رغم ما عُرف عن المتحور أوميكرون من خفّة الأعراض المرضية، فقد دفع الإصابات إلى معدلات غير مسبوقة في الأيام الأخيرة بالولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، ودول أوروبية أخرى، مرغِمًا حكومات على إعادة فرض قيود.
ويتأهب ملايين البشر حول العالم لاستقبال العام الجديد 2022 عبر أجواء احتفالية محدودة للغاية في ظل تسجيل فيروس كورونا إصابات قياسية.
ويغذّي متحور أوميكرون الجديد ارتفاع معدّل الإصابات حول العالم، على نحو دفع منظمة الصحة العالمية إلى التحذير من "تسونامي كوفيد" يعصف بأنظمة الصحة.
قيود صارمة
ومن اليونان إلى المكسيك، ومن برشلونة إلى بالي، وفي أجزاء واسعة من أوروبا، ألغت السلطات أو قيّدت التجمعات العامة، مغلقةً الملاهي الليلية أو فارضةً حظر تجول، حسبما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
ففي بريطانيا، أعلنت خدمة الصحة الوطنية عن بدء افتتاح مستشفيات ميدانية مؤقتة تحسبًا لأي ارتفاعات محتملة في أعداد الإصابات في إنجلترا، حيث عدلت الحكومة عن فرْض قيود على احتفالات رأس السنة الجديدة.
وفي فرنسا، بات ارتداء الكمامات إلزاميًا خارج البيت وأثناء السير في شوارع باريس، وذلك ابتداءً من الجمعة على كل مَن تجاوز عامه الحادي عشر. كما أُغلقت الملاهي الليلية حتى وقت لاحق في يناير.
وفي إسبانيا، أُلغيت الاحتفالات الجماهيرية برأس السنة في معظم أنحاء البلاد. وفي المدن الكبرى باستثناء مدريد، حدّدت السلطات أعداد الحشود بـسبعة آلاف مقارنة بـ 18 ألفًا عام 2019 - قبل أن يجتاح الوباء القارة العجوز.
وفي السعودية، أعادت سلطات المملكة فرْض تدابير التباعد الاجتماعي في الجامع الكبير في مكة، بعد تسجيل أعلى مستوى من الإصابات على مدى شهور.
وفي إندونيسيا، التي سجلت أكثر من 4.2 ملايين إصابة مؤكدة بكوفيد، حذرت السلطات المسافرين الأجانب من احتمالية ترحيلهم من منتجع بالي حال مخالفتهم قواعد السلامة الصحية أثناء استقبال العام الجديد.
وحظرت السلطات في بالي تنظيم احتفاليات، وحددت التجمعات بـ 50 شخصا فقط في أعياد الكريسماس ورأس السنة.
وألغت مكسيكو سيتي كذلك احتفالياتها بليلة رأس السنة، في تدبير احترازي بعد ارتفاع أعداد الإصابات بكوفيد.
وأُبقيت احتفالات ريو دي جانيرو التي تجمع عادة ثلاثة ملايين شخص على شاطئ كوباكابانا، لكن سيتم تقليص الاحتفالات الرسمية مع انتظار حضور حشود كبيرة. وقال فرانسيسكو رودريغيث (45 عاما)، وهو نادل في كوباكابانا، "الناس ليس لديهم سوى رغبة واحدة، الخروج من منازلهم والاحتفال بالحياة بعد وباء أجبر العالم على الانعزال".
وأبقت سيدني، أكبر مدينة في أستراليا، أيضا على عرضها للمفرقعات التي ستضيء مرفأ المدنية الرمزي. وخلافا للحدث الذي أُقيم بدون جمهور العام الماضي، يُنتظر حضور عشرات آلاف الأشخاص. وتؤكد السلطات الأسترالية أن تغيير موقفها بشكل مفاجئ لناحية التخلي عن استراتيجيتها بعنوان "صفر كوفيد" لصالح استراتيجية "التعايش مع كوفيد"، مبني على معدلات التلقيح المرتفعة وعلى القناعة المتزايدة بأن متحور أوميكرون ليس قاتلا.
وفي جنوب إفريقيا حيث اكتُشف المتحور للمرة الأولى، تم تأخير موعد حظر التجول من منتصف الليل إلى الرابعة فجرا للسماح بإجراء الاحتفالات. وأعلنت السلطات الصحية أن تراجع عدد الإصابات في البلاد خلال الأسبوع الماضي يشير إلى أن ذروة الموجة الوبائية قد مرت.
وفي كندا، أعلنت مقاطعة كيبيك فرض حظر تجول ليلي مجددا اعتبارا من الساعة 22,00 حتى الساعة الخامسة عشية رأس السنة الجديدة بعد تسجيل عدد قياسي من الإصابات بسبب الانتشار السريع لمتحور أوميكرون في كندا.
حافة الهاوية
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس إنه "قلق للغاية من أن يتسبب متحور أوميكرون في تسونامي من الإصابات، نظرًا لقدرته على التفشي أكثر من غيره من سلالات كورونا".
ويرى جيبريسوس أن من شأن ذلك أن "يزيد من الضغوط على كاهل العاملين في القطاع الطبي، في وقت تقف فيه الأنظمة الصحية على حافة الهاوية".
وبالفعل، أخذ أوميكرون في الهيمنة على عدد من المستشفيات في الولايات المتحدة، الدولة الأكثر تضررًا في العالم، حيث سجلت في سبعة أيام فقط إصابات بلغت 265.427، بحسب إحصاءات جامعة جونز هوبكنز.
وفي الصين، يخضع 13 مليونا هم سكان مدينة شيان لعملية إغلاق، شاكين من نقص المواد الغذائية، رغم إصرار بكين على تأمين المواد الغذائية الكافية. ونقلت وكالة فرانس برس عن أحد سكان شيان القول: "أعيش على طبق من حساء الشعير يوميا، فقط لأبقى على قيد الحياة".
أوميكرون و"تسونامي" الإصابات
وشهد العام 2021 في أوروبا وخارجها، زيادة في عدد التظاهرات المناهضة للقيود، في وقت كانت أقلية لا تزال مترددة في أخذ اللقاح، ما أثار مخاوف إزاء كيف سينتهي الوباء بدون زيادة معدلات التلقيح.
من جهتها، أعلنت هيئة الصحة العامة الفرنسية أن المتحور أوميكرون بات الآن المسبب الرئيسي للإصابة بالمرض، موضحة أن الفيروس شهد "تطورا كبيرا" في الأيام الأخيرة. وقالت الوكالة الحكومية في إحصائها الأسبوعي الأخير الذي نُشر مساء الخميس إن "62,4 بالمئة من الاختبارات التي أجريت كشفت مواصفات مطابقة لمتحور أوميكرون" في بداية الأسبوع الأخير من العام مقابل 15 بالمئة في الأسبوع السابق.
ويأمل الخبراء في أن تذهب سائر دول العالم في اتجاه تعزيز الإجراءات الوقائية وأن يبشر العام 2022 بمرحلة جديدة بالنسبة للوباء، يسجل خلالها عدد أقل من الوفيات. لكن منظمة الصحة العالمية تتوقع أن تكون الأشهر المقبلة عصيبة.