ازدادت التوترات بين الولايات المتحدة والصين خلال العام الماضي 2021، حتي وصل الأمر بالتلويح بالخيار العسكري لكلي الدولتين والتهديد باستخدام الأسلحة النووي، والقيام بأعمال استفزازية من الدولتين لاستعراض القوي وإرسال رسائل التهديد للدولة الأخرى.
وفي خطوة صعدت من الأزمة بين الغرب والشرق، قامت الولايات المتحدة بعمل تحالف أسمته تحالف "أوكوس" ضم كلا من أستراليا وبريطانيا مع الولايات المتحدة وبرئاستها.
وبدأ إنشاء هذا الحلف الذي سبب قلق كبير للجاني الصينين عندما وقعت أستراليا مع الولايات المتحدة وبريطانيا على عقد إنشاء غواصات نووية لصالح البحرية الأسترالية.
ومن المعروف أن أستراليا تعتبر قريبة من الحدود الصينية، الأمر الذي ذاد من حدة التوترات بين البلدين واعتبرته الصين تهديدا كبيرا لها واختراقا لاتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية.
تحذير صيني من حلف أوكوس
ومن جانبه، قال فو تسونغ، المدير العام لإدارة الحد من التسلح بوزارة الخارجية الصينية، إن تحالف "أوكوس" الأمني بين واشنطن ولندن وكانبيرا، قد يؤدي إلى انهيار نظام عدم انتشار الأسلحة النووية.
وأضاف الدبلوماسي الصيني: "تحالف أوكوس، وخاصة الاتفاق الثلاثي بشأن تطوير الغواصات النووية، هو أمر بالغ الجدية. وجوهر المشكلة يكمن أنه إذا تم تنفيذ هذه الخطة، فسيعني ذلك أن الولايات المتحدة وبريطانيا ستقومان كدولتين نوويتين، بتسليم اليورانيوم الحربي إلى أستراليا، وهي ليست دولة نووية".
وأكد أن نظام الضمانات الحالي للوكالة الدولية للطاقة الذرية لا يوفر أي طريقة للتحقق من أن أستراليا لن تستخدم هذه المواد لصنع أسلحة نووية.
وشدد على أن الصين، إلى جانب العديد من الدول الأخرى، تشعر بقلق بالغ إزاء هذا التعاون، وهي تصر على ضرورة تشكيل لجنة مخصصة داخل الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمناقشة الآثار القانونية والسياسية والفنية لهذا التعاون.
وقال فو تسونغ، إن هذا التعاون الثلاثي بشأن الغواصات النووية سيشكل سابقة سلبية للغاية، ونعتقد أن هذا سيكون استخداما خبيثا لثغرة في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وإذا فعلت العديد من الدول ذلك، فسينهار نظام منع الانتشار النووي.
وأشار الدبلوماسي الصيني إلى أن، هذه الدول، التي طالما أعلنت ريادتها في الجهود الدولية في مجال منع الانتشار، تظهر استخدامها للمعايير المزدوجة بعد إبرام المعاهدة.
فما هو حلف "أوكوس" الذي شكلته الولايات المتحدة وتحذر منه الصين؟
تحالف أوكوس
"أوكوس" هو تحالف بين الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا، ستساعد موجبه كلا من الولايات المتحدة وبريطانيا أستراليا في تطوير ونشر غواصات تعمل بالطاقة النووية، إضافة إلى تعزيز الوجود العسكري الغربي في منطقة المحيط الهادئ.
وعلى الرغم من أن الإعلان المشترك للدول الثلاثة صفقة الغواصات وإنشاء التحالف، لم يذكر عن نية إنشاء هذا التحالف، ولكن ذكرت مصادر في البيت الأبيض أنه مصمم لمواجهة النفوذ الصيني في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وهو ما ينفق عليه العديد من المحللين.
وتغطي الاتفاقية مجالات رئيسية مثل الذكاء الاصطناعي والحرب الإلكترونية والأنظمة تحت الماء وقدرات الضربة بعيدة المدى، كما يتضمن أيضًا مكونًا نوويًا، ربما يقتصر على الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بشأن البنية التحتية للدفاع النووي.
صفقة الغواصات
ستشمل الاتفاقية بين البلدان الثلاثة أحكامًا تمكن أستراليا من الحصول على غواصات تعمل بالطاقة النووية، وهي عملية ستشمل إلغاء برنامج الغواصات التي تعمل بالديزل والكهرباء من فئة الهجوم والتي كان من المقرر سابقًا أن تحل محل فئة كولينز، وستزود مكانها الولايات المتحدة أستراليا باليورانيوم عالي التخصيب لتشغيل الغواصات، مع شرط عدم أستراليا اليورانيم عالي التخصيب بنفسها وهو ما وافقت عليه.
ويمكن أن تشمل الصفقة أيضًا غواصات أمريكية تعمل بالطاقة النووية من طراز فرجينيا تعمل انطلاقا من قاعدة ستيرلينغ في بيرث.
ردود الفعل الاسترالية
قال زعيم المعارضة الفيدرالية أنتوني ألبانيز من حزب العمال إن حزبه سيدعم الغواصات النووية طالما لم يكن هناك شرط لوجود صناعة نووية مدنية محلية، وعدم امتلاك أسلحة نووية، وأن الصفقة تتفق مع مسؤوليات أستراليا بموجب قانون معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.
وصف رئيس الوزراء السابق توني أبوت هذه الخطوة بأنها "أكبر قرار اتخذته أي حكومة أسترالية منذ عقود"، لأنها "تشير إلى أننا سنقف جنبًا إلى جنب مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في مواجهة التحدي الاستراتيجي الكبير المتمثل في عصرنا، ومن الواضح أنه الصين". قال أبوت إن أستراليا ستكون أكثر أمانًا نتيجة لذلك، واستشهد بالقوة النيران البحرية الصينية المتزايدة كمبرر للصفقة.
ردود الفعل الدولية
أعرب وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، ووزيرة القوات المسلحة، فلورنس بارلي، في بيان مشترك، عن خيبة أملهما من قرار أستراليا التخلي عن برنامج الغواصات المشترك مع فرنسا، الذي أتفقت عليه أستراليا قبل أن تقوم بالتراجع عنه والذهاب إلي العرض الأمريكي البريطاني.
وفي 16 سبتمبر 2021، أصدرت رئيسة الوزراء النيوزيلندية، جاسيندا أرديرن، بيانًا كررت فيه موقف نيوزيلندا بعدم السماح بغواصات نووية في مياهها، بينما ذكرت أيضًا أنه لم يتم الاتصال بها بشأن الاتفاقية، وأنها لا تتوقع أن يكون قريب.
وقال مسؤول أمريكي كبير مجهول، إن الاتفاقية مع أستراليا كانت استثناء "لمرة واحدة"، وأن أستراليا والبرازيل سيكونان أول الدول التي لا تمتلك أسلحة نووية وستمتلك غواصات تعمل بالطاقة النووية.
وقد أثيرت مخاوف من أن هذه الاتفاقيات قد يؤدي إلى زيادة خطر انتشار الأسلحة النووية إذا اتبعت البلدان الأخرى نفس النهج، مما قد يخلق المزيد من السبل لتطوير المواد اللازمة للأسلحة النووية دون الضمانات التي توفرها عمليات التفتيش المنتظمة.
ومن جه أخري، قال المتحدث الصيني تشاو ليجيان: "إن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا تشارك في تعاون في الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية والتي تقوض بشكل خطير السلام والاستقرار الإقليميين، وتؤدي إلى تفاقم سباق التسلح وتضر بالجهود الدولية لمنع الانتشار."