الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حصاد 2021 |إيران في انتظار "شيء ما".. الاتفاق النووي بين البعث والحرب.. والاقتصاد بين الانهيار والازدهار.. طالبان خارج السيطرة ومفاوضات مع السعودية والإمارات.. وإسرائيل تضبط ساعة الصفر

صدى البلد
  • إبراهيم رئيسي..رئيس جديد ولا شيء تغير
  • 8 جولات من مفاوضات فيينا “الأغرب في التاريخ”.. والحسم في 2022
  • الفراغ الأمريكي يفتح أبواب الحوار مع السعودية والإمارات
  • إيران تلعب بالنار وإسرائيل تنتظر فشل المحادثات بفارغ الصبر

 

ها قد انقضى عام 2021 ! بالنسبة لإيران، لم يكن عاماً عاصفاً كما كان الحال في 2020، بل كان عاما نصفه في انتظار "شئ ما" قد يحدث، مع استمرار معاناة الشعب الإيراني مع الأوضاع الداخلية للبلاد مع عدم حدوث تقدم على صعيد الأوضاع الاقتصادية، واستمرار التظاهرات العمالية والفئوية التي لا تنتهي.

في محاولة الإجابة عن سؤال كيف كان عام 2021 بالنسبة لإيران، سنجد أمامنا أحداثاً بارزة، رحيل الرئيس الأمريكي صاحب العقوبات الأعنف على طهران، دونالد ترامب، وقدوم جو بايدن الفائز في انتخابات نوفمبر 2020، وفوز إبراهيم رئيسي بالانتخابات وقدوم حكومة متشددة. المحادثات النووية في فيينا، ومعارضة إسرائيل عودة الولايات المتحدة للاتفاق النووي، كما صعدت إسرائيل من اختراقاتها الأمنية والسيبرانية لإيران. أزمات مكررة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومفتشي الأمم المتحدة، وأخيرا محادثات ومفاوضات لعودة العلاقات مع الإمارات والسعودية.

في يناير الماضي، بدأت إيران العام باحتجاز سفينة تابعة لكوريا الجنوبية، متذرعة بأنها تسببت في تلوث بالمياه الإيرانية، وسط توترات تحيط بتجميد الأموال الإيرانية في سيول بسبب العقوبات الأمريكية.

في الأثناء، واصلت إيران تخفيض التزاماتها بالاتفاق النووي للضغط على الدول الموقعة على خطة العمل الشاملة المشتركة، في المقابل، واصلت إدارة ترامب فرض العقوبات على الشخصيات والكيانات الإيرانية والمرتبطة بها حتى آخر يوم لها في البيت الأبيض.

بدأ عام 2021 بمصالحة عربية قطرية انطلقت من قمة العلا في الرياض، وخرج بيان القمة مشدداً على كون إيران تمثل تهديداً لدول المنطقة.

في الوقت نفسه، أعلنت إيران البدء في تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% في أكبر انتهاك حتى الآن للاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع القوى العالميةـ وهو ما أكدته الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقال مبعوث إيران للوكالة الدولية للطاقة الذرية إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكدت في تقرير للدول الأعضاء أن إيران بدأت عملية تخصيب اليورانيوم إلى مستوى أعلى مما فعلته منذ دخول اتفاق 2015 مع القوى العالمية حيز التنفيذ.

ومن بين العقوبات التي وقعتها إدارة ترامب على إيران، كانت فرض عقوبات على اثنين من قادة تنظيم القاعدة المتواجدين في إيران وثلاثة من قادة كتائب التنظيم الكردية، وكشف وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو عن أن عنصري تنظيم القاعدة يعملون في الوقت الحالي على حدود إيران والعراق. وقال بومبيو إن إيران قدمت دعمًا كبيرًا لتنظيم القاعدة الإرهابي، وساعدته في تنفيذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وسمحت للتنظيم بأن يقيم قاعدة له على الأراضي الإيرانية، ومنحت أعضائه جوازات سفر وقدمت لهم الأموال وحرية الحركة، مضيفًا: "إيران هي أفغانستان الجديدة بالنسبة لتنظيم القاعدة".

