صدرت اليوم عن دار العين للنشر والتوزيع، أحدث إبداعات الكاتبة المغربية ربيعة ريحان، رواية “بيتنا الكبير”، وكان قد سبق وصدر لربيعة ريحان عن دار العين أيضا، رواية بعنوان “الخالة أم هاني”، في العام 2020.
تمرد أصيل
فخلال رواية "بيتنا الكبير" تعيدنا الروائية لطفرة ملهمة في أصل الوجود البشري، من خلال التمرد الأصيل، تمرد هذا الجد المختلف الذي اتبع فطرة الحق الإنساني الذي يسري في دمه، رغم الخطر والتهديد بفقد حياته، فهي تغور في زمن قريب منا لكنه غائب عنا، زمن تخلَق مثل بركان سوَى يابسة جديدة. رواية تكشف لنا عن سؤال مروق الجد عن جبروت الأجداد في العائلة، وعن غطرسة التسلط في المجتمع، رواية لا تجيب القارئ مباشرة، بل تستدرجه ليعود عبرها إلى بداية خليقة جديدة. بوعي إنساني طبيعي سنفهم الجد ونبله وجنونه وعصاميته ، ونؤيده بعيدا عن صرعات العصر ، سواء ذكورية أو نسوية أو أيديويوجية. يعيد الجد " كبور " بناء عالم جديد على برَيَة غير مأهولة، زاهدا في القديم الواهن إلا من الأصالة. فهو يأتي بزوجة ثم زوجات ليكون مملكته الصغيرة من الأبناء والبنات، يحميهم ويغرس في تربتهم الكرم والمروءة والنخوة، يعلمهم الدفاع عن أنفسهم وحماية أرضهم من كل الغزاة والمحتالين. يحرص على أن تسري الحرية في دمائهم والعزة في أرواحهم، يراقب عبر عقود حصاده من الحفيدات والأحفاد. حين يرتاح الجد لوصول بذرته الصافية إلى حفيدته الأثيرة، ترعى هي بدورها سيرته وامتداده بذلك المجبول فيها، فتسرده علينا المبدعة ربيعة ريحان على غير المعتاد كتابة والمألوف في الحكاية، دون ادعاءات بالتفوق ودون علو صوت، بل ببداية جديدة موازية بشكل معنوي لما فعله الجد على الأرض، تروي لنا سيرة وعالم النساء في "بيتنا الكبير"، هذا العالم الذي ينسج تاريخا مكثفا طرزته الروائية بتؤدة وفن وفتنة عالية.