الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أزمة القرن الـ21.. خسائر العالم من التغير المناخي والطقس المتطرف.. فيضانات وأعاصير مدمرة وحرائق غابات والسر في الاحتباس الحراري.. والعالم يتحرك لإنقاذ مستقبل الكوكب

كوارث طبيعية
كوارث طبيعية

حان الوقت لكي ندرك أهمية التعاون الدولي في مواجهة خطر التغير المناخي، فلم يعد الأمر مجرد أرقام في تقارير أكاديمية، بل أصبح واقعاً يعايشه العالم كل يوم في حرائق غابات وفيضانات وأعاصير وموجات حر وصقيع غير مسبوقة، وخسائر بالمليارات، وخطر جعل من تغير المناخ عدواً مشتركاً للبشرية جمعاء.

وفي ظل أزمة الطاقة التي يعاني منها العالم، بسبب الاعتماد علي “الوقود الاحفوري” الذي لعب دورا أساسيا في التغير المناخي، وتسبب في العديد من الكوارث الطبيعية، واجه “الوقود الاحفوري” العديد من الانتقادات من المنظمات البيئية والأممية، بسبب مساهمته الرئيسية في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فضلا عن انعكاسه السلبي علي مستقبل الكوكب.  

ودعت القمة السنوية لتغير المناخ "كوب 26" في جلاسجو، في بيانها الختامي إلى تسريع الجهود نحو التخلص التدريجي من “الوقود الأحفوري” ووتيرة التزامات الدول بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

وتشكل هذه القمة، أهمية كبيرة لما شهده العالم من تصاعد وتيرة كوارث الطقس حيث أثرت اضطرابات المناخ سلبا على كل دول العالم وزادت من أزمة المياه في الشرق الأوسط وموجات من الفيضانات والحرائق في كثير من الدول، وإذا لم نتخذ إجراءات فورية وهامة للحد من انبعاثات الكربون لخفض درجات الحرارة العالمية، فستزداد شدة وتواتر هذه الأحداث، ما قد يؤدي هذا إلى عواقب وخيمة محتملة على الناس في جميع أنحاء العالم.

وتري الأمم المتحدة، أن هناك حاجة إلى استثمارات كبيرة والتعاون الدولي أمر بالغ الأهمية، لكن منذ أكثر من عقد من الزمان، التزمت البلدان المتقدمة بتقديم دعم بقيمة 100 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2020 لدعم العمل المناخي في البلدان النامية.

وحسب تقرير حالة الخدمات المناخية، الصادر عن المنظمة العلمية للأرصاد الجوية، فإن الخمسين عاماً الماضية، شهدت 11 ألف كارثة بسبب المناخ تسببت في وفاة مليوني شخص وخسائر بلغت 3.6 تريليون دولار أمريكي. 

وحسب تقرير “مراقبة المناخ” الصادر عن معهد الموارد العالمية في واشنطن، فإن القطاع الصناعي يسهم بـ24.2 ٪ من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، بينما تبلغ حصة قطاع النقل بجميع أنواعه 16.2٪ ، والقطاع الزراعي 18.4٪، والمباني السكنية والتجارية 17.5 ٪. 

وتعتبر إعادة هيكلة الاقتصاد العالمي، ليصبح أكثر مراعاة لتحديات التغير المناخي تحتاج وعياً تحمل مسؤوليته الأدبية العلماء والمتخصصون.

وتوصل بحث جديد نشرته “انفيرومنتال ريسيرش”، أن التلوث الناجم عن “الوقود الاحفوري” مثل الفحم والنفط كان مسؤولاً عن 8.7 مليون حالة وفاة على مستوى العالم في عام 2018.

وهو يعتبر رقما مذهلا، أي شخص من بين كل خمسة أشخاص ماتوا في ذلك العام، حيث وجدت الدراسة أن أكثر من حالة وفاة واحدة من بين كل 10 في كل من أمريكا وأوروبا كانت جراء تداعيات التلوث الناتج عن الوقود الأحفوري، إلى جانب ما يقرب من ثلث الوفيات في شرق آسيا، بما في ذلك الصين، كانت معدلات الوفيات في أمريكا الجنوبية وأفريقيا أقل بكثير. 

