يعيش العالم أزمة كبيرة بسبب نقص إمدادات الطاقة الحفرية والتي نتج عنها ارتفاع في أسعارالغاز الطبيعيفي أوروبا، بأكثر من 8٪ مقتربة من أعلى مستوياتها على الإطلاق، وذلك تزامنا مع انخفاض تدفق الغاز الروسي إلى ألمانيا عبر خط أنابيب يامال-أوروبا.
وتسببت أسعار الطاقة المرتفعة في بريطانيا، الشهر الماضي، في خفض إنتاج المصانع وطلب بعض الشركات المساعدة الحكومية، وهو سيناريو مصغر لما سيقع على نطاق واسع في القارة العجوز، لا سيما في ظل التفشي الكبير لـفيروس كورونا.
وفي التقرير التالي يرصد "صدى البلد"، أسباب نقص إمدادات الطاقة إلى دول أوروبا.
تدمير البنية التحتية لخطوط الغاز
وقال الدكتور جمال القليوبى خبير الطاقة، أن نقص إمدادات الوقود يرجع إلى أن البنية التحتية لدول "إسبانيا والنرويج وهولندا"، شهدت بعض التدمير في مصافي وخطوط الغاز بالإضافة إلى عملية الصيانة التي تجرى بهذه الآبار مما أدى إلى نقص نصيب الاتحاد الأوروبي من الغاز إلى 7% من عملية الإمداد.
وأضاف القليوبي في تصريحات لـ"صدى البلد"، أن التعاقدات في إمداد الغاز بين الجانبين الروسي والأوروبي كانت تعاقدات متوسطة الأجل وليست طويلة الأجل، أدت إلى وجود التزامات في العقود طبقا للتسعيرة الحديثة وبعض الحالات لا تقبل هذه التسعيرة مع الجانب الروسي وهناك ضغط أمريكي في عدم التوقيع على الاتفاق المبرم بين الاتحاد الأوروبي وروسيا لضخ الغاز من خلال خط "نورد ستريم 2"، وهذا أدى إلى عملية تأخير كبيرة جدا ونقص بـ الإمدادات وظهور بعض الأزمات في عدد من الدولة بسبب قلة المعروض والذي وصل في بعض الأسواق لمليون وحدة حرارية.
اعتماد قارة أوروبا على الكهرباء
وأوضح أن التأثير الأكبر يقع على الجانب الأوروبي بسبب البرد الشديد والذي يحتاج إلى تدفئة مما أدى إلى اتجاه المواطنين لاستخدام الكهرباء بدلا من الغاز مما أدى إلى ارتفاع أسعارها إلى 9 دولارات للكيلو وات في الساعة.
وتابع أن نقص الإمدادات من الغاز لدول أوروبا سيؤثر على السوق العالمي بقلة المعروض من المنتجات وبالتالي قد لا تقبلها اقتصاديات الدول النامية.
وكشف أن الطاقة المتجددة هي سبيل العالم للقضاء على أزمة الطاقة، وأن قارة أفريقيا هي المصدر الطبيعي للطاقة المتجددة وبالتالي العامل الأساسي هو الوصول إلى إمكانيات لإنتاج الطاقة المتجددة بكميات اقتصادية، وإن دولة ألمانيا تقوم بعملية إنتاج الطاقة من وسط أفريقيا من خلال عدد من شركاتها والتي سوف تقوم بتوصيله إلى شمال أفريقيا ثم كابل بحري يعبر شمال البحر المتوسط إلى دول أوروبا ومنها إلى ألمانيا .
إمدادات الغاز من أمريكا لأوروبا
صعد عدد الناقلات التي تعبر المحيط الأطلسي، وهي تحمل الغاز الطبيعي المسال الأمريكي، مُعلنة أنها تتوجه إلى موانئ أوروبا الغربية، بنسبة 50٪ في غضون 24 ساعة فقط، مع تفاقم أزمة الطاقة في القارة.
وفقاً لبيانات الشحن التي نشرت عبر تقرير بـ وكالة "بلومبرغ"، وصل العدد حالياً إلى 15 سفينة ارتفاعاً من 10 سفن الأربعاء الماضي.
إلى جانب ذلك، هناك 11 شحنة أخرى من الغاز الطبيعي المسال الأمريكي ذات وجهات غير معلنة تشير مساراتها إلى أنها متجهة إلى أوروبا، بما في ذلك "مينيرفا كيوس"، التي غادرت محطة تصدير "سابين باس" للغاز الطبيعي المسال التابعة لشركة "شينير إنرجي" في لويزيانا منتصف نوفمبر الماضي، وكانت في المحيط الهندي عندما تم إعادة توجيهها نحو أوروبا الأسبوع الماضي.
توقف المفاعلات النوويةالفرنسية
واحتدمت أزمة الطاقة في أوروبا خلال الأيام الأخيرة، بعد توقف المفاعلات النووية في فرنسا، وانخفاض طاقة الرياح في ألمانيا، مما أدى إلى تفاقم العجز الذي أجبر البلدان على حرق المزيد من الفحم والنفط لإبقاء الأنوار مضاءة والمنازل دافئة.
