تحلاليومذكرى ميلاد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب،شيخ الأزهرالشريف، حيث ولد في 6 يناير 1946: 3 صفر 1365هـ، وقضى الإمام الأكبر معظم عمره في خدمة الدين والعلم والإنسانية والوطن، مناديًا بالمساواة والتعايش السلمي، وهو شيخ الأزهر رقم 48، وتولى المشيخة منذ 19 مارس 2010،ويرأس حاليًا مجلس حكماء المسلمين، وهو أستاذ في العقيدة الإسلامية ويتحدث اللغتين الفرنسية والإنجليزية بطلاقة وترجم عددًا من المراجع الفرنسية إلى اللغة العربية وعمل محاضرًا جامعيًا لمدة في فرنسا،وتمثل أقوال وأفعال ومؤلفات ومحاضرات الإمام الأكبر، إرثًا فكريًا وروحيًا نعتنى به، ويَفخر به كلُّ مَن بعدنا فى المستقبل.
شيخ الوسطية والاعتدال
والإمام الطيبشيخ الوسطية والاعتدال، ويدعو لنبذ العنف، والسلام بين جميع البشرية والعمل بتعاليم الأديان السمحة، والبعد عن الفحش والفجور والفسوق، وكل ما يغضب الله تعالى، ويتعامل مع الجميع بالحسنى كما أمرنا الإسلام، والكثير لا يعلم شيئًا عن حياة الإمام الأكبر وإنجازاته ودعمه للعالم، ونرصد ذلك عبر هذا التقرير.
خدمة العلم والدين
قضى الإمام الطيب عمره فى خدمة العلم من أجل خدمة دينه ووطنه والإنسانية، وكل من هو مقرب من شيخ الأزهر يراه مهمومًا بالإنسان، وبحال الأمة، وبإصلاح الأزهر، مهمومًا بالضعفاء والمساكين وأصحاب الحاجات، ويشارك آلامهم وأوجاعهم.
واعتنق الكثير من الغربيين الإسلام على يد شيخ الأزهر عندما كان يعيش في فرنسا في السبعينيات من القرن الماضي، ومن بينهم أفراد الأسرة التي كان يقيم لديهم خلال دراسته في باريس، وكشف الإمام الأكبر عن هذه قائلًا: «إنه في بداية معيشته مع الأسرة وضع عدة شروط حفاظًا على عاداته، مثل أنه لا يجلس على طاولة طعام بها خمر»، مضيفًا: «أعترف أني ما دعوتهم إلى الإسلام، بالشكل الموجود الآن، ولكني حافظت على واجبات ديني كاملة، من الأمانة ومن أني ضيف، والالتزام بالآداب الإسلامية عندما تكون في بيت الآخرين»، متابعًا: أن المرأة التي كانت في البيت رغم أنها لم تكن مسلمة إلا أنها لم تظهر لمرة بغير غطاء الرأس، احترامًا للضيف الموجود عندهم، وقدموا إلى القاهرة بعد عودته من فرنسا بشهرين، وأعربوا عن رغبتهم في الدخول إلى الإسلام».
رمز السلام والأخوة
شيخ الأزهرهو رمز السلام، والإمام المجدد والعالم المتمسك بمبادئه، الثابت على الحق وباعث الأخوة الإنسانية، أفنى عمره فى طلب العلم ونشره والحفاظ على الدين كما أنزله الله، وعلى الأزهر ورجاله ومؤسساته، يبذل وهو سعيد، ويعطى ولا ينتظر جزاء إلا من الله رب العالمين.
ولنشر السلام والأمن في العالم، ووقع الإمام الأكبر وبابا الفاتيكان وثيقة الأخوة الإنسانية التي صيغت بطابع إنساني لا يستطيع مَن يقرأها تمييز «هل كُتِبت بقلم إسلامي أم مسيحي؟» كتجسيد حي للتفاهم المشترك وإعلاء قيم الإنسانية والسلام، ولكي يتحقق حلم وثيق الإخوة استغرق الكثير من الإعداد والجهد والعمل الدؤوب بين اثنين من أهم رموز الأديان فى عصرنا الحديث، وتعد وثيقة الأخوة الإنسانية طوق نجاة لأزمات الإنسان المعاصر.
