خلال مناقشة "كل المدن أحلام".. محمود الضبع: جرجس شكري تمرد على نفسه للبحث عما هو جديد

ناقش مركز الاستقلال الثقافي، كتاب "كل المدن أحلام" للشاعر جرجس شكري ، والصادر عن دار الآفاق للنشر، وقد أدار الندوة الشاعر أحمد سراج، وخلال الندوة تحدث الدكتور محمود الضبع  أستاذ النقد اﻷدبي بجامعة قناة السويس والذي تحدث عن كتاب "كل المدن أحلام".

وفي بداية حديثه قال محمود: "إنني حين قرأت هذا الكتاب قرأته لكن ليس بصفته أدبا للرحلات، فقد تعرض أدب الرحلات لثلاث مراحل، وكانت المرحلة الأولى هي التي تخص مرحلة "اكتشاف العالم الآخر" والتي كتب عنها ابن بطوطة على سبيل المثال، أما النقلة الثانية فقد قام بها رفاعة الطهطاوي فهو قدم لنا مقارنات للواقع الثقافي المصري، وهذا ما  التقطه طه حسين في كتاباته المتعددة، والذي كان دائما ما يقيم مقارنة بين واقعين ثقافيين، لكن هناك قفزة أخرى حدثت في أدب الرحلات نتيجة تداخل الأنواع والأجناس الأدبية المختلفة.

فالكتاب لم يعد عبارة عن "تشويق" بل أصبح يقدم العديد من القضايا التي تؤدي في النهاية لاشتباك ثقافي، فلا بد للكتابة أن تكون شاهدة على عصرها، فهذا الكتاب يمكن أن نعتبره "تنويعة" ما بين المسرح والشعر، فقد حاول جرجس شكري أن يحقق هاجس التجريب وأن يتمرد على نفسه للبحث عما هو جديد دائما، أما المدخل الثاني هو "المدخل الثقافي" فمن خلال التشريح الثقافي، فنحن طوال الوقت نحتاج لصدمة وعي، لذلك كتاب جرجس هو عبارة عن كتابة بينية، والتي أصبحت تغزو جميع أنواع الكتابة، فلم يعد هناك حواجز إذ أصبحت الكتابة تدخل لموضوعات لم تكن تناقش من قبل فأصبحت الكتابة تتحدث عن الفيزياء والكيمياء وجميع تلك الأشياء لم تكن تستوعبها الكتابة في سنوات ماضية.
 

مشكلة الهوية

ويضيف الضبع: أرى أن كتابة جرجس داخل الكتاب تنوعت ما بين الشعر والمسرح، إذ اعتبر أن الكتابة ما هي إلا نصا مسرحيا. أما بخصوص الكتاب كتحليل ثقافي فجرجس طرح سؤالا مفاده؛ "كيف نرى الحضارة؟" فهل الدول تنتصر من خلال القوة الناعمة والثقافة؟ فهذه النقطة دائما ما تشغل جرجس شكري أثناء الكتابة، وهو يرى أن قضية التراث والمعاصرة هي قضية شائكة، فما الذي لحق بمصرنا؟ ولماذا تخلينا عن أشياء كثيرة وتراجعنا عنها، وهل يمكن أن نكون بهذه الهشاشة كي نتأثر بالغزو الوهابي كي نتراجع بهذه الصورة؟ فأنا أرى أن الأمر له أبعاد أخرى، فمصر تعرضت للكثير من المحن لكنها لم تهتز أبدا وإنما تراجعنا لأننا لم نراعي القيم الثقافية والتراثية، التي كان يجب ألا نتخلى عنها، لذلك يناقش جرجس جميع تلك الأمور  والتي تخص مشكلة الهوية.