تسببت الضربات الإسرائيلية التي تستهدف المليشيات الإيرانية في سوريا هزة في أوساط تلك المليشيات، فمع كثرة العمليات التي شنها جيش الاحتلال والخسائر المادية والبشرية، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن عشرات المقاتلين في صفوف المليشيات الموالية لإيران في سوريا تعمدوا ترك تلك المليشيات والانضمام إلى الفيلق الخامس الذي أنشأته روسيا في ريف دير الزور، وذلك في ظل الاستهدافات المتصاعدة بشكل كبير جدًا للقوات الإيرانية والمليشيات الموالية لها من قبل إسرائيل، ولاسيما على دير الزور بالعموم والبوكمال بالخصوص، والتي كان آخرها قبل أيام قليلة، وراح فيها 57 قتيلًا.

في نهاية أكتوبر، أدى هجوم سيبراني الى تعطيل أنظمة توزيع الوقود المدعوم في محطات الوقود الإيرانية، بعد سلسلة هجمات سيبرانية مماثلة تعرضت لها البلاد، عام 2020. وأكد التلفزيون الرسمي الإيراني، تعطل محطات الوقود في أنحاء البلاد بسبب هجوم سيبراني، موضحا أن التعطل أدى الى حدوث ازدحاما شديدا في محطات الوقود، وعطل حياة المواطنين.

وبعد هذا المسح الفوضوي لعام 2021 الإيراني..دعونا نلق نظرة أكثر تعمقاً على أبرز ملفات إيران في العام الماضي

في يناير 2021، بدأت حكومة الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني العمل في اتجاهين بشأن سياساتها الخارجية، محاولة تلطيف الأجواء مع الخليج والدخول في محادثات مع المملكة العربية السعودية من خلال وساطة كويتية، والتواصل مع إدارة بايدن، حيث قالت صحيفة "لوفيجارو" إن أعضاء فريق الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، أجرى مفاوضات مع الجانب الإيراني حول احتمالات عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي ومثل إيران، ماجد تاخت رافانشي، ممثل إيران في الأمم المتحدة ومبعوث أمريكي من جانب إدارة بايدن. وقال المصدر إن الغرض من هذه المفاوضات هو تحديد إطار للمفاوضات، وكيفية إعلان عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي من جديد، حيث ركزت المقابلات على عودة صارمة للبلدين إلى الاتفاق. وهو ما أفضى لاحقاً إلى انطلاق محادثات فيينا غير المباشرة.

لكن ماذا عن الاقتصاد؟

قال أحدث تقارير البنك الدولي عن الاقتصاد الإيراني، في أكتوبر الماضي، إن الاقتصاد الإيراني خرج من ركود عامين، مدعوماً بإجراء محدودة للتخفيف من تأثير وباء كورونا، وانتعاش تدريجي في إنتاج النفط في النصف الثاني ممن عام 2020، ومع ذلك ضعف النشاط الاقتصادي، ويرجع ذلك جزئيًا إلى العقوبات الأمريكية، وانخفاض عائدات النفط أدى ارتفاع النفقات المتكررة والمتعلقة بفيروس كورونا  إلى زيادة العجز المالي،  مما أدى إلى ضغوط تضخمية كبيرة وانخفاض قيمة العملة. من المتوقع أن يظل النمو متواضعا ويواجه تحديات من خلال موجات أخرى من متغيرات كورونا، وعدم اليقين في حدوث تخفيف للعقوبات، فضلا عن تأثير التوترات الأخيرة في أفغانستان وتأثير المناخ.

ساهم الانتعاش التدريجي في الطلب العالمي وعمليات الإغلاق المحدودة لفيروس كورونا في تعزيز النمو في قطاع النفط والتصنيع مما أدى إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.4٪ في 2020/21. تشير أحدث بيانات الإنتاج الصناعي إلى تراجع النشاط الاقتصادي بعد انتشار متغير دلتا في أغسطس 2021. تظل نسبة العمالة في أبريل - يونيو 2021 أقل بنسبة 2.1 نقطة مئوية عن مستوى ما قبل الجائحة مع تأثير سلبي غير متناسب على النساء.

