حكم ترك قراءة سورة بعد الفاتحة عمداً.. يتساءل البعض عن حكم ترك قراءة سورة بعد الفاتحة عمداً، خاصة وأنه قد يحدث ذلك سهواً أو عمداً فيحكم البعض على المصلي بالبطلان أو فساد الصلاة.
حكم ترك قراءة سورة بعد الفاتحة عمداً
وقراءة فاتحة الكتاب هي ركن من أركان الصلاة ثابت بالسنة والإجماع دل عليها قول النبي صلى الله عليه وسلم:"لا صلاةَ لمن لم يَقرأ بفاتحةِ الكِتَاب"، ولقد اختلف الفقهاء في حكم قراءتها من قبل المأموم في الصلوات الجهرية ما بين أنها لا تجب وفق مذهب المالكية والحنابلة لقول النبى -صلى الله عليه وسلم-: "مَن كان له إمامٌ فقراءةُ الإمامِ له قراءة" [أخرجه ابن ماجه]، والكراهة وفق مذهب الأحناف والوجوب وفق مذهب الشافعية بأن المأموم يقرأ الفاتحة مطلقًا، فمن تركها عمدًا فصلاته باطلة؛ لقوله –صلى الله عليه وسلم-: "لا صلاةَ لمن لم يَقرأ بفاتحةِ الكِتَاب" [متفق عليه]؛ ولكن مَن ذهب إلى عدم وجوبها، قال بأن النَّفى هنا نفى كمال لا نفى صحة.
ووفق لمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أنه الأفضل أن يقرأ المأموم فى الصَّلاة الفاتحة ولو كانت جهرًا، وهو الأفضل والأسلم والأحوط.
حكم ترك قراءة سورة بعد الفاتحة عمداً
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، على سؤال لمتصلة تقول فيه: "هل يصح الصلاة بدون آيات من القرآن واكتفى بقراءة الفاتحة فقط"، قائلا: لا بأس، ولكنه ترك سنة ولم يترك فريضة والفاتحة ركن من أركان الصلاة والآيات الأخرى ليست ركنًا من الصلاة، مشيراً إلى أن السنة تتحقق في الصلاة بقراءة آية أو أكثر، مثل قراءة "قل هو الله أحد" أو "إنا أعطيناك الكوثر"، وفي حال عدم قراءة أي آية بعد الفاتحة فلا بأس والصلاة صحيحة.
وأضاف "جمعة"، في برنامج "والله أعلم" على فضائية "سي بي سي"، أن الإنسان حينما يشك في صلاته بالنقص أو بالزيادة فيضع في ذهنه النقص دائمًا، مشيرا إلى قول الإمام مالك: "بأن يبني الإنسان بالأقل في الصلاة حال السهو".
حكم ترك قراءة سورة بعد الفاتحة عمداً
كما يذهب الدكتور مجدي عاشور، المستشار العلمي لمفتى الجمهورية،إلى أن سورة الفاتحة هي ركن من أركان الصلاة، ولا تتم الصلاة إلا بها فإذا قرأ الإنسان الفاتحة صحت الصلاة.
وأضاف عاشور، فى إجابته عن سؤال (هل تصح الصلاة بالفاتحة فقط؟)، أن الفاتحة ركن من الصلاة أما السورة إنما هيئة فهي من المستحبات فيثاب الإنسان إذا قرأها وإذا لم يقرأها تكون الصلاة صحيحة لكن عمله مكروه؛ لأنه خالف السنة، والنبي ﷺ كان يقرأ معها في الأولى والثانية سورة أو آيات، الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، فالذي يترك قراءة سورة مع الفاتحة في الفجر.. في الجمعة.. في الظهر والعصر والمغرب والعشاء في الأولى والثانية يكون قد خالف السنة، فأقل أحواله أنه ترك الأولى".
وأشار إلى أنه يصح صلاة السنن بالفاتحة فقط ولا حرج في ذلك لأن الفاتحة هي الواجبة المطلوبة ما تيسير بعد ذلك من قبيل السنن يستحسن أن أفعله حتى ولو كان بصغار السور تحقيقًا وتطبيقًا للسنة.
