الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كوكب الشرق وجيل الملحنين الشباب.. أين ذهبت أغنيات أم كلثوم التي استعدت لغنائها؟

صدى البلد

قبل أكثر من ربع قرن، وعند رحيل المطربة الكبيرة أم كلثوم في الثالث من فبراير 1975، انصب اهتمام الباحثين على توثيق أو تصنيف الأغنيات التي شدت بها كوكب الشرق على مدى نصف قرن، لكن فريقاً آخر هو المطربات المعروفات آنذاك اتجهت أنظارهن إلى الأغنيات التي كانت أم كلثوم تحضر لتنفيذها مع أي ملحن، لكن مرضها ومن ثم وفاتها حالا دون ظهورها إلى النور بصوتها.


7 أغنيات لم تقدمها أم كلثوم

وصل عددالأغنيات التي لم تغنيها كوكب الشرق إلى سبع أغنيات، بين قصيدة ومنولوج، خرجت جميعها إلى النور في غضون السنوات الثلاث التالية لوفاتها، وكان للمطربة وردة الجزائرية نصيب الأسد منها، إذ غنّت ثلاثة أعمال من ستة كتب لها الخروج إلى النور بأصوات مطربات أخريات.
ويعود سبب كثرة الأعمال التي تركتها أم كلثوم من دون أن تغنيها إلى الفترة الطويلة التي عانت فيها من المرض، وتوقفت خلالها عن إحياء الحفلات لما يزيد على عامين، وسجلت خلالها عملين دون أن تتمكن من تقديمهما في حفلة عامة، هما "الثلاثية المقدسة" للشاعر صالح جودت والموسيقار رياض السنباطي، و"حكم علينا الهوى" للشاعر عبدالوهاب محمد والملحن بليغ حمدي.

 

 

التعاون الثاني مع الشيخ سيد مكاوي

أولى الأغنيات التي كانت تحضر لها أم كلثوم هي "أوقاتي بتحلو" من كلمات عبدالوهاب محمد وألحان سيد مكاوي، وكانت تعاونت معه في أغنية واحدة هي "يا مسهرني" وهي من آخر الأعمال التي غنّتها على خشبة المسرح، وجاء تعاونها معه في إطار انفتاحها على أجيال جديدة من الملحنين الشباب.


فمنذ انفتاحها الأول على جيل الشباب في نهاية الخمسينات مع بليغ حمدي ومحمد الموجي وكمال الطويل، توقفت أم كلثوم على مدى عقد كامل عن التعاون مع ملحن جديد باستثناء محمد عبدالوهاب، الذي التقته عام 1964، الى أن التقت مكاوي - التلميذ النجيب في مدرسة زكريا أحمد - في مطلع السبعينات، وهو ما دفعها ان تطلب لقاء الملحنين الشابين حلمي بكر ومحمد سلطان، ليصنعا لها عملاً جديداً.

ولأن أغنية "أوقاتي بتحلو" ظهرت فيما بعد، وعرفت بصوت المطربة وردة الجزائرية، إلا أن "صانعي" المسلسل التلفزيوني "أم كلثوم" أرادوا أن يذكروا الجمهور بأن الأغنية لم تكن لوردة بل لأم كلثوم، وذلك حين أذاعوا تسجيلاً نادراً بصوتها وهي تلقي كلمات الأغنية.


ولقاء أم كلثوم ومكاوي بعد "يا مسهرني" لم يكن سيقتصر فقط على "أوقاتي بتحلو"، فهو كان يحضر - بحسب حوار كان أجراه في الإذاعة المصرية قبل وفاته - لتلحين موشح مدته نحو نصف ساعة لتغنيه أم كلثوم، غير أن هذا الموشح لم يخرج إلى النور، وبقي مسجلاً بصوت مكاوي بمصاحبة العود.

 

 

حلمي بكر ومحمد سلطان وثالثهما الحظ السئ

أما حلمي بكر ومحمد سلطان فكلاهما شرع في تلحين أغنية تليق بسيدة الغناء، وهي كانت اتصلت بالأول هاتفياً، وقالت له مازحة: "ولد يا حلمي عاوزاك تعملي أغنية"، وعندما أبدى تخوفه من الأمر طمأنته قائلة "ألم تلحن من قبل للمطربة فلانة وفلانة اعتبرني مثلهن ولحن لي". وهكذا أخرج إلى النور لحن "ماعندكش فكرة" كلمات الشاعر عبدالوهاب محمد، وحظيت به في النهاية المطربة وردة الجزائرية، وضاعت فرصة ذهبية على الملحن الشاب حلمي بكر في أن تغني سيدة الغناء له لحناً، بعدما لحن لليلى مراد ونجاة وعبدالحليم حافظ.

