الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سلطان دولة التلاوة

منى احمد
منى احمد

يصفونه بملك المقامات القرآنية وتكفي شهادة د. رتيبة الحفني عنه انه معهدا عاليا للموسيقى العربية. فالشيخ مصطفى إسماعيل  ظاهرة فريدة في علم الأصوات والقراءات في دولة التلاوة المصرية التي تربع منفردا علي عرشها بالرغم من ظهوره وسط كوكبة من عمالقة التلاوة  وكان ومازال حالة استثنائية استوعبت من قبله واتت علي ما بعده. 

والشيخ مصطفي إسماعيل هو ابن مدرسة التصوير النغمي للقرآن حاول أن يجمع بين القراءات المختلفة في قالب متفرد ملك وحده ناصية تجويده فمن يتابع تسجيلاته يدرك امتلاكه مخزونا غير عادى من الثقافة الموسيقية بحنجرته التي لا يعصى عليها نغم من خلال تركيب النغمات والمقامات بشكل بديع مع الحفاظ على أحكام التجويد.  

مزج الشيخ مصطفي إسماعيل بين علم القراءات وأحكام التلاوة وعلم التفسير إضافة الي علم المقامات فالخيال النغمي للشيخ هو سر أسراره فكانت تنغيماته نهر لا ينضب ماؤها وصوته يتدفق رقراقا من الطبقة الهادئة منطلقا بأداء عبقري يخطف الاذان ليأخذنا الي مرحلة اللا معقول حيث  قدرات صوتية اجاد التجول بها في مدارات أفلاكه النغمية الفريدة .  

امتلك مصطفي إسماعيل صوتا وهاجا بطبقات متعددة فكان يقرأ من مساحات شاسعة بقراءات مختلفة متنقلا بين المقامات بسلاسة مذهلة جعلته طائرًا يغرد خارج السرب فلم يستطيع أحد اللحاق به.

ورتل الشيخ إسماعيل القرآن بأكثر من 19مقاما مستشعرا جلال المعنى القرآني ناقلا لنا الصورة الذهنية البهية لكل اية فكان يستحضر حجة القرآن في صوته ويبثها في أفئدة المستمعين بالمقام الموسيقي المناسب للحالة التي نزلت من اجلها الآية. 

بل كان القارئ الوحيد الذي  يقرا الآية الواحدة عدة مرات بمسارات نغمية مختلفة وكان يدرك بذكاء متفرد أي مقام يذهب إليه ليمس قلب مستمعيه وحالة وجدانية يقشعر لها البدن في كل قفلة للآية تسحر مريديه وتنتزع منهم اهات الاعجاب كأنهم يستمعون الي ام كلثوم ولما لا فهو  سلطان التلاوة وحالة من الانتشاء قد لا تسع وصفها الكلمات وعجزت عن تفسيرها التحليلات  فمن أي جعبة ساحرة أتى العبقري مصطفى إسماعيل. 

رغم ان الشيخ مصطفى إسماعيل لم يدرس فن المقامات ولكنه اكتسب خبرة سماعية ساعدته عليها موهبته الفطرية الاستثنائية فكان يعرف كيف يمهد للمقام قبل أن يستوى عليه وكان يعرف ما هو المقام المناسب لكل آية بل لكل كلمة.

لذلك كان اول المقرئين وواحد من خمسة  حصلوا علي وسام الاستحقاق من الرئيس جمال عبد الناصر سنة 65 في أول عيد للعلم جانب الي جنب مع طه حسين وفكري أباظة ومحمد عبد الوهاب وام كلثوم  فهو هرم من اهرامات مصر الذي بني قلعة فريدة في دولة القراءات والتجويد لاسمي وارق واجل الكلمات. وسيبقي الشيخ مصطفي إسماعيل الذي احتفلنا بذكراه منذ أيام خالدا في ذاكرة الوطن .