ووثيقة الأخوة الإنسانية هى نتاج عمل مشترك وحوار متواصل استمر لأكثر من عام ونصف بين الإمام الأكبر وبابا الفاتيكان، وتحمل رؤيتهما لما يجب أن تكون عليه العلاقة بين اتباع الأديان، وللمكانة والدور الذي ينبغى للأديان أن تقوم به عالمنا المعاصر، وتضمنت بندوها نشر قيم الأديان والتسامح بين العالم أجمع ووقف الحروب والصراعات، وتدعو لأن يكون العالم يشعر فيه البشر جميعا بالأمان، بغض النظر عن دينهم أو لونهم أو عرقهم.
الإمام الزاهد الإنسان
فرغم تقلده العديد من المناصب مازال الدكتور أحمد الطيب يقيم في شقته بالقاهرة بمفرده تاركًا الأسرة في مسقط رأسه بالقرية، ويواظب على زيارتها لمدة 3 أيام كل أسبوعين وأحيانًا ثلاثة كي لا تنقطع صلته بجذوره وأهل قريته.
ويقيم نجلاالإمام الأكبروهما المهندس محمود والابنة زينب بالأقصر، كما يتابع الشيخ بنفسه وبواسطة أبناء العائلة ساحة الطيب بالأقصر وهي ساحة مملوكة للعائلة، يجتمع فيها شيخ الأزهر بأهل قريته وأهالي القرى المجاورة، وتقدم فيها واجبات الضيافة الكاملة، ويمارس فيها الشيخ دوره كمُحكّم عرفي لحل الخلافات والنزاعات بين العائلات، كما يستقبل فيها ضيوفه من المصريين والعرب والأجانب، ويزوره فيها أحيانًا بعض السائحين الأجانب المتوافدين على الأقصر.
للشيخ وعائلته ساحة أخرى في القاهرة يمتلكها شقيقه الأكبر الشيخ محمد الطيب وهو شيخ طريقة صوفية، والساحة تتوافر بها كافة مقومات الإقامة والضيافة للراغبين من أبناء القرية والقرى المجاورة، سواء من المسلمين أو الأقباط أو من أي مكان آخر في زيارة القاهرة وقضاء مصالحهم فيه، وتستقبلهم الساحة وتوفر لهم كل ما يحتاجون إليه، كما توجد جمعية خيرية تتولى استضافة الفتيات اليتيمات وتربيتهن والتكفل بنفقاتهن حتى الزواج، واستقبال الحالات المرضية وتوفير العلاج لها، مضيفا أن كل أبناء الطيب يقومون بخدمة الزائرين والمقيمين في الساحة بالأقصر والقاهرة.
ميلاد الطيب ومناصبه
ولد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، في 6 يناير 1946م، 3 صفر 1365 هـ، بقرية القُرَنة التابعة لمدينة الأقصر، في أسرة عريقة طيبة المحتد، ووالده من أهل العلم والصلاح، نشأ ببلدته ثم تعلم في الأزهر، فحفظ القرآنَ وقرأ المتون العلميَّةَ على الطريقة الأزهرية الأصيلة، كان الأب يحلم أن يصبح ابنه أحمد وشقيقه محمد الأكبر منه، عالمين أزهريين يشار إليهما بالبنان في قريتهما الواقعة بحضن الجبل بصعيد مصر، لكن الابن أثبت نبوغه مبكرًا، وتفوق في كافة مراحل التعليم الأزهري حتى التحق بكلية أصول الدين بالقاهرة، وبعدها واصل تفوقه وحصل على الماجستير والدكتوراه، ثم واصل دراسته في السوربون بفرنسا، التحَقَ «الطيب» بشُعبة العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين بالقاهرة، حتى تخرَّج فيها بتفوق عام 1969م، هو شيخ الأزهر رقم 48، وتولى المشيخة منذ 19 مارس 2010، وهو الرئيس السابق لجامعة الأزهر، ورئيس مجلس حكماء المسلمين، وهو أستاذ في العقيدة الإسلامية ويتحدث اللغتين الفرنسية والإنجليزية بطلاقة، وترجم عددًا من المراجع الفرنسية إلى اللغة العربية وعمل مُحاضرًا جامعيًا لمدة في فرنسا.
