أعادت دار سما للنشر طبع كتاب “ جنة الإخوان” للكاتب سامح فايز و الذي يتحدث فيه عن جماعة الإخوان و تستعد الدار لمعرض القاهرة للكتاب بالعديد من الاصدارات الجديدة.
و يقول الكاتب " مع انتهاء طبعات كتابي "جنة الإخوان – رحلة الخروج من الجماعة"، عدت إلى مسودته أكثر من مرة، خلال خمسة سنوات منذ صدوره عام 2013 وحتى السنوات اللاحقة، وفي كل عام كنت أنظر لما كتبت وأتعجب كيف كنت، وكيف أصبحت؟
ومنذ شهور فضلت تقديم طبعة جديدة، دون المساس برؤيتي التي كتبتها عام 2013؛ فرغم أن الكتاب اعتبره الإعلامي والصحفي الكبير محمد الباز أجرأ كتاب صدر عن الإخوان فترة وجودهم في حكم مصر، أعوام 2012 و 2013، إلا أن رؤيتي للعالم كانت ما تزال أثيرة فساد الفكر الذي زرعوه في عقلي منذ تم تجنيدي طفلا في العاشرة، وحتى تركتهم طالبا في كلية الحقوق بجامعة عين شمس عام 2004. مسألة تتضح منذ السطور الأولى في الكتاب، عندما وضعت مقارنة بين التربية في الإخوان والتربية في المؤسسات العسكرية، واطلاقي مصطلح العسكر بدلا من المؤسسة العسكرية، أو الجيش!
في البداية فكرت في تعديل تلك المصطلحات، تقديرا للمؤسسة الوطنية التي تحمل على عاتقها الأمن القومي المصري منذ عصر مصر القديمة، لكن في لحظة ما حدثت نفسي أن الكتاب وثيقة مهمة للتاريخ، فهى فكرة بكر ترصد كيف يفكر عقل شاب تربى داخل الإخوان، وتشكل وعيه بسممومهم، فأصبح معدوم الانتماء لمعنى الوطن، والأرض، فاقد الثقة في مؤسسات الدولة الأمنية، والعسكرية، بل فاقد الثقة في الدولة ذاتها!".
و يتابع قائلا أذكر تلك الكلمات التي نشرتها على صفحتي الشخصية بموقع فيس بوك عام 2011، قلت فيها نصا:"قربت أكرهك يا مصر"، وللدقة كان يجب أن أكتب في تلك المرحلة:"كرهتك يامصر بالفعل"، كرهتك لأن هذا ما تعلمته في اجتماعات الأسر الإخوانية، ألا أحب سوى الجماعة، والإمام حسن البنا، أقصد الإرهابي الأول حسن البنا!.
ويوضح قائلا إنه في فكر الإخوان لا وجود للحدود، والأوطان، ومفهوم السيادة، والأرض، والإنتماء، وتقدير مؤسسات الدولة، التي يضحي أبناءها بأرواحهم كي نعيش آمنين. في فكر الإخوان يعتبرون الحدد مخطط استعماري لتفرقة الأمة الإسلامية، مخطط استعماري قضى على دولة الخلافة التركية، تلك الدولة التي يسخر تنظيم الإخوان الإرهابي نفسه كي تعود مرة أخرى، ثم تضم داخلها مجموعة ولايات، أو إمارات إسلامية، لن تكون هناك مصر أو الإمارات أو السعودية أو تونس أو العراق، فقط ستكون خلافة مقرها تركيا، يحكمها أردوغان، أو من سيأتي من بعده، بعد أن توافق عليه أجهزة المخابرات الأجنية التي تحرك خيوط جماعة الإخوان الإرهابية!.