الفرصة ذاتها ضاعت من الملحن محمد سلطان الذي أسند في النهاية غناء أغنية "نقطة الضعف" أو "غصب عني" إلى زوجته المطربة فايزة أحمد بعد رحيل صاحبة الأغنية الأصلية.

 


فريد الأطرش يشكو من تجاهل أم كلثوم

أما عن لقاء صوت أم كلثوم بألحان الموسيقار الراحل فريد الأطرش، فبدأت فصولها قبل سنوات طويلة من رحيل كليهما، فهو كان يشكو كثيراً من أن أم كلثوم ترفض أن تغني من ألحانه، وأعلن عن ذلك في حوار إذاعي له قائلاً: "لا أعرف على وجه التحديد لماذا ترفض أم كلثوم أن تغني لي، هل بسبب غيرتها القديمة من شقيقتي أسمهان، أم أن من يحوم حولها من الملحنين ينصحونها بذلك خشية ظهور لحن لي بصوتها"، ودلّ على ذلك بامتناعها عن غناء قصيدة "وردة من دمنا" من لحنه وشعر الأخطل الصغير، رغم إعجابها الشديد بالقصيدة عندما استمعت إليها منه للمرة الأولى.


ويبدو أن اتفاقاً ما تم بينهما في مطلع عام 1974، ووقع اختيارها على أغنية من كلمات أحمد شفيق كامل صاحب "أنت عمري" التي جمعت بين ألحان عبدالوهاب وصوتها للمرة الأولى في مطلع الستينات، الأغنية التي اختارتها لتخرج بلقاء مشابه كان عنوانها "كلمة عتاب"، لكن فريد الأطرش توفي يوم 26 ديسمبر من العام نفسه، قبل أن ينتهي من تلحين الأغنية كاملة، وكان أنهى فقط تلحين مقطعين منها من دون أن يضع المقدمة الموسيقية لها أو الفواصل الموسيقية بين المقاطع.

ولحقت أم كلثوم بالأطرش بعد رحيله ب 36 يوماً، وظل اللحن في حوزة شقيقه فؤاد الأطرش حتى طلبه الملحن الراحل بليغ حمدي، وعرض شراء اللحن على أن تغنيه زوجته آنذاك المطربة وردة الجزائرية، وأن يتولى استكمال تلحين مقطعين آخرين من الأغنية مع وضع المقدمة الموسيقية، وخرج لحن "كلمة عتاب" إلى النور بهذه الصيغة وبصوت وردة. 

وفي تحية منه إلى روح الأطرش، وضع حمدي مقدمة موسيقية للأغنية تتضمن جُملاً موسيقية من أعمال مشهورة للأطرش منها "الربيع" و"أنا واللي بحبه" و"يادلع دلع".

 

وفاة أم كلثوم حطم حلم وديع الصافي

لقاء آخر مع أم كلثوم كان يعد بمثابة مفاجأة، وهذا اللقاء لم يكن بملحن مشهور بل بمطرب مشهور هو الفنان وديع الصافي الذي اقترح على أم كلثوم في نهاية الستينات - في إحدى زياراتها إلى لبنان - أن يلحن لها أغنية وأبدت أم كلثوم موافقتها على الفكرة، واختار الصافي كلمات لأغنية عاطفية بعنوان "يا نعمة الأيام عليا" من شعر أحمد علام، وفصّلها على صوت أم كلثوم، لكن ظروف مرضها ثم وفاتها حالت دون إتمام الأغنية، ورفض الصافي أن يسند غناء العمل إلى مطربة أخرى بعد وفاة أم كلثوم، وسجله بصوته مع الفرقة الموسيقية وطرحه في الأسواق.

 

القدر يأبى أن يجمع مثلث "الأطلال"  

بقي لحن أخير من رياض السنباطي، لو كتب له الظهور بصوت أم كلثوم لكان له شأن آخر، وخصوصاً أنه من أشعار الطبيب الراحل إبراهيم ناجي صاحب "الأطلال"، واللحن كان بمثابة لقاء جديد بين ثلاثي "الأطلال" السنباطي وناجي وأم كلثوم.

والقصيدة الجديدة كانت بعنوان "انتظار"، ولم يجد السنباطي بعد رحيل أم كلثوم أفضل من المطربة الكلثومية سعاد محمد، كي تؤديه بصوتها، ورغم عبقرية أو روعة اللحن وتجويد سعاد محمد الرائع له، وخروج اللحن إلى النور في حفلة غنائية عامة نقلها التلفزيون المصري، إلا أنه تعرض لظلم كبير بعد سنوات قليلة من ظهوره في منتصف السبعينات، وتوقفت الإذاعة المصرية عن إذاعته، كما اختفى من سوق الكاسيت والاسطوانات وكأنه اندثر ولم يعد له وجود.