لماذا يرفض تقاضي راتبه؟
لشيخ الأزهر مواقف أخرى منها أنه لا يتقاضى راتبًا عن منصبه كشيخ للأزهر، ويقول إنه يؤدي عمله في خدمة الإسلام، ولا يستحق عليه أجرًا إلا من الله تعالى، كما تنازل عن الكثير من مخصصاته زهدًا وتقشفًا، وخصص الكثير من المعونات من الأزهر للمتضررين من السيول والنكبات، وبناء المستشفيات، وتعويض ضحايا الإرهاب، وقدم الكثير من رحلات الحج والعمرة لأقارب وذوي الضحايا.
توليه الإفتاء والمشيخة
تولى الدكتور أحمد الطيب يوم الأحد 26 من ذي الحجة لعام 1422هـ، الموافق 10- 3- 2002م، منصب مفتي الديار المصرية، بقرار جمهوري، وكان عمره 56 عامًا، وظلَّ في هذا المنصب حتى غرة شعبان لعام 1424هـ، الموافق 27-9-2003م، حيث صدر قرارٌ بتعيينه رئيسًا لجامعة الأزهر الشريف، وقد أصدر خلالَ فترة تولِّيه الإفتاء حوالي «2835» فتوى مسجَّلة بسجلات دار الإفتاء المصرية، وفي يوم الجمعة الرابع من شهر ربيع الثاني سنة 1431هـ الموافق 19 من مارس سنة 2010م وصدر قرار جمهوري برقم 62 لعام 2010م بتعيين الدكتور أحمد محمد الطيب شيخًا للأزهر الشريف، خلَفًا للإمام الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوي.
دفع مسيرة الحوار بين الأديان
ويعد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، أحد أبرز القيادات الدينية الإسلامية وأشهر علمائها الذين ناصروا القضايا الإنسانية العادلة ورفعوا راية التسامح والوسطية في وجه دعوات الانعزال والتطرف على مستوى العالم.
ولعب الإمام الأكبر منذ توليه مشيخة الجامع الأزهر، دورًا بارزًا في دفع مسيرة الحوار بين الأديان، ومد جسور التواصل والحوار بين المجتمعات في الشرق والغرب، وتعزيز مفاهيم التعايش السلمي وقبول الآخر.
وعبر مسيرته المليئة بالعطاء أدى الإمام الأكبر دورًا بارزًا في إذابة الاحتقان الطائفي في عدد من بلدان العالم الإسلامي وإعادة صياغة علاقة المسلمين بـ«الآخر» على الأسس الإسلامية القويمة، التي تؤكد حتمية احترام أتباع الأديان السماوية الأخرى، حيث يؤكد فضيلته أن ما يفرق الأزهر عن أي جامعة أخرى هي الرسالة التي يقوم بها في نشر الوعي الديني والمجتمعي.
صاحب فكر تنويري
ويعرف عن الإمام الأكبر أنه صاحب فكر تنويري ومعتدل، لا يميل إلى التشدد ولا يُغالي في الدين، بل يفضل الوسطية التي يراها أفضل ما يميز الدين الإسلامي، ومن هنا يأتي موقفه الحاسم الذي يرفض فيه إنكار الآخر؛ أي آخر، تحت أي دعوى دينية أو مذهبية أو عرقية، ويراه ليس من الإسلام في شيء، كما حارب شيخ الأزهر الأفكار المتطرفة في جميع العالم، وطالب بتنفيذ عقوبة القصاص على الإرهابيين، وفند أفكارهم وحذر منها، منبهًا على أن الإسلام من براء.
ويتمتع شيخ الأزهر بعلم غزير واسع وثقافة رفيعة، وهذا ليس بمستغرب على من تربى في الأزهر وتعلم في «السوربون»، التي حصل منها على الدكتوراه في العقيدة الإسلامية، بعد أن تتلمذ فيها على أيدي أعرق أساتذتها الذين أشادوا بدأبه ومثابرته وتفوقه، وتصديه لدراسة موضوعات شائكة لا يقوم بها إلا من أوتي عزمًا وإرادة ورغبة متأججة في العلم.