ويكمل: ثبت بالحديث الصحيح أن سورة الفاتحة هي أعظم سورة في القرآن الكريم ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأحد الصحابة : "لأُعلّمنّك سُورةً هي أعظمُ سُورةٍ في القُرآن قبل أن تخرُج من المسجد". قال : فأخذ بيدي ، فلما أردنا أن نخرج، قلت: يا رسول الله، إنك قلت: لأعلمنك أعظم سورة في القرآن! قال: "الحمدُ لله ربّ العالمين: هي السّبعُ المثاني، والقُرآنُ العظيمُ الّذي أُوتِيتُهُ" .
وشدد على أنه لفضلها العظيم فُرِضَتْ قراءتها في كل ركعة من ركعات الصلاة ؛ في الفرائض والنوافل، ونص العلماء على استحباب قراءتها عند كل أمر مهم ، كالأفراح والبيوع ومواطن الصلح بين الناس ووقت الشدة وعند المقابر ؛ بل هي واجبة في صلاة الجنازة ، ومن جعلها شِعَارَه عند كل مناسبة فقد فاز وربح ؛ دنيا وأخرى .
فضل سورة الفاتحة
تعد سورة الفاتحة رقيةٌ للمريض، وفيها شفاءٌ للناس، ودليل ذلك إقرار النبي -صلى الله عليه وسلم- لجماعةٍ من الصحابة الرقية بالفاتحة، إلّا أنّ الرقية بها لا تنفع إلّا بتحقّق عددٍ من الشروط الواجب أخذها بعين الاعتبار.
و تشتمل سورة الفاتحة على أفضل الدعاء؛ بطلب الهداية إلى الصراط المستقيم، كما أنّها تشتمل على آداب الدعاء؛ بالحمد أولًا، ثمّ الثناء، ثمّ التمجيد، وإفراد العبودية لله، والاستعانة به دون سواه، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: «إذا صلَّى أحدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ اللهِ والثَّناءِ عليهِ ثُمَّ لَيُصَلِّ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ثُمَّ لَيَدْعُ بَعْدُ بِما شاءَ».
كما أنها أعظم سور كتاب الله عزّ وجل، وقد وردت في فَضلها الكثير من الأحاديث النبويّة الصحيحة، ومنها ما رُوي عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ المعلَّى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «كُنْتُ أُصَلِّي فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ أُجِبْهُ حَتَّى صلّيت، قال: فأتيته، فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْتِيَنِي؟ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي، قَالَ: ألم يقل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُوا للَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ}؟ ثُمَّ قَالَ: لَأُعَلِّمَنَّكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ، قَالَ: فَأَخَذَ بِيَدِي فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ قُلْتَ لأعلمنَّك أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ، قَالَ: نَعَمْ {الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ».
ولسورة الفاتحة مسميات عدة منها :" أم الكتاب، السبع المثاني، سورة الشكر، الوافية، الكنز، النور، سورة الحمد، الشفاء، فاتحة الكتاب، والصلاة"، ولمكانتها العظيمة ابتدأت بصفات الجمال والرحمة من صفات الله عز وجل بحسب الدكتور مجدي عاشور المستشار الأكاديمي لمفتي الجمهورية، حيث جاء في مطلعها اسمي الله تبارك وتعالى الرحمن الرحيم حتى لا ييأس الإنسان ويجزع أو يتجرأ على المعصية فيتوب ويرجع ويستغفر.
ولفت “عاشور” في بيان كيفية طمئنة القلوب، إلى أن ذكر الله تعالى هو الطمأنينة ولذا نقرأ الفاتحة 17 مرة في كل يوم لما بها من صفات الجمال والجلال الرباني، موضحاً أن السورة تذكير بالرحمة الشاملة لله تعالى والتي تفوق ما تحويه قلوب الأمهات والآباء والرحماء جميعاً.