الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

معركة الوعي (18)

الكاتب محمود البكري
الكاتب محمود البكري

الزراعة هي ثروتنا الأهم، وهي أحد قطاعات الاقتصاد القومي المصري والتي لها دور أساسي في تحقيق الأمن الغذائي وتوفير الخدمات اللازمة للعديد من الصناعات الهامة، كما تساهم الصادرات الزراعية في تحسين ميزان المدفوعات.


ورغم ذلك، باتت قضية التعديات على الأراضي الزراعية وخاصة بعد أحداث يناير 2011 ، واقعًا نراه في كل قطاعات ريفنا في طول مصر وعرضها، ووفقًا لتقرير صادر عن الإدارة المركزية لحماية الأراضي بوزارة الزراعة، فإن إجمالي تعديات البناء على الأراضي الزراعية خلال الفترة من 25 يناير 2015 وحتى مايو 2018 بلغ مليوناً و872 حالة تعدٍ على مساحة 83 ألف فدان و474 فدانا.
  
ولا شك أنه إذا استمرت وتيرة التعديات على ما هي عليه الآن، فإننا سنفقد معظم الأراضي الزراعية القديمة خلال 40 عامًا فقط ، والتي تتراوح ما بين 4 إلى 5 ملايين فدان، مما يؤثر على الأمن الغذائي والقطاع الزراعي المصري.


  وهذا الأمر، أكد عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأسبوع الماضي خلال افتتاحه عدد من المشروعات القومية بالصعيد، حيث شدد على ضرورة رفع الوعي والثقافة بخطورة البناء على الأراضي الزراعية، مشيرًا إلى أنه على مدار 60 أو 70 سنة كان يتم البناء على تلك الأراضي رغم محدودية الأرض المتاحة ورغم أن محافظات الصعيد لديها أراض صحراوية ممتدة تسمح بالبناء وبالتالي الاحتفاظ بالأراضي الزراعية.
  
وبرغم ما شهدته مصر منذ ولاية الرئيس السيسي، من إطلاق عدد من مشروعات التنمية الزراعية العملاقة.. ومن أبرزها مشروع المليون ونصف المليون فدان، ومشروع المائة ألف صوبة، وإحياء مشروعات التنمية الزراعية في توشكي وشمال سيناء، ومشروعات تنمية الثروة الحيوانية والاستزراع السمكي ... إلا أن هذه الجهود والمشروعات لم يصاحبها رسائل توعوية للمزارع والفلاح ، أو تقديم خدمات إرشادية كافية للمزارعين والمهتمين بالشأن الزراعي ، أو تغطية قضايا التنمية المستدامة والقضايا الزراعية.
  
فالوعي لا بد أن يسبق أي عملية إنتاجية سواء صناعية أو زراعية ، كون الوعي يعني معرفة الاحتياجات وتقدير المخاطر ومعرفة الحلول في حال ظهور هذه المخاطر، والجانب الأهم أيضًا من الوعي الزراعي تبدأ في معرفة طبيعة التربة وتكوينها المعدني، ومعرفة حاجتها من الأسمدة ونوعية الأسمدة التي تكون مساعدة لهذه الأرض ولا تضر بها.


 أتذكر دائمًا البرنامج الدرامي "سر الأرض" الذي كان يعرضه التليفزيون المصري ، خلال فترة التسعينيات ، وكم الرسائل التوعوية التي كان يقدمها للمزارع والفلاح والمهتمين بالشأن الزراعي ، في سياق درامي بسيط يحتوي على معلومات صحيحة ودقيقة تحت إشراف إدارة الإرشاد في وزارة الزراعة .
  
وعلى الرغم من مرور سنوات طويلة على غياب "سر الأرض "عن المشاهد المصري ، لم يتم التفكير حتى الآن في برنامج مشابه يعيد إحياء الوعي الزراعي ويقدم الإرشاد والتوجيه بالقضايا الزراعية المختلفة وقضايا التنمية المستدامة ، ونشر التوصيات الفنية الخاصة بالمحاصيل الزراعية المختلفة.
 
أعلم أن هناك قناة تابعة لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي "قناة مصر الزراعية" وتم تكريمها منذ أيام من منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "فاو" لدورها في نشر الوعي وتقديم الخدمات الارشادية للمزارعين والمربين والمهتمين بالشأن الزراعي .. ولكن الحقيقة لم أتابعها ولم تصادفني مرة واحدة في قائمة القنوات التي تظهر مع الريسفير .
  
ولذلك فإنني أطالب بإنتاج برامج مشابهة لـ "سر الأرض" تذاع على قنوات التليفزيون المصري المختلفة ، والقنوات الفضائية ، والراديو ، وكذلك إعادة هيكلة "قناة مصر الزراعية" وإعادة النظر في برامجها وأهدافها .. هذا بجانب قيام إدارة الإرشاد بوزارة الزراعة بإعداد ونشر رسائل توعوية على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة ، فضلًا عن الدور المهم الذي يجب أن تقوم به منظمات المجتمع المدني في تنمية الوعي الزراعي في كل قرى ونجوع مصر والتوعية ضد مخاطر التعديات على الأراضي الزراعية وتهديد الأمن الغذائي .