في بداية كل عام ينشط الفلكيون والعرّافون في طرح نبوءاتهم وتصوراتهم حول ماذا سيحدث في العام الجديد، وهم يدركون تماما أن نبوءاتهم كلها عامة و"عايمة، ويتناساها الناس بعد مرور أول أسبوع من العام، ومع نهاية العام الجديد يذهب كل شىء إلى طي النسيان، وتبدأ موجة جديدة من التوقعات لعام جديد، وهكذا ، و"أهو كله أكل عيش"!
ولكن الملاحظ أن الأغلبية العظمى من العرافين تلجأ إلى استمالات التهويل والتخويف فى توقعاتهم، فقط من أجل إثارة الجدل، والشهرة، ولكتابة نبوءاتهم، فالتوقعات فى مجملها كارثية تشاؤمية، تتعلق باغتيالات وكوارث ومصائب، فقط ليظل العالم مشدوها بتنبؤاتهم، منجذبا إليها رغم أن كل الحكاية أن عاما مضى، وعاما جاء، وصفحة طويت، وصفحة جديدة انفتحت، وكلها فى نهاية الأمر أيام ربنا.
ورأيي أن النبوءة الوحيدة التى يجب أن نؤمن بها ونحن فى مطلع عام جديد هى:"تفاءلوا بالخير تجدوه"، وهى بالمناسبة ليست حديثا شريفا، وإن كان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حثنا بالفعل على التفاؤل، ونهى عن التشاؤم، وقال فى حديث آخر متفق عليه :"يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا"، فطوبى للمتفائلين الذين يسطرون بتفاؤلهم أحداث عالم جديد، حتى ولو فى أصعب الظروف بدليل أنه مرت علينا أيام أسود من قرن الخروب منذ أحداث يناير المشئومة سقط فيها من سقط، ويئس فيها من يئس، واكتأب فيها من اكتأب، ولكن بقى التفاؤل ممكنا، ثم تحول شيئا فشيئا إلى واقع، وسيصبح حقيقة دامغة بإذن الله رغم أنف المحبطين والمثبطين، في 2022 التفاؤل يكسب.
• مع إطلالة العام الجديد برزت شخصية بابا نويل بما تحمله من وعود لتحقيق الآمال والأحلام، وبما تمثله للأطفال من بهجة ومتعة خاصة، لكن شاعرنا بخيت بيومي المتدفق إبداعا شعريا وفكريًا رأى فيه ومن خلاله ما يتمناه إنسانيًا وعربيًا ومصريًا كما توضحه الأبيات التالية من قصيدته الطويلة حيث يقول:
جيت الدنيا مشفتش بابا
وعايزك بابا لمدة يوم
أصل بابا مات فى مظاهرة
وجدى اتوفى فى نفس اليوم
منايا يا بابا السلم يدوم
وفرصة جميلة أنت الليلة
فى كل بلاد الله معزوم
زور كام دولة
النعسان صحيه م النوم
العالم كله بياكل بعضه
وأى أزمة ملهاش لازمة
تلاقى وراها ولاد صهيون
عايزين ياكلو الشرق الأوسط
وإسرائيل الكبرى تقوم
بابا نويل بعد إذنك
إدينى ودنك
ولاد صهيون راكبين أمريكا
برة وجوه
وعلى العالم عاملة فتوة
هكذا يكون بابا نويل الحقيقى كما يراه شاعرنا الكبير بخيت بيومى.
• كلمات قليلة ولكنها مؤثرة قالها ورحل الكاتب الكبير وحيد حامد الذى كرمه مهرجان القاهرة السينمائى الدولى بشكل منفرد، كلمات عبر فيها عن سعادته برحلته فى السينما والتليفزيون، وأنه نجح فى تقديم أعمال مهمة أسعدت الناس وعبرت عن آلامهم.
ولد وحيد حامد فى الأول من يوليو عام 1944، ورحل فى الثانى من يناير عام 2021 عن عمر ناهز الـ 76عاما، متزوج من الإعلامية زينب سويدان، وله ابن واحد هو مروان المخرج السينمائى المعروف، مسقط رأسه قرية بني قريش منيا القمح بمحافظة الشرقية، ونزح إلى القاهرة في بداية الستينيات لدراسة الآداب بقسم الاجتماع.
وفى هذه الأثناء زار المكتبات، واطلع على أعمال كبار الكتاب أمثال نجيب محفوظ وعبد الرحمن الشرقاوى ويوسف إدريس الذى نصحه بالاتجاه إلى الكتابة الدرامية للسينما والتليفزيون رغم أنه أصدر أول مجموعته القصصية بعنوان "القمر يقتل عاشق" وغيرها، إضافة إلى إنتاجه الفنى الغزير له عشرات المقالات السياسية والاجتماعية فى الصحف والإصدارات المصرية والعربية، وقدم وحيد حامد إنتاجه الفنى للسينما والتليفزيون والإذاعة، ولمع اسمه فى نهاية السبعينيات مثله مثل أبناء جيله كأسامة أنور عكاشة وغيره.
فى التليفزيون قدم"أحلام الفتى الطائر" لعادل إمام وإخراج محمد فاضل، وحقق نجاحا كبيرا، وللسينما قدم"طائر الليل الحزين"لنيللى ومحمود عبد العزيز وإخراج يحيى العلمى، ثم توالت أعماله لكليهما، ففى السينما قدم لعادل إمام مجموعة من الأفلام المهمة التى ناقشت قضايا سياسية واجتماعية منها: الغول، واللعب مع الكبار، والإرهاب والكباب، والنوم فى العسل، وطيور الظلام وغيرها؛ كما قدم لمحمود عبد العزيز"سوق المتعة"، ولأحمد زكى"البرىء"و"اضحك الصورة تطلع حلوة"، ولنور الشريف "كل هذا الحب"، ولمحمود مرسى"حد السيف"، ولنبيلة عبيد "كشف المستور"، كما كتب سيناريوهات أفلام "الراقصة والسياسى"لإحسان عبد القدوس، و"عمارة يعقبيان" لعلاء الأسوانى، وليسرا قدم "دم الغزال".
كما قدم فيلم "ديل السمكة" لحنان ترك ، واختيرت من أعماله فى قائمة أحسن 100فيلم"البرىء"، و"اللعب مع الكبار"، وللتليفزيون توالت أعماله الناجحة والتى أثارت الجدل ومنها : العائلة لمحمود مرسى وليلى علوى، وأوان الورد ليسرا وهشام عبد الحميد، والتى ناقش فيها قضية الوحدة الوطنية بين الأقباط والمسلمين، ثم مسلسل الجماعة لإياد نصار، والذى استعرض فيه تاريخ الإخوان الأسود فى مصر وغيرها.
ويبقى وحيد حامد بكل أعماله والجوائز التى حصل عليها كاتبا فريدا،وسيظل علامة فى تاريخ الدراما المصرية والعربية.