تتشكل التوقعات الاقتصادية لإيران من خلال التوقعات بشأن مسار الوباء، وتعافي الطلب من شركاء التصدير، والتطورات الجيوسياسية. من المتوقع أن يظل متوسط ​​نمو الناتج المحلي الإجمالي أقل من 3٪ سنويًا على المدى المتوسط. محليًا، يعد التلقيح البطيء لفيروس كورونا في مواجهة متغير دلتا وأوميكرون حالياً، وعمليات الإغلاق المحتملة جنبًا إلى جنب مع معدلات الاستثمار المنخفضة من العوامل الرئيسية للتوقعات.

وانطلاقا من تقرير البنك الدولي، وفيما يخص وباء فيروس كورونا، دخلت إيران في الموجة الرابعة من جائحة كورونا، وانتشرت السلالة البريطانية وأسفرت عن مئات الوفيات وآلاف الإصابات، ما الذي دفع الحكومة الإيرانية الى فرض عزلا عاما، مدته عشرة أيام، في مسعى للسيطرة على هذه الموجة.

ومع دخول الموجة الخامسة، تزايدت أعداد الوفيات بشكل يومي مع ارتفاع أعداد الإصابات. وصل الأمر إلى إعلان وزارة الصحة الإيرانية أن كورونا يصيب شخصا كل ثانيتين ويقتل شخصاً كل دقيقتين ونصف. بلغ إجمالي وفيات كورونا في إيران إلى 131 ألفاً و474 حالة، وعدد الإصابات 6 ملايين و188 ألفاً و857 شخصاً منذ بدء تفشي الوباء وحتى كتابة هذا التقرير.

حالة الانتعاش الطفيف للاقتصاد الإيراني وقدوم حكومة أكثر تشدداً انعكس كذلك على حدة التظاهرات في الشارع الإيراني، الذي كان يشهد حركة تظاهرات عارمة أشبه بالثورة على نظام الملالي في كل عام تقريبا كان أوجها في 2018، لكنها بدأت تنحسر حتى اختفت بنسبة كبيرة في العام المنصرم، ويظل الاحتجاج الاضطراب الأبرز في إيران خلال 2021  في شهر يوليو، عندما تصاعدت حدة الاحتجاجات في شوارع خوزستان، جنوب غربي إيران، وهي المحافظة الغنية بالنفط، بسبب نقص المياه؛ في وقت تعاني إيران من انخفاض نسبة الأمطار مقارنة بأعوام سابقة.

كذلك في نوفمبر، شهدت أصفهان احتجاجات على نقص المياه في نهر "زاينده رود"، أكبر نهر في المنطقة، والذي تعرض للجفاف بسبب شح الأمطار. وشهدت كلا المناسبتين سقوط عدد قليل من الضحايا في صفوف المحتجين والشرطة وعدد أوفر من الإصابات.

الجارة أفغانستان .. رحيل العدو ليس دائما في صالحك!

مع إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن خطته لسحب القوات الأمريكية بالكامل من أفغانستان، وخروج آخر جندي أمريكي من كابول مع قدوم ذكرى الـ11 من سبتمر، لإنهاء أطول حرب خاضتها أمريكا في تاريخها منذ 2001، بدأ السقوط الحر للحكومة الأفغانية مع تقدم حركة طالبان، في ظاهرة فسرت على نطاق واسع بسوء تجهيز الجيش الأفغاني واتكاليته على وجود القوات الأمريكية، فضلا عن افتقاد عناصره للرغبة في القتال بعد عقدين من الحرب المنهكة.

سقطت كابول في 15 أغسطس، ووصلت حركة طالبان إلى الحكم ، هللت إيران أولا وقبل كل شئ برحيل القوات الأمريكية من الجارة أفغانستان، لكن هذا الرحيل الذي خلفه سيطرة لطالبان أتى معه بتحديات جديدة لطهران.

