس أولويات فضيلة الإمام الأكبر حيث خصص فضيلته جزءاً من حلقات برنامجه الرمضاني "الإمام الطيب"، لمناقشة قضايا المرأة والأسرة، وأكد خلالها على احترام حقوق المرأة وكرامتها الإنسانية، واستغلالِ طاقاتها المُهدرة كشريك أساسي للرجل في بناء الأسرة وصناعة النهضة، كما أكد فضيلته على أن المرأة لها الحق في تولي الوظائف العليا والقضاء والإفتاء، والسفر دون محرم متى كان سفرها آمنًا.
كما حرص فضيلة الإمام الأكبر على أنْ يقدم التهنئة للمرأة في كآفة المناسبات الاجتماعية. ووجَّه فضيلته وحدة لم الشمل بمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية على مواصلة جهودها للحفاظ على تماسك الأسر المصرية وتقديم كل الدعم للمرأة، باعتبارها حجر الأساس لنجاح الأسرة والمجتمع. و شدد شيخ الأزهر على أهمية تعليم الفتيات خلال عدة منشورات على صفحتيه الرسميتين بموقعي فيسبوك وتويتر، مؤكدا حقهن الكامل في الالتحاق بالتعليم باعتباره أحد أهم المكونات الأساسية لشخصية الإنسان وانعكاس شخصية الفتاة على تربية الأبناء وبناء مستقبل الأمم.
وحرص فضيلة الإمام الأكبر خلال عام 2021م على دعم حقوق الأطفال والاهتمام بمستقبلهم، حيث أكد فضيلته حرص الأزهر على تقديم كل الدعم للأطفال مصابي مرض "الضمور العضلي الشوكي" ووجه بيت الزكاة بدعم القطاع الصحي في توفير العلاج اللازم لهم، كما شدد فضيلته على دعم الأطفال بصفتهم قادة المستقبل وحملة مشعل التقدم، ونبَّه فضيلته خلال استضافة الأزهر للاجتماع الدوري للمجلس الاستشاري الإسلامي بشأن التوعية للتطعيم ضد مرض شلل الأطفال، أنَّ التطعيم ضد مرض شلل الأطفال واجبٌ شرعى على أولياء الأمور وأنَّ من يفرط في عملية التطعيم آثم، كما أكد فضيلته على وجوب توفير الحماية التامة والكاملة للأطفال من جميع السلوكيات المنحرفة، حيث أكد على أنَّ التحرش بالأطفال سلوك منحرفٌ محرم، تأباه النفوس السوية، وتجرمه الشرائع والقوانين كآفة، ويستوجب أشد العقوبات الرادعة، وتجريمه يجب أن يكون مطلقًا ومجردًا من أي شرط أو سياق.
كما أولى فضيلة الإمام الأكبر أهمية خاصة لدعم قضايا اللاجئين، حيث أكد خلال لقاءاته بالعديد من القيادات الغربية والمسؤولين الأمميين على ضرورة الاهتمام بقضايا اللاجئين، ووجه فضيلته مجمعَ البحوث الإسلامية بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ببدء المرحلة الثالثة لمبادرة «30 يوم إحسان»، والتي تم إطلاقها بداية العام 2021م لدعم اللاجئين والنازحين مع دخول فصل الشتاء وزيادة الأزمات التي يواجهونها مع انتشار فيروس كورونا، في إطار رسالة الأزهر العالمية لدعم الفقراء والمحتاجين، وتهدف المبادرة إلى توفير المأوى للعائلات اللاجئة والنازحة داخلياً والفئات الأكثر ضعفاً في المجتمعات في مختلف دول العالم، خصوصاً ممن لا يجدون مسكناً ملائماً يحميهم من برد الشتاء القارس، وكذا توفير الطعام للعائلات اللاجئة والنازحة وجميع الفئات الأكثر عوزًا.