وأثرى الإمام الأكبر المكتبة العربية والعالمية بعشرات المؤلفات القيمة في الفقه والشريعة وفي التصوف الإسلامي، كما أنه يتحدث اللغتين الفرنسية والإنجليزية بطلاقة، وقد كان له الفضل في ترجمة عدد من المراجع الفرنسية الهامة إلى اللغة العربية.
وشارك شيخ الأزهر في العديد من المؤتمرات الدولية، ومنها الملتقى الدولي التاسع عشر من أجل السلام بفرنسا، والمؤتمر الإسلامي الدولي حول حقيقة الإسلام ودوره في المجتمع المعاصر، ومؤتمر القمة للاحترام المتبادل بين الأديان المنعقد في نيويورك وجامعة هارفارد، ومؤتمر الأديان والثقافات «شجاعة الإنسانية الحديثة» والذي نظمته إحدى الجامعات بإيطاليا، ومؤتمر الثقافة والأديان في منطقة البحر المتوسط والذي نظمته الجامعة الثالثة بروما، والمؤتمر العالمي لعلماء المسلمين بإندونيسيا تحت شعار «رفع راية الإسلام رحمة للعالمين».
ويتمتع الإمام الأكبر بعضوية العديد من الهيئات العلمية منها الجمعية الفلسفية المصرية والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، ومجمع البحوث الإسلامية، واللجنة الدينية باتحاد الإذاعة والتلفزيون، ومقرر لجنة مراجعة وإعداد معايير التربية بوزارة التربية والتعليم، وأخيرًا عضو أكاديمية مؤسسة آل البيت الملكية للفكر الإسلامي.
دعم حقوق المرأة والطفل
أولى الإمام الأكبر، قضايا المرأة والأسرة اهتمامًا كبيرًا وخصص لها حلقات في البرامج والبيانات التي تصدر منه، مؤكدًا الحقوق التي أقرها الإسلام للزوج والزوجة، وكيفية الحفاظ على الكيان الأسري، واحترام حقوق المرأة وكرامتها الإنسانية، واستغلالِ طاقاتها المُهدرة كشريك أساسي للرجل في بناء الأسرة وصناعة النهضة.
ووجَّه وحدة لم الشمل بمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية لبذل المزيد للحفاظ على تماسك الأسر المصرية، كما تم إطلاق مشروع قوافل التوعية الأسرية في محافظات مصر وربوعها، بهدف تثقيف الأسرة المصرية لتفادي المشكلات التي قد تؤدي إلى تهديد استقرارها وزوال سعادتها.
وخصص قسمًا لفتاوى المرأة بمركز الأزهر العالمي للرصد والفتوى الإلكترونية، يعمل به مجموعة من المفتيات المتخصصات للرد على تساؤلات النساء والحصول على الإجابة الصحيحة الموثوقة من المتخصصين فيها.
ودعم الإمام الأكبر، حقوق الأطفال والاهتمام بمستقبلهم، حيث أكد خلال مشاركة سابقة له، بمؤتمــر قِمَّــة الأديـان تحــت عنــوان: «تعزيز كرامـة الطفل» بالفاتيكان، أن حقوقَ الطفلِ في شريعةِ الإسلامِ متنوِّعةٌ ومحميَّةٌ بعُقوباتٍ شرعيَّةٍ رادعة، وأن هذه الحقوقُ تُمثّلُ مَقصِدًا مُقدَّسًا من مقاصدِ الإسلام وجميع الأديان، ومُبرِّرًا من مُبرّرات الشرائع الإلهيَّة.