علاقات إيران وطالبان ليست مثالية، فهو اتفاق أو توافق ظاهري تخدمه أهداف الطرفين ووحدة العدو المتمثل في الولايات المتحدة، وعلى الرغم من الرؤية المتشددة والمتطرفة للشريعة الإسلامية التي تتشابه بين الاثنين، إلا أن ثمة فارقاً جوهرياً هناك، إيران شيعية وطالبان سنية، هذا على الجانب العقدي، أما من الجانب السياسي، فطالبان حليف وثيق لدولة باكستان المقربة بدورها من المملكة العربية السعودية، الغريم الإقليمي، أضف على ذلك أن الحكومة التي أعلنتها طالبان خلت من أي حليف داخلي لطهران، التي كانت تعول على حلفائها من مجموعة "الهزارة" التي  ينتمي إليها أغلب مقاتلي "لواء فاطميون" الذي شكلته إيران من المقاتلين والجنود والعسكريين السابقين الأفغان وأرسلتهم للحرب في سوريا، والتي تدرس الآن الاستعانة بهم من جديدفي زرع نفوذ لها في أفغانستان في خضم حرب النفوذ الدائرة في المنطقة لملء الفراغ الأمريكي.

لكن حتى اللحظة، فالأمور بين طهران وكابول الجديدة ليست على ما يرام أبداً، فبجانب النزاع طويل الأمد على نهر هلمند الواقع جنوب غربي أفغانستان وشرقي إيران والذي من المنتظر أن يزيد من التوترات الحدودية.

في مطلع ديسبمر الجاري، اندلعت اشتباكات باستخدام أسلحة ثقيلة على الحدود بين أفغانستان وإيران بين مقاتلي حركة "طالبان" وعناصر حرس الحدود الإيراني، وقالت وكالة "آماج نيوز" أن مواجهات مسلحة مكثفة تدور في قضاء كانج بولاية نيمروز شمال أفغانستان، حيث طلبت "طالبان" من السكان المحليين مغادرة منازلهم. ونقلت الوكالة عن مصادر لها أن مقاتلي "طالبان" سيطروا على 5 نقاط تفتيش لحرس الحدود الإيراني، كما نشرت مقاطع فيديو قالت إنها توثق الاشتباكات، فيما لم يتم حتى الآن تحديد أسباب النزاع غير أنها "سوء فهم حدودي" تم احتوائه بمباحثات بين الطرفين.

إلا أن ما حدث يعكس تزايد التوترات الأمنية المحتملة وتصاعد التحديات الأمنية أمام طهران من الجانب الأفغاني. فعلى الرغم من انخراط الجانب الإيراني مع "طالبان" لفترة طويلة من الزمن، خلال الوجود الأميركي في أفغانستان، وسط تقارير ومزاعم تفيد بأن طهران وفّرت ملاذاً لقادة تنظيم "القاعدة" الذين فرّوا من هناك مع تكثيف العمليات العسكرية الأمريكية، إلا أنه يبدو أن الهيكل المتعدد والمعقد للحركة جعل التفاوض بينها وإيران صعباً. بحسب تقرير "اندبندنت عربية".

ويضيف:"يمكن القول إن طهران قلقة بشكل أساسي من اندلاع حرب أهلية محتملة في أفغانستان، فضلاً عن أن الحدود الطويلة مع هذه الأخيرة يصعب تأمينها بسبب جغرافيتها، مما يمكن أن يشجع الفوضى فيها، وليس تهريب المخدرات والأشخاص فحسب، بل الأسلحة أيضاً. وفي ظل تمكين الجناح الراديكالي في طالبان بما في ذلك شبكة حقاني ذات العلاقات القوية مع باكستان التي ليست على وفاق مع إيران، حتى إن سراج الدين حقاني، نجل جلال الدين حقاني الذي أسس الشبكة في الثمانينيات خلال المقاومة الأفغانية ضد الاحتلال السوفياتي، أصبح وزيراً لداخلية أفغانستان، فيبدو أن التحديات الأمنية لإيران بدأت بالظهور".

