الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مشروع أخلاقي قومي لمواجهة الظاهرة .. هل تختفي الجرائم الأسرية بحلول 2022؟

أرشيفية
أرشيفية

كان عام 2021، شاهدا على العديد من جرائم العنف وبخاصة الجرائم الأسرية، الأمر الذي يجعلنا نقف ونتمعن في أسباب انتشار تلك الجرائم بشكل غير مسبوق وغير مألوف على مجتمعاتنا المعروفة بالترابط الأسري.

مخاطر الجرائم الأسرية

الجرائم الأسرية تعتبر جرس إنذار قوي ينبهنا إلى ضرورة إعادة النظر في سلوكياتنا وتعاملنا مع بعضنا البعض خاصة داخل الأسرة الواحدة وأهمية الحفاظ على القيم والأخلاق وبناء أجيال سوية قادرة على مواجهة التحديات وصعوبات الحياة.

خبراء علم النفس والاجتماع، أجمعوا على ضرورة العمل جاهدين على تشكيل الوعي للشباب، وإرساء مشروع "ثقافي - أخلاقي" قومي في مواجهة الجرائم الأسرية ووقائع الانتحار، لافتين أن انتشار الفن الهابط ومشاهد العنف في الأعمال الفنية سببان رئيسيان وراء انتشار تلك الظاهرة.

ففي ديسمبر الجاري، شهدت محافظة أسوان جريمة أسرية بشعة عندما عذب زوج زوجته وأضرم فيها النيران لإخفاء معالم جريمته بسبب مصاريف الولادة، وفي محافظة الإسماعيلية قام مواطن يذبح جاره علنا في وضح النهار.

كما شهدت محافظة سوهاج جريمة بشعة تمثلت في قيام شاب بإضرام النيران في شقة شقيقته لتلقى مصرعها وزوجها وابنتهما حرقا بسبب خلافات بينهما.

أزمة قيم في المجتمع

وعن أسباب ارتفاع معدلات الجرائم الأسرية ووقوع جرائم لم تكن معتادة من قبل، تقول الدكتورة سوسن فايد أستاذ علم النفس بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، إن الجرائم الأسرية كانت موجودة ولكن لم تكن بهذه المعدلات ولا بهذه الغرابة.

وأوضحت "فايد" في تصريحات لـ"صدى البلد"، أن معدلات هذه الجرائم في ارتفاع وذلك بسبب عدة عوامل أهمها أننا نعاني منذ سنوات من أزمة غياب للقيم في المجتمع "القيم الأخلاقية والتعليمية والثقافية والدينية" وهذه العوامل تتطلب من المؤسسات المعنية في الدولة الالتفات لها والعمل على أن تعود هذه القيم النبيلة للمجتمع وأن تصبح هي السائدة لأنها الحصانة للفرد وللأسرة من ارتكاب الجرائم.

وأردفت: انتشار تلك الظواهر لسبب آخر وهو تفشي ظاهرة تعاطي المخدرات والإدمان بشكل كبير جدا وظهور أنواع من المخدرات "المخلقة"، التي تسبب هيستيريا وهلاوس واضطرابات عصبية للتعاطي وللمدمن مما يجعله غير متحكم في سلوكه وغير واعي وهو يرتكب الجريمة، معقبة: "هنا نؤكد أن غياب القيم الأخلاقية والتعليمية والثقافية والدينية وراء تعاطى المخدرات والإدمان".

المرض النفسي الكامن 

ولفتت أن المرض النفسي لمرتكب الجريمة أحد الأسباب المهمة في ارتكاب بعض هذه الجرائم، وغالبا ما يكون المرض النفسي كامن ومع ضغوط الحياة وضعف الإرادة والوعي تظهر أعراضه التي قد تؤدي لارتكاب الجريمة أو الانتحار في حين لا يدرى هذا الشخص ولا المحيطين حوله من أهله أنه مريض نفسيا.

وتابعت: "وبالتالي لا يتم تقديم المساعدة العلاجية له ليرجع إنسان سوى وبذلك يكون أكثر عرضة لارتكاب الجريمة".