وتسبب انتشار أخبار شحنات الغاز الطبيعي المسال الأمريكية المتجهة إلى القارة إلى جانب تقديم الإغاثات، في انخفاض المؤشر المرجعي لأسعار الغاز الأوروبية عن مستوياته القياسية.
من بين 15 ناقلة للغاز الطبيعي المسال أعلنت عن الموانئ التي تتجه إليها، تتوجه 4 سفن لكل دولة من المملكة المتحدة وفرنسا وإسبانيا، فيما تحصل كل من هولندا وجبل طارق ومالطا على شحنة واحدة لكل منها.
إلى جانب ذلك، ترسو ناقلة غاز طبيعي مسال، لم يتم الإعلان عن وجهتها في مرسى ميلفورد هافن بالمملكة المتحدة.
ارتفاع أسعار الغاز بـ أوروبا
ارتفعت أسعارالغاز الطبيعيفي أوروبا، الاثنين الماضي، بأكثر من 8٪ مقتربة من أعلى مستوياتها على الإطلاق، وذلك تزامنا مع انخفاض تدفق الغاز الروسي إلى ألمانيا عبر خط أنابيب يامال-أوروبا.
وبحسب "رويترز" تسبب الارتفاع السريع في أسعار الغاز بأوروبا عام 2021 في ارتفاع أسعار الطاقة، ما اثار مخاوف بشأن التأثير الضار على التضخم، وأدى إلى إفلاس بعض الشركات في بريطانيا.
وأظهرت بيانات من مشغل الشبكة الألمانية "جاسكيد"، أن تدفقات الغاز تضاءلت، حيث بدأت شركة جازبروم الروسية في ملء الخط الثاني من خط أنابيب نورد ستريم 2 بالغاز يوم الجمعة الماضي، ما أثار مخاوف بشأن إمداد أوروبا بالطاقة.
تدفقات الغاز إلى غرب أوروبا
وقال محللو ICIS: "يتزامن الانخفاض في تدفقات الغاز إلى شمال غرب أوروبا، عبر خط أنابيب يامال-أوروبا، أحد خطوط الأنابيب الثلاثة الرئيسية، مع بداية تعبئة نورد ستريم 2 ، فضلاً عن بداية فصل الشتاء في روسيا".
وانخفضت التدفقات في نقطة قياس "Mallnow" على الحدود الألمانية البولندية إلى حوالي 370.000 كيلوواط / ساعة، مقارنة بأكثر من 1،200،000 كيلو واط / ساعة يوم السبت، وأكثر من 10،000،000 كيلو واط / ساعة يوم الجمعة.
وكانت التدفقات عبر خط أنابيب يامال-أوروبا، وهو طريق رئيسي لتصدير الغاز الروسي إلى أوروبا عبر بيلاروسيا، تتراوح ما بين 9.000.000 و 12.000.000 كيلوواط / ساعة في المتوسط هذا الشهر.
وقالت جازبروم: "تزود الشركة الغاز بما يتماشى مع طلبات المستهلكين وامتثالاً كاملاً للالتزامات التعاقدية الحالية".
ولم تحجز شركة الغاز الروسية العملاقة "جازبروم"، كميات الغاز المطلوبة لتزويد أوروبا لشهر ديسمبر، ولكنها تشتري الكمية المطلوبة من المزادات والمناقصات اليومية.
خطوط النفط الأمريكية فارغة
أفادت وسائل إعلام أمريكية، بأنه يتم استخدام أقل من نصف خطوط أنابيب النفط الخام عبرالولايات المتحدة، وسط انخفاض إنتاج الوقود الاحفوري، وذلك في أعقاب تفشي جائحةفيروس كوروناحول العالم.
وقبل الوباء، كان معدل استخدام خطوط أنابيب النفط الأمريكية يتراوح بين 60 و 70٪، لكنه انخفض الآن إلى 50٪، حيث انخفض الإنتاج من مستوى قياسي بلغ 13 مليون برميل يوميًا إلى 11 مليون برميل يوميًا.
مع ذلك، لا يتم توزيعه الاستخدام بالتساوي عبر حقول النفط. على سبيل المثال، يتم استخدام خط أنابيب جراي أوك في بيرميان بنسبة 94٪ من قدرته، وفقًا لرئيس بيانات النفط في وود ماكينزي، رايان ساكستون.
ويتم استخدام خط أنابيب "بريدج تيكس"، الذي يشحن النفط من ميدلاند وكولورادو سيتي إلى هيوستن، بنسبة 70 ٪ من قدرته.
ويؤدي هذا الوضع إلى تكثيف المنافسة في قطاع النفط، حيث يتعين على مشغلي خطوط الأنابيب الكفاح من أجل نقل المزيد من البراميل.
ومع ذلك، فهذا الأمر لم يحدث لأول مرة، في مرحلة ازدهار إنتاج النفط والغاز، قامت الشركات ببناء خطوط أنابيب جديدة، لاستيعاب الكميات الكبيرة من النفط التي كانت تنتج بشكل يومي.
وحدث شيء من هذا القبيل في أمريكا، وكان بسبب النقص الكبير في القدرة الاستيعابية لخطوط الأنابيب، مع زيادة الإنتاج، مما أثر على أسعار النفط الخام الذي يتم ضخه، في أكبر عمليات إنتاج للوقود الأحفوري في الولايات المتحدة.