عام المفاوضات والمحادثات..والنتيجة في 2022

 

السعودية:

 

كما ذكرنا سالفاً، بدأ العام بالحديث عن محادثات بين السعودية وإيران بتوسط كويتي ثم مع التقدم في العام استقبلت العراق ربما 3 لقاءات أو أكثر لمسؤولي البلدين، والتي بدأت غير معلنة من قبل طهران والرياض، لكن وصلت تفاصيلها إلى وسائل الإعلام، غالبا من خلال مسؤولين حتى باتت معلنة وكان آخرها لقاء بين خبراء سعوديين وإيرانيين في الأردن أشبه بندوة فكرية.

وصفت وكالة "سبوتنيك" الروسية المحادثات بأنها "مفاوضات باردة حول ملفات ساخنة"، وهو التوصيف الأقرب إلى الواقع، فالجولات المتعددة في عددها وفي مستوياتها لم تسفر عن تقدم، فبالطبع كانت النقاشات حول اليمن ودعم الحوثي والنفوذ الإيراني في المنطقة ولا سيما لبنان والعراق، وانتهمت بمطالبة إيران السعودية بـ"جدية أكبر" ودم التوقف عند التصريحات الأمنية، الأمر نفسه ربما قاله المسؤولون السعوديون، لكن كلا الطرفين يؤكد أن هناك اجتماعات أخرى ستجرى بعد اللقاءات الـ4 السابقة.

 الإمارات:

في الـ6 من ديسمبر، زار مستشار الأمن القومي لدولة الإمارات الشيخ طحنون بن زايد العاصمة الإيرانية طهران، وهي الزيارة الأولى لمسؤول إماراتي كبير إلى إيران منذ عام 2016، والتقى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير الأمن القومي الإيراني علي شمخاني ومسؤولين آخرين، في اجتماعات وصفها بأنها ستكون نقطة تحول في العلاقات بين البلدين.

جاءت زيارة طحنون بن زايد إلى إيران كنتيجة لعدة مقدمات من بينها اللقاءات السعودية الإيرانية، وأيضا اتصال هاتفي بين وزيري الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان والإيراني حسين أمير عبد اللهيان، بحثا فيه سبل تعزيز التعاون بما يخدم مصالح البلدين.

ولقاء أجري بين علي باقري كني، مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية وكبير المفاوضين الإيرانيين، مع أنور قرقاش، مستشار الرئيس الإماراتي، الشيخ خليفة بن زايد للشؤون الدبلوماسية، والذي قال عنه في تغريدة:"استمرارا للزيارات الى دول المنطقة، التقينا اليوم في دبي في اجتماع ودي مع انور قرقاش المستشار الاعلى في الشؤون السياسية للشيخ خليفة بن زايد رئيس دولة الامارات، وشاهين المرر الوزير المستشار في الشؤون الخارجية بدولة الامارات، حيث اتفقنا على فتح صفحة جديدة من العلاقات الايرانية الإماراتية".

ماذا يحدث في المنطقة؟

يسود توتر مستمر منذ سنوات في العلاقات السياسية بين إيران والإمارات، على خلفية قضايا عدة، إلا أن البلدين تربطهما صلات تجارية مكثفة، ووأكدت الحكومة الإيرانية سابقا أن الإمارات تعد ثاني أكبر شريك تجاري للجمهورية الإسلامية، وذلك تزامنا مع إجراءات متبادلة لتطبيع العلاقات السياسية.

وفي محاولة لتفسير هذه التحركات من جانب إيران والإمارات، خاصة أنها جاءت عقب أو بالتزامن مع محادثات إيرانية سعودية معلنة، قال الكاتب السياسي الإيراني حسين روي وران في تصريحات لـ"بي بي سي" إن المنطقة تقف على أعتاب مرحلة جديدة في العلاقات الإقليمية.

وأوضح أن انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان شكل وما يشير إليه من عدم رغبة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في الانخراط في المنطقة، عنوان هذه المرحلة، ألا وهو الفراغ السياسي، الناتج عن الانسحاب الأمريكي، والذي يرى أنه لا يمكن سده إلا بطريقتين، إما التفاهم بين دول المنطقة أو التنافس والتصادم، وهو ما أعربت الأطراف عن أنه لا تفضله.

