الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

معركة الوعي (17)

محمود بكري
محمود بكري

مجددًا، يؤكد الرئيس عبد الفتاح السيسي على قضية الوعي وأهميتها، وذلك خلال افتتاحه عددا من المشروعات التنموية بمحافظات الصعيد في الأربعاء الماضي ، حيث قال " إن البلاد تعاني من مشكلة متاهة التخلف، وسببها الفقر والجهل وقلة الوعي، وهي مسببات لها تأثير متبادل على بعضها البعض".


 والحقيقة التي لاشك فيها، أن الرئيس مؤمن بأن مصر لن تستطيع أن تنتصر في معركة التنمية دون وعي المواطن والذي يُشكل الوعي الجمعي للشعب المصري، فلا يمكن لدولة تحقيق نهضة وتنمية مستدامة دون هذا الوعي الذي يحافظ على المكتسبات ويضيف عليها، بحيث تتحول التنمية من مؤقتة أو سنوية إلى تنمية مستدامة في كافة المجالات.


والتنمية بشكل عام تعتمد وترتكز على عديد من العناصر المحققة لأهدافها ، ويعتبر وعي المواطن وإدراكه لأهميتها وأهمية شراكته فيها، عنصرا فاعلًا ومهمًا وإيجابيًا لتحقيق تلك الأهداف، ويؤكد الباحثون والمهتمون بالشأن التنموي أن أحد أهم معوقات التنمية هو غياب الوعي بأهمية شراكة المواطن في معرفة أهداف التنمية، ويذهب البعض منهم إلى أهمية مشاركته في إعدادها وتحديد أهدافها ومخرجاتها ومتابعتها، بحيث يكون شريكًا ورقيبًا على أدائها، وهو ما يضمن تحقيق التكامل التنموي بين أطياف المجتمع ومؤسساته العامة والخاصة والأهلية والأكاديمية والإعلامية.

 


  إن أكثر ما يلفت النظر في مشروعات التنمية في مصر ، هو غياب الشراكة المجتمعية في تحديد متطلبات وأهداف التنمية، خصوصًا ما يتعلق بمتطلباتهم، ولهذا يصبح المواطن وفقًا لذلك عدوًا للتنمية، وفي أضعف الأمور معارضًا لها وغير داعم أو حام لها ، وخير مثال يمكن استحضاره ما نسمعه من كثير من المواطنين عن أي مشروع ينشأ لخدمتهم أنه ''مال الحكومة''، وهذا المصطلح يعني عدم الاهتمام بهذا المشروع أو حمايته من العبث أو التخريب، حتى إن كانت تلك المشروعات هي لخدمتهم مباشرة مثل المستشفيات والمدارس والطرق، ويعظم هذا الأثر السلبي غياب التوعية الإعلامية والمجتمعية لمثل هذه التصرفات غير المسئولة التي تفقد المواطن كثيرًا من المقدرات والإنجازات الملموسة والفاعلة.


  ومن هنا تبرز أهمية الوعي المجتمعي وتعزيز الشعور بالمسئولية المجتمعية لحماية المكتسبات الوطنية أو ما يمكن تسميته ''حماية الأملاك والمشروعات العامة'' من التخريب والعبث ، ويقابل ذلك أهمية زرع ثقافة الوعي المجتمعي أو وعي المواطن بدوره في حماية قريته أو مدينته ووطنه من الإفساد والتخريب.

 

  إن الواجب والضمير يقتضيا أن نعمل جميعًا على حماية الإنجازات وتحقيق استدامتها بما يضمن استفادة الجميع منها، خصوصاً الأجيال القادمة، لأن ما نراه اليوم من حجم الإنفاق على مختلف المشروعات التنموية في كافة ربوع الوطن ، يتطلب جهد موازياً أو أكبر للتوعية وتعزيز الشراكة المجتمعية، وحماية وصيانة الأملاك والمشروعات العامة والخاصة.


  ولذلك، فإن تعزيز دور المواطن في صناعة التنمية والعمل على توعيته ومشاركته في إعدادها وتنفيذها وحمايتها، لم يعد ترفًا فكريًا، إنما واجب وطني تأخيره لا يحمل الخير لهذا الوطن الغالي. 
  وفي ضوء ما سبق، يمكنني القول أن الوعي والتنمية المستدامة هما أساس بناء المجتمع وازدهاره، وهما مكملان لبعضهما البعض، ولا يمكن إغفال أو تجاهل أحدهما.


  وختامًا، أود أن أشيد بجهود وزارة الأوقاف، والتي نظمت بالتعاون مع نقابة الإعلاميين والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ومحافظة جنوب سيناء في فبراير الماضي، ندوة بعنوان " الإعلام والوعي والتنمية"، لتعالج قضيتين لا غنى لأحدهما عن الأخرى، هما قضية الوعي، وقضية التنمية التي تنطلق بقوة في ربوع الوطن.