تعزيز الحوار والتسامح والأخوة الإنسانية عالميًا
واصل فضيلة الإمام الأكبر في العام 2021 تبنيه لقضايا تعزيز الحوار والتسامح والأخوة الإنسانية عالميا، حيث شارك البابا فرنسيس في الاحتفاء باليوم العالمي للأخوة الإنسانية، وأكد في تلك المناسبة أنَّ الاحتفال بـ«وثيقة الأخوة الإنسانية» هو احتفاء بـ «حدث عالمي تاريخي»، ولد منذ عامين اثنين، لبدء رسالة سلام يحملها عقلاء العالم إلى البشرية جمعاء، تدعو للتآخي والتعاون، ووقف الحروب، ونشر التسامح والوئام، ونبذ التعصب والكراهية، وسياسات القوة والاستعلاء.
وأشار إلى أنَّ تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة- بإجماع أعضائها، إعلانَ الرابع من شهر "فبراير" من كل عام "يوما دوليًا للأخوة الإنسانية" - هو دعم عالمي لكل الجهود المخلصة التي تسعى لنشر ثقافة التعايش والإخاء، ومكافحة التميز والعنصرية والكراهية، بل هو انتصارٌ لكرامة الإنسان، أيًّا كان دينه، وكائنا ما كان جنسه أو لونه أو موقعه. كما وجه فضيلته التهنئة إلى السيد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، والسيدة لطيفة بن زياتن، لفوزهما بجائزة زايد للأخوة الإنسانية في نسختها الثانية.
وفي السياق نفسه، التقى فضيلة الإمام الأكبر قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، على هامش مشاركتهما في قمة قادة الأديان بشأن تغير المناخ، وأعلنا حرصهما الشديد على مواصلة ما يقدمانه معًا من حوار بناء وتعاون مشترك وتكاتف وتآخ أثمر عن وثيقة تاريخية هي وثيقة الأخوة الإنسانية. كما كان فضيلة الإمام الأكبر وقداسة البابا فرانسيس حريصين دائما على تقديم نسخة من وثيقة الأخوة الإنسانية إلى كبار القادة العالميين الذين التقوهما وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي جو بايدن وصاحب السمو الملكي الأمير تشارلز، ولي عهد بريطانيا.
قادة عالميون في رحاب الأزهر
لم يخل العام 2021، رغم استمرار جائحة كورونا، من استقبال الأزهر الشريف وإمامه الأكبر للعديد من كبار القادة العالميين وعلى رأسهم فخامة الرئيس التونسي قيس بن سعيد، وصاحب السمو الملكي الأمير تشارلز، ولي عهد بريطانيا، وصاحب السمو الملكي الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، ولي عهد الأردن.
كانت البداية باستقبال الرئيس التونسي قيس بن سعيد في رحاب الأزهر الشريف، في أبريل من العام 2021، للتباحث حول أبرز قضايا العالم العربي والإسلامي، وأوجه التعاون بين الأزهر الشريف والجمهورية التونسية في المجالات العلمية والثقافية، كما تم الاتفاق على تشكيل لجنة علمية مشتركة لخدمة العلوم والثقافة الإسلامية، وتحقيق التبادل العلمي النافع بين تونس والأزهر.
وفي نوفمبر من العام نفسه، استقبل فضيلة الإمام الأكبر الأمير تشارلز، ولي العهد البريطاني أمير ويلز، والسيدة قرينته الأميرة كاميلا، دوقة كورنول، حيث تم التباحث حول سبل تعزيز التعاون الثقافي والعلمي بين بريطانيا والأزهر، وتعزيز الحوار بين أتباع الديانات، وسبل مواجهة الأزمات الإنسانية المعاصرة، كما تناول اللقاء أزمة تغير المناخ وما تفرضه من تحديات كبيرة تهدد العالم، والحلول الممكنة لمواجهتها.
كما التقى فضيلة الإمام الأكبر في أكتوبر من نفس العام الأمير الحسين بن عبد الله، ولي عهد المملكة الأردنية الهاشمية، حيث تم التباحث حول تأهيل الشباب للمشاركة في القيادة وصناعة القرار العربي وتعزيز التعاون المشترك للارتقاء بدور الشباب العربي