واعتبر روي وران أن جولات المحادثات السعودية الإيرانية في بغداد، والتقارب الإماراتي الإيراني الحالي دليل على أن هذه الدول راغبة في الحوار.

وقال في هذا الإطار: " الإمارات تشجعت كثيراً بعد بدء الحوار بين إيران والسعودية في بغداد، ورأت أنه من الجيد أن تسير في الاتجاه عينه مع الأخذ بعين الاعتبار أن للإمارات منحى مستقلاً عن المنحى السعودي، وإن كان ضمن الإطار نفسه".

وأضاف أن هذه التطورات دفعت بدول مجلس التعاون الخليجي إلى إجراء تغييرات ملموسة على سياساتها الخارجية والدبلوماسية.

لكن "بي بي سي" أشارت إلى أن محاولات التفاهم تلك لا تضمن بالضرورة النتائج، حيث لا تزال توجت تخوفات وخلافات أساسية بين دول الخليج وإيران، ورغم بوادر الانفتاح عبرت دول مجلس التعاون الخليجي أكثر من مرة عن مخاوف عدة لديها تتمحور حول توسّع رقعة نفوذ إيران في المنطقة ومنظومتها البالستية وطموحها النووي، كما أعربت إيران عن قلقها واعتراضها على تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل والمناورات العسكرية الأخيرة التي ضمت الإمارات وإسرائيل والبحرين.


المفاوضات النووية.. الاتفاق أم الحرب

استؤنفت المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة بشأن إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، يوم الاثنين، مع تركيز طهران على جانب واحد من الصفقة الأصلية، ورفع العقوبات المفروضة عليها، دفع التقدم شبه المنعدم خلال الجولات السبع الماضية السؤال يبقى، ماذا لو فشلت المحادثات برمتها - كما هو متوقع- وأعلنت وفاة الاتفاق النووي؟

انتهت الجولة السابعة من المحادثات، وهي الأولى في عهد الرئيس الإيراني المتشدد الجديد إبراهيم رئيسي، قبل عشرة أيام من الثامنة بعد إضافة بعض المطالب الإيرانية الجديدة إلى نص العمل. وقالت القوى الغربية إن التقدم كان بطيئا للغاية وإن المفاوضين لم يتبق لهم سوى "أسابيع وليست شهور" قبل أن يصبح اتفاق 2015 بلا معنى.

خلال جولات المفاوضات الـ8 رفض المسؤولون الإيرانيون الاجتماع بشكل مباشر مع الأمريكيين، ما جعلها واحدة من أغرب المفاوضات في تاريخ الدبلوماسية، لكن في نظر إيران، فقدان فإن هذا التصرف تعبير رمزي على ما أحدثته سياسات ترامب من انسحاب من الاتفاق النووي وضغوط اقتصادية لعقوبات غير مسبوقة كما وكيفاً واغتيالات وغيرها.

ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان قوله قبل استئناف المحادثات "أهم قضية بالنسبة لنا هي الوصول إلى نقطة حيث يمكن أولا بيع النفط الإيراني بسهولة ودون عوائق".

يتمثل موقف إيران في أنه يجب رفع جميع العقوبات الأمريكية قبل اتخاذ خطوات على الجانب النووي، بينما يقول المفاوضون الغربيون إنه يجب موازنة الخطوات النووية والعقوبات. بحسب "رويترز".

وتسببت العقوبات الأمريكية في تراجع صادرات النفط الإيرانية مصدر إيراداتها الرئيسي. ولا تكشف طهران عن بيانات، لكن التقييمات المستندة إلى الشحن ومصادر أخرى تشير إلى انخفاض من نحو 2.8 مليون برميل يوميا في 2018 إلى 200 ألف برميل يوميا. وقدر مسح واحد الصادرات بنحو 600 ألف برميل يوميا في يونيو.

وقال وانج إن "هذه الجولة من المفاوضات ستركز على رفع العقوبات". وقال دبلوماسيون إن الجولة الأخيرة ركزت بشكل أساسي على القيود النووية رغم أن القوى الغربية قالت إنه لم يحرز سوى تقدم ضئيل.