وأوضح أن قضية أطفالنا ومسـتقبلهم الغامض المضطـرب في مـرآة التكنولوجيا الحديثة، والعالم الرَّقميِّ الجديدِ، تُقْلِقُ بالَ كل بيت وكلِّ أسرة في الشَّرق والغرب على السَّواء، بسبب استحواذ الهواتف الذكية عليهم؛ مما ينذر بأمراض نفسية واجتماعية تتربص بأطفالنا، مشددًا على ضرورة أن يسعى سـائر العُقلاءِ من المفكِّـرينَ والسِّياسيين، وأصحابِ القراراتِ السِّياسيَّةِ الدوليَّةِ إلى التَّصَدِّي والمواجهة والبحثِ الجاد عن مخرج من هذه الأخطار المحدِقة بأطفال اليوم وشباب المستقبل وفرسانه، حتى لا نُضِيف إلى مَآسِينا الحضاريَّة مأساةً جديدةً تُصِيبُ الإنسانيَّة، بعد ما بات واضحًا لممثلي الأديان ولكل ذي قلب وضمير أنَّ هذا التطور «الرَّقمي» قد سَرق من هذه الكيانات البشريَّة الضعيفة، براءتها وأحلامها، وأوشكت أن تتحول إلى «أرقاء» في أيدي الذين لا يؤمنون إلا بالأرض وبالمادة وحدها.
إنسانية الإمام الطيب مع الأطفال
تألم الإمام الأكبر كثيرًا بعد سماع ما ارتُكِبَ من جريمة وحشية بحق الطفلة البريئة «جنة»، قائلًا: "إن ما تعرضت له الطفلة «جنة» من حرقٍ وتعذيبٍ هو فاجعة إنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، الآن صعدت روحُها البريئةُ إلى بارئها تشكو ما حلَّ بها من ألم وعذاب في غفلة منا جميعًا، ما حدث للطفلة جنة يضعنا جميعًا أمام مسئولياتنا تجاه أطفالنا وأبنائنا، ولنعلم جميعًا أننا محاسبون أمام الله عليهم"، وتكفل بحالة الطفلة «أماني» شقيقتها، والبالغة من العمر ست سنوات، وعلاجها طبيًا ونفسيًا وتعليمها وتحمل جميع نفقاتها.
واستجاب شيخ الأزهر لاستغاثة المريضة «رحمة سعيد» في أحد البرامج التليفزيونية، التي كانت تعاني من اعوجاج شديد بالعمود الفقري وتحتاج إلى عملية في منتهى الخطورة، موجِّهًا بعلاجها على نفقة بيت الزكاة، وأجرى فضيلته اتصالًا هاتفيًا بالطالبة آية نصر، الطالبة بكلية طب أسنان بنات بالقاهرة، والتي أصيبت في حادث قطار وتم نقلها إلى أحد مستشفيات الزقازيق للاطمئنان على صحتها ومتابعة حالتها، كما وجه فضيلته خلال زيارته لمصابي تفجير الدرب الأحمر الإرهابي بمقر علاجهم بمستشفى الحسين، بتوفير جميع أوجه الرعاية الصحية لهم.
وفي لفتة إنسانية، قرر الإمام الأكبر تكفل الأزهر الشريف بجميع تكاليف سفر جثمان الطالب الإندونيسي «محمد زمروني» الطالب بالفرقة الثالثة بكلية أصول الدين قسم التفسير، موجهًا بتحمل تكاليف سفر زوجة الطالب المتوفى وأولاده وعودتهم مرة أخرى لإتمام الدراسة بالأزهر، حيث إن زوجته طالبة بالأزهر الشريف، بالإضافة إلى توفير مبلغ مالي يُعينهم على أعباء الحياة، كما وجه فضيلته بتقديم منحة دراسية للطالب التايلاندي الذي أصيب في حادث الدرب الأحمر الإرهابي، وتوفير سكنٍ له بمدينة البعوث الإسلامية.
واهتمامًا منه برعاية ودعم الفقراء والمحتاجين، تبرع الإمام الأكبر بقيمة «جائزة الأخوة الإنسانية» التي منحتها دولة الإمارات العربية المتحدة لفضيلته، تقديرًا لجهوده في نشر السلام العالمي وتحقيق الأخوة بين البشر، لبيت الزكاة والصدقات المصري، وصندوق تحيا مصر، ومرضى الأطفال بمستشفى شفاء الأورمان لعلاج السرطان بالأقصر، بالإضافة إلى سداد بعض ديون الغارمين والغارمات.