وخلال "كوب 26" في جلاسجو، فاجأ رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، الحضور بقمة المناخ بالحديث عن اختفاء الإسكندرية وشنجهاي وميامي عند ارتفاع درجات الحرارة بنحو 4 درجات.

وشدد جونسون خلال القمة أنه حان وقت التصدي للتغيرات المناخية ولا مزيد من هدر الفرص، مشيرا إلي أن أن مهمتنا في الوقت الحالي هي العمل معا لإزالة الكربون من الهواء.


 

ضحايا الطقس المتطرف


تسبب الطقس المتطرف المرتبط بتغير المناخ في معاناة الملايين حول العالم في عام 2021.

وقالت مؤسسة "كريستيان آيد" الخيرية، إنه في العديد من المناطق الفقيرة، تسببت الفيضانات والعواصف في نزوح جماعي للناس ومعاناة شديدة.

وفيما يلي أكثر الكوارث الطبيعية الناجمة عن التغير المناخي، تكلفة في عام 2021:

 

إعصار إيدا:

تصدر إعصار إيدا، الذي ضرب الولايات المتحدة في أغسطس، قائمة الأضرار بنحو 65 مليار دولار، حيث قتل خامس أقوى إعصار ضرب الولايات المتحدة 95 شخصًا ودمر المنازل وتسبب في انقطاع التيار الكهربي. وبالإضافة إلى ذلك، تسببت عاصفة شتوية ضربت ولاية تكساس في فبراير، في انقطاع كبير في التيار الكهربائي وتسببت في خسائر بقيمة 23 مليار دولار.


فيضانات أوروبا:

 

تسببت الفيضانات الشديدة التي اجتاحت أوروبا الغربية والوسطى، في صيف عام 2021، في خسائر فادحة بلغت 43 مليار دولار، وبلغ عدد القتلى أكثر من 240 شخصًا، و تعرضت ألمانيا وفرنسا وهولندا وبلجيكا ودول أخرى فيضانات عنيفة، من المحتمل أن تتكرر بسبب الاحتباس الحراري.

 

فيضانات أسيا:

 

وقعت أربعة من أصل 10 من أكثر الكوارث الطبيعية تكلفة في آسيا، حيث بلغ مجموع تكاليف الفيضانات والأعاصير في المنطقة 24 مليار دولار. 

 

إعصار ياس:


أدى إعصار ياس ، الذي ضرب الهند وبنغلاديش في مايو ، إلى خسائر بقيمة 3 مليارات دولار في غضون أيام قليلة ، وأجبر أكثر من 1.2 مليون شخص على إخلاء منازلهم في المناطق المنخفضة.

 

فيضانات الصين:

 

وفي الصين، تسببت الأمطار الغزيرة في مقاطعة خنان بوسط البلاد في فيضانات ضخمة، مع وقوع خسائر بلغت 17.6 مليار دولار، وتسبب في مقتل 302 شخصا، وكانت الأمطار التي هطلت على مدينة تشنجتشو، عاصمة المقاطعة على مدار ثلاثة أيام، معادلة تقريبًا لمتوسطها السنوي، مما أدى إلى غرق شبكة مترو الأنفاق بالكامل.


فيضانات أستراليا:


نتج عن فيضانات أستراليا القوية خسائر تقدر بـ 2.1 مليار دولار.

 

فيضانات كندا:

 

تسببت فيضانات كولومبيا البريطانية، التي ضربت كندا بخسائر  ضخمة قدرت بـ 7.5 مليار دولار.


موجة البرد الفرنسية:

 

موجة البرد الفرنسية، التي نتج عنها خسائر تقدر بـ 5.6 مليار دولار.


حرائق الغابات:

 

وفي منطقة البحر المتوسط تسببت الحرارة الشديدة وجفاف الطقس خلال الصيف في انتشار الحرائق الهائلة التي أرغمت الآلاف على ترك بيوتهم في الجزائر واليونان وتركيا.