عندما اختتمت الجولة السابعة، التي تضمنت بعض المطالب الإيرانية، قال مفاوضون من فرنسا وبريطانيا وألمانيا في بيان: "هذا يعيدنا أقرب إلى حيث توقفت المحادثات في يونيو"، عندما انتهت الجولة السابقة. وأضافوا "نحن نقترب بسرعة من نهاية الطريق لهذه المفاوضات".

قالت صحيفة "ذا نيويوركر" الأمريكية إن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تواجه مواجهة محتملة مع إيران التي باتت أفضل تسليحاً وأكثر تشدداً من أي وقت مضى في تاريخها الحديث.

وصف المبعوث الروسي ميخائيل أوليانوف عملية فيينا بأنها من أغرب العمليات الدبلوماسية الحديثة. وكتب على تويتر "الهدف ليس تحديث اتفاق أو بلورة اتفاق جديد. الهدف هو استعادة صفقة شبه مدمرة قطعة قطعة. هل كان هناك تمرين مماثل في تاريخ العلاقات الدولية؟ لا أستطيع تذكر أي شيء من هذا القبيل".

وقال مالي أن الدبلوماسية الغريبة قد اكتسبت إلحاحًا غير مسبوق في نوفمبر. وقال:"لقد رأينا البرنامج النووي الإيراني يتوسع، ورأينا طهران أصبحت أكثر عدوانية وأكثر صدامية في أنشطتها الإقليمية. إنهم يخطئون في الحسابات ويلعبون بالنار".

وأشارت الصحيفة إلى أن المخاطر تمتد إلى ما هو أبعد من إيران. إن النظام النووي العالمي، المحفوف بالمخاطر بالفعل، معرض الآن لخطر الانهيار. الاتفاقيات النووية التي تم التوصل إليها في القرن الماضي قديمة أو متآكلة، حيث تعمل الولايات المتحدة وروسيا والصين على تحديث ترساناتها. يقدر البنتاجون أن الصين يمكن أن يكون لديها ما لا يقل عن ألف قنبلة بحلول عام 2030. والمحادثات مع طهران مصممة لمنع الدولة العاشرة - آخرها كوريا الشمالية، في عام 2006 - من الحصول على القنبلة.

في الشرق الأوسط، تمتلك إسرائيل سلاحًا نوويًا منذ أواخر الستينيات. كما هدد مسؤولون سعوديون بالسعي للحصول على القنبلة إذا حصلت إيران على واحدة. قالت كيلسي دافنبورت، من جمعية الحد من التسلح:"لا يمكن النظر إلى الأزمة النووية الإيرانية في فراغ. النظام النووي الأوسع في حالة من الفوضى. انهيار المحادثات مع إيران - أول غزوة دبلوماسية كبيرة لبايدن - سيكون له عواقب في جميع أنحاء العالم".

تنتهك كل من واشنطن وطهران الاتفاق النووي. بعد عام من تخلي ترامب عن الاتفاق وشن حملة "الضغط الأقصى"، بدأت طهران في انتهاك التزاماتها. قامت بتركيب أجهزة طرد مركزي من طراز IR-6 - وهي أسرع بكثير من أجهزة IR-1 المسموح بها بموجب الصفقة - وطوّرت نماذج أكثر كفاءة ، بما في ذلك IR-9. أجهزة الطرد المركزي هي أنابيب طويلة تخصب شكلاً غازيًا من اليورانيوم. تدور بسرعة تفوق سرعة الصوت عدة آلاف من المرات من قوة الجاذبية. كما زادت إيران تخصيب اليورانيوم من درجة نقاء أقل من 4% - الحد المنصوص عليه في الاتفاقية، والمستوى المستخدم للطاقة النووية السلمية أو الأبحاث الطبية - إلى 60%. قال رافائيل جروسي، رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، في مايو:"فقط الدول التي تصنع القنابل وصلت إلى هذا المستوى". درجة السلاح هي تسعون في المائة، وهي بالنسبة للمسؤولين الإسرائيليين منعطف حاسم.