و يضيف قائلا ان الكتاب صدر يناير 2013، ونشر مقالات في صحيفة المصور سبتمبر 2012، بعد تركي للإخوان بسبع سنوات، ورغم تعدد سنوات الترك إلا أن العقل ظل متأثرا برؤيتهم للعالم، حتى بعد رفضي لهم، لذلك فضلت بالاتفاق مع الناشر ترك الكتاب كما هو دون تعديل، سوى تنقيحات غير مؤثرة في الصياغة، حتى يعرف من يقرأ كيف يفكر شباب الإخوان، وكيف يفكر من خرجوا عنهم بعد أن تشوهت عقولهم، وكيف ينظرون للمؤسسات الوطنية تلك النظرة الدونية، التي دفعت التنظيمات الإرهابية في سيناء أو في الصحراء الغربية إلى قتل أبطال الجيش المصري بدم بارد، دون أن يهتز لهم جفن؛ رأينا أحدهم بعد القبض عليه في صحراء الواحات، وهو يتحدث في لقاء تلفزيوني بجرأة شديدة، لا يخشى أنه مقبل على منصة الإعدام بسبب جرائمه، إقبال معناه ليس فقط تغييب للعقل، بل تدمير كامل لمكونات الفطرة التي خلقنا الله عليها!.
و يؤكد في الكتاب أقدم رؤية منشق عن الإخوان للعالم، كيف رآه وهو داخل التنظيم، وكيف يراه بعد أن انسلخ منهم، في جوانب الفن، والحب، والصداقة، والوطن، والثورة، والدين، والعائلة! سيظهر جليا من رؤيته في كلا الحالتين أن الرؤية مشوهة غير مستقرة، سواء قبل الترك أو بعده، تشوه استمر مع مؤلف الكتاب حتى أعوام قليلة مضت، لا أعرف متى تحديد، لكن المؤكد إن استشهاد رجالات الجيش المصري في ملحمة البرث الأسطورية كان نقطة التحول الأبرز في تلك الرحلة الممتدة منذ عام 1996 وحتى الآن!.
في ملحمة البرث استشهد العديد من ضباط الجيش المصري وجنوده برضا تام، فقط كي تعيش مصر، رحلوا وهم فئة قليلة، في قلب صحراء قاحلة، سيطر عليها سرطان تنظيم داعش الإرهابي، لكنهم لم يترددوا لحظة كي يقدموا أرواحهم لله أولا، ثم للأرض، والوطن، والدولة، والأهل، والأصدقاء. ماتوا كي نعيش، حقيقة هى الأعظم في العالم؛ أن يصل إنسان إلى الرغبة في الموت كي يعيش آخرون، دون أن يهتز، أو يخاف، أو يتراجع، بل يعيش ويموت في إقدام لا متناهي.
و يتابع حديه قائلا أسطورة اكتملت برحلة العقيد أحمد منسي، الذي أرهق تنظيم داعش الإرهابي في سيناء، وأذل ميليشياته المأجورة في سيناء، ما دفع أعضاء التنظيم الإرهابي إلى المطالبة بجسده سواء كان حيا أو ميتا، معلومة أكدتها شهادة من ظلوا على قيد الحياة من رجال ملحمة البرث، أن تنظيم داعش الإرهابي كان أعضاءه يتناقلون عبر أجهزة اللاسلكي إسم العقيد منسي، يريدونه حي أو ميت، كي يشفى غليلهم من ذلك الرجل الذي أذل أعناقهم بقلبه المحب لمصر!.
قد تقرأون في الكتاب لفظة العسكر بديلا عن المؤسسة العسكرية، أو نقدا لاذعا لمؤسسة من مؤسسات الدولة، أو تيمنا بثورة يناير التي اكتشف أغلبنا بعد سنوات أنها مجرد فوضى منظمة أوقعنا فيها نظام عالمي يرفض أن تقوم قائمة لدولة يحكمها أهلها، ويعشقها أبناءها، للدرجة التي يقدمون أرواحهم لها دون انتظار المقابل!
تركت كل ذلك كي نعرف حجم خطورة أفكار تنظيم الإخوان الإرهابي على الوعي المصري، وعلى عقول ملايين الشباب والمراهقين، وعلى حاضر مصر ومستقبلها، لكنه خوف انتهى بثورة يونيو 2013 العظيمة، وبتفويض الشعب في 3 يوليو من نفس العام وبقيادة، خوف انتهى مع وجود الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي حمل على عاتقه مسؤولية الخروج بمصر من رحم أزمة كادت أن تسقطها في براثن حرب أهلية، ثم غير الدفة بعقلية القائد لينقل مصر من دولة مهددة بالفوضى، إلى دولة يطلب ودها الجميع، الأعداء قبل الأصدقاء!