وشبت الحرائق، التي قتلت اثنين في اليونان وما لا يقل عن 65 في الجزائر، وسط موجة شديدة الحرارة وسجلت بعض المناطق في اليونان درجات حرارة تتجاوز 46 درجة مئوية.


ومن المرجح أن تكون التكاليف الحقيقية للكوارث الطبيعية الناجمة عن  الطقس المتطرف، أكثر من المبالغ المعلنة، وهي بمثابة ضربة اقتصادية للدول المتضررة.

وتحمل بعض الكوارث الطبيعية الناجمة عن  الطقس المتطرف عبئًا ماليًا منخفضًا ولكن خسائر بشرية كبيرة، وعلى سبيل المثال، أدت الفيضانات في جنوب السودان في الفترة من يوليو إلى نوفمبر إلى إجبار أكثر من 850 ألف شخص على ترك منازلهم، وكثير منهم قد نزحوا بالفعل بسبب الكوارث الطبيعية. 


 

من يدفع الثمن؟


قالت صحيفة الجارديان البريطانية، إنه يجب علي الدول الغنية، تحمل مسؤولية التغير المناخي، والكوارث الطبيعية الناجمة عن المناخ المتطرف.

وأكدت “الجارديان”، أنه يجب علي الدول الغنية دفع الأموال لانقاذ المناخ ومواجهة التغير المناخي، مشيرة إلي وجود فروق ضخمة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بين البلدان الغنية والفقيرة.


معاناة القرن الأفريقي


وقالت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، إن القرن الأفريقي، يعد أحد أكثر مناطق العالم عرضة لتغير المناخ، حيث ترتفع درجة حرارة الدول الأربع، جيبوتي وإريتريا وإثيوبيا والصومال، بسرعة أكبر من المتوسط العالمي، مع وجود مخاوف كبيرة حول وقوع اضطرابات ونزاعات بسبب قلة الموارد. 

كما يتسبب الطقس المتطرف في القرن الإفريقي في إرباك خبراء الارصاد الجوية، لوقوع موجات من الجفاف الحارق، والفيضانات التي حطمت الأرقام القياسية وأسراب الجراد الصحراوي التي تدمر المحاصيل الزراعية.

ويمكن أن تؤدي موجات الحرارة الحارة المفاجئة وهطول الأمطار الغزيرة إلى شل الإنتاج الزراعي والحيواني، وتعطيل النظم الإيكولوجية لصيد الأسماك، وتعميق التوترات بين المجتمعات المتنافسة.

ووفقًا لبعض الباحثين، ترتبط الزيادة في درجات الحرارة في القرن الإفريقي بمقدار 0.5 درجة مئوية بزيادة قدرها 10 إلى 20 ٪ في خطر نشوب نزاع علي الموارد، مع اعتماد حوالي 80 ٪ من سكان المنطقة على زراعة الكفاف والرعي للبقاء على قيد الحياة، ومن الممكن أن تدفع الانتكاسات الطفيفة القرى إلى المجاعة وسوء التغذية.

ويتسبب تغير المناخ بالفعل في تعطيل سبل عيش ملايين الأشخاص الذين يزرعون ويقطنون في القرن الإفريقي، ولا سيما الأفقر والأكثر ضعفًا، مما يضع وكالات الإغاثة ومنظمات التنمية في حالة تأهب قصوى.

 وتعتبر إثيوبيا وإريتريا والصومال من بين أفقر دول العالم، وتواجه دول أخرى في المنطقة حرمانًا اجتماعيًا واقتصاديًا حادًا، بسبب تأثير التغير المناخي والطقس المتطرف علي منطقة القرن الإفريقي.

ويعاني القرن الأفريقي أيضًا من بدائية الإنتاجية الزراعية، ومن قلة التجارة في المنتجات الزراعية ذات القيمة المرتفعة. 

ومع ارتفاع معدل النمو السكاني بمعدل 3 ٪ سنويًا وزيادة أعداد الشباب، يكافح القرن الأفريقي لتلبية الطلب المتزايد على الموارد الأساسية لسكانه، لا سيما الغذاء والطاقة.