استغرقت عملية استئناف المحادثات بين الجولة الخامسة والسادسة 5 أشهر، وتقدم البرنامج النووي الإيراني أكثر. وقال مالي أنه بحلول الوقت الذي استؤنفت فيه الدبلوماسية، في أواخر نوفمبر، كان برنامج إيران قد 'تجاوز' القيود التي فرضها الاتفاق النووي. وقال:"في الوقت الذي يحرزون فيه هذه التطورات، فإنهم يفرغون تدريجياً الصفقة من مزايا حظر الانتشار النووي التي تساومنا من أجلها". تراجعت إدارة بايدن. وأضاف مالي:"لن نوافق على صفقة أسوأ لأن إيران قامت ببناء برنامجها النووي". في وقت ما قريبًا، ستكون محاولة إحياء الصفقة بمثابة محاولة لإحياء جثة ميتة. قد يتعين على الولايات المتحدة وحلفائها بعد ذلك "معالجة برنامج نووي إيراني جامح".

الورقة الجامحة هي إسرائيل. في سبتمبر، في الجمعية العامة للأمم المتحدة، اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد، نفتالي بينيت، طهران بأن البرنامج النووي الإيراني "قد وصل إلى نقطة تحول، وكذلك تسامحنا. الكلمات لا تمنع أجهزة الطرد المركزي من الدوران". ومن المقرر أن تبدأ إسرائيل قريباً التدريب على توجيه ضربات عسكرية محتملة إلى إيران. خلال زيارة لواشنطن في ديسمبر، حث وزير الدفاع بيني جانتس إدارة بايدن على إجراء مناورات عسكرية مشتركة مع إسرائيل. وقال التقرير إن المشكلة في برنامج إيران النووي هي أنه، في الوقت الحالي، لا توجد آلية دبلوماسية لإيقافه. لا يوجد رادع. وترى إسرائيل أن إيران لم تعد خائفة. وأنها بحاجة لمنحهم إشارة التوقف. بينما يرد المسؤولون الأمريكيون على ذلك بقولهم إن العمليات الإسرائيلية غالبًا ما استفزت طهران ونكست الدبلوماسية.

في والوقت الحالي يتزايد التصعيد مع احتمالا فشل المفاوضات النووية بشكل كامل، في الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة إخافة إيران بتحريك قاذفاتها ومعداتها بالقرب منها. في سبتمبر، قال وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان لكاتبة الصحيفة إنه "إذا أمكن تقليص جدار انعدام الثقة، فقد يكون هناك بعض القواسم المشتركة، لكنه جدار مرتفع. عندما يُحظر علينا الحصول على أموالنا الخاصة للقاحات المنقذة للحياة، هل يمكن أن يكون هناك أثر للثقة بين البلدين. إثبات حسن النية الأمريكية، يجب على بايدن أولاً رفع العقوبات والمساعدة في تحرير مليارات الدولارات من الأصول الإيرانية المجمدة في دول أخرى، مثل كوريا الجنوبية. إذا توصلنا إلى اتفاق، فيمكن استخدامه لإحراز مزيد من التقدم. إذا فشلت، قلنا بالفعل أننا لا نربط مستقبل البلاد".

حلل ماكنزي كيف يمكن أن يحدث الصراع مع إيران، وقال: "إذا هاجموا فجأة، ستكون حرباً دموية. سوف نتعرض لأذى شديد. سوف نفوز على المدى الطويل. لكن الأمر سيستغرق عامًا . أو ربما أكثر، كما تعلمت الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق. ومن شبه المؤكد أن تؤدي حملة عسكرية واسعة النطاق من قبل إسرائيل أو الولايات المتحدة إلى حرب إقليمية على جبهات متعددة. إيران أفضل تسليحا ونفوذها العسكري والسياسي أكثر تشددا من أي وقت مضى في تاريخها الحديث. يمكن أن يكون الاتفاق النووي مجرد البداية - والجزء الأسهل من التحدي الإيراني لرئيس أمريكي ثامن".

 

وفي الختام، يمكننا اعتبار عام 2021، بداية لمرحلة جديدة لا تزال ملامحها غائمة، في انتظار أن يضع عام 2022 نقاطاً للعديد من الجمل والفقرات التي لا تزال غير مكتملة الصورة.