أثارت استقالة عبدالله حمدوك من منصب رئيس وزراء السودان، حول مصير البلاد، وسط تكهنات بالدخول مجددا في النفق المجهول، في وقت تحاول البلاد الخروج من آثار الأزمة السياسية التي بدأت في أكتوبر الماضي.
وأبدت تقارير دولية ومسؤولون مخاوفهم إزاء مستقبل الأوضاع السودان، وقالت صحيفة "لوموند" إن استقالة حمدوك تهدد التحول الديمقراطي في البلاد.
فيما أشارت مجلة "جون أفريك" الفرنسية، إلى أن حمدوك قرر التخلي عن منصبه بعد أقل من شهرين على عودته للسلطة، معترفا بفشل تحقيق أهداف المرحلة الانتقالية.
وتأتي الاستقالة بعدما وقع حمدوك اتفاقا سياسيا مع الجيش السوداني، في نوفمبر الماضي، عاد بموجبه إلى منصب رئيس الحكومة، بعدما كان قيد الإقامة الجبرية رفقة العديد من المسؤولين.
وتوقع التقرير أن تستمر الاحتجاجات في السودان خلال عام 2022، وتعالت مطالب المتظاهرين بالوصول للحكم المدني، عقب تنظيم عدة مظاهرات خلال الأسابيع الماضية ترفض الوضع الحالي في البلاد.
أسف دولي
قوبلت استقالة حمدوك بأسف دولي واسع، حيث أكدت وزارة الخارجية الأمريكية أنه على القادة السودانيين تنحية الخلافات جانبا، والتوصل إلى توافق، وضمان استمرار الحكم المدني.
وشددت واشنطن على أن تعيين رئيس الوزراء والحكومة الجديدة في السودان، يجب أن يتماشى مع الإعلان الدستوري لتحقيق أهداف الشعب في الحرية والسلام والعدالة.
كما أعرب المبعوث الأممي إلى السودان، فولكر بيريتس، عن أسفه لاستقالة حمدوك من منصبه، داعيا الأطراف السودانية إلى التغلب على حالة انعدام الثقة وإجراء حوار شامل وهادف.
وقال بيرتس، في بيان نشرته بعثة الأمم المتحدة إلى السودان على موقعها الرسمي، إنه يأسف لقرار حمدوك التنحي عن منصبه، مشيدا بالإنجازات التي حققها السودان تحت قيادة حكومة حمدوك.
وأكد بيرتس ضرورة التغلب على حالة انعدام الثقة بين الأطراف السودانية، عبر إجراء حوار هادف وشامل.
وأشار إلى أن الجهود المبذولة لحل الأزمة الحالية في السودان يجب أن ترمي إلى تحقيق تطلعات الشعب السوداني إلى المسار الديمقراطي.
من جانبها، قالت وزيرة بريطانيا لشؤون أفريقيا فيكي فورد، إنها "حزينة للغاية من خبر استقالة عبد الله حمدوك"، مضيفة "كان يعمل في خدمة السودان ورغبة شعبه في مستقبل أفضل".
وطالبت المسؤولة البريطانية باحترام مطالب ملايين السودانيين في الحكم المدني، قائلة "يجب الآن أن تحترم قوات الأمن والجهات السياسية الفاعلة الأخرى هذه المطالب".
بدورها، دعت الخارجية الفرنسية في بيان، مختلف الأطراف السودانية إلى احترام حقوق الشعب في التعبير السلمي عن آرائهم دون خوف من الانتقام.
وشددت فرنسا على تمسكها باحترام مبادئ الوثيقة الدستورية السودانية، داعية لإعادة إنشاء مؤسسات انتقالية تمثل التطلعات الديمقراطية للشعب.
وطالبت في الوقت ذاته بتشكيل حكومة ذات مصداقية تلبي تطلعات الشعب، وتهدئ المناخ السياسي وتقود البلاد نحو تنظيم الانتخابات في 2023.
البرهان يتعهد بتشكيل حكومة كفاءات مستقلة
في أول تعليق على استقالة حمدوك، قال رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان، إنه من الضروري تشكيل حكومة مستقلة ذات مهام محددة يتوافق عليها جميع السودانيين، في الظرف التاريخي الذي تمر به البلاد.
وأشار البرهان في بيان إلى "ضرورة العمل على تحقيق مهام الفترة الانتقالية التي تتمثل في تحقيق السلام وبسط الأمن ومعالجة قضايا الناس وإجراء الانتخابات".
وأوضح "تحقيق هذه الأهداف يحتاج إلى تلاحم الشعب السوداني إعلاءاً لمصالح الوطن والبعد عن المصالح الحزبية"، مؤكداً أن القوات المسلحة هي "صمام أمان الوطن"، و"ستظل متماسكة تحرس ترابه وأمنه وستحمي الانتقال الديمقراطي وصولاً لانتخابات حرة ونزيهة ترضي طموحات كل السودانيين".
المرشح الأقرب لخلافة حمدوك
كشفت مصادر مطلعة في السودان عن أن أعضاء مجلس السيادة رشحوا اسم وزير المالية السابق إبراهيم البدوي لرئاسة الوزراء، خلفاً لعبد الله حمدوك الذي أعلن استقالته يوم أمس الأحد.
وأكدت مصادر لقناة "الشرق" السعودية، أن رئيس المجلس السيادي السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان، أجرى اتصالا رسميا مع البدوي بشأن خلافة حمدوك، مشيرة إلى أن الأخير "يجري مشاورات مع مقربين من أجل الموافقة أو الرفض".
وأشارت تقارير إلى أن إبراهيم البدوي، وضع عدة شروط لقبول منصب رئيس وزراء السودان، أهمها حدوث توافق سياسي وطني.
وتولى إبراهيم البدوي، حقيبة وزارة المالية في حكومة حمدوك الأولى حتى يوليو 2020. وشغل عدة مناصب في مؤسسات مالية دولية بينها البنك الدولي.
واستقال البدوي صاحب الـ 68 عاما في 2020 بعد خلافات مع حمدوك الذي تحفظ على الميزانية التي قدمها في ديسمبر 2019، وضمت عدداً من البرامج الإصلاحية.
كان الدكتور عبدالله حمدوك، أعلن، أمس الأحد، استقالته رسميا من منصب رئيس وزراء السودان، موضحا أنه التقى مكونات الفترة الانتقالية من مدنيين وعسكريين وغيرهم لوضع المسؤولية الوطنية أمامهم.
وقال في خطاب أذاعه التلفزيون الرسمي "قررت أن أرد إليكم أمانتكم وأعلن لكم استقالتي من منصب رئيس الوزراء.. مفسحا المجال لآخر من بنات أو أبناء هذا الوطن المعطاء، لاستكمال قيادة وطننا، والعبور به خلال ما تبقى من عمر الانتقال نحو الدولة المدنية الديمقراطية".
ويزيد القرار من حالة الغموض إزاء المستقبل السياسي في السودان، بعد نحو 3 سنوات من سقوط نظام عمر البشير، فيما اعتبر الحزب الجمهوري في قوى الحرية والتغيير أن استقالة حمدوك تنذر بمستقبل غير محمود العواقب، مشددا على أن التشرذم السياسي الذي دفع رئيس الحكومة للاستقالة سيتسارع مدخلا البلاد في نفق مجهول.