الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رحيل المتمرد الضاحك.. مسيرة حافلة لكبير أساقفة جنوب إفريقيا المناهض للعنصرية

رحيل كبير أساقفة
رحيل كبير أساقفة جنوب إفريقيا

من المستحيل تخيل رحلة جنوب إفريقيا الطويلة والشاقة إلى الحرية - وما بعدها - بدون كبير الأساقفة ديزموند توتو، الذي رحل عن عالمنا اليوم الأحد، عن عمر يناهز 90 عامًا، فبينما قُتِل قادة نضال آخرون، أو أُجبروا على النفي أو السجن، إلا أن الكاهن الأنجليكاني كان موجودًا في كل مرحلة، يكشف ويناضل ضد نفاق دولة الفصل العنصري.

وأعلنت جنوب إفريقيا، اليوم الأحد، وفاة ديزموند توتو، الحائز جائزة نوبل للسلام، وأحد أقطاب الكفاح من أجل إنهاء الفصل العنصري، عن عمر يناهز 90 عامًا.

وقال رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا ناعيًا توتو: "يفتح رحيل كبير الأساقفة الفخري ديزموند توتو فصلا آخر من فصول الحزن والفجيعة في توديع أمتنا لجيل من العظماء الذين تركوا لنا جنوب إفريقيا محررة".

وأضاف: "من أرصفة المقاومة في جنوب إفريقيا إلى منابر الكاتدرائيات العظيمة ودور العبادة في العالم، والخلفية المرموقة لحفل جائزة نوبل للسلام، تميز كبير الأساقفة بأنه بطل مناهض للعنصرية ومع حقوق الإنسان العالمية الشاملة".

توتو مع نيلسون مانديلا

وبرز اسم توتو وسطع خاصة أنه كان معاصرًا للزعيم نيلسون مانديلا رمز مناهضة الفصل العنصري، وكان أحد القوى الدافعة وراء الحركة لإنهاء سياسة التمييز التي فرضتها حكومة الأقلية البيضاء ضد الأغلبية السوداء في جنوب إفريقيا من عام 1948 حتى عام 1991.

وفي 1984 حصل توتو على جائزة نوبل للسلام لمعارضته السلمية لنظام الفصل العنصري، وبعد عشر سنوات شهد نهاية ذلك النظام، ورأس لجنة للبحث عن الحقيقة والمصالحة تشكلت للكشف عن الفظائع التي ارتكبت في ذلك العهد.

كما تأتي وفاة توتو بعد أسابيع فقط من رحيل آخر رئيس لجنوب أفريقيا خلال حقبة الفصل العنصري، أف دبليو دي كلارك، الذي توفي عن عمر ناهز 85 عاماً.

وحسب هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، قال الرئيس رامافوزا إن توتو كان "زعيمًا روحيًا مبدعًا، وناشطًا ضد نظام الفصل العنصري ومدافعًا عالميًا عن حقوق الإنسان".

كما وصفه بأنه "وطني لا نظير له وقائد صاحب مبدأ وبراجماتية أعطى معنى للتصور الإنجيلي بأن الإيمان بدون عمل هو إيمان ميت".

وأضاف "كان رجلًا يتميز بذكاء استثنائي ونزاهة وقوة في مواجهة قوى الفصل العنصري، كما أنه كان لينا وعطوفاً في مشاعره تجاه أولئك الذين عانوا من الاضطهاد والظلم والعنف في ظل نظام الفصل العنصري، وتجاه المضطهدين والمسحوقين حول العالم".

توتو فرحًا بصديقه مانديلا

كما أشادت مؤسسة نيلسون مانديلا بكبير الأساقفة الراحل، قائلة إن "مساهمات توتو في النضال ضد الظلم محليًا وعالميًا، لا يقابلها سوى عمق تفكيره حول صنع مستقبل تحرري للمجتمعات البشرية.. كان إنسانًا غير عادي. مفكر. قائد. راع".

عُين توتو كاهنًا في عام 1960، ثم عمل في الخدمة كأسقف ليسوتو خلال الفترة من 1976 إلى 1978، ومساعدًا لأسقف جوهانسبرج ورئيسًا لأبرشية في سويتو.

وأصبح أسقف جوهانسبرج في عام 1985، وعُين أول رئيس أساقفة أسود في كيب تاون في العام التالي، واستخدم منصبه للحديث علناً ضد اضطهاد السود في وطنه، قائلاً إن دوافعه دينية وليست سياسية.

بعد أن أصبح مانديلا أول رئيس أسود لجنوب إفريقيا في عام 1994، تم تعيين توتو في لجنة الحقيقة والمصالحة التي شُكلت للتحقيق في الجرائم التي ارتكبها كل من البيض والسود خلال حقبة الفصل العنصري.

ويُنسب له الفضل في صياغة مصطلح "أمة قوس قزح" لوصف المزيج العرقي الموجود بجنوب إفريقيا ما بعد الفصل العنصري، ولكن في سنواته الأخيرة أعرب عن أسفه لأن الأمة لم تتحد بالطريقة التي كان يحلم بها.

كان رجلا نحيلا قصير القامة، وكان يلقب بـ"القوس"، وكان يتم التعرف عليه على الفور من خلال ردائه الكتابي الأرجواني وروح الدعابة والمرح التي تشع منه وابتسامته المستمرة تقريبًا.

كبيرة أساقفة جنوب إفريقيا مع الأمير هاري وأسرته

لم يكن خائفًا من إظهار مشاعره في الأماكن العامة، بما في ذلك الضحك والرقص بشكل لا يُنسى في حفل افتتاح كأس العالم لكرة القدم في جنوب إفريقيا عام 2010.

على الرغم من شعبيته إلا أنه لم يكن رجلاً محبوبًا من الجميع، فلقد كان شديد الانتقاد لحكومة المؤتمر الوطني الأفريقي (ANC) في حقبة ما بعد الفصل العنصري، عندما شعر في بعض الأحيان أنها تحرف صورة جنوب إفريقيا - حتى أنه حذر في عام 2011 من أنه سيصلي من أجل سقوطها بسبب زيارة ألغيت من قبل الدالاي لاما.

في أبريل 2013، فاز توتو بجائزة تمبلتون المرموقة، وهي جائزة هدفها تكريم الأحياء "الذين ساهموا بشكل كبير في تأكيد الأبعاد الروحية للحياة".

توتو يرقص

-