أطلقت حكومة العراق خطة واسعة للحد من الزيادة السكانية، بعد تجاوز عدد سكان البلاد 40 مليون نسمة، في ظل المشكلات التي تعاني منها، سواء الاقتصادية أم الاجتماعية، وسط دعوات لوضع قيود على الإنجاب، خاصة أن تلك الزيادة لا تتناسب مع حجم الموارد التي يحصل عليها العراق.
ووفقا لإحصائيات الأمم المتحدة عام 2020، يأتي العراق في المرتبة الـ36 على مستوى العالم من حيث التعداد السكاني، والرابع بين الدول العربية.
ويشير تقرير للبنك الدولي إلى أن نحو 13 مليون عراقي، يكسبون يوميا أقل من دولارين، ونسبة الفقر في العراق وفقا لوزارة التخطيط بلغت 25 بالمئة، فيما تتحدث بيانات وتقارير عراقية مختصة بالتنمية والاستراتيجيات عن اقتراب نسب من 30 بالمئة.
وفي هذا السياق، قال مسؤول في وزارة التخطيط العراقية، إن "هناك خطة معدة لكبح جماح النمو السكاني، عبر تفعيل مختلف الأدوات التشريعية والرقابية، لتدارك الأمر، قبل ارتفاع عدد السكان، بما لا يمكن معه وضع أية خطط إصلاحية"، مشيرا إلى أن "الخطة الحكومة ترتكز على عدة مستويات، مثل إطلاق حملة توعية بضرورة خفض الإنجاب، وتقنين المنح والمساعدات المقدمة لبعض الفئات".
وأضاف المسؤول العراقي، الذي رفض الكشف عن اسمه، لـقناة "سكاي نيوز عربية" أن "ثقافة الفرد العراقي، خصوصا، والعربي عموما، تعارض أي حل جذري لهذه المسألة، ولا يمكن تشريع قانون، يحد من النسل، وحتى الإجراءات الحكومية على بساطتها، دائما ما تُجابه بشراسة ومعارضة، وهذا ينبع من عدم فهم الوضع الاقتصادي والاجتماعي للبلاد".
ولفت إلى أن "الخطة التنموية الجديدة، ستكون على وفق عدة مراحل، ولعدة سنوات، والهدف منها في النهاية، الحفاظ على معدل معقول للنمو السكاني، يناسب وحجم الواردات، والقدرة الاقتصادية".
وكان الرئيس العراقي برهم صالح، أطلق تحذيرا في يونيو الماضي، دق فيه جرس الإنذار، وحذر فيه من مخاطر البقاء تحت رحمة الاعتماد على النفط.
وأشار صالح إلى أن "الاحتياطات الهائلة للنفط في العراق ودول المنطقة لن تؤمن مستقبل أجيالنا"، متوقعاً أن يصل العراق إلى "زيادة سكانية تصل إلى 80 مليونا بحدود 2050".
وبدورها توقعت وزارة التخطيط العراقية، انخفاضا بمعدلات النمو السكاني في السنوات المقبلة.
وقال المتحدث باسم الوزارة، عبد الزهرة الهنداوي، في تصريح صحفي، الثلاثاء: إنه "لا يوجد حتى الآن توجه بإصدار أو تشريع قانون لتحديد النسل، وإنما العمل يجري على اشاعة الثقافة الاجتماعية والتوعوية بضرورة تنظيم الاسرة من خلال المباعدة بين الولادات وتنظيمها بشكل يؤدي الى تقليل الولادات".
ولفت المسؤول العراقي، إلى أن "حجم الأسرة في العراق شهد انخفاضا خلال الـ 10 سنوات الأخيرة، وهذا يعود إلى تفهم الاسر بضرورة التنظيم الاسري وتقليل عدد الولادات بشكل عام".
ولفت إلى أنه "وفق المعدلات الحالية للنمو السكاني في العراق، فسنويا يرتفع عدد السكان بما يقارب المليون نسمة، وبواقع 10 ملايين نسمة خلال 10 سنوات والوصول الى 100 مليون نسمة بعد 6 عقود".
بدوره، أكد الخبير الاقتصادي، عبد الرحمن المشهداني، أن "العراق طرح هذه الخطة، بدعم من الأمم المتحدة، وجاءت بعد النسب المرتفعة في النمو السكاني"، مشيرا إلى أن "هناك تحديات تواجه المعنيين في تطبيق تلك الخطة، في ظل المعطيات الحالية، لأن الإجراءات في مثل تلك المسألة طبقتها دول شديدة المركزية مثل الصين، لكنها أخفقت في تحقيق النتائج المرجوة".
وأضاف المشهداني في حديث لـسكاي نيوز عربية أن "الكثير من الدول لجأت إلى إجراءات أخرى، مثل التوعية، وقبلها إيجاد فرص عمل لائقة بكرامة الإنسان، وترفع من مستواه المعاشي، هو السبب الأساس في خفض معدلات النمو السكاني، لأن ارتفاع المستويات الثقافية والعلمية الناتجة عن التعليم".
ولفت إلى أن "انخفاض مستويات التعليم وشيوع الجهل تسهم في زيادة معدلات الزيجات، ما يعني ارتفاع نسب الولادات".