قال الشيخ الدكتور فيصل بن جميل غزاوي، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن من الفقه أن يكون المرء على بينة من أمره؛ يعرف متى يكون القرب من الشيء نافعا مفيدا فيدنو منه ومتى يكون القرب من الشيء ضارا غير مفيد فينأى عنه.
مراتب القُرْب من الله
وأوضح «غزاوي» خلالخطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أن أعظم القُرْب القربُ من الله، وقد امتدح الله الذين يتنافسون في القرب منه، مستشهدًا في حالهم بأنهم: «يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ» .
ودلل وقال تعالى: «وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ» يعني أن غيرهم دونهم في القرب من الله تعالى ومما هو معلوم أن مراتب القرب من الله تعالى تختلف بحسب رتبة المقرَّب، فالملائكة عليهم السلام شرَّفهم الله بالعبودية له وجعلهم مقربين، كما جاء في وصفهم بأنهم: «الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ».
الأنبياء والرسل جميعا سادة المقربين
وأكد أن الأنبياء والرسل جميعا سادة المقربين، وقد وصف الله نبيه عيسى عليه السلام بكونه «وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ»، وأما نبينا محمد صلى الله عليه وسلّم فهو أقرب المقربين إلى الله تعالى وأعلاهم منزلة عنده.
ونبه إلى أن القرب من الله تعالى هو القوّة الحقيقية التي يملكها العبد، قال تعالى في معرض الامتنان على نبيه موسى عليه السلام: «وَنادَيناهُ مِن جانِبِ الطّورِ الأَيمَنِ وَقَرَّبناهُ نَجِيًّا»، فإن ذلك القرب هو الذي أعان موسى عليه السلام على تخطّي كل ما أصابه في مواجهة فرعون والسحرة.
وأضاف أن المؤمن العاقل الحصيف يُقبِل على الخير وما يُعِيْنُه عليه، ويحرص على ما يُرضي ربه ويقربه إليه، ويجتنب الأعمال التي تبعده عن مولاه، ويحذر قربان ما يكون له خسارة في دنياه وأخراه.
وأشار إلى أنه على العبد أن يتعلم ما يقربه إلى الله ويجعله عزيزًا عنده؛ فثمة عبادات مشروعة تكون سببا في قرب العبد من ربه، فالتوبة إلى الله من أجَلِّ ما يقرِّب المرءَ إلى مرضاة الله ويبعده عن مساخطه كما قال نبي الله صالح عليـه السـلام لقومـه: «فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ» أي إن ربي قريب ممن أخلص له العبادة ورَغِب إليه في التوبة، مجيبٌ له إذا دعاه.