وأوضحت أن مرض مثل الفصام قد يشكل في ذهن المريض فكرة تلح عليه دائما وهي أن الانتحار هو الحل الأفضل والوحيد لمواجهة الأزمة أو المشكلة والضغوط وأن حياته بعد الانتحار ستكون أسعد وأفضل وأنه سيذهب للجنة، وتظل هذه الفكرة تسيطر عليه حتى تنتهى بالانتحار إذا لم يتم علاجه، ومن هنا لا بد على أفراد الأسرة في حالة ظهور بوادر مرض نفسي عند أحد منهم أن يقدموا له المساعدة الطبية اللازمة من خلال الأطباء النفسيين.

الفن الهابط والإعلام

وأوضحت أن الفن الهابط ووسائل الإعلام التي تقدم مشاهد الدماء والعنف والجرائم بشكل مكثف وتقدم دائما أن العنف أو الجريمة هي الحل الأسرع لحل مشاكل الحياة أو لتحقيق المكسب المادي السريع ترسخ في أذهان الشباب هذا النمط وبالتالي يستسهل ارتكاب الجرم خاصة مع توافر عامل أو أكثر من العوامل السابق ذكرها وهي الإدمان وغياب المنظومة القيمية والأخلاقية والدينية والثقافية.

وأكدت أن تفشى الجهل الناتج عن التسرب من التعليم أو عدم التعليم نهائيا يؤدي لعوامل أخرى تؤدي في النهاية لارتكاب الجريمة لأن الشخص الجاهل ليس لديه حصانة أخلاقية ونفسية للسيطرة على نفسه ومواجهة ضغوط الحياة، فيلجأ المخدرات والعنف في حل المشاكل.

وشددت على أن "مواجهة جرائم العنف الأسرى تحتاج لجهود كل مؤسسات المجتمع المعنية"، ولا بد من حدوث نهضة تعليمية والقضاء على ظاهرة التسرب من التعليم للقضاء على الجهل وإعداد مشروع " ثقافي - أخلاقي" قومي، يشمل التعليم والثقافة والإعلام والفن لغرس القيم الاجتماعية والأخلاقية والدينية عند أفراد المجتمع.

وأردفت: "يجب اعتبار مواجهة المخدرات والاتجار فيها والتعاطي والإدمان مشروع قومي تشارك فيه كل المؤسسات المعنية".

غياب تطبيق القانون

ويقول الدكتور أحمد فخري أستاذ علم النفس وتعديل السلوك المساعد، إن مشكلة انتشار الجرائم يرجع أحد أسبابها إلى مشاهد العنف في السينما، فكلما رأيت مشاهد عنف أكثر كلما تقوم بمحاكاة هذا العنف وتطبيقه على أرض الواقع، لأن خلايا المخ تقوم بتصوير مشاهد العنف وتخزينها خاصة في سن المراهقة التي تكون نسبة الاندفاعية فيها أكثر.

وأوضح أن غياب تطبيق القانون والاحتماء في العائلة خاصة في المناطق العشوائية يولد نوع من البلطجة، ويؤكد أن تطبيق القانون بشكل صارم وعادل يكون سبب في تقليل وتحجيم سلوكيات فئة المراهقين وعند سائقي السيارات لأن عدم الالتزام بقوانين المرور يعد نوع من أنواع العنف المجتمعي.

ولفت أن تفشي ظاهرة المخدرات في المناطق العشوائية أثرت على الشباب بصورة كبيرة، بعد ظهور مواد إدمانية جديدة "الفودو والشابو والآيس"، التي تفرز مواد تساعد على التأثير العصبي وفقدان السيطرة على السلوك وهذا ينعكس على بشاعة الجرائم في المجتمع.

دور مؤسسات التنشئة 

وشدد على ضرورة مساعدة مؤسسات التنشئة الاجتماعية ومن ثم الأسرة يجب أن يكون لها وعي ورقابة صارمة على الأولاد ونشر الثقافة من خلال المدارس والجامعات لترسيخ القيم الدينية والأخلاقية.

وعن وقائع الانتحار، قال: "لها أبعاد متعددة وعوامل متشابكة لا يمكننا الرجوع لعامل واحد في قضية الانتحار، ومن أسبابها الخلافات الأسرية، فقدان أحد المقربين، أزمات اقتصادية، الهجر العاطفي، المواد المخدرة، فكرة الفشل واليأس وعلى رأسهم الاكتئاب".

وأكد أن جود توعية من البرامج الإعلامية والندوات والدور التربوي بالمدارس يقلل من أعداد الانتحار والتفكير بصورة خاطئة تجاه حل المشاكل الشخصية.