مواجهة كورونا في بيت الزكاة
ومع انتشار فيروس كورونا ضاعف شيخ الأزهر الإعانة الشهرية لمستحقي الزكاة من بيت الزكاة والصدقات، بمقدار 96 مليون جنيه إضافية ليرتفع إجمالي ما يقدمه إلى نحو 192 مليون جنيه تشمل 94 ألف أسرة.
ورصد الإمام الأكبر 30 مليون جنيه من بيت الزكاة والصدقات المصري لتوزيعها على العمالة غير المنتظمة الفئات، لتقديم يد العون لهم في ظل هذه الظروف.
جولات خارجية لنشر التسامح
نشر الإمام الأكبر خلال جولاته الداخلية والخارجية مفهوم التسامح والتعايش السلمي ودعم قيم الأخوة الإنسانية بين جميع البشر، وشهد عام 2019م نقلة نوعية على مستوى العلاقات ما بين الأزهر والفاتيكان، تجسدت في لقاءات الإمام الأكبر بالبابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، والتي كان أبرزها عقد لقاء الأخوة الإنسانية في دولة الإمارات العربية المتحدة، برعاية من الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد الإمارات، والتي أثمرت عن التوقيع على وثيقة «الأخوة الإنسانية» التاريخية، واستمرارًا لدعم التعاون المشترك بين الأزهر والفاتيكان لتحقيق الإخاء الإنساني، شارك شيخ الأزهر في أعمال مؤتمر قمة قادة الأديان تحت عنوان «تعزيز كرامة الطفل في العالم الرقمي»، بالمقر الرئيسي للأكاديمية البابوية للعلوم بالفاتيكان.
وشهدت العلاقات الأزهرية بدول الغرب العديد من المحطات الفارقة، استقبل خلالها فضيلته العديد من القيادات والسياسيين البارزين في العالم الغربي، من أجل فتح مجالات الحوار والتفاهم بين الشرق والغرب وتوضيح الصورة الحقيقية للدين الإسلامي بعيدًا عن الصورة النمطية التي تلصق الإرهاب والعنف بالإسلام والمسلمين في الغرب، ومن أبرز هذه الشخصيات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وأنطونيو غوتيريس، أمين عام الأمم المتحدة، وجورج فيري، رئيس مجلس الشيوخ الكندي، على رأس وفد رفيع المستوى من مجلس الشيوخ الكندي، وتوماس أوبرمان، نائب رئيس البرلمان الألماني، وميجيل موراتينوس، الممثل السامي للأمم المتحدة لتحالف الحضارات.
أفريقيا في قلب الإمام
أكد الإمام الأكبر منذ توليه منصبه، دعمه الدائم للطلاب الأفارقة، وتنمية الروابط الإنسانية التي تدل على عمق العلاقات بين مصر والدول الأفريقية، لافتًا إلى أن أفريقيا في قلب الأزهر وعلى رأس اهتماماته.
وتماشيًا مع تولي مصر لرئاسة الاتحاد الأفريقي العام السابق، افتتح شيخ الأزهر المقر الإقليمي لاتحاد جامعات شمال أفريقيا بجامعة الأزهر، وشكل فضيلته لجنة مختصة بالشئون الأفريقية بالأزهر الشريف، كما وجه بضرورة استثمار وتوظيف كل عناصر الثّقل الأزهري في أفريقيا لدعم القارة السمراء عبر قوافل إغاثية وطبية لمساعدة المحتاجين وعلاج غير القادرين، وقوافل دعوية لنشر ثقافة التعايش والتسامح بدلًا عن الكراهية والعنف، إضافة إلى استقبال طلاب 46 دولة أفريقية للدراسة بجامعة الأزهر ومعاهده، وتدريب الأئمة الأفارقة على آليّات مواجهة الأفكار المتطرفة والتعامل مع القضايا المُستحدَثة، وإنشاء معاهدَ أزهريّةٍ ومراكزَ لتعليم اللغة العربية، فضلًا عن الدَّور المحوري لبعثات الأزهر التعليمية والدعوية في نشر تعاليم الإسلام السمحة في ربوع القارة الأفريقية.
