قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

ما هو زمهرير جهنم و هل البرد الشديد منها وماذا قال القرآن والسنة ؟

هل البرد من جهنم
هل البرد من جهنم
×

ما هو زمهرير جهنم و هل البرد الشديد من جهنم .. إنّ في جهنم ألوانًا من العذاب، ففيها البرد الشديد والحر الشديد، قال تعالى: «هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ» (ص: 57، 58)، وقال تعالى: «لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا» (النبأ: 24، 25)، فالحميم الحار الذي قد انتهى حره، وأما الغساق: فهو البارد الذي لا يستطاع من برده، ولا يواجه من نتنه، روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَوْ أَنَّ دَلْوًا مِنْ غَسَّاقٍ يُهَرَاقُ فِي الدُّنْيَا، لَأَنْتَنَ أَهْلَ الدُّنْيَا».

ما هو زمهرير جهنم؟

جاءت في السنة النبوية والكتاب روايات كثيرة تؤكِّد على أنَّ عذاب جهنَّم لا يقتصر على النار والحرارة العالية، بل فيها ما فيها من البرد والصقيع، وجدير بالذكر أنَّ العذاب في جهنَّم أنواع وأشكال كثيرة، فقد قال تعالى في محكم التنزيل: «إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا للطَّاغِينَ مَآبًا».

وقد جاء فيما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: «اشتَكَتِ النارُ إلى ربها، فقالتْ: ربِّ أكلَ بعضي بعضًا، فأذِنَ لها بِنَفَسَيْنِ: نَفَسٍ في الشتاءِ ونَفَسٍ في الصيفِ، فأشدُّ ما تجدونَ من الحرِّ، وأشدُّ ما تجدون من الزَّمْهَرِيرِ».

وقد اتفق العلماء على الزمهرير المقصود في الحديث الشريف هو البَرْدُ الشديد، وفي الحديث دليل على أنَّ عذاب جهنَّم ألوام وأشكال، وقد قال تعالى أيضًا في سورة ص: «هَٰذَا ۚ وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ هَٰذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ».

وجاء في الحديث الشريف أيضًا ذكرٌ لزمهرير جهنم، فقد روى أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: «إذا كان يومٌ حارٌ فقال الرجلُ: لا إلهَ إلا اللهُ، ما أشدَّ حرَّ هذا اليومِ، اللهمَّ أجرني مِنْ حرِّ جهنمَ، قال اللهُ -عزَّ وجلَّ- لجهنمَ: إنَّ عبدًا مِنْ عبادِي استجارَني مِنْ حرِّكِ وإني أشهدُكِ أني قدْ أجرتُهُ، وإذا كان يومٌ شديدُ البردِ، فقال: لا إلهَ إلا اللهُ، ما أشدَّ بردَ هذا اليومِ! اللهُمَّ أجرْني مِنْ زمهريرِ جهنمَ، قال اللهُ -عزَّ وجلَّ- لجهنمَ: إنَّ عبدًا مِنْ عبيدِي استجارَني مِنْ زمهريرِكِ وإني أُشهدُكِ أني قدْ أجرتُهُ، قالوا: وما زمهريرُ جهنمَ؟ قال: بيتٌ يُلقى فيهِ الكافرُ فيَتميزُ مِنْ شدةِ بردِها بعضُهُ مِنْ بعضٍ».

هل البرد الشديد من جهنم ؟

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا، فَقَالَتْ: رَبِّ! أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا، فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ: نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ، وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ، فَهُو أَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الْحَرِّ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ».

وذكر علماء في شرح الحديث السابق أنه دليل على أن الجمادات لها إحساس لقوله: اشتكت النار إلى ربها فقالت: يا رب أكل بعضي بعضاً. من شدة الحر، وشدة البرد فأذن الله لها أن تتنفس في الشتاء، وتتنفس في الصيف، تتنفس في الصيف ليخف عليها الحرَّ، وفي الشتاء ليخفَّ عليها البرد، وعلى هذا فأشد ما نجد من الحرِّ: يكون من فيح جهنم، وأشد ما يكون من الزمهرير: من زمهرير جهنم .

فإن قال قائل: هذا مشكل حسَب الواقع، لأن من المعروف أن سبب البرودة في الشتاء هو: بُعد الشمس عن مُسامتة الرؤوس، وأنها تتجه إلى الأرض على جانب، بخلاف الحر، فيقال: هذا سبب حسِّي، لكن هناك سبب وراء ذلك، وهو السبب الشرعي الذي لا يُدرك إلا بالوحي، ولا مناقضة أن يكون الحرُّ الشديد الذي سببه أن الشمس تكون على الرؤوس أيضا يُؤذن للنار أن تتنفس فيزدادُ حرُّ الشمس، وكذلك بالنسبة للبرد: الشمس تميل إلى الجنوب، ويكون الجوُّ بارداً بسبب بُعدها عن مُسامتة الرؤوس، ولا مانع من أنّ الله تعالى يأذن للنار بأن يَخرج منها شيءٌ من الزمهرير ليبرِّد الجو، فيجتمع في هذا: السبب الشرعي المُدرَك بالوحي، والسبب الحسِّي ، المُدرَك بالحسِّ .

وقال السيوطي في تنوير الحوالك في تفسير الحديث السابق: قال القاضي عياض: قيل معناه أنها إذا تنفست في الصيف قوي لهب تنفسها حر الشمس وإذا تنفست في الشتاء دفع حرها شدة البرد الى الأرض، وقال ابن عبد البر لفظ الحديث يدل على أن نفسها في الشتاء غير الشتاء ونفسها في الصيف غير الصيف، وقال ابن التين فإن قيل: كيف يجمع بين البرد والحر في النار؟ فالجواب أن جهنم فيها زوايا فيها نار، وزوايا فيها زمهرير وليست محلا واحدا يستحيل أن يجتمعا فيه، وقال مغلطاي: لقائل أن يقول: الذي خلق الملك من ثلج ونار قادر على جمع الضدين في محل واحد قال وأيضا فالنار من أمور الآخرة والآخرة لا تقاس على أمر الدنيا.

وأوضح المباركفوري في شرح المشكاة: فإن شدة الحر من فيح جهنم، بفتح فاء وسكون ياء ثم حاء مهملة أي: من سطوع حرها وسعة انتشارها وتنفسها، وظاهره أن مثار وهج الحر في الأرض من فيح جهنم حقيقة، وقيل بل هو على وجه التشبيه والاستعارة، وتقديره أن شدة الحر تشبه نار جهنم، فاحذروه واجتنبوا ضرره، والأول أولى، ويؤيده قوله: اشتكت النار إلى ربها فأذن لها بنفسين.

ورأى النووي: هو الصواب، لأنه ظاهر الحديث، ولا مانع من حمله على حقيقته، فوجب الحكم بأنه على ظاهره، واستبعد هذا بل استشكل، لأن اشتداد الحر في الأرض تابع لقرب الشمس وبعدها، كما هو المشاهد المحسوس. وأجيب بأنه يمكن أن يكون الشمس، بحيث أن جعل الله تعالى بين مادة جرمها وبين جهنم ارتباطاً وعلاقة ومناسبة تقبل بها الشمس حرارة نار جهنم حتى تكون حرارة الشمس سبباً لاشتداد الحر في الأرض في الظاهر، وحينئذ فلا استبعاد في نسبة اشتداد الحر في البلاد إلى فيح جهنم، لأنه هو السبب الأصلي الباطني الغيبي لذلك، والله تعالى أعلم.