ويضاعف الإمام الأكبر، من جهود الأزهر في القارة الأفريقية لرفع معاناة أبنائها المتضررين من مثلث هدم الأمم؛ الفقر والجهل والمرض، حيث تتنوّع هذه الجهود ما بين قوافل طبية لعلاج غير القادرين، وقوافل للسلام لنشر ثقافة التعايش السلمي وإحلال الأمن بدلًا من التهديدات، والسلام بدلًا من الحروب، والتفاهم بدلًا من التنافر، التوادّ بدلًا من التباغض والكراهية، فضلًا عن البعثات التعليمية والدعوية التي يرسلها الأزهر لنشر نور الرسالة السامية للدين الإسلامي في القارة بأسرها.
قوافل الأزهر طبية في أفريقيا
لم تتوقف جهود الأزهر على الدعوة والتعليم والتوعية، بل اضطلع الأزهر بتقديم المساعدات الإنسانية للمنكوبين في ربوع أفريقيا سواء كان ذلك بسبب جفاف أو ضعف في الإمكانات أو نزاع مسلّح حرم البلاد من التمتع بخيراتها.
وتتوالى القوافل الطبية التي يرسلها الأزهر الشريف على البلدان الأفريقية على مدى عقود طويلة مدّ فيها الأزهر يد العون من خلال أدوية وأطباء يقومون بزيارة المناطق التي غلبها المرض وتعمل على إنقاذهم من شباك المرض، وقد لا يتسع المقام للتعرّض للقوافل الطبية التي أرسلها الأزهر الشريف لعدد من الأقطار الأفريقية، والتي كان من بينها قافلة طبية في ولاية أبشي بدولة تشاد، ووقعت الكشف الطبي وتقديم العلاج لنحو 15 ألف حالة مرضية في 13 تخصصًا، كما أجرت قرابة 300 عملية جراحية مختلفة، وساهمت القافلة بشكل فعَّال في تقديم الخدمات الطبية المتكاملة، وبشكل مجاني للأهالي، حيث ضمّت نخبة من أكفأ الأطباء بكليات الطب بجامعة الأزهر من مختلف التخصصات.
رأب الصدع في أفريقيا الوسطى
في الوقت الذي غفلت دول عظمى ومنظمات دولية عن الأزمة في أفريقيا الوسطى، ولم تحرك مشاهد العنف المتزايدة لها ساكنًا، لم يقف الأزهر الشريف مكتوف الأيدي إزاء هذا الوضع المأساوي بل بادر بالتدخل والوساطة لحل الأزمة بين الأطراف المتصارعة بالبلاد من خلال وفد أزهري التقى بشخصيات محورية في الصراع الدائر، كما التقى بعدد من صناع القرار ساعيًا للتقريب بين وجهات النظر وتحقيق مصالحة وطنية تحقق السلام المنشود لجميع الأطراف.
وأرسل شيخ الأزهر الشريف بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين قافلة السلام لعاصمة أفريقيا الوسطى بانجي خلال شهر يونيو عام 2015م؛ حيث عقدت القافلة عددًا من الأنشطة والفعاليات واللقاءات من أجل تحقيق مصالحة وطنية، ونبذ الفرقة بين أبناء الشعب من المسلمين والمسيحيين، وكذلك رفع المعاناة عن المسلمين الواقعين تحت اضطهاد وعنف جماعة أنتي بالاكا المسيحية المتشددة، والتأكيد في الوقت نفسه على أن الإسلام لا يدعو لمواجهة العنف بالعنف، وهو من باب أولى ينهى عن المبادرة بالعنف بحق الآخرين.
محاربة الفكر المتطرّف
تعاظم أمر جماعة بوكو حرام، وأخذت في النمو حتى صارت أكثر الجماعات دموية في العالم، متفوقةً بذلك على تنظيم داعش؛ ذلك التنظيم الذي انشغل المجتمع الدولي بمتابعة أخباره وتشكيل تحالفات لمكافحته، وشنّ العمليات العسكرية الواحدة تلو الأخرى بهدف القضاء عليه في حرب ضروس راح ضحيتها آلاف الأبرياء وملايين المشرّدين، وقد تنامى الخطر الذي تمثّله جماعة بوكو حرام على الأمن في منطقة غرب أفريقيا قاطبةً وليس نيجيريا فحسب بسرعة كبيرة، وفي خضمّ تلك الأحداث المتلاحقة وموجات الإرهاب المتلاطمة، كان الأزهر على قدر الحدث، ووقف على جبهة قتال لا تقلّ شراسة عن المواجهة المسلّحة؛ إذ دخل في مواجهة فكرية مع تلك الجماعات، حرب خاضها الأزهر الشريف من خلال مرصده لمكافحة التطرّف.
أخذ الأزهر برئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب على عاتقه تفنيد مزاعم بوكو حرام والرد على ما يثيره أنصارها من شبهات فاسدة ومزاعم باطلة، وتوجيه النصح والتوعية اللازمة للشباب الذي تستهدف هذه الجماعة ونظيراتها استقطابه للانضمام إلى صفوفها، ليكونوا بذلك ضاعفوا مكاسبهم؛ أضاعوا الشباب، واستغلوا حماسهم في تغذيتهم بالأفكار الشاذّة المتطرّفة وتحقيق أهداف خبيثة، لا علاقة لها بإقامة دين ولا تطبيق شريعة، وخلال هذه الحرب الضروس قام مرصد الأزهر بإعداد مجموعة من التقارير بهدف كشف هذه الجماعة وبيان حقيقتها، والعمل على توضيح الإسلام في صورته السمحة ومبادئه القويمة التي تدعو لحفظ الإنسان وكرامته، لا كما يعمل هؤلاء المتطرفون من امتهان لكرامة الإنسان.
الأمر ذاته تم حيال حركة الشباب الصومالية التي تنشط بشكل ملحوظ في دول شرق أفريقيا ومنطقة القرن الأفريقي؛ حيث لم يكن الأزهر في معزل عن دائرة الأحداث، بل كان في قلب الصورة يؤازر المتضررين ويواسي المنكوبين ويعمل على توعية الشباب الذي تستهدفه هذه الحركة، لا سيما في كينيا والصومال بمخاطر الانخراط في مسالك هذه الحركة والوقوع في براثنها، من خلال العمل على كشف ضلال هذه الحركة وبيان موقف الإسلام منها ومن جرائمها في أكثر من مناسبة وأكثر من مقال وتقرير.
وعمل الأزهر ولا يزال من خلال مرصده على تفنيد دعاوى حركة الشباب وتحصين عقول الشباب من الفكر المسموم الذي تنشره تلك الحركة بهدف تضليل الشباب واستدراجهم تحت مزاعم إقامة الشريعة والحكم بما أنزل الله إلى هاوية العنف والإرهاب.
تفنيد الأفكار المتطرفة
وأمر الإمام الأكبر مرصد الأزهر بمتابعة القارة السمراء شرقًا وغربًا وما فيحدث فيها ويحلّل ويفنّد ويردّ، حتى يكون الأزهر دائما في قلب الأحداث، مع أبناء القارة الإفريقية يدعمهم بالحجة الثابتة ويساندهم بالتوجيهات السديدة ويقدّم لهم الوقاية اللازمة من فكرٍ هدّام تعمل جماعات الدم والتخريب على نشره في ربوع القارة.
الناظر في تاريخ الأزهر لا يجد عناءً ولا مشقّة في التعرّف على إسهامات هذه المؤسسة العريقة وبصماتها البيضاء داخل مصر وخارجها؛ حيث عني الأزهر بإعلاء قيمة الإنسانية والعمل على نشر ثقافة السلم والتعايش في أنحاء العالم.
ويعد الأزهر الشريف من أكبر المؤسسات في العالم التي تعمل على إنقاذ البشرية مما حاق بها في عالم بات يموج في بحر من الدماء جراء موجات العنف والإرهاب، فضلًا عن ممارسات الكراهية والتمييز وكل ما يتعارض مع المبادئ الإنسانية، إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، كما أصدر الإمام الأكبر، قرارًا بإنشاء لجنة للشئون الأفريقية تهتم بالقارة دعويًا وتعليميًا فى إطار خطته لتوطيد العلاقات